منذ بدء الموافقة الأولية على الهدنة، لكوكتيل تحالف العدوان ومن خلفه الغرب، أيقنت أن تلك الموافقة لا تعني ان التحالف سوف يلتزم بتنفيذ بنودها نصا وحرفا، وفق لبرنامج مزمن، بل ثمة أسباب جعلته يقولOK : للهدنة، وفي باطنه الإدمان على استمراريته في الأخطبوطين الغلاطية والتضليلية واستنفا الوقت ونسج المبررات للتراجع عن تنفيذ ملفات الهدنة وتشكيل فريق غلاطي يتقن هندسة الاتهامات الكاذبة ضد صنعاء، والتعتيم على تحشيد المرتزقة في هذه المرحلة دوافع التحالف للهدنة متعددة منها :
أولا: لضمان إيقاف صنعاء من الاستمرار بتوجيه ضربات موجعة للمؤسسات الاقتصادية السعودية تحديدا التي يترتب عليها التأثير على اقتصاد الغرب والخليج بدرجة أساسية، خصوصا المؤسسات النفطية، لان نجاح صنعاء بتوجيه صفعة كبيرة للسعودية أي قبل الهدنة عندما تمكنت من استهداف مصاف أرامكو بجدة رغم الباتريوت الغربي بعد أن كان فيها ٥ملايين برميل من النفط، هذا ما جعل الغرب يسارع إلى اعطاء الضوء الأخضر للسعودية بإعلان هدنة لأن على يقين أن الاستمرارية باستهداف تلك المؤسسات يعني إحداث أزمة نفطية في الأسواق الأوروبية، وهذا سيكون كابوساً مرعباً للناتو لأن ذلك سينعكس سلبا على اقتصاده خصوصا مع تزامن الحرب الروسية الأوكرانية بمجريات الوضع في اليمن .
تلك الضربة أصبحت بمثابة ترمومتر قياس طرفي المعادلة، حيث يقاس نجاح صنعاء باستهداف تلك الشركة بعد صمودها لـ ٧ سنوات في وجه العدوان والحصار ودخولها العام الثامن وتدشين تلك الضربة بحديث قائد الثورة -حفظه الله-، عن الجاهزية القتالية، والشروع بتدشين البروفات التجريبية للقوات البحرية التي أصبحت مصدر قلق لأمريكا وأخواتها + حلفائها العرب، رغم افتقار صنعاء لأدنى درجات التسليح، وهذا بحد ذاته تتويج لانتصار القوى المناهضة للعدوان في المعركة العسكرية وهزيمة مدوية لكوكتيل تحالف العدوان ومن يقف خلفه من الغرب، مع قناعاتي بأن تلك الضربة بالنسبة للتحالف والغربيين هي إقرار غير مباشر بالهزيمة العسكرية، رغم امتلاكهم أحدث الأسلحة ومعسكراتهم النظامية وحشدها لكم من معسكرات الارتزاق والتدعيش التي لم تحقق أهداف العدوان بل أصبحت فشنج، لهذا السبب لم يجد الغرب والتحالف سوى أن يقولوا ok للهدنة، لأنها بالنسبة لهم انتهاء وفشل للخطة ( أ ) . . التي خاض تحالف العدوان معركته العدوانية ضد اليمن بموجبها أي قبل ٨سنوات وباعتبار فشل تلك الخطة يعني الفشل العسكري للتحالف والغرب وتطلب الأمر بالنسبة لهم مراجعة حساباتهم والإطاحة بمجمل قيادات الأجندات التي كانت مشمولة ضمن الخطة ( أ ) ومنهم الفار عبدربه منصور وعلي محسن، فأصبحت الهدنة بهذه الحالة المدخل الذي يكفل لهم تغيير الخطة من ( أ ) إلى (ب) وإعادة ترتيب صفوفهم لتصعيد عدواني جديد من خلال تشكيل تحالف دولي يكون مشمولاً ضمن الخطة الجديدة «ب»، كما توحى بعض ملامحه .
وبهذه الحالة اقتضى الأمر للإمبريالية بشقيها الغربي والعربي الشروع غير المباشر بتنظيم أجنداتها المشمولة في الخطة (ب) من الداخل، والذي يرتكز على جدوى البرنامج المتمثل بمخرجات مرتزقة الرياض، وهي في حقيقة الأمر مخرجات المطبخ المشترك لدول الرباعية ومن رحمها جاء مجلس جديد للمرتزقة بقيادة العليمي بعد أن اجتازوا اختبارات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي واصبحوا مؤامركين من القاع للنخاع، لكن اخزاهم الله .
ثانيا: من وجهة نظري.. لم ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل من ضمن الدوافع لموافقتهم على الهدنة كي يتمكن الغرب والخليجيات اتخاذها وسيلة لتتويه صنعاء عن الاستمرار في المواجهة العسكرية وإيقاف الضربات لمؤسساتهم الاقتصادية وبما يكفل للأطراف الدولية والإقليمية والداخلية الإعداد والتحضير لتشكيل تحالف جديد لعملية التصعيد العدواني يكون تحت قيادة واشنطن ولندن، كما أسلفت، ويتطلب من وجهة نظرهم استخدام الهدنة فقط وسيلة لاستنفاد الوقت الأمر الذي جعلهم يقسمونها إلى ملفات صغيرة تبعثر جهود الوفد المفاوض بقيادة الأستاذ محمد عبدالسلام، منها ملف معابر تعز، والآخر عن الأسرى …الخ. بحيث تظل قوى ٢١ سبتمبر تدور حول ذاتها ولا تلتفت للترتيبات الجديدة التي يعد ويحضر لها الناتو والتحالف وبجانبهم إسرائيل أي التي تصب نحو تصعيد جديد بحيث يتمكن المعتدون نقل صورة مشوهة للمجتمع الدولي عكس الواقع . لهذا ليس من فراغ تحركات سفيري واشنطن ولندن في المحافظات الخاضعة للاحتلال، وكذلك توافد أساطيل ومساطيل الغرب للمياه السيادية اليمنية، إضافة لما تقوم به إسرائيل والغرب من بناء قواعد عسكرية ومشاريع أخرى في الأراضي اليمنية ومنها الجزر . ومن ضمن أهدافهم تثيبت مخالبهم في تلك المحافظات الخاضعة للاحتلال .
… ثالثا: كي يستثمر الغرب وكوكتيل التحالف البرنامج الزمني للهدنة بحيث يتمكنون إعادة ترتيب أجنداتهم على ضوء ثوابت الاتفاق لدول الرباعية بتقاسم النفوذ والثروات في اليمن ويرتكز على ثوابت القاعدة الأمريكية تقسيم المقسم .
هنا لمن يفكر بعين العقل الغرب والتحالف تقاس خارطة طريقهم لما بعد الهدنة أي بعد استكمال عملية الترتيب للخطة ( ب ) هو تصعيد جديد بقيادة واشنطن وتصبح جهود التفاوض عبثية وضحكاً على الذقون، أي شبه مسرحية واهية ووهمية يشارك في إخراجها المبعوث الأممي وبقية سماسرة الهيئة الأممية باعتبار دوره مكملاً لضمان إخراج المسرحية أو اللعبة الوهمية إن جاز التعبير.
هنا ينبغي ان ندرك ان قوى العدوان لن تلتزم بتنفيذ حتى ١٠% من مجمل بنود الهدنة ويحق للجميع وضع أكثر من علامة استفهام حول هذه المسألة وفتح المطار بالقطارة يعد بمثابة مسكنات بسيطة لا تكفل المعالجة الشاملة، وإلا لماذا تتهرب قوى العدوان من الولوج للملف الإنساني وفي مقدمته مرتبات موظفي الدولة؟
على هذا الأساس ينبغي على صنعاء ان تشير بالسبابة لتلك التحركات غير الشرعية، سواء تحركات سفراء الغرب في المحافظات اليمنية وللمشاريع الإسرائيلية والغربية في الجزر اليمنية، وللتوافد المستمر لأساطيل ومساطيل الغرب وتحالف العدوان للمياه السيادية اليمنية وترجمة مخرجات مؤتمر مرتزقة الرياض لتكون الصورة أكثر وضوح مع نقل النصائح والموجهات لقائد الثورة حفظه الله، للتنفيذ وفق مشاريع مدروسة، لأنه استطاع بحكمته وحنكته السياسية والثورية ان يصوب مكمن الخلل ووضع برنامج مواجهة الخطة (ب) وهي واضحة في سياق حديثه خلال لقائه مع القيادات المركزية في صنعاء، لأن تلك الموجهات لقائد الثورة بالغة الأهمية وتحمل في طياتها خطة استراتيجية لمواجهة كافة التحديات الراهنة والمستقبلية بعيدا عن الترجمة السطحية، بل ينبغي الغوص بعمق لترجمة مضامينها، وهو المراد والأمل.
نائب وزير الإعلام