الثورة / متابعات
ما يشهده المجتمع الأمريكي من مجازر مروعة وبشكل متكرر، خرج عن نطاق الجرائم العادية التي تحدث في المجتمعات، بل إنه إرهاب لم تتمكن السلطات الأمريكية من تصديره إلى الخارج في سياق حروبها ضد شعوب العالم، فمنذ بداية شهر مايو2022 فقط، شهد هذ المجتمع 34 حادث إطلاق نار جماعي، و202 حادث من هذا النوع القاتل منذ بداية العام أسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى.
وما مجزرة مدرسة روب الابتدائية في مدينة أوفالدي بولاية تكساس – التي أسفرت عن مقتل 21 شخصا، بينهم 18 طفلا، وثلاثة بالغين، إثر إطلاق النار عليهم من قبل فتى يبلغ من العمر 18 عاما – إلا دليلاً دامغاً على تفرد المجتمع الأمريكي بجرائم القتل المتصاعدة كنتيجة منطقية لتفشي الكراهية والعنصرية في أوساط هذا المجتمع.
فبعد عشرة أيام من قيام فتى أمريكي أبيض يبلغ من العمر 18 عاما بإطلاق النار بشكل عشوائي ليقتل 10 أشخاص ويصيب 3 آخرين أغلبهم من السود في متجر بقالة في بوفالو بمدينة نيويورك جاءت مجزره مدرسة روب الابتدائية.
ويعد الهجوم الأخير هو الأكثر دموية منذ حادث مشابه داخل مدرسة ابتدائية في ساندي هوك بولاية كوناتيكت وقع في 14 ديسمبر عام 2012م، وأسفر عن سقوط 27 قتيلا بينهم 20 طفلا.
وبحسب موقع «بي بي سي نيوز»، فإن الدافع وراء العديد من عمليات إطلاق النار الجماعية القاتلة في السنوات الأخيرة، هو عقدة تفوق العرق الأبيض، وهذه الحقيقة تكشفت وبشكل سافر خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حتى وصل الأمر بمجلة «نيوزويك» الأمريكية أن تنشر تحقيقا استقصائيا عنوانه «ملايين الأمريكيين غاضبون ومسلحون استعداداً للسيطرة على البلاد حال خسارة ترامب عام 2024م”.
ويرى مراقبون أن أعداد الوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية تكاد تصبح علامة مميزة للحياة في أمريكا، بإجمالي بلغ نحو 1.5 مليون قتيل خلال الفترة من 1968 – 2017، وهو الرقم الذي يتجاوز بكثير أعداد قتلى حروب أمريكا المختلفة حول العالم، منذ حرب الاستقلال الأمريكية عام 1775م.
وتشير الإحصاءات إلى أنه وفي عام 2020م فقط مات أكثر من 45.000 أمريكي بطلقة من مسدس، سواء كان ذلك عن طريق القتل المباشر أو الانتحار، ليكون عام 2020م أكثر من أي عام آخر مسجل به عدد وفيات من الأمريكيين بالسلاح.
ووفقا لدائرة الأبحاث التابعة للكونجرس الأمريكي في عام 2009م، هناك 310 مليون قطعة سلاح ناري بين أفراد هذا المجتمع، ومن هذه الأسلحة 114 ملايين مسدس، و 110 ملايين بندقية، و 86 مليون بندقية، وهذه الأعداد تضاعفت خلال السنوات الماضية لاسيما خلال ولاية ترامب، وهي أرقام تتجاوز عدد سكان أمريكا.
وتُعتبر عمليات إطلاق النار في الولايات المتّحدة آفة مزمنة، وتشهد البلاد في كل مرة يقع فيها حادث من هذا النوع تجددا للنقاش حول تفشي الأسلحة النارية في ظل تجذر العنصرية والكراهية، لكن من دون إحراز أي تقدم للقضاء على العنف وحوادث القتل غير المسبوقة .