"مسيرة الأعلام" بالقدس تنذر بتفجير الأوضاع في الأراضي المحتلة
3 آلاف من قوات الاحتلال لتأمين مسيرة الصهاينة.. والفصائل الفلسطينية تحذر!
البرلمان العربي يحذر من خطورة وتداعيات مسيرة الأعلام في القدس
دعوات فلسطينية مناهضة للمسيرة تحت عنوان “لن ترفع أعلامكم في المسجد الأقصى”
الثورة / وكالات
ما زالت احتفالات ما يعرف بيوم “توحيد القدس”، وبالتحديد الاحتفالية الأبرز المتمثلة في مسيرة الأعلام الصهيونية تحتل مساحة خاصة فلسطينيا وإسرائيليا وحتى دوليا مع استمرار التحذيرات من أن مرور المسيرة من باب العامود والحي الإسلامي باتجاه حائط البراق سيؤدي إلى تفجير الأوضاع.
ورغم تحذير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قادة الاحتلال “من أي حسابات خاطئة في القدس والأقصى”، وتأكيدها المضي بكل قوة في الدفاع عن القدس والمسجد والحقوق الوطنية؛ فإن الطرف الآخر ماض أيضا في وضع اللمسات الأخيرة على التحضيرات، بما في ذلك رفع جاهزية الشرطة الإسرائيلية بتفريغ 3 آلاف عنصر لتوفير الحماية للمحتفلين بالقدس.
هذه التحضيرات قوبلت باجتماع عاجل للفصائل الفلسطينية والغرفة المشتركة في غزة تمخض عنه التهديد بأن “المقاومة لن تتراجع عما حققته معركة سيف القدس”، والإعلان عن جهوزية كل الساحات وترابطها للرد على العدوان.
تعزيز الوجود
وفي القدس، دعت القوى الوطنية والإسلامية -عبر بيان أصدرته- لضرورة تكثيف التواجد في المسجد الأقصى صباح غدٍ الأحد ، وفي باب العامود ومحيطه عصرا لمنع المشاركين في مسيرة الأعلام الإسرائيلية من الوصول للمكان.
وحثت القوى التجار في البلدة القديمة وخارجها على إبقاء أبواب محلاتهم مفتوحة، ودعت المقدسيين إلى رفع العلم الفلسطيني في كل أنحاء المدينة.
وميدانيا، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات وإبعاد احترازية في أحياء القدس، وقال رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب للجزيرة نت إن عددا من الموقوفين تم تمديد اعتقالهم على أن يفرج عنهم مساء غدٍ الأحد مع انتهاء الاحتفالات.
وأضاف أن الهدف من ذلك واضح بتعمد تحييد المؤثرين اجتماعيا ممن كان لهم دور في التصدي لاعتداءات المستوطنين في الأقصى والقدس سابقا.
الكاتب والباحث في شؤون القدس مازن الجعبري تحدث عن سيناريوهات التصعيد المحتملة في حال أصر المستويان الأمني والسياسي الإسرائيليان على عدم تغيير مسار مسيرة الأعلام، قائلا إن هناك إصرارا على عدم الرضوخ للتهديدات الفلسطينية وعلى مرور المتطرفين من باب العامود والحي الإسلامي بالبلدة القديمة.
ويرجع الجعبري ذلك إلى عدة أسباب؛ منها الشعور الإسرائيلي العام بخيبة الأمل خلال الفترة الماضية في القدس خاصة خلال شهر رمضان وفي جنازتي شيرين أبو عاقلة والشاب وليد الشريف، مما سبب إرباكا لقضية السيادة على القدس.
السبب الثاني الذي يدفع الحكومة الإسرائيلية لإبقاء مسار المسيرة التقليدي هو شعورها بأنها هشّة أمام اتهامات المعارضة والمستوطنين بعد سلسلة من العمليات التي أوقعت قتلى في الداخل الفلسطيني، وبالتالي تريد إخماد الأصوات التي تنادي بإسقاطها.
التصعيد خيار متاح
هذا التعنت يجعل سيناريو الذهاب نحو مواجهة جديدة مع غزة قريبا، خاصة في ظل استمرار التهديدات القادمة من فصائل المقاومة هناك، رغم أن المستوى السياسي لحركة حماس ليست لديه رغبة في التوجه إلى مواجهة مع إسرائيل.
يقول الجعبري “المقاومة الفلسطينية لا تريد أن تُنهي معادلة الردع التي حققتها في معركة سيف القدس، كما لا تريد أن تهتز صورتها أمام الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس في حال تجاهلت الرد على مسيرة الأعلام”.
وقد يلجأ الاحتلال -وفقا للجعبري- لسيناريو آخر لامتصاص غضب الفلسطينيين عبر السماح لعدد محدود من المستوطنين المشاركين في مسيرة الأعلام بالوصول لباب العامود، بحيث لا يتخطى عددهم 500 مشارك ترافقهم قوة مسلحة كبيرة تحرص على مرورهم من دون احتكاك مع الفلسطينيين في المكان، وتأمين وصولهم لحائط البراق بسهولة.
وحسب التحضيرات المعلنة، فمن المقرر أن ينقسم المستوطنون إلى نحو 8 آلاف يدخلون البلدة القديمة من باب العامود، وعدد مماثل من باب الخليل وصولا إلى حائط البراق.
ولم يستبعد في سيناريو ثالث أن يكون رد المقاومة الفلسطينية في غزة محدودا عبر إطلاق بضعة صواريخ نحو أراض فارغة في غلاف غزة، وترد إسرائيل ردا محدودا في المقابل، مؤكدا أن مجريات الأحداث منذ صباح غدٍ الأحد حتى عصره ستُحدد طبيعة رد الفعل من الجانب الفلسطيني.
يذكر أن مسيرة “رقصة الأعلام” الصهيونية تنظم في ما يعرف بيوم “توحيد القدس” الذي يحيي فيه الكيان ذكرى احتلاله الشطر الشرقي من القدس عام 1967، استكمالا لاحتلاله المدينة والسيطرة على الأماكن المقدسة فيها.
من جهته قرر رئيس وزراء العدو، نفتالي بينيت، أمس الجمعة، الإبقاء على مسيرة الأعلام الإسرائيلية بالقدس الشرقية غداً الأحد، بمسارها المحدد.
وجاء قرار بينيت، رغم التحذيرات الفلسطينية والمحلية الإسرائيلية والدولية، من تداعياتها.
وقال مكتب رئاسة حكومة الاحتلال، في تصريح مكتوب أرسل نسخة منه لوكالة الأناضول، إن بينيت أجرى أمس الجمعة، “مكالمة هاتفية” لتقييم الأوضاع عشية حلول يوم القدس، وإقامة مسيرة الأعلام يوم غد الأحد.
وأضاف: “شارك في المكالمة، كل من: وزير الأمن الداخلي، والمفوض العام للشرطة، وقائد محافظة القدس في شرطة إسرائيل، والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء ومسؤولون كبار آخرون”.
وتابع: “تم إطلاع رئيس الوزراء بشكل كامل على الاستعدادات التي تقوم بها الشرطة تمهيدا لهذه الفعاليات، حيث تم التشديد على الجهود الاستخبارية التي تُبذل، وعلى تعزيز قوام القوات المنتشرة ميدانيا، بغية السماح بإحياء يوم القدس وإقامة بمسيرة الأعلام بشكل منتظم وآمن”.
وأكمل: “أكد رئيس الوزراء على أن مسيرة الأعلام ستقام كما أقيمت سابقا، ووفق المسار التي تم تحديده، مثلما تمت إقامتها منذ عشرات السنين، وعليه ستنتهي المسيرة في باحة حائط المبكى (حائط البراق) وهي لا تمر عبر الحرم الشريف (المسجد الأقصى)”.
وتتزامن المسيرة مع الذكرى السنوية لاحتلال الكيان للقدس الشرقية، وفق التقويم العبري.
وستمر المسيرة من باب العامود، أحد أبواب البلدة القديمة، وتمر في أزقة البلدة ويتخللها التلويح بأعلام إسرائيلية وترديد شعارات بينها “الموت للعرب”.
وتسببت المسيرة في الكثير من السنوات، باندلاع مواجهات مع الفلسطينيين.
وكانت الشرطة الصهيونية قد أعلنت أنها قررت نشر الآلاف من عناصرها في القدس الشرقية، لتأمين المسيرة.
وأشار مكتب رئيس الوزراء الصهيوني إلى انه “سيتم عقد جلسات لتقييم الوضع وإجراء مشاورات في هذا الشأن بشكل مستمر، على جميع المستويات، خلال نهاية الأسبوع ويوم غد الأحد تحديدا”.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي أعلنت حالة التأهب القصوى في القدس، ونشرت 3000 شرطي إضافي بالقدس المحتلة، ومئات آخرين في المدن المختلطة، استعدادا لـ”مسيرة الأعلام” يوم الأحد.
وفي السياق، نشر الجيش الإسرائيلي ملاجئ متنقلة إضافية، بما في ذلك في بلدة سديروت، تحسبا لقيام الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة بإطلاق صواريخ باتجاه جنوب الأراضي المحتلة.
وأوضح الجيش الإسرائيلي، أن الملاجئ الإضافية تم وضعها في الجنوب ليس بسبب يوم القدس، ولكن كجزء من انتشار مخطط مسبقا من قبل قيادة الجبهة الداخلية، في محاولة لتحصين الجنوب.
ويأتي القرار، الذي تم اتخاذه بالاشتراك مع جهاز “الشاباك”، في الوقت الذي هددت فيه كل من “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في فلسطين بإطلاق صواريخ، محذرتين الاحتلال “الإسرائيلي” من السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى خلال ما تسمى “مسيرة الأعلام”.
كما أصدرت السفارة الأمريكية لدى الاحتلال تنبيها للمواطنين الأمريكيين وموظفي السفارة، تحذرهم فيه من دخول البلدة القديمة في القدس في أي وقت من يوم الأحد (يوم المسيرة)، ويوم الجمعة (عندما يكون هناك إقبال كبير على الصلاة في الحرم القدسي).
ووفقا لموقع Ynet News، نصح مسؤولون عسكريون رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بالالتزام بالمسار المخطط له للمسيرة، حيث ينظر إلى أي تغيير في اللحظة الأخيرة على أنه علامة ضعف من جانب الكيان.
وتستعد أجهزة الأمن “الإسرائيلية” لاحتمال تنفيذ عمليات مسلحة وإطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة، ومواجهات في المدن التاريخية في أراضي الـ48.
ويتخوف الاحتلال من احتمالية وقوع مواجهات، في ذكرى احتلال شرقي القدس أو ما يسمونه يوم “توحيد القدس”، الذي يصادف الـ29 من مايو الجاري.
ودعت جماعات “الهيكل” المزعوم إلى اقتحام جماعي للمسجد الأقصى احتفالًا في ذكرى احتلال شرقي القدس، ورفع الأعلام “الإسرائيلية” في باحاته، وأداء طقوسهم التلمودية، وتزامناً مع ذلك أُطلقت دعوات مقدسية للاعتكاف في الأقصى من 27 أيار.
وتتواصل الدعوات الفلسطينية للمشاركة الواسعة في فجر “لن ترفع أعلامكم” بالمسجد الأقصى، غداً الأحد ، لإحباط مخططات المستوطنين في تنظيم مسيرة “الأعلام”، إلى جانب أداء صلاة الضحى في باحات المسجد، لإفشال المسيرة الاستيطانية.
من جانب آخر حذر البرلمان العربي، من خطورة وتداعيات مسيرة الأعلام التي تنظمها قوات الاحتلال الإسرائيلي غداً الأحد بالقدس، على أمن واستقرار المنطقة، في تحد سافر واستفزازي للشعب الفلسطيني، والأمتين العربية والإسلامية.
وأدان البرلمان العربي في بيان له أمس الجمعة، ما أعلنته جماعات المستوطنين المتطرفين باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك وممارسة الطقوس التلمودية ورفع الأعلام فيما يسمى بيوم توحيد القدس، بقرار إسرائيلي وحماية جيش الاحتلال، مؤكدا أنه اعتداء على المقدسات الإسلامية .
كما شدد على أن ما يجري في القدس المحتلة من هدم للمنازل وتشريد الأهالي وحملة الاعتقالات واقتحامات المسجد الأقصى يأتي في سياق التصعيد الإسرائيلي المتواصل، والذي يتنافى مع الأعراف وكافة المواثيق الدولية، داعيا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الممارسات والاستفزازات التي تمارسها قوات الاحتلال والمستوطنين لتجنب تداعياتها على أمن واستقرار المنطقة.
ويرى مراقبون، أن مجرد وجود كيان الاحتلال الإسرائيلي فوق ارض فلسطين، فإن الأوضاع ستبقى دوماً متفجرة، وان التفجّر قد يكون نوعي يؤثر على فلسطين داخلياً وعلى استقرار محيطه الإقليمي.
وقالوا: إن كيان الاحتلال في مأزق حقيقي والمخرج الوحيد له أمامه هو المزيد من التطرف ولا يرى أمامه أي خطوط حمر، واكدوا أن جوهر تجمع ما يسمى يهودا والسامرا في الضفة الغربية وفي قلب القدس المحتلة، وبدون هذا لا يتمكن الاحتلال من جمع المستوطنين ويكسب مواقفهم، مشيرين إلى انه في حال اصرّ الصهاينة على مسيرة الأعلام الإسرائيلية لاقتحام المسجد الأقصى، فستكون لحظات حساسة يمكن أن تؤدي إلى انفجار نوعي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المتفجر دائماً.
من جانبهم، شدد قياديون في حركة الجهاد الإسلامي، على أن الرواية الإسرائيلية بوجود اليهود في الأرض الفلسطينية أنما هي مؤامرة غربية حيكت بليل، وأن الاحتلال الإسرائيلي هو مندوب للمجتمع الغربي وخاصة أمريكا ليضرب قلب الأمة وليسيطر على مقدراتها فقط لا غير.
وأوضح هؤلاء، أن الوضع في الأراضي المحتلة يزداد سخونة لانتظار يوم غدٍ الأحد ، فإن قام الصهاينة بتنفيذ خرافاتهم بتسيير مسيرة الأعلام ودخول المسجد الأقصى المبارك، فهذا يعني أن المعركة قد قامت وستكون الحرب مع الفصائل الفلسطينية حرباً ضروساً.
واعتبر القياديون، أن الصهاينة مصرون على أن رئيس وزرائهم الضعيف نفتالي بينيت وحكومته الهشة ليس لها أي خيار آخر، سوى أن تقدم للجمهور الصهيوني شيئاً جديداً بعد الضربات التي تلقتها من المقاومة، فليس أمامها مفرّ، مؤكدين أن هذا المفرّ سيكون خاسراً مع بداية أول طلقة في هذه المعركة وستنهار هذه الحكومة، في ظل الجهوزية والاستعداد لجميع جبهات الفلسطينيين.
فيما يرى ناشطو سياسيون، أن هناك تصميما وإصرارا للمستوطنين على المضي في تسيير مسيرة الأعلام ولو بأعداد قليلة، في ظل تهديدات بأن هناك مجموعات صهيونية تستعد من أجل هدم المسجد الأقصى المبارك.
وأشاروا إلى أن كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين حذروا المسؤولين السياسيين بضرورة إلغاء هذه المسيرة لأنها قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع، وقد تم استدعاء كتيبتين من حرس الحدود لصد مسيرة المستوطنين من الوصول إلى باب العامود حسب ما يروج الإعلام الإسرائيلي بذلك.