يأتي توجه واهتمام القيادة السياسية برئاسة فخامة الرئيس مهدي محمد المشاط نحو إصلاح القضاء ، وذلك حرصا منه على تجسيد و تحقيق مطلب هام نادى به المواطن اليمني لعقود مضت ويعتبر ذلك الهدف هاماً ومن أهداف ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المباركة وهو تحقيق العدالة وتسهيل الوصول اليها دون تطويل أوعناء ومشقة .
هذا الاهتمام من فخامة الرئيس لإصلاح القضاء لا بد أن يقابله تفاعل واهتمام من أعضاء السلطة القضائية وكذلك من الشركاء السياسيين في السلطة التنفيذية والبرلمان.
صحيح أن ضمان مبدأ استقلالية السلطة القضائية هام جدا ،لكنها مسؤولة عن أي قصور أو خلل أمام القيادة الثورية والقيادة السياسية .
مما لا شك فيه أن وجود قضاء مستقل ونزيه وعادل مطلب وهدف هام لدى القيادة السياسية ولدى المواطن على حد سواء وهذا الامر يتطلب بالضرورة وجود قضاة أكفاء يتمتعون بالخبرة والمهنية، والسيرة الحسنة.
كما يتطلب وجود هيئة تفتيش قضائي قوية وقادرة على تحقيق مبدأ الثواب والعقاب وإعمال التقييم المهني الشفاف والمساءلة كنهج دوري للبناء والتطوير، كما ان من المهم العمل على توفير السبل الكفيلة بتحقيق العيش الكريم للقضاة.
هناك نجاح وتقدم حققته السلطة القضائية خلال العام المنصرم ،حيث قامت بالعمل على تصحيح وتقويم الكثير من الأخطاء والقصور داخل القضاء كما انه تمت استعادة ملايين الريالات إلى خزينة الدولة ، والفصل في آلآف القضايا المنظورة أمام المحاكم وهذا إنجاز يحسب للسلطة القضائية.
لقد تعاطت السلطة القضائية بشكل إيجابي وسريع مع بعض التوجيهات و المقترحات التي قُدِّمت ونوقشت من أطراف عدة لإصلاح القضاء، منها على سبيل المثال إجراء التعديلات القانونية التي تكفل إصلاح المعضلة المزمنة المتعلقة ببطء التقاضي؛ وكذلك تدريب القضاه ورفع كفاءتهم المهنية ودعم استقلالهم .
لكن بعض المواضيع الهامة والتي تصب في صالح النهوض بالقضاء قد واجهت عقبات وتعثرت ولم يتمكن من تنفيذها ربما لعدم توفر الإمكانات وتباطؤ وزارة المالية في تنفيذ هذه المطالب الهامة التي تصب في صالح تفعيل هيئة التفتيش القضائي لتقوم بدورها بشكل جدي ومنحها من الصلاحيات والوسائل لتنفيذ مبدأ الثواب والعقاب تجاه من يخل بعمله وواجبه من القضاة.
فنزاهة القاضي تشكّل العنصر الحاسم في عملية الإصلاح. ومحاسبة القضاة ومتابعة مسار ثرواتهم من اهم أعمال التفتيش القضائي.
من الضروري جيدا في مقترح إنشاء فروع للهيئة في المحافظات تسهيلا للمواطن وتجنيبهم عناء السفر من قراهم ومحافظاتهم لمن اجل تقديم شكوى إلى الهيئة في صنعاء ناهيكم عن تكاليف السفر والإقامة التي قد تطول لأشهر حتى يبت في شكواهم .
أما على مستوى منهج و مخرجات المعهد العالي للقضاء فانها باعتقادي ليست بالمستوى الذي يطمح اليه المواطن و لاتوازي الحاجه الماسة لعدد القضاة في المحاكم والنيابات .
لابد من إعادة النظر في مسألة حصر تعيين القضاة من خريجي المعهد حتى يتم التمكن من رفد السلطة القضائية بدماء جديدة من العلماء والأكاديميين خاصة في مجال القانون التجاري والقانون الدولي الإنساني والأحداث والجرائم الإلكترونية والجرائم الدولية .
أسباب المطالبة بإصلاح القضاء ظاهرة للكثيرين، فعلى الرغم من المكانة الهامة التي يتمتع بها القضاء كإحدى المؤسسات الكبيرة والهامة ، إلا أن ذلك لاينفي الحاجه إلى العمل على تغيير النمط السائد عنه في ذهنية وواقع المواطن في المحاكم .
وخلاصة القول انه لا بد أن يكون هناك اهتمام وتفاعل من الجميع رسمي وشعبي سياسي وقضائي وبشكل عملي لتصب كل الجهود بما يحقق ويسهل الوصول للعدالة بأسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف .
والله الموفق .