قطاع الزراعة يمكن أن يساعد على الحد من الفقر، ورفع مستويات الدخل

الاكتفاء الذاتي يدعم استقلالية القرار الوطني السيادي أمام الدول الأجنبية

الأمن الغذائي يحد من التأثيرات والابتزاز الذي تمارسه الدول المصدِّرة لبعض الأغذية الاستراتيجية كالقمح

تبنِّي ثورة زراعية على كافة المستويات يعد أولوية وطنية هامة وعاجلة

ضرورة التوسع في زراعة المحاصيل النقدية والتركيز على الحبوب بشكل رئيسي

أهمية الحد من الاعتماد على الاستيراد والشراء من الأسواق العالمية

أكد الدكتور حسين مقبولي – نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية والخدمات أن الاكتفاء الذاتي ضرورة ملحة لنا في اليمن لتعزيز الاعتماد على النفس وتطوير الإمكانات الذاتية، والتقليل في المقابل من الاعتماد على الخارج.
وذلك مما يدعم استقلالية القرار السياسي والسيادي الوطني أمام الدول الأجنبية، ويحد من التأثيرات وبعض السلوكيات (الابتزاز) التي قد تمارسها الدول المصدرة لبعض الأغذية الاستراتيجية (القمح نموذجا) في إطار التفاوض حول مصالحها أو مصالح حلفائها.
الثورة /أحمد المالكي

وقالت دراسة اقتصادية حديثة أعدها الدكتور مقبولي عن الأمن الغذائي في اليمن يمكن أن يساهم في تحسين الأمن الغذائي لما نسبته ٨٠ % من الفقراء في اليمن الذين يعيشون في مناطق ريفية ويشتغل أغلبهم بالزراعة حيث يبلغ تعداد القاطنين في الريف أكثر من ٦٠ % من سكان اليمن.

مرحلة صعبة
ويقول الدكتور مقبولي في دراسته: إننا في اليمن الآن نمر بمرحلة صعبة بسبب عدوان جائر لأكثر من 7 سنوات وحصار مطبق على كافة المستويات الأمر الذي يستوجب العمل بكل ما نستطيع للوصول إلى الاكتفاء الذاتي كأحد مقومات الأمن القومي. وفي هذا السياق، يُشير الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي إلى توافر المقومات الأساسية لتحقيق التنمية الزراعية، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي، لاسيَّما وأن اليمن يمتلك كامل المؤهلات الطبيعية للإنتاج الزراعي، وبما يؤهله لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الغذائية، ومرّد ذلك الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة، والتي بمقدورها إنتاج كل الحاجات الأساسية من الغذاء، وتحديداً الحبوب والمحاصيل النقدية، حيث قال : اليمن يكفي – لو زُرع – لليمن ولغير اليمن“.
كما يُؤكِّد السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي في أكثر من خطاب وأكثر من مناسبة على الاهتمام بالقطاع الزراعي باعتباره قطاعاً مهماً وحيوياً ويمكن أن يمثل سنداً كبيراً للشعب اليمني في مواجهة الحصار حيث قال في أحد خطاباته “تهامة” تُعتبر سلَّةً غذائيةً لليمن، وذاتَ إمكانيات هائلة لإنتاجِ مختلفِ المحاصيل الزراعيةِ المهمة“.
وكون اليمن تعد من البلدان الفقيرة والتي تعاني من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي نرى بضرورة الحد من الاعتماد على الاستيراد والشراء من الأسواق العالمية حيث نعتمد في اليمن على استيراد ما يصل إلى أكثر من٩٠٪ من الحبوب (منها ٤٠% من القمح)، لكي نتفادى أي مخاطر ممكنة مرتبطة بتقلب أسعار الأغذية العالمية، وتقليل تكاليف الاستيراد وفارق العملة. بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية للنقل ومن أجل تعزيز المنتج المحلي.

السلبيات
وأكد الدكتور مقبولي أن الخطط المستقبلية يجب البحث فيها عن السلبيات والعمل على تلافيها ، حيث وجد أن أسباب ضعف الزراعة والإنتاج الزراعي في اليمن يعزى إلى الهجرة الداخلية لأبناء الريف، وإهمال الأراضي الزراعية والتوسع الحضري والزحف العمراني، بالإضافة إلى شحة الموارد المائية واستخدام الأسمدة والمبيدات بشكل عشوائي وعدم الاهتمام بالبذور الأصلية، كما أن إهمال تراجع دعم المؤسسات الزراعية لصغار المزارعين وعدم تبني سياسة التنمية الزراعية والتوجه نحو الاكتفاء الذاتي كانت سبباً رئيسياً لتراجع كافة المؤشرات الزراعية والاتكال على الخارج في القوت اليومي للشعب.
حيث ظلت نسبة الأراضي الزراعية في اليمن متراجعة أو شبه ثابتة بنحو ٣% من مساحة اليمن لعدة عقود.. مع أن هذه الأرقام قابلة للزيادة بشكل كبير جدا وخصوصا بالتعاون مع القطاع الخاص وتبني الزراعة بنظام التعاقد أو تشجيع القطاع الخاص في الاستثمار في إنشاء شركات زراعية كبرى تقوم باستصلاح وزراعة مناطق كبيرة لا سيما في محافظات زراعية من الطراز الأول مثل الجوف وفي تهامة وحضرموت ولحج وحجة وصعدة وغيرها، كون الاكتفاء الذاتي الغذائي ضرورة على المديين القصير والبعيد.. ليس فقط لأنه يسهم في الأمن الغذائي المحلي والاستقرار الاجتماعي، بل أيضا لأنه منطق اقتصادي وواجب ديني يعزز الحرية وامتلاك القرار.
وأكد الدكتور مقبولي أن الحكومة تولي أهمية خاصة في المرحلة الراهنة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء من خلال الاهتمام بالقطاع الزراعي لتوفير الأمن الغذائي، وذلك ينعكس في التوجهات الرئيسية الخاصة بخطة وزارة الزراعة والري للعام ٢٠٢١م ، وتشجيع المنتج المحلي بالتركيز على تنفيذ سلسلة من البرامج والمشاريع الخاصة بخطة القطاع الزراعي للعام ٢٠٢١م في إطار الرؤية الوطنية، حيث أفردت الرؤية الوطنية في جانب المحور الاقتصادي والتنموي مساحة للتنمية الزراعية والتي تعد هدفا رئيسيا من أهدافها ، شملت العديد من التوجهات والخطط والبرامج الهادفة إلى إنعاش النشاط الزراعي من خلال توفير بيئة محفزة ومشجعة على الزراعة ، وخصوصا فيما يتعلق بتنوع المحاصيل الزراعية والتركيز على المحاصيل النقدية ذات القيمة الشرائية المرتفعة، والتي من شأن تصديرها للخارج رفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة.. وبما يسهم في التخفيف من معاناة الشعب اليمني نتيجة العدوان والحصار.

كفاءة إنتاجية
وشددت الدراسة على أهمية تعزيز جوانب الاكتفاء الذاتي الغذائي بما يتناسب طرديا مع تطوير الموارد الزراعية في البلاد وتقليل الاعتماد على الواردات الزراعية. واستخدامها بكفاءة وإنتاجية. وفي هذا الصدد، فإن خيارات مثل تحسين إنتاجية المحاصيل والمياه وكفاءة الري، والحد من خسائر ما بعد الحصاد، وتطوير سياسات إدارة الموارد المائية وتقنيات الري الحديث في الزراعة على المستوى المحلي، تشكل أولوية للنظر والعمل عليها. ويجب تعزيز التعاون الحكومي ممثلا بوزارة الزراعة وهيئة الاستثمار مع القطاع الخاص لتحسين القيمة المضافة في سلسلة الإنتاج الغذائي.
من أجل تطوير سلسلة القيمة الغذائية في اليمن التي تستهدف كمرحلة أولى منتجات هامة مثل البن واللوزيات والعنب والمانجو والتمور والثروة الحيوانية ومجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات والحبوب مثل القمح، يجب تبني سياسات شاملة وإجراءات تهدف إلى خلق وتطوير الأطر الداعمة لسلاسل القيمة الغذائية (المدخلات: البذور، المشاتل ، الحصاد، التجميع والمخرجات: التسويق، الأسواق المحلية والتصدير)، من خلال تحفيز القدرة التنافسية للقطاع الزراعي وتحسين شروط التجارة الزراعية، إدخال المكننة الزراعية واستصلاح الأراضي الزراعية، إدخال تقنيات الري الحديث، إضافة إلى الخدمات المصاحبة مثل مضاعفة التمويل، وتحسين التسويق الزراعي وفتح الأسواق المحلية وتسهيل التصدير، دعم التعاونيات، والجمعيات، تمويل وتوفير متطلبات الري ومستلزماته، المبيدات ومكافحة الأوبئة والأمراض النباتية، تطوير المحاصيل وغيرها) وجعلها أكثر كفاءة وإنتاجية ، وأن زيادة الاستثمارات في سلاسل القيمة الزراعية والغذائية المحلية من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة سوف يوفر لها القدرة على تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة ليس فقط من خلال ضمان توافر أكبر للأغذية وتحقيق الأمن الغذائي، ولكن أيضًا من خلال تحسين الوصول إلى الغذاء واستقراره واستخدامه، وكذلك تحسين الجودة والسلامة.

خلاصة
وخلصت الدراسة التي أعدها الدكتور حسين عبد الله مقبولي نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية والخدمات أن الاهتمام باستراتيجيات التنمية الزراعية وإنشاء قطاع وطني قوي للتنمية الزراعية وبالأحرى تبني ثورة زراعية على كافة المستويات تعد أولوية وطنية هامة وعاجلة، بما يساهم في ضمان الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي وذلك من خلال الآتي:
التوسع في زراعة المحاصيل النقدية والتركيز على الحبوب بشكل رئيس. تشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي واستصلاح الأراضي والتوسع فيها، إدخال المكننة الزراعية والتقنيات الحديثة وأيضا فيما يخص تحسين كفاءة الري.
تعزيز سلسلة القيمة المضافة الزراعية والغذائية وربط المصنعين بالإنتاج الزراعي المحلي وتقليل فاتورة الاستيراد، تشجيع البحوث الزراعية وخدمات الإرشاد الزراعي وخدمة المزارعين.
دعم التسويق الزراعي وتبني سياسات ترويجية للمنتجات بما يضمن فتح أسواق محلية وخارجية.
دعم وتشجيع الإنتاج المحلي للأسمدة والمبيدات حيث توفر كافة الموارد الطبيعية لهذه المنتجات من البيئة المحلية.
وأن كل ما سبق سيعمل على تحقيق أهداف استراتيجية أخرى مثل تقليل البطالة وتشغيل أكبر عدد من السكان وتقليل نسبة الفقر ومكافحة الجوع ويضمن زيادة المحاصيل الزراعية وبجودة عالية ويعزز الأمن والاستقرار، والتي بدورها سوف تؤثر بشكل إيجابي وكبير على الأمن القومي اليمني وتعزز امتلاك القرار واستقلالية البلاد.

قد يعجبك ايضا