تقرير /
كشفت هيئة الاستخبارات العسكرية، عن اتفاقية بين قيادة القوات السعودية ومجاميع من المرتزقة لتكوين مليشيات باسم قوات اليمن السعيد نهاية العام الماضي 2021، تتضمن مهام ميدانية على رأسها حماية الحدود السعودية.
وأفادت هيئة الاستخبارات العسكرية في بيان تلقت وكالة (سبأ) نسخة منه، أن الاتفاقية مكونة من أربعة محاور كتبت في إحدى عشرة صفحة وسبع صفحات ملحقات وصفحة واحدة للتوقيعات.
واشترطت الاتفاقية ألا ترتبط الوحدات التي تم إنشاؤها بأي طرف إلا وفقا لتوجيهات قيادة التحالف ومندوبيها في قيادتي قوتي نجران وجيزان وغرفة العمليات المشتركة في شرورة وربطها بقائد القوات المشتركة المدعو مطلق الأزيمع .
ونصت الاتفاقية على أن تكون مشاركة الوحدات المشكلة فعالة وإيجابية «في حفظ واستقرار وتأمين حدود وأمن المملكة»، وجاء في الاتفاقية: «لا يحق للوحدات الشرعية المشاركة بالحد الجنوبي الارتباط غير المسؤول مع أي طرف إلا وفقا لتوجيهات وتطلعات قيادة التحالف العربي ممثلة بالقوات المشتركة».
وألزمت الوحدات المشكلة بالتعهد بـ «حفظ الأمن في كل قطاعات المسؤولية والتعاون مع الجهات ذات العلاقة والجواب على الاستفسارات من الجهات الأمنية، بما من شأنه الحد من أي تهديد أمني يضر بالموقف أو يمس سيادة وأمن المملكة»، وفق نص الاتفاقية.
كما تتضمن الاتفاقية تحمل الجانب السعودي كامل المستحقات المالية ومنح التصاريح والأذونات للدخول والخروج من وإلى الأراضي السعودية من قبل قائد هذه الوحدات وإطلاع قائد القوات السعودية عليها.
ونص المحور الرابع من الاتفاقية الخاص بقادة الوحدات، على تقديم امتيازات خاصة بهم وبعائلاتهم عبر « تكليف ضابط لمتابعة واستخراج الإقامة المميزة للقادات تكريماً لهم وضمان الحصول على مجانية التعليم والصحة وغيرها لهم ولذويهم من الدرجة الأولى»، على حساب بقية الأفراد والمجندين المخدوعين.
واعتبرت هيئة الاستخبارات العسكرية، هذا الأمر في إطار الاتجار بالبشر، داعية أسر المتورطين في الخيانة إلى إعادة أبنائهم من جبهات الحدود السعودية والعودة إلى صف الوطن بعد أن أصبحوا وقودا لمعارك النظام السعودي، كما حصل مؤخرا في جبهة حرض وما خلفته من قتلى وجرحى بالمئات في صفوف المرتزقة.
المعلومات التي كشفتها هيئة الاستخبارات العسكرية، تكشف تعمد النظام السعودي الدفع بمرتزقة إلى محارق الموت عن طريق وكلاء.. يتمثل هذا الكشف الذي قادت إليه هيئة الاستخبارات العسكرية، في اتفاقية تكوين «مجاميع من المرتزقة» باسم قوات اليمن السعيد.
العمل والترتيب لهذا الأمر، بدأ عقب زيارة تركي المالكي ناطق العدوان لمحافظة شبوة المحتلة في الـ11 من يناير الماضي، حينها أعلن ما سماه عملية «تحرير اليمن السعيد»، فيما تبدو المطامع السعودية هي المحرك للتصعيد المتكرر.
تدشين الاتفاق.. انتكاسة
من قراءة معطيات المعركة مع قوى العدوان طوال السنوات الماضية، يظهر أن ما قادت إليه السعودية في حدها الجنوبي، كان بالفعل «مغامرة»، وترقى إلى «الانتحار»، إن لم يكن جريمة في حق الأدوات التي لعبت على حاجتهم بعد أن شوهت قدرتهم على استبانة الأمور.
بدت العملية الفاشلة في «حرض» وكأنها باكورة عمل لاتفاق جديد بين قيادة العدوان وعناصر تحمل صفة قيادات على مجاميع، للدفع بهؤلاء كمرتزقة في ما يشبه «اتجار بالبشر»، حسب هيئة الاستخبارات العسكرية.
تؤكد ذلك الظروف التي تعيشها وحدات العدوان، منذ عامين، والتعامل غير الإنساني من قبل قيادة العدوان معهم، ثم المحارق السابقة التي دفعتهم إليها باستمرار.
على أن قبل ذلك من المهم النظر إلى الجدوائية التي حددتها القيادة السعودية لمعركتها، إذ لا يبدو في الأمر أي ذكاء أو حنكة قيادية قيامها بهذا الفعل الآن، ولكنها محاولة كما يبدو لقضم ما يمكن من الأرض اليمنية ومن الأماكن التي تجد فيها مصالحها، كحال «حوض حرض النفطي»، كما هو مسعى لتأمين حدودها الجنوبية مع اليمن، كما يظهر ذلك بوضوح في الاتفاق المذكور.
وبالنظر إلى مضمون الاتفاق، نجد في إملاءاته تأكيداً على أن قيادة العدوان حين تشدّ الرحال فإنها تصوب الوجهة نحو مصالحها فقط، أكان على المستوى المنظور أو البعيد، مع الإبقاء على النظرة الدونية للآخرين بجعلهم وقوداً لمطامعها، إذ نجد الإلزام والتعهد يقع على جانب عملاء السعودية (الطرف الثاني)، فيما نجد على الطرف الآخر وعوداً اقتصادية.
في السياق، اشترطت الاتفاقية ألا ترتبط الوحدات التي تم إنشاؤها بأي طرف إلا وفقا لتوجيهات قيادة التحالف ومندوبيها في قيادتي قوتي نجران وجيزان وغرفة العمليات المشتركة في شرورة وربطها بقائد القوات المشتركة المدعو مطلق الأزيمع.
ونصت الاتفاقية على أن تكون مشاركة الوحدات المشكلة فعالة وإيجابية «في حفظ واستقرار وتأمين حدود وأمن المملكة»، وجاء في الاتفاقية: «لا يحق للوحدات الشرعية المشاركة بالحد الجنوبي الارتباط غير المسؤول مع أي طرف إلا وفقا لتوجيهات وتطلعات قيادة التحالف العربي ممثلة بالقوات المشتركة».
على ذات النحو من الفروض والشروط، تؤكد محاور الاتفاق الأربعة على التزامات على (الطرف الثاني) تنفيذها يشمل: «حفظ الأمن»، «والتعاون مع الجهات ذات العلاقة في تقديم العون والمساندة والجواب على الاستفسارات من الجهات الأمنية»، ودائما «بما من شأنه الحد من أي تهديد أمني يضر بالموقف، أو يمس سيادة وأمن المملكة»، حسب الاتفاق.
إغراءات وامتيازات
داعب الاتفاق إلى حد كبير حاجة المقاتلين معه للعيش في استقرار اقتصادي، من أجل تنفيذ هذه المغامرة بالنيابة عنه، وتضمّن الاتفاق الكثير من الإغراءات في هذا الجانب، إذ حمّلت الاتفاقية الجانب السعودي كامل المستحقات المالية بما فيها المتأخرات لشهور، ومنح التصاريح والأذونات للدخول والخروج من وإلى الأراضي السعودية، من قبل قائد هذه الوحدات وإطلاع قائد القوات السعودية عليها.
مع ذلك، في ما يرتبط بمرتبات سابقة بعد توقفها، يفرض الاتفاق على المستحق الانتظار ثلاثة أشهر لتنفيذ هذا الحق.
ويقر الاتفاق بإيقاف ما تسميه بـ”المصاريف التشغيلية” لوحداتها من المتورطين معها في هذا العدوان لما يقارب العامين، وهذه مسألة تبدو أكبر من الاستيعاب، إذ كيف يمكن التعامل مع جهة تبخل بأدوات العمل لمن يقدمون أنفسهم للموت، كما يكشف حالة الإهمال التي طالت أسراهم في الشق المالي وكيف أنه كانت هناك وعود في شهر رمضان الماضي بدفعها إلا أنه مع ذلك لم يتم التنفيذ.
وفي الإغراءات والامتيازات التي وعد بها النظام السعودي قادة هذه الوحدات، وفق ما هو في المحور الرابع، تسهيل إجراءات دخول عائلات القيادات، بحيث يتم «تكليف ضابط لمتابعة واستخراج الإقامة المميزة للقادات تكريماً لهم وضمان الحصول على مجانية التعليم والصحة وغيرها لهم ولذويهم من الدرجة الأولى»، على حساب بقية الأفراد والمجندين والمخدوعين، حسب بيان لهيئة الاستخبارات.
وفي ما يفضح نظرة قيادة العدوان لمن يقاتلون معها وأن القضية تنتهي عند تأمين أطماع النظام السعودي، وما تحصل عليه هو بمقدار مساهمتك في تحقيق هذا الهدف، يزعم الاتفاق بأن قيادات ما تسمى بالقوات المشتركة ستقوم بالتنسيق (للمشاركين فقط) في “الحد الجنوبي (اليمن السعيد) مع الكليات العسكرية المختلفة في المملكة»، وحتى «خارج المملكة لمنح كل وحدة مقعدين في كل الكليات العسكرية والأكاديمية لتأهيل القوات وتنمية مهاراتهم القيادية ويعد تكريماً لأدوارهم»، وجميعها رغم ذلك مرتبطة بموافقة النظام.
هو إذن إنجاز جديد للاستخبارات اليمنية، ليس فقط لكونه يشير إلى اقتدار في الوصول لما يدور في كواليس العدوان، ولما يدل عليه الكشف في ذاته، ويفضحه من حقائق.