جمعة رجب .. مكانة خاصة في نفوس اليمنيين ومحطة متجددة لترسيخ الهوية الإيمانية

 

الثورة/ ناصر جرادة
جمعة رجب المناسبة الدينية التي تخص اليمنيين والتي انفردوا بها دون غيرهم من الشعوب العربية والإسلامية والتي تأتي توثيقا وترسيخا للهوية الإيمانية في ظل ما تتعرض له البلاد من عدوان غاشم بقيادة تحالف الشر السعودية والإمارات ومن خلفهم أمريكا وإسرائيل، وما يريدونه من إضلال للشعب اليمني ومسخ هويته الإيمانية وتفكيك الروابط المجتمعية المتماسكة.

رجب مناسبة عيدية
يحيي اليمنيون الجمعة الأولى من شهر رجب الحرام من كل عام، وهي ذكرى دخولهم في دين الله افواجا في العام الثامن للبعثة المحمدية يرافق هذه المناسبة في ذلك الوقت انتصار المسلمين وفتح مكة وذلك استنادا لقوله تعالى(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا ) صدق الله العظيم ،سورة النصر، ولهذا يعتبر اليمنيون يوم الجمعة الأولى من شهر رجب عيدا دينيا يمارسون فيه الطقوس الدينية الفرائحية. ويعبرون عن حمدهم لله تعالى على اعتناقهم نعمة الإسلام في هذا اليوم حيث يقومون بإحياء زيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام ولبس الثياب الجديدة وتوزيع الذبائح على الأهل واستحضار الفضائل التي اعتادوها منذ القدم وتنتشر روائح البخور في الأماكن والساحات والمساجد ويتزاور الناس وتمنح العطايا للأطفال والفقراء، وتلك طقوس وعادات اجتماعية وثقافية قديمة ظلت تتناقلها الأجيال عبر التاريخ فضلاَ عن إحياء هذه المناسبة بفعاليات دينية وإنشادية في المساجد وغيرها.

محافظة المجتمع في ظل «الانفتاح»
ولما لهذا اليوم من مكانة تاريخية في نفوس اليمنيين أصبح محطة تربوية وتزكية للنفس، ففي ظل انتشار الرذائل وفساد الأخلاق في كثير من مجتمعاتنا العربية وفي ظل انفتاح الشعوب العربية وتقليد المجتمعات الغربية، يأتي مجتمعنا اليمني في طليعة الشعوب العربية والإسلامية المحافظة على قيمها وعاداتها وتقاليدها.
يلمس اليمنيون في مناسبة عيد جمعة رجب روحانية الإسلام ويعتبرونها محطة تاريخية ونقلة نوعية نقلتهم من حياة الكفر والشرك والإلحاد إلى عبادة الواحد الأحد، خلافا عن بقية الأعياد الدينية الأخرى والتي تخص المسلمين جميعا، فهذه المناسبة خاصة بأهل اليمن فقط يحتفل بها في مناطق واسعة من البلاد.

أول جمعة لليمنيين
ويرى الباحث اليمني هاشم علوي أن جمعة رجب هي أول جمعة صلاها اليمنيون بعد دخولهم الإسلام عندما أرسل رسول الله محمد- صلى الله عليه وآله وسلم أخاه ووصيه أبو الحسنين عليهما السلام أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب- عليه السلام، إلى اليمن لدعوة اليمنيين إلى الإسلام.
وخص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اليمنيين بالإمام علي عليه السلام وكرمهم بهذه الشخصية العظيمة التي عرفوا قربها وعلاقتها برسول الله وادركوا أن اختياره لهذه المهمة تمثل تقديرا لليمنيين الذين لبوا الدعوة بمجرد رسالة من نبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فدخلوا الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وكانت جمعة رجب أول جمعة أدى فيها اليمنيون صلاة الجمعة واعتبرت تاريخا لعيد مجيد يتكرر كل عام منذ ألف وأربعمائة عام.
ونوه الباحث علوي بتجاوب اليمنيين مع الدعوة الإسلامية سلما وبدون حرب وطوعا بدون نفاق غرس في وجدان الرسول محمد – صلى الله عليه وآله وسلم، حب اليمنيين وقال عنهم «أتاكم أهل اليمن ارق قلوبا وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية»، وذلك عندما وصلته أخبار دخول أهل اليمن الإسلام أفواجا.
هنا أبتهج الرسول بهذا الفتح المبين وأكرمهم بوسام الإيمان والحكمة وهم المعروف عنهم القوة والبأس الشديد الذي ذكره القرآن ووثقه التاريخ وعمده الرسول وشهد عليه الإمام علي عليه السلام وهو القائل في بيت من إحدى قصائده (ولو كنت بوابا على باب جنة…. لقلت لهمدان ادخلوا بسلام).

اليمنيون أول من ضحى في الإسلام
من جهته يقول عضو رابطة علماء اليمن الدكتور خالد القروطي أن أول من ضحى بنفسه واستشهد بإذلال روحه لله هم أهل اليمن إذ كان ياسر بن عامر العنسي والد عمار بن ياسر وزوجته سمية بنت خياط- رضي الله عنهم ، هم كانوا من أوائل من آمن بالله واستجاب لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ولاقوا في سبيل ذلك أشد أنواع التنكيل والتعذيب حتى استشهدوا وهم من أهل اليمن.
ويضيف القروطي أن كثيراً من الأحاديث الصحيحة وردت في ذكر أهل اليمن والرفع من شأنهم ومدحهم وذلك عندما أتى وفدا من اليمن إلى رسول الله منها قول رسول الله أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا والين أفئدة صدق رسول الله، فلإسلامكم دفعة واحدة، وبرسالة محمدية، ودعوة علوية دونما قتال ولا دماء كافأكم الله ورسوله بما تستحقونه، وما يجب أن تحافظوا عليه وتفاخروا به ولا تنسوه هو إعلان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الإيمان يمان والحكمة يمانية».

قد يعجبك ايضا