قبل أيام نشر أحد الزملاء الإعلاميين الرياضيين صورة للنجم اليمني الذهبي في كرة الطاولة أحمد زايد وهو يعرض الكؤوس والميداليات والجوائز التي حصل عليها خلال مسيرته الرياضية، إضافة إلى صوره في تلك المشاركات والبطولات المحلية والعربية والقارية وكنت قبل سنوات ألتقيته في أحد شوارع العاصمة صنعاء وهو يبيع صوره للحصول على قوت يومه، وكتبت حينها عن ذلك وطالبت الجهات المختصة إنصاف هذا النجم الذهبي الذي حقق لليمن إنجازات وكان صاحب أول ميدالية ذهبية في بطولة الألعاب العربية.
وسنكرر هنا نفس تلك التساؤلات التي طرحناها سابقاً عن هذا النجم وما ينطبق عليه فإنه ينطبق على غيره من النجوم فهل تساءلنا يوما ما حتى في أنفسنا أين ذهب أحمد زايد نجم نجوم كرة الطاولة اليمنية والعربية؟ وكيف يعيش الآن؟ وما الذي قدمته وزارة الشباب والرياضة لهذا النجم الكبير؟ وأين اتحاد كرة الطاولة منه؟ وهل استفاد من خبرته وتجربته في نشر اللعبة وتوسيع قاعدة ممارستها؟ وهل استفدنا من نجوم الرياضة اليمنية وتجاربهم وخبراتهم في التطوير لرياضتنا أم أننا سنظل نتركهم في قارعة الطريق؟
أعتقد أننا جميعا لم نكلف أنفسنا عناء البحث عن هذا النجم الذهبي أحمد زايد الذي حقق لبلده ميدالية ذهبية في البطولة العربية للألعاب الرياضية، التي أقيمت في المغرب، وتغلب على كل نجوم اللعبة العرب، ولم يستطع أي منهم مجاراته ووصل إلى أدوار متقدمة في بطولة آسيا لكرة الطاولة، ونحن نعرف مكانة آسيا المتقدمة في هذه اللعبة على المستوى العالمي كما أنه شكل مع زملائه في المنتخب الوطني فريقا مرعبا لكل الخصوم الذين كانوا يحسبون لهم ألف حساب ويعتبرونهم الجيل الذهبي للطاولة اليمنية التي خفت بريقها كثيرا بعد ذلك الجيل من العمالقة الذين توارى معظمهم عن الأنظار وذهبوا دون أن يتم الاستفادة منهم ومن خبرتهم وتجربتهم في صناعة نجوم جدد في هذه اللعبة وقد تركناهم نحن عن سبق إصرار وترصد ورمينا بهم في قارعة الطريق.
وأنا هنا سأحكي موقفاً حدث للنجم الذهبي أحمد زايد يدل على أننا لا نهتم بالمبدعين إلا بقدر ما سنحصل عليه من فوائد مادية ومعنوية وتلميع فقط، فعندما أقيم حفل تكريم له عقب عودته من المغرب وتتويجه بذهبية دورة الألعاب العربية وعقب الحفل الذي أسهب فيه الخطباء وخاصة من المسئولين الذين اعدوا خطابات رنانة وكأنهم هم الذين تعبوا وكدوا ولعبوا وأحرزوا الذهب وليس ذلك النجم الذي عانى وتعب واجتهد حتى فاز باللقب، وعموما فقد أنفض الحفل وخرج أولئك الخطباء كل منهم إلى سيارته الفخمة مع مرافقيه وعادوا إلى منازلهم في انتظار وسائل الإعلام التي ستبرز صورهم وتنقل خطاباتهم التي تحدثوا فيها عن إنجازاتهم الكبيرة في الوزارة والاتحادات بينما خرج أحمد زايد ليبدأ رحلة البحث عن سيارة تنقله مع شهادته وميداليته وكأس البطولة إلى منزله فلم يجد سوى سيارة هيلوكس تطوع صاحبها لينقله في الصندوق مع جوائزه التي لم تشفع له ليمتلك على الأقل سيارة صغيرة يعود بها إلى بيته المتواضع ليفتخر أمام أسرته بأنه بطل العرب ونجم اليمن بلا منازع، لكنه عاد منكسرا من هؤلاء المسئولين الذين لا يهمهم سوى أنفسهم فقط.
بالتأكيد أن هذه الحكاية للنجم أحمد تتكرر دوما مع الكثير من نجوم الرياضة اليمنية وفي مختلف الألعاب الذين تتحول إنجازاتهم إلى مجرد شهادات تحترق أو صورة تذكارية مع المسئولين، وفي أحسن الأحوال مكافأة صغيرة من صندوق رعاية النشء والشباب يظل يلهث وراءها أشهراً وربما سنوات حتى تصرف له وقد خسر أكثر من نصفها في مواصلات واتصالات ولزوم تسهيلات للبعض، ولو بحثنا وأتعبنا أنفسنا قليلا عن هذا الأمر لوجدنا الكثير من القصص والمآسي لأشخاص كانوا في يوم من الأيام نجوما يشار لهم بالبنان وحققوا لبلدهم الكثير والكثير مما لم يقم به أي من أولئك الذين جثموا على صدور الرياضيين والشباب وتحكموا في مقاليد أمورهم واستفادوا من كل شيء بينما الكثير من نجوم الرياضة يكابدون مرارات العيش والحياة والبعض منهم لا يجد حتى قوت يومه والبعض اضطر للعمل في بيع القات أو بيع المكسرات والماء في الملاعب وأفضلهم لديه وسيلة مواصلات كدراجة نارية أو باص صغير، أما الكارثة فهي هروب البعض من نجوم الرياضة وبيع أنفسهم لتمثيل بلدان أخرى لأنهم لم يجدوا إنصافا في بلدهم.. وسنأتي إلى أم الكوارث وهي انضمام بعض الرياضيين إلى تنظيمات إرهابية ليصبحوا مبدعين في القتل والتدمير والإرهاب بعد أن كانوا يوما ما نجوما في ملاعب وميادين الرياضة وهناك الكثير والكثير من الأمثلة على بؤس حال الرياضيين والشباب لا يتسع المقام هنا للحديث عنها، ومازال النجم الذهبي أحمد زايد ينتظر الإنصاف.. فهل سيتحقق له ذلك ولكل الرياضيين الأبطال والمبدعين أم لا؟.