اسرائيل تقصف في اليمن في تحذير استباقي .. الجوهرة الخليجية والتاج الاسرائيلي
بقلم: نارام سرجون
ما في قلبي من وجع على أهل اليمن لاتستطيع ان تنقله اليكم قدرتي على الكلام .. فربما أقدر ان أصنع من لغتي وردا وأكاليل وسلالا .. ولكنني لن أقدر على ان أنقل مشاعري فيها .. فقدرة اللغة على ان تنقل المشاعر مثل قدرة السلال على نقل الماء .. ومثل قدرة السلال على نقل حبات الضوء وحزم البرق .. فقلبي يفيض بالماء العذب ويفيض بالضوء والنور .. ولكن من ذا الذي يمكنه ان يقطف الضوء وينسج منه دمعة يأخذها في سلال البيان ويهديه لمن يحب ولمن سرق الظلام نور عينيه وبوارق أمله؟؟
مارأيته في مجازر اليمن يؤكد ماذهبت اليه من أن القاتل واحد .. والعدو واحد .. والضحية هي نفسها .. في اليمن والعراق وسورية واليمن وفلسطين ولبنان .. انني لاأخمن هنا .. ولاأستنجد بحدسي لينقذني .. بل بخبرتي وتجربتي ومعرفتي بعدوي .. فبصمات القاتل هي ذاتها .. ورائحته هي نفسها .. وآثاره هي نفسها .. وطريقة تنفيذ الجريمة وأداة الجريمة هي نفسها .. ولايزال عليها دم كل المشرقيين .. دم السوريين والعراقيين والليبيين والفلسطينيين ووو ..
فالغارات التي تدك اليمن هي غارات اسرائيلية بغطاء سعودي .. وطريقة العقاب الجماعي للمدنيين واضعاف الروح المعنوية للامم بقتل أضعف مافيها وهم المدنيون هي أحد اهم اعمدة الحروب الامريكية الغربية .. حيث ان المدنيين هم أضعف خاصرة في الحروب الاميريكية والغربية بدءا من هيروشيما وناكازاكي الى دريسدن الالمانية ومجزرة ماي لاي الشهيرة في فييتنام الى فلسفة الصدمة والروع في اجتياح بغداد .. هي ذاتها الطريقة التي تعتمدها اسرائيل واميريكا في كل عملياتهما الحربية .. المدرسة هي ذاتها ..اي اقتل الاغنام كي يستسلم الراعي او اقتل الراعي كي تأخذ الاغنام .. فمجزرة ملجأ العامرية في العراق تشبه مجزرة صعدة والحديدة .. ومجزرة قانا في لبنان تشبه ملجأ العامرية العراقية .. والتوحش الذي شهدته المدن السورية كلها وقصف مدينة حلب يوميا وقصف الرقة وابادة سكانها يشبه ماجرى في بنغازي وطرابلس الليبية .. وماجري من قصف وابادة للمدنيين العرب في بنغازي وطرابلس يشبه ماجرى في حرب 2006 في ضاحية بيروت الجنوبية .. وماجرى من قتل المدن السورية والعراقية وابادة المدنيين على يد داعش والنصرة يشبه هيروشيما ويشبه فييتنام ومجزرة ماي لاي .. وهو يشبه العامرية ويشبه قانا ويشبه طرابلس وبنغازي واليمن .. انها الدائرة نفسها..
حيث نقطة البداية هي نقطة النهاية .. المجرم واحد وهو العقل الامريكي والتوحش الغربي الاسرائيلي .. واداة الجريمة واحدة .. فهي السلاح الامريكي والقنابل الامريكية والعقل الاميريكي المجنون .. أما من ينفذ فلا يهم .. سواء كان الامريكيون او الاسرائيليون بشكل مباشر او السعوديون او الاتراك تنفيذا لضوء اخضر امريكي اسرائيلي .. انها ذات المدرسة وذات المجرم وكل تلامذته المجرمين في تلك المدرسة التي فرخت القاعدة وداعش وهما تنفذان حرفيا العقيدة الامريكية في الحرب وهي القاء الرعب في قلوب المدنيين لكسب الحرب ..
فما حدث في ليبيا من مجازر بحق الليبيين لم يغب عنه الثلاثي الامريكي والاسرائيلي والسعودي الخليجي .. فاسرائيل مثّلها الصهيوني اليهودي برنار هنري ليفي بحضوره شخصيا .. ولم تغب عنه السعودية في المنظمات الارهابية والقاعدة التي شربت من أثداء السعودية ثم شربت من دماء الليبيين .. ولكن العقل المدبر والسلاح كان اميريكيا .. وماحدث في العراق لم يغب عنه الثلاثي نفسه .. فلم تغب عنه اسرائيل لأن مخططي ومنفذي حرب العراق هم المحافظون الجدد الصهاينة والاسرائيليون في اميريكا .. وكانت السعودية والخلايجة كلاب الصيد في تلك العملية .. وكانت اسرائيل والسعودية تشرفان على عمليات الاستخبارات وقتل الأدمغة العراقية لمحو كل آثار النهضة العراقية العلمية .. وفي سورية كان الثلاثي نفسه اميريكا واسرائيل والسعودية .. وكانت تركيا هي المنصة الرئيسية التي وقف عليها الثنائي الاميريكي والاسرائيلي وكلبهم الخليجي فيما كانت السعودية هي التي تدير قلب الهجوم في الداخل السوري .. وفي فلسطين تعمل اميريكا واسرائيل والسعودية نفسها ضد الفلسطينيين .. فتقتل اسرائيل الفلسطينيين فيما تتولى السعودية عملية اشغال العرب والهائهم في حروب داخلية لكيلا ينتبهوا لما يدور في فلسطين .. اي ان هناك توزيع أدوار يقوم به الامريكي بين اسرائيل والسعودية ..
اليوم من الواضح ان عملية الانتقام من اليمن ليست بسبب قصف دبي .. ولا تهديد برج خليفة .. وهو أسخف مبنى في العالم .. ولكنه رسالة اسرائيلية لليمن من ان اليمنيين سيدفعون ثمنا باهظا اذا ماتوجهت الطائرات المسيرة اليمنية نحو الشمال حيث ايلات وحيفا وتل ابيب .. لأن قصف الامارات يدل على ان اسرائيل صارت في المدى المجدي لليمن .. ولذلك قررت اسرائيل توجيه عقاب جماعي على طريقتها لليمنيين .. في انذار انها ستهدم مدنا يمنية اذا تجرأ اليمنيون عليها ..
وهي رسالة رعب اسرائيلية من أنها تريد ان تردع هذا الكابوس باي طريقة .. فأوعزت للسعوديين باعلان الانتقام .. وكانت اسرائيل طرفا مباشرا في هذا الانتقام الى جانب السعودية ..
في فلسفة المجازر لايقول القاتل انه يريد ان يظهر قوته دوما .. بل ان المجزرة تقول ان ان القاتل مصاب بالرعب وخاصة بعد ان تنهكه الحرب دون ان يحصل على مايريد .. وقصف دبي ألقى الرعب في ايلات وتل ابيب .. فالعلاقة ليست مجرد علاقة بالمسافة حيث ان دبي تبعد عن صنعاء مثلما تبعد ايلات عن صنعاء .. بل لأن دبي هي درة التاج الاستعماري الغربي الحديث بعدما خسر الهند .. انها الجوهرة المصقولة .. واسرائيل هي التاج البديل على رأس الاستعمار الغربي الأبيض .. فاسرائيل هي آخر شكل من أشكال الاستعمار القديم حيث يتم احلال شعب مكان شعب بالقوة على طريقة الهنود الحمر .. فيما دبي وكل مستعمرات الخليج هي المجوهرات على ذلك التاج وظهر ذلك جليا في كشف التطبيع السري واظهار العلاقة القديمة بين المستعمرات والتاج على رأس الاميريكي والغربي .. والمجوهرات تتحرك كلما تحرك التاج .. وتمشي معه وتنظر في نفس الاتجاه الذي ينظر اليه .. لأنها محمولة عليه وتزينه ..
انا أرى في المجازر رغم فظاعتها .. مظاهر رعب اسرائيلي وقلق امريكي .. فأوعز الامريكي لجميع الثرثارين في العالم كله باسم حقوق الانسان بادانة اليمنيين والصمت عن عذاباتهم .. وضرب اليمنيين ومعاقبتهم بأقسى مايمكن .. ولكن التاج على رأس الاستعمار الغربي اهتز لأن الجوهرة أصيبت بالصواريخ والطائرات اليمنية .. فعاد الى فلسفة المجازر نفسها .. اقتل الاغنام كي يستسلم الراعي .. مع أن الاحداث تقول ان الراعي يقترب من ضرب التاج .. فلا مناص من ضرب التاج ..
هذه المجازر هي وقود لليمنيين ورسالة يجب ان يقرؤوها على انهم كانوا على صواب ومن أنهم كانوا على حق في الدفاع عن أرضهم التي يطمع فيها الغرب لالحاقها بالتاج الاسرائيلي .. وانهم يثيرون رعب العالم الغربي ورعب الاسرائيليين .. وهذا بحد ذاته يجب ان يكون مصدر فخر لهم .. وهم أضعف امم الارض مالا وثروة .. وربما تكون هذه المجازر دعوة لهم كي يصوبوا اتجاه الطائرات والصواريخ شمالا .. نحو التاج نفسه ..
في فييتنام قهر القاتل رغم مجازره .. والتاج القديم الهندي سقط عن رأس الامبراطورية الغربية بيد من هو أضعف انسان هو المهاتما غاندي .. وفي سورية قهر القاتل رغم انه فعل كل مايخطر على عقل المجرمين .. والتاج الباقي الاخير على رأس الاستعمار الغربي هو اسرائيل الذي يهتز بضربات أضعف وافقر الشعوب .. وسيسقط عن رأس الغرب مع كل مجوهراته التي ترصعه ..
اليوم ضربت المجوهرات .. وغدا سيضرب التاج .. وياليتنا جميعا نضرب هذا التاج ضربة رجل واحد .. فيسقط عن رأس هذا الاستعمار اللعين القاتل ..
اليمنيون لايعرفهم احد مثلما تعرفهم جبالهم .. والانسان يأخذ طبعه من أرضه التي يشبهها كما يقول هيغل .. ويصبح هو جزءا من تضاريسها وصخورا من صخورها ومعادنها .. واليمنيون مثل تلك الجبال الصلبة القاسية العنيدة التي يعيشون فيها .. ومثل تلك الصخور التي تتنزه فوق قمم الجبال .. وهم المعادن الثمينة والصلبة في تلك الجبال .. فهل تنتصر التيجان الفخمة بمجوهراتها المصقولة على الجبال الراسخات الراسيات؟؟ هيهاااااااات ..