جبالها أحجار نفيسة ومعادن ثمينة.. وأرضها تزرع أنواع "المشاقر" والعطريات:
(بني قيس- حجة) الغطاء النباتي الساحر والثروات الواعدة تنشد الاستثمار
الثورة / يحيى محمد
كشفت دراسة زراعية حديثة تميز مديرية بني قيس في محافظة حجة بغطاء نباتي كثيف من أعشاب وشجيرات وأشجار، ويتوزع في الجبال المحيطة بالمديرية من جميع الجهات، وتعد سلسلة الجبال الغربية هي الأكبر، وتمتاز بخصوبة وكثافة في الغطاء النباتي.
وينتشر الغطاء النباتي في الجبال عموما، وفي القيعان وعلى ضفاف الأودية، فالجبال تغطيها أشجار السمر، والضبة والبشام، والعجاء، والمظ، وغيرها من الأشجار الحراجية، أما في القيعان والأراضي الزراعية فتنتشر فيها شجرة السدر، والصبر، وعلى ضفاف الأودية تنبت أشجار الأراك، إلا أنها تتعرض للقطع والاحتطاب الجائر.
يتعرض الغطاء النباتي لعدد من المشاكل التي تؤثر سلبا في انتشاره وكثافته، وتعد مشكلة التحطيب الجائر هي الأكثر أثرا فهي تحد من انتشار الغطاء، وتقلل من كثافته.
وتتعاظم المشكلة عندما تكون عملية التحطيب هي مصدر الدخل الوحيد للأسر الفقيرة، والأشد فقرا (المعدمين) ما يؤدي إلى صعوبة إيقاف الظاهرة بعيدا عن إيجاد بدائل لمثل هذه الأسر، وفي نفس الوقت، فإن استمرار الحال كما هو عليه سيؤثر سلبا على الغطاء النباتي، وما يزيد الطين بلة انتشار شجرة السلام الأمريكي عديمة الفائدة، بشكل واسع وسريع وتستنزف كميات كبيرة من المياه، وهي أسرع انتشارا في غزوها على الأراضي الزراعية، وتتسبب في القضاء على الغطاء النباتي والمراعي في المنطقة، لأن أي من الأشجار أو الحشائش لا يمكنه النمو بالقرب منها البتة.
إلى ذلك، يجري توعية المجتمع بأوقات وطرق التحطيب المناسب عدى شجرة السلام الأمريكي، فيتم التوعية بضرورة القضاء عليها ومكافحة وجودها، بالإضافة إلى التحشيد لإطلاق مبادرات زراعة الأشجار الاقتصادية الحراجية من قبل فرسان التنمية واللجنة الزراعية والسلطة المحلية، كما يجري العمل على حشد الدعم لمثل هذه الأسر بالتدريب والتأهيل المهني، ومنح القروض البيضاء للمشاريع الصغيرة والأصغر، والعمل على إيجاد السوق والتسويق المناسب لمنتجات هذه الأسر.. إجراءات وحلول ستعزز من فرص حماية وزيادة كثافة الغطاء النباتي بما ينعكس إيجابا على زيادة نسبة مراعي نحل العسل، والمواشي.
النباتات الطبية والعطرية:
وتشتهر مديرية بني قيس بوجود العديد من النباتات الطبية والعطرية التي كانت ولازالت تستخدم كعلاج للجروح والتحسسات الجلدية، وفي علاج المعدة، وأمراض الكلى واخراج الحصوات، وعلاج الملاريا، ونزيف الدم.
وتستخدم نباتات الصياب، والصبار، والعدن، والعنصيف (السكب) والقطباء الشوكية، وغير الشوكية، والحناء، والزهر الأحمر والأصفر، والكاذي، والريحان، وأنواع كثيرة من المشاقر كثير عند النساء للزينة، وتباع في الأسواق المحلية للمديرية، وبصورة يومية.
ومع ذلك، فالنباتات لا تحظى باهتمام يليق بما تدره على المزارعين من عوائد مالية كبيرة، فالمزارع يتدخل في زراعة النباتات الطبية لكنه لا يهتم بها كمصدر لدخل جيد، وهو إهمال قد يؤدي إلى تناقص هذه الأنواع من النباتات، نوصي بتوعية المزارعين بزراعة هذه النباتات والاهتمام بها لأنها تمثل رافدا لتحقيق الاكتفاء الدوائي، وفي صناعة مبيدات المحاصيل ومستحضرات التجميل.
كما تشتهر المديرية بزراعة أنواع من المشاقر، خاصة في عزلة البوني حيث يزرعها البعض بينية مع البيعة (القشم)، ومنهم من يزرعها بصورة فردية، إلا أن المزارعين يعانون من أزمة المشتقات النفطية بالإضافة إلى ما يصيب المشاقر من أمراض، وهي المعاناة الأشد فتكا ناهيك عن ضعف التسويق خاصة في أيام الصيف للتزامن مع موسم الفل.. استمرار تفشي الأمراض، وضعف التسويق قد يؤدي إلى عزوف الكثير عن زراعة المشاقر في المنطقة، لذا ننصح بتوفير مبيد مناسب للتخفيف من معاناة المزارعين، كما ننصح المزارعين بالانخراط في عضوية الجمعية لضمان توفير أسواق مناسبة.
المعادن والصخور
تتميز منطقة الدراسة بوجود ثروة صخرية جيولوجية هائلة يمكن استغلالها في زيادة مستوى الدخل الاقتصادي لأفراد المجتمع خاصة الأسر الفقيرة والمعدمة كفرص عمل في توفير أحجار البناء، وصناعة بلاط السراميك الفاخر، كما تتميز المنطقة بوجود أحجار العقيق التي تحظى بشعبية وطلب عال من السوق المحلية والدولية، كما تحتوي جبال المنطقة على ثروة قومية عالية من المعادن كالذهب، ويمكن توصيف الفرص في الآتي:
أحجار البناء
كما تتميز بوجود الصخور العملاقة التي تستخدم كمقاطع للأحجار الداخلة في البناء، وتنتشر هذه الثروة القومية في معظم قرى ومحلات المنطقة، وتعتبر من أفخر أنواع الحجر المستخدم في بناء المنازل، ويصل سعر الحجر الواحدة مقاس البناء إلى 250 ريالاً، وتعتبر أسعاراً منخفضة نسبيا بسبب غياب التسويق المناسب لها.
ويعود سبب عدم استغلال أهل المنطقة لهذا المورد إلى قلة الوعي بأهمية هذه الأحجار، وإلى عدم وجود التشجيع والتحفيز المناسب.. أضف إلى ذلك انتشار ظاهرة بيع الأحجار الخام من مستثمرين من خارج المديرية الذين بدورهم يحرصون على بقاء الحال كما هو عليه من أجل أن يظل أصحاب الأحجار مجرد عمال لدى أولئك المستمرين.
معدن الذهب
وتنتشر في بني قيس جبال غنية بمعدن الذهب الذي يعتبر أهم وأغلى المعادن الموجودة في العالم، حيث يتم التنقيب عليها في الوقت الحالي في إحدى قرى عزلة ربع هفج بني سود في جبل الضأن، ولكنهم لا يجدون الذهب إلا بصعوبة بسبب رداءة الأدوات، وعدم وجود الخبرات لديهم وتمر عملية التنقيب بمجموعة من المراحل تبدأ بالحفر، وكسر الحجارة بواسطة المفارس والمسامير الكبيرة والمطارق بتكسير الحجارة حتى الوصول إلى الطبقة المناسبة.
وتستغرق عملية استخراج 20كيلو من هذه الحجارة ما يقارب اليومين، ثم يتم طحنها بطريقة تقليدية صعبة عن طريق الدق والطحن بأوانٍ حديدية وتستغرق هذه العملية من الطحن أيضا كمية 20كيلو ما يقارب اليومين.
وبعد ذلك يتم خلطها بمادة الزئبق التي يبلغ قيمة واحد سيسي 12ألف ريال وتستخدم 4 مرات حيث يستخرجون من الـ 20 كيلو من الأحجار الخام المطحون ما بين 1 – 5 جرامات، وحسب إفادة أحد أفراد المجتمع، فإن كمية الذهب المستخرج يزيد عن تلك بكثير إلا أن خوفهم من هيئة الجيولوجيا يجعلهم يخفون بعض المعلومات عن السائلين، ويباع الجرام الواحد من الذهب بسعر 30ألف ريال، إلا أن العملية تلاقي ملاحقة من الجهات الرسمية بحكم أن الثروة عامة والواجب أن يتم استثمارها عن طريقها مع مراعاة أن يحظى المواطنون بفرص عمل مجزية.
المصدر:
دراسة عن مديرية بني- محافظة حجة، نفذها الباحثون ()، وصدرت عن أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل برعاية واسناد اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية وشركاء التنمية في وزارتي الزراعة والري، والإدارة المحلية.