الثائر الحرازي: قناص جمعة الكرامة آخر شيء شاهدته في حياتي


معاذ القرشي –
لطالما تغنى العرب بالعيون وبسحرها وبجمالها وبقدرتها على إشعال ثورات الحب في القلوب لكن مع بلاغتهم وفصاحتهم.
لم يقولوا أن العيون يمكن أن تشعل الثورات في حياة الشعوب لكن عيون ثوار اليمن التي فقدت نورها من أجل الحرية والكرامة ذلك النور الذي اعتقد الطغاة أن سلبه مقدمة لسلب الثورة وإخمادها في مهدها لكن ذلك الاعتقاد سرعان ما تلاشى أمام صمود الثوار والثائرات في كل ساحات الوطن ومثلما استطاع شاعر البردوني أن يقهر مرض الجرب الذي أفقده عينية بموهبة شعرية فذة استطاع من فقدوا عيونهم وغيرهم من الشهداء والجرحى التخلص من مرض الاستبداد والاستئثار بالسلطة.
عيون من أجل الثورة ملحمة بذل وعطاء من أجل الحرية تنقل تفاصيلها الثورة الصحيفة وبلسان واحد من صناعها الثائر سليم الحرازي من ثوار ساحة التغيير بصنعاء بمناسبة 11 فبراير اليوم العظيم في التاريخ اليمني الحديث والى الحصيلة التالية:

أوضح سليم الحرازي – أبرز ضحايا جمعة الكرامة قائلاٍ: أن أهم الدوافع التي جعلتني أقتنع في المشاركة في فعاليات ومسيرات الثورة السلمية هي الأوضاع التي نعيشها سواء على الصعيد الشخصي أو وضع الآخرين من الناس تلك الأوضاع من الفقر والظلم والحرمان هي من جعلتني أفضل الالتحاق بركب المطالبين بتغيير الواقع الذي نعيشه وفي مختلف المجالات.
وأضاف الحرازي: في المدرسة سمعت أخبار اندلاع ثورة سلمية ضد النظام كان ذلك قبل يومين من جمعة الكرامة واتفقنا أنا ومجموعة من الطلاب أن نذهب إلى ساحة التغيير بصنعاء يوم السبت وبعد أن عدت إلى البيت أخبرت أسرتي أن هناك ثورة ضد النظام الحاكم وأن كثيراٍ من الناس يشاركون فيها في كل الساحات لكن هذا الخبر لم يرق لوالدي الذي رفض من الأساس فكرة ذهابي إلى هناك خوفا من أن أتعرض لأي مكروه لكنني كنت مقتنعاٍ أن الثورة هي الضامن الوحيد لحقوقي المسلوبة وحقوق جميع اليمنيين وخاصة من يعانون من الظلم والفقر.
وأردف: كما قلت سابقاٍ أن الاتفاق بيني وزملائي كان أن نذهب إلى الساحة في يوم السبت لكن كنت أشعر بشيء ما يناديني للذهاب عدم مشاركتي كانت تعتبر بالنسبة لي هروب من واجب ومع إصراري على الذهاب منعني أبي من الخروج من البيت كان ذلك في يوم الخميس ومع استمرار والدي بموقفه حاولت أن أقنعه عبر والدتي أني قد نسيت أمر الساحة والثورة في الوقت نفسه اتصل بوالدي شخص يطلبه في عمل فهو يعمل في الحجر والطين (بناء انتهزت فرصة خروجه وبعد أن وثقت أمي أنني لن أذهب إلى الساحة طلبت مني أن أخرج لشراء صبوح كانت 250 ريالاٍ هي من أوصلتني إلى الساحة).
الساحة متنفس للحرية
وأشار الثائر سليم: عندما وصلت إلى الساحة أسابق حتى الريح كنت أتنفس نسائم الحرية وأشعر باعتزاز وإعجاب للمكان الذي فضلته على البيت وفي ذلك اليوم شاركت بكل الفعاليات التي أقيمت في الساحة.
ورحت أنظر بفخر للافتات التي نصبت في الساحة وأستمع وأهتف كما يهتف الثوار وشاهدت فعاليات أخرى في الخيام المهم كانت الساحة هي النعيم الذي اعتقدت أني سأجد فيها كل ما حرمت منه بسبب الفقر كنت اعتبر الساحة جنة بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
نمت تلك الليلة بالساحة والحقيقة أنني من كثرة الحماسة والشوق لشمس التغيير التي ستشرق لم أنم إلا بعد صلاة الفجر في هذا الوقت لم أفكر في وضع أسرتي كانت الثورة هي بيتي الوحيد والساحة هي الطريق التي توصل إليه.
وقال: في يوم الجمعة نهضت من الخيمة التي نمت فيها ورحت أتجهز مع باقي الثوار في الساحة للمشاركة في جمعة الكرامة وبعد الانتهاء من صلاة جمعة بدأت السنة اللهب تتصاعد في الجدار الذي سبق بنائه وبعد تصاعدها كنت أشاهد شباب يسقطون لكنني لم أتوقع أن يصل النظام الحاكم إلى هذه الدرجة من الوحشية لم أتوقع أن يقوم بذلك نظام يمني.
واستطرد سليم بالقول: بعد أن بدأ الدخان يخف استمر الشباب يسقطون فشاهدت قناصاٍ في شباك البيت فقمت بإرشاد الشباب إلى المكان الذي يستتر فيه بعدها لم أشعر بشيء ولم أفق إلا يوم السبت الساعة العاشرة صباحا في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا التي كانت مزدحمة حسب ما سمعته حينها بالشهداء والجرحى من شباب الثورة أخبرني حينها الأطباء أنني أصبت بطلقة دخلت في العين اليسرى ومرت من أسفل عرم العين اليمنى وخرجت من العين اليمنى مضيفاٍ: أن الأطباء حينها أكدوا أنني سأبصر بعد أن يزال الشاش من عيوني وبعد أسبوعين من جمعة الكرامة بعد أن أزال الأطباء الشاش كانت صورة القناص آخر ما شاهدته في حياتي قبل أن يسرق النظام الحاكم نور عيني.
والحمد لله تقبلت الأمر لكثير من الدوافع أهما أن عيوني سقطت من أجل أن يبصر شعبي طريق الحرية وأن تنتصر المبادئ التي من أجلها سقط الشهداء كنت اعتبر مصيبتي أهون مقارنة بتضحيات الشهداء لدرجة أن بعض الأسر فقدت أكثر من واحد من أبنائها في سبيل انتصار الثورة السلمية وتلك القناعة هي من تجعلني الآن أواجه الوضع الجديد الذي أعيشة محروماٍ من نعمة البصر فقد حفظت حتى الآن أكثر من ستة عشر جزءاٍ من القرآن الكريم والحمد لله.
وأكد الثائر سليم الحرازي: سافرت للعلاج مرتين مرة على نفقة والدي بعد أن باع أرضاٍ نملكها في البلاد لكن العلاج في الأردن لم يعد بصري فعدت وسافرت مرة أخرى على حساب الصليب الأحمر الفرنسي إلى الأردن على أساس أن يتم إجراء عملية تجميلية ووضع عيون صناعية لكن العملية لم تنجح رغم التكاليف الباهظة التي دفعها الصليب الأحمر الفرنسي وعرفت مؤخراٍ أن مثل هذه العمليات يمكن اجراؤها في ألمانيا لهذا أطلب من الحكومة تحقيق هذه الأمنية كنوع من التقدير لما قدمت من تضحية في سبيل الثورة السلمية.
مضيفا: أن ما يؤلمني حقاٍ ليس الإعاقة التي تعرضت لها ولكن عدم وفاء البعض لما قدمته من تضحيات من يزورني بشكل دائم هم الصحفيون لعمل مادة صحفية ثم يذهبون لكن حتى الآن لم تصل معاناتي إلى أذن الحكومة أريد أن أبعث برسالة لها بضرورة الوفاء للضحايا من الشهداء والجرحى تفقدوا أحوالهم بقدر الإمكان كما أدعو أسر الضحايا إلى الوقوف صفاٍ واحداٍ من أجل أخذ حقوقهم وفي مقدمتها تقديم من أجرم بحقهم إلى المحاكمة.
وعلى درب الثورة الشبابية السلمية لا زلت متفائلاٍ أن اليمنيين سيعيشون واقعاٍ جميلاٍ إذا قدم كل واحد منهم عمله بإخلاص وابتعدوا عن الانتهازية والأنانية وقدموا مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية كما أشكر صحيفة “الثورة” التي سالت عن أحوالي في ظل جفاء الكثير من وسائل الإعلام مناسبات الثورة السلمية هي محطات لاستخلاص الدروس من هذه الثورة كما ادعوا كافة وسائل الإعلام إلى الاهتمام بقضايا الضحايا وقضايا المواطنين عموماٍ.

قد يعجبك ايضا