دموع تغسل البحر

في البحر يصيرون كذلك يعبرون هذه المحطة من الطين والموج لعشرات المرات يعودون مرة أخرى بعد يومين وأكثر هذا التحرش الكامل بالأمل يبدو مرهقا الآنعلى مجمع من عيون الغرباء يبدو ذلك الشعور بالموت أكثر دفئا من ذلك الشعور بالبؤس داخل جدران العشة على بعد عدة أميال في خاصرة الوطن هذه هي اللحظة التي سقطت من على نافذة الصورة في « كابتن فيليبس» لماذا لم تكن واضحة ..¿ لماذا لم يلتقطها أحد ..¿
رجل يقود سيارة الأجرة في شارع مرتجف بقلب ولاية مينيسوتا الأمريكية ذاكرته مليئة بالثقوب الني يتسرب منها النسيان ما فعلته الصومال به كان قاسيا ما فعلته اليمن به وبعائلته في شارع ما كان محبطا والآن …ماذا الآن ¿ حسنا هي أميركا …بينما أفكاره تستمر في الصراخ يقترب من نافذة السيارة رجل بارد الملامح « هل أنت برخاد عبدي ¿ « يقول الرجل.
يتذكر برخاد ذلك اليوم جيدا وناهيك عن أنه يقف الآن فوق السجادة الحمراء وبجانبه أسطورة «فورست جامب» الشهيرة فهو يشعر بقشعريرة باردة تلسع جسده كلما تذكر اسم هذا الرجل لقد كان المخرج الكبير بول جرينجراس .
في نفس ذلك اليوم كان « توم هانكس « يبحث عن دهشة جديدة في مدينة فيرمونت يستمع لقبطان معجون بروايات البحر يكاد يجزم أنه أمام تركيبة مشابهة لحكاية « أبولو 13 « الفيلم القديم يظهر من جديد على الأقل قد يكون قادرا الآن على العودة إلى منصة « سحابة أطلس « متجاوزا خيبات أمل ليست بالقليلة بالتأكيد فإن « حرب شارلي ويلسون « مع جوليا روبرتس وكذلك دوره في « شفرة دافنشي « و « ملائكة وشياطين « مقارنة مع الدراما الحقيقية هي مجرد ترهات كادت أن ترافقه إلى أبواب الانتحار السينمائي .
القصة مقتبسة عن كتاب «واجب كابتن: قراصنة صوماليون وقوات العمليات الخاصة للبحرية الأميركية وأيام خطرة في عرض البحر» للمؤلفين ريتشارد فيليبس وستيفان تالتي والتي يقول عنها هانكس « الجيد في القصة هو أنها تخلو من الرومانسية التقليدية التي تتسم بها سيناريوهات هوليوود والتي تقوم بإخضاع القصة الواقعية لحدود الخيال المتاح « بيل راي كان جاهزا بسيناريو يعتقد بول أنه كان رائعا من ورائه مونتاج محكم لمبدع « الإنذار النهائي لبورن « كريستوفر راوس.
إذن فإن فيلم « قبطان فيليبس « حتى الآن استطاع صنع عناصره الفاعلة من ممثلين موهوبين مخرج يرتجل الحياة وسيناريو قادر على صنع عاصفة في دائرة المتلقي فهل نجح في الوصول إلى النهاية ¿
حسنا … بعد النهاية لا زال الأمر يجبرني على التبلد هل هي الدهشة أم خيبة الأمل ..¿ 134 دقيقة لم أستطع فيها حتى الحديث مع الفكرة كانت الفكرة تلمع أمامي الأداء التمثيلي يستمر في تقديم قناعاته التصويرية لعالم ما قبل الواقع .
الكابتن فيليبس « توم هانكس « يستمر في جعلي مهووسا بهذا الوجه الساذج والتعابير الساحرة واللهجة الفريدة التي توغل فيما وراءها المرشح للأوسكار في التصوير باري أكرويد « كاست اوي « إذن لم يكن مجرد انتصار قديم يا توم هذا انتصار آخر يحسب لك .
المشهد الأول الذي ظهر به موسى « برخاد عبدي» – النحيف وليس الجبان – أوقف اللغة عن الدورانتلك النظرة الوجه المبعثر ووريقات القات موسى ظهر غريبا ومشتتا لعله يحب أميركا – كان تكرارا مملا لورقة الحلم الأمريكي من قبل جينجراس- ولعله لا يحبها لكنه فقط يتوق للطيران في أول أدواره كان برخاد عبدي صادما وفي 2 مارس القادم سيفوز بجائزة الأوسكار لأفضل دور ثان كما أتصور ليس لأنه الأفضل ولكن لأنه أصبح معبود للبؤساء التواقين للحياة .
قال موسى بعد أن شق ببندقيته البحر « لقد تماديت ولم يعد يمكنني التراجع « إنه فقط مجرد عمل آخر» لسنا القاعدة …نحن صيادو سمك فقراء « قال موسى ومات البحر مشاهد كثيرة من الممكن أن تعتقلك هذه الصورة وحدها – بالنسبة للبعض – في « كابتن فيليبس « كانت معجزة في لحظة لم نرد لها أن تنتهي لكن أميركا غالبا تفسد كل شيء.

قد يعجبك ايضا