الثورة /
فكرة مشروع مد خط أنابيب النفط من جنوب السعودية إلى محافظة حضرموت/ المهرة على بحر العرب (جنوب شرقي اليمن)، أعلن عنه عام 2002م، لكنه تأجل بسبب الاضطرابات الأمنية ، وعدم الاستقرار السياسي في البلاد.
ولم يكن المشروع مجرد فكرة، بل شهد خطوات عملية، إذ بعد عامين من توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين اليمن والسعودية عام 2000م، وقّعت وزارة النفط والمعادن في اليمن- في الرابع من يوليو من عام 2002م- على اتفاقية مبادئ مع الشركة المتحدة لخطوط أنابيب البترول، لإنشاء خط أنابيب نفط يمتد من أراضي السعودية إلى أحد الموانئ اليمنية على بحر العرب.
خلال الأعوام الـ5 الأخيرة تعززت التسريبات عن نية السعودية الشروع في إنشاء ميناء نفطي في محافظة المهرة، تمهيداً لقيام الرياض بمد أنبوب نفطي عبر اليمن، لنقل النفط عبره إلى بحر العرب.
وكشفت وثيقة مسربة عن تقدّم شركة «هوتا» للأعمال البحرية برسالة إلى السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، تشكره من خلالها لطلبه التقدّم بالعرض المالي والفني لتصميم وتنفيذ ميناء تصدير النفط، وتؤكد أنها ستقوم بترتيب زيارة ميدانية إلى الموقع والقيام بالمسوحات اللازمة لتقييم المشروع، فيما لم تفصح الرسالة عن اسم الموقع.
وقال وزير النفط والمعادن اليمني حينها، رشيد بارباع، إن المشروع سيُسهم على المستوى الاقتصادي في استيعاب جزء من العمالة اليمنية في منشآت التخزين وميناء التصدير، فضلاً عن المردود الاقتصادي الناتج عن رسوم عبور النفط السعودي عبر الأراضي اليمنية، وزيادة حركة النقل من الموانئ اليمنية وإليها.
وبحسب الاتفاق، فإن خط الأنابيب سيمتد مسافة بين 350 و400 كيلومتر من داخل حقول النفط والغاز في منطقة الربع الخالي جنوب السعودية إلى الشاطئ الجنوبي لليمن في حضرموت، لكن المشروع تأجل مراراً بسبب مخاوف السعوديين من الاضطراب الأمني في اليمن.
ولاحقاً، لجأت السعودية إلى مد مشروع لنقل النفط عبر البحر الأحمر، والمعروف باسم خط أنابيب (سوميد)، لكن خبراء النفط يؤكدون أنه لا بديل للسعودية- أكبر منتج عالمي للنفط- عن اليمن لتجاوز مضيق هرمز، خصوصاً في ظل التهديدات الإيرانية المتزايدة بإغلاقه.
من جانب آخر، تحاول السعودية البحث عن منفذ آخر عبر سلطنة عمان وتجلى ذلك في الزيارات المتتالية وتوقيع مذكرات تفاهم لعدة مشاريع سواء التي كانت في أغسطس من هذا العام أو التي حدثت مؤخرا هذا الأسبوع، حيث أفادت وسائل إعلام عمانية بأن مجموعة أوكيو العمانية للطاقة وقعت مذكرة تفاهم مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، عملاق صناعة البتروكيماويات، بهدف تطوير مشروع مجمع الدقم للبتروكيماويات بالسلطنة. كما وقّعت أوكيو مذكرة تفاهم في مجال تخزين النفط مع شركة أرامكو للتجارة، لتقييم ملاءمة التخزين والمتاجرة في المواد والمشتقات النفطية.
ولعل توترات الوضع في منطقة الخليج العربي وخصوصا مع تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز أمام صادرات الخليج النفطية، إضافة إلى التطورات الأمنية في مضيق باب المندب بين الحين والآخر، قد تدفع المملكة العربية السعودية إلى البحث عن بديل عن الأراضي اليمنية وتتجه صوب السلطنة، حيث يعد هذا الانبوب مطلباً استراتيجياً هاماً وفي وقت مفصلي، وذلك من خلال خطوط أنابيب متطورة لتكون امتداداً للشبكة الحالية داخل المملكة ووصولاً إلى سواحل بحر العرب، ليشكل امتداداً للشبكة الحالية في حالات وجود معوقات في مضيق هرمز أو باب المندب.
وهنا نشير إلى أن كثيراً من الأخبار تداولت قيام الرياض- قبل ثلاثة أعوام- ببعض الاعمال الخاصة بمد الأنبوب في المهرة، ووضعت العلامات، وشرعت بالتنفيذ دون أي تنسيق مع الحكومة اليمنية، أو إبلاغها، وهذا الأمر أكدته قيادات حكومية رفيعة في المهرة وفي رئاسة الجمهورية. وقد أقدمت السعودية على هذه الخطوة في مد الأنبوب بالمهرة مستغلة ضعف الحكومة وحالة الفوضى العاصفة بالبلد، ومثل هذا المشروع كان يفترض أن يكون بين الحكومة السعودية وحكومة يمنية قوية وندية على الأرض اليمنية، ويوافق عليه مجلس النواب وفق اتفاقية رسمية، تعود بالنفع على شعبي الدولتين، وليس تنفيذه خِلْسة.
كما أن لجنة الاعتصام وحراك المهرة لم يعترضا على مد الأنبوب النفطي لمجرد أنه جاء من السعودية، بل لأنه ينتهك سيادة البلد، ولم يأت عبر الأطر الرسمية، وكثير من بيانات اللجنة ترحب بهذه الخطوة طالما كانت بشكل صحيح. كما أن نضال لجنة الاعتصام بالمهرة لم يكن ضد مد الأنبوب، بل جاء ردة فعل على انتهاكات السعودية في المهرة وتحويلها المحافظة لميدان عسكري، والسيطرة على المطار والتواجد فيه رغم أن المهرة بعيدة عن الحرب التي تقودها الرياض في اليمن.
الجدير ذكره أن السعودية هي المستفيد الأكبر من خلق وضع غير مستقر في البلاد من خلال إضعافها للحكومة اليمنية، والعمل على تقسيم اليمن إلى أقاليم لكي تستطيع أن تفترس كل إقليم على حدة، ولو كانت حقاً ترغب في مثل هذا النوع من الشراكة، كان حريا بها أن تدعم الحكومة وتنهي هذه الحرب التي تعد هي المستفيد الوحيد من استمرارها.
جانب آخر وهو الفرص النفطية الواعدة التي تقع إداريا في محافظة المهرة والتي يطلق عليها حوض قمر- جيزع النفطي الذي يعد من أكبر الأحواض النفطية الواعدة والذي يتميز بسماكة كبيرة للتتابع الطبقي واحتمالية وجود أكثر من نظام بترولي فيه، هذه المعلومات أثبتت من خلال حفر عدة آبار في هذا الحوض من قبل عده شركات نفطية وكانت نتائجها واعدة جدا..
السؤال هنا: هل تريد السعودية مد خط أنبوب لتجتزئ المهرة من الخارطة اليمنية بأحواضها النفطية وإمكانياتها الواعدة على كل المستويات سواء النفطية أو السياحية أو السمكية؟ لعل ذلك سبب واضح وجلي يوضح الغرض من تواجد القواعد السعودية في المهرة وكذا التواجد البريطاني العسكري فيها.
لهذا يجب رفع الوعي الشعبي وإدراك خفايا الأمور و استمرار دعم التوجه الشعبي الرافض لتواجد القوات الأجنبية في المهرة بشكل خاص وفي اليمن بشكل عام، ووجوب خروجها على الفور من يمننا الحبيب.