د.إبراهيم طلحة
من الشبهات التي تتردد في أوساط بعضهم أن القرآن اقتبس من شعر امرئ القيس، وطبعًا القرآن الكريم جاء منزلاً من الله بلسان عربي مبين، ووفق أدبيات لغة العرب، ما اختلفنا في هذا، لكن هذه الشبهة مردودة من وجوه، وسأحاول توضيح المسألة على النحو التالي:
أولاً: الشبهة:
يقولون: أخذ النبي محمد من الشاعر امرئ القيس نصًّا.
وهذا النص المنسوب إلى امرئ القيس هو:
دنت الساعة وانشق القمر
عن غزال صاد قلبي ونفر
أحورٌ قد حِرتُ في أوصافهِ
ناعس الطرف بعينيه حوَر
مرّ يوم العيد في زينتهِ
فرماني فتعاطى فعقر
بسهامٍ من لحاظٍ فاتكٍ
فرَّ عنّي كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عني ساعة
كانت الساعة أدهى وأمر
كُتب الحُسن على وجنتهِ
بسحيق المسك سطرًا مختصر
عادةُ الأقمارِ تسري في الدجى
فرأيتُ الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرتهِ
فرقه ذا النور كم شيء زهر
قلت إذ شقّ العذار خدهُ
دنت الساعة وانشق القمر
ثانيًا: الرد:
بأسلوب منهجي علمي نقول:
١ – هل يعقل أن الرسول الأمي محمد يأخذ أبيات شاعر مشهور في أوساط العرب كامرئ القيس، ولا ينتبه إليه أحد من العرب؟!!
٢ – لم ترد في أي طبعة لديوان امرئ القيس هذه الأبيات، ولم يشر المحققون إليها.
٣ – يرجح أن الأبيات لشاعر إسلامي، هو امرؤ القيس بن عابس بن المنذر الكندي، وليست لامرئ القيس بن حجر الكندي، وحدث تشابه أسماء كما يقال بلغة اليوم، فالشاعران من كندة، وكلاهما امرؤ القيس.
٤ – لا يعقل أن يأتي رجُل ليسفه دين قومه ويقول إنه مبعوث برسالة، ولا يخرج من القوم ولو رجل واحد حافظ للشعر ليقول له: أنت أخذت هذه الأبيات من امرئ القيس، وهم الذين علقوا المعلقات – ومنها معلقة امرئ القيس التي مطلعها: قفا نبكِ – على جدار الكعبة.
٥ – في النص يقول الشاعر:
(مر يوم العيد في زينته) يذكر فيه يوم العيد، وهو من طقوس دين الإسلام، صحيح كان العرب يحتفلون ببعض الأيام، لكن التواضع على مصطلح (عيد)، لم يأتِ إلا في العصر الإسلامي، بعد تداول الألفاظ والمصطلحات الإسلامية التي أصبحت مطردة ومشهورة، ومنها: الصلاة والزكاة والصيام والحج، والقيامة والساعة،،، والعيد، ونحوها.
٦ – ذهب طه حسين في كتابه (في الشعر الجاهلي)، إلى أن معظم الشعر الجاهلي المنقول إلينا – ومنه كما أشار شعر امرئ القيس – منحول، كتب في العصر العباسي ونسب إلى شعراء الجاهلية.
٧ – لغة الأبيات لا تشبه لغة امرئ القيس في شعره، وفيها تكرار لا يمكن أن يقع فيه امرؤ القيس، ومعانٍ بعيدة لا إبداع فيها، وإنما جاءت بشكل سطحي ومباشر.