الثورة نت/ وكالات
“على العالم مسابقة الزمن لدرء آثار تغير المناخ”، ذلك ما أوصى به عدد من العلماء والباحثين المهتمين والمتابعين لمخاطر الاحتباس الحراري على سطح كوكب الأرض، مؤكدين ضرورة أن يكون العام الحالي 2021م عاماً حاسماً لمعالجة المشكلة المستعصية.
ويرى العلماء أن العام 2021م سيكون بالتأكيد عاماً عصيباً للتصدي لتغير المناخ، فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن تفشل عملية مواجهة تغير المناخ خلال العام الجاري .
ويؤكد العلماء ضرورة إحداث طفرة في الطموح العالمي بشأن المناخ، خاصة مع الأحداث التي سيشهدها العالم خلال العام الجاري 2021م، من بينها مؤتمر المناخ الحاسم والذي سيعقد في نوفمبر المقبل عندما يجتمع زعماء العالم في غلاسكو في المؤتمر الذي يمثل امتداداً لمؤتمر باريس التاريخي عام 2015م.
وكان مؤتمر باريس مهماً إذ كانت المرة الأولى التي اجتمعت فيها جميع دول العالم تقريباً للاتفاق على أنها جميعاً بحاجة للمساعدة في معالجة هذه المشكلة.
وعلى الرغم من اتفاق العالم على تجنب أسوأ آثار تغير المناخ من خلال محاولة الحد من ارتفاع درجات الحرارة، وتحقيق هدف الحفاظ على الارتفاع عند 1.5 درجة مئوية، إلا أنهم يؤكدون أننا بعيدون عن المسار الصحيح، ويتوقعون أن يخترق العالم سقف 1.5 درجة مئوية في غضون 12 سنة أو أقلّ، وأن يصل الاحتباس الحراري إلى ثلاث درجات مئوية بحلول نهاية القرن.
وبموجب شروط اتفاق باريس، تعهدت الدول برفع طموحاتها في خفض الكربون كل خمس سنوات وكان من المقرر أن يحدث ذلك في غلاسكو في نوفمبر من عام 2020م.
ويدعو العلماء الى استغلال حدث توقيع الدول على تخفيضات كبيرة في الكربون والذي أحرز تقدماً، حيث جاء الإعلان الأكثر أهمية عن تغير المناخ العام الماضي فجأة.
ومثل هذا الإعلان مفاجأة لدعاة حماية البيئة، إذ طالما كان يُنظر إلى خفض الكربون على أنه عمل روتيني مكلف، لكن هنا جاءت الدولة الأكثر تلويثاً للبيئة على وجه الأرض، المسؤولة عن حوالي 28 في المئة من الانبعاثات العالمية، وتعهدت بالتزام غير مشروط بالقيام بذلك بصرف النظر عما إذا كانت الدول الأخرى ستسير في نفس الطريق أم لا.
ويعتبر العلماء أن ذلك يعد تحولاً كاملاً عن المفاوضات السابقة عندما كان يخشى الجميع أن ينتهي بهم الأمر إلى تكبّد تكلفة إزالة الكربون من اقتصادهم بينما لم يفعل الآخرون شيئاً.
وقد أعلنت الصين أنها تهدف إلى أن تصبح دون كربون بحلول عام 2060م، فيما تعهد بريطانيا بالالتزام بإزالة الكربون تماماً في يونيو من عام 2019م، وحذا الاتحاد الأوروبي حذو المملكة المتحدة في مارس من عام 2020م.
ومنذ ذلك الحين، انضمت اليابان وكوريا الجنوبية إلى ما تقدره الأمم المتحدة الآن بإجمالي أكثر من 110 دولة حددت هدفاً بإزالة الكربون تماماً مع منتصف القرن.
كما يؤكد العلماء أن هناك سبب وجيه وراء إعلان العديد من البلدان أنها تخطط لتحقيق خفض كامل للكربون، هو انهيار كلفة مصادر الطاقة المتجددة وهو الأمر الذي يغير تماماً حسابات إزالة الكربون.
ويرجح العلماء أنه إذا ما عززت دول العالم استثماراتها في طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات في السنوات القليلة المقبلة، فإن الأسعار ستنخفض أكثر إلى درجة تصبح فيها رخيصة جداً بحيث يصبح من المنطقي من الناحية التجارية إغلاق واستبدال محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم والغاز، ويشيرون الى تعهد الاتحاد الأوروبي وإدارة الرئيس الامريكي جو بايدن الجديدة بتخصيص تريليونات الدولارات لما اسمون بالاستثمارات الخضراء لتحريك اقتصاد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبدء عملية إزالة الكربون.
ويقول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إنهما يأملان في أن تنضم إليهما دول أخرى ما قد يساعد في خفض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة على مستوى العالم، لكنهما يحذران أيضا من أنه إلى جانب هذه الجَزَرة، فإنهما يخططان لاستخدام عصا تتمثل في ضريبة على واردات البلدان التي تنبعث منها كميات كبيرة من الكربون.
وتهدف هذه الفكرة إلى حثّ المتقاعسين في خفض الكربون، مثل البرازيل وروسيا وأستراليا والسعودية، على الانضمام أيضاً.
وتقول الأمم المتحدة إن النبأ السيئ هو أن الدول المتقدمة تنفق 50 في المائة أكثر على القطاعات المرتبطة بالوقود الأحفوري مقارنة بمصادر الطاقة منخفضة الكربون.
ويعتقد الى حد ما أن هناك سبب وجيه وراء إعلان العديد من البلدان حاليا أنها تخطط لتحقيق خفض كامل للكربون، هو انهيار كلفة مصادر الطاقة المتجددة وهو الأمر الذي يغير تماما حسابات إزالة الكربون.
ففي أكتوبر من عام 2020، خلصت وكالة الطاقة الدولية، وهي منظمة دولية للحكومات، إلى أن برامج الطاقة الشمسية تقدم الآن “أرخص مصدر للكهرباء في التاريخ”.
وغالبا ما تكون مصادر الطاقة المتجددة أرخص من طاقة الوقود الأحفوري في كثير من أنحاء العالم عندما يتعلق الأمر ببناء محطات طاقة جديدة.
وإذا عززت دول العالم استثماراتها في طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات في السنوات القليلة المقبلة فمن المرجح أن تنخفض الأسعار أكثر إلى درجة تصبح فيها رخيصة جدًا بحيث يصبح من المنطقي من الناحية التجارية إغلاق واستبدال محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم والغاز،وذلك لأن تكلفة مصادر الطاقة المتجددة تتبع منطق كل المصنوعات: كلما زاد الإنتاج انخفض السعر.
وتعلم الحكومات أنه من خلال زيادة مصادر الطاقة المتجددة في اقتصاداتها فإنها تساعد في تسريع انتقال الطاقة على مستوى العالم من خلال جعل مصادر الطاقة المتجددة أرخص وأكثر قدرة على المنافسة في كل مكان.
ويرى العلماء أيضا أن هناك أسباب مالية وجيهة إلى تغيير المواقف في مجال الأعمال مع الاستثمار في الطاقة المتجددة، وذلك يطرح سؤالاً بشأن لماذا الاستثمار في آبار النفط الجديدة أو محطات توليد الطاقة بالفحم التي ستصبح، على مدى يتراوح بين 20 و30 عاماً، عتيقة قبل أن يتمكن المستثمرون من جني الثمار؟ .
وقد بدأ هذا المنطق ينتشر بالفعل في الأسواق، وفي هذا العام وحده أدى الارتفاع الصاروخي في سعر سهم تسلا لجعلها شركة السيارات الأكثر قيمة في العالم.
وفي غضون ذلك، انخفض سعر سهم إكسون، التي كانت ذات يوم الشركة الأكثر قيمة على الإطلاق في العالم، حتى لدرجة أنها خرجت من متوسط مؤشر داو جونز الصناعي للشركات الأمريكية الكبرى.
وفي الوقت نفسه، هناك زخم متزايد وراء الحركة لدفع الشركات إلى تضمين مخاطر المناخ في اتخاذ قراراتها المالية.
والحقيقة هي أن الكثير من البلدان قد أعربت عن طموحاتها النبيلة لخفض الكربون، لكن القليل منها لديه استراتيجيات جاهزة لتحقيق تلك الأهداف، فيما يتمثل التحدي الذي يواجه مؤتمر غلاسكو في دفع دول العالم إلى الاشتراك في السياسات التي ستبدأ في الحد من الانبعاثات الآن .