الثورة نت/ وكالات
يبدو أن خلاصة “حرب البيانات” الأخيرة التي اشتعلت بين الرئاسة اللبنانية ورئاسة مجلس النواب مؤخرا هي أن أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية دخلت نفقا جديدا إذ يحاول كل طرف من خلالها، تحميل الطرف الآخر مسؤولية الأوضاع السيئة التي باتت تعيشها لبنان كما تعكس تلك الحرب حجم الخلافات وتضاؤل فرص تشكيل الحكومة الجديدة في الأمد المنظور .
وعلى وقع تأزم تشكيل الحكومة اللبنانية،تبادل مكتبا رئاستا الجمهورية والنواب الاتهامات عبر البيانات التصعيدية والمضادة التي تصب كلها في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة.
وجاءت البيانات بعد التصريحات التي أطلقها نبيه بري رئيس البرلمان والتي أوضح فيها أن الرئيس ميشال عون لا يرغب في أن يكون سعد الحريري هو رئيسا للحكومة .
وقالت الرئاسة اللبنانية في بيانها الثلاثاء الماضي ردا على تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري، أنها تضمنت أسلوبا غير مألوف لدى دولته في التخاطب شكلًا ومضمونا.
وأوضح مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية إن “رئيس الجمهورية الذي يعيش معاناة الشعب، حريص على إنشاء سلطة إجرائية من خلال حكومة إنقاذية قادرة على تقديم حلول للأزمات المعيشية والحياتية التي باتت تشكل خطرًا على حياة اللبنانيين وعيشهم”.
وكلف سعد الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية من شهر أكتوبر الماضي، بعد أيام قليلة من انفجار مرفأ بيروت الذي راح ضحيته عشرات القتلى وتسبب في إصابة الآلاف، إلى جانب تهشم واجهات المنازل والمنشآت المحيطة بالمرفأ، وبعد أيام قليلة من الحادثة استقالت وزارة حسان دياب، وتحولت لحكومة تصريف أعمال وكلف “الحريري” بتشكيل حكومة جديدة إلا أنه يواجه عراقيل حالت دون تنفيذ ما كلف به.
وأضاف مكتب “عون”: “الرئاسة تكتفي بما تقدم، وتترفع عن الدخول في ما ورد من مغالطات في البيان وتسجل إيجابية وحيدة هي الرغبة في أن تبقى مبادرته مستمرة لتسهيل تشكيل الحكومة وإن كان البيان أسقط عن دولته صفة الوسيط الساعي لحلول وجعله ويا للأسف طرفاً لا يستطيع أن يعطي لنفسه حق التحرك باسم الشعب اللبناني”.
وتابع: “في أي حال، لا بد أن يدرك دولة الرئيس بري وغيره، أن رئيس الجمهورية يسعى بكل قوة إلى حل للأزمة الحكومية التي افتعلتها ممارسات باتت معروفة عند الجميع، وعقّدتها رغبات في تهميش دور رئيس الجمهورية والحد من صلاحياته ومسؤولياته، ولعل البيان الذي صدر خير دليل على ذلك.
واستطرد المكتب، قائلا: “لم تكن هناك حاجة لبيان الرئيس بري للإدراك بأن ثمة من لم يغفر بعد لاستعادة الحضور والدور بعد سنين التنكيل والإقصاء منذ العام 1990 حتى العام 2005”.
وختم البيان، قائلا: “من المفيد أن يتذكر الرئيس بري أن الكلمة المدوية التي صدرت عن مجلس النواب أكدت على وجوب اتفاق رئيس الحكومة المكلف مع رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة وهو الأمر الذي لم يحصل رغم مرور أكثر من 8 أشهر على التكليف”.
بعدها أصدر المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس النواب، بيانا للرد على الرئاسة قال فيه “لنا الرغبة أن نصدق ما ذهبتم إليه إذا كنتم أنتم تصدقونه، مذكرين إياكم بأن فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون هو صاحب القول، بعدم أحقية الرئيس ميشال سليمان بأي حقيبة وزارية أو وزارة، فلنذهب إلى الحل”.
واتهم رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، رئاسة الجمهورية اللبنانية، بتعطيل مبادرته لتسهيل تأليف حكومة جديدة.
وقال برّي، في بيان له، إن “قرار تكليف رئيس حكومة خارج عن إرادة رئيس الجمهورية بل هو ناشئ عن قرار النواب أي السلطة التشريعية، والذي يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة هو الرئيس المكلف”.
وينص الدستور اللبناني على أن رئيس الحكومة المكلف يشكّل الحكومة بالتشاور مع الكتل النيابية ويقدم التشكيلة إلى رئيس الجمهورية، الذي عليه إما رفضها أو التوقيع عليها.
ومع تصاعد تلك الأزمة ظهر موقف حزب الله المتمسك بعدم تصعيد الخلاف التي نتجت عن تبادل البيانات التصعيدية بين رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي .
وأعلن الحزب في بيان صدر عقب اجتماع كتلة الوفاء للمقاومة “إن التنازلات المتبادلة ضرورة حاكمة على الجميع، وليست منقصةً لأحد، في حين أنّ التصلّب سيؤدي إلى تعطيل الحلول وتعقيد المعالجات، وإضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين”.
وقالت الكتلة في بيانها: إن اختلاف المقاربات بين المسؤولين ينبغي أن يكون مدعاةً لمراجعة الأفكار والمعطيات وإعادة النظر في تقدير الأوضاع والمواقف، وصولاً إلى تحقيق التفاهم المشترك. ومهما بلغت التعقيدات فإنّ الجهود والمساعي التي ينبغي أن يواصلها المسؤولون أثناء الأزمات من شأنها أن تبعث على الأمل في نفوس المواطنين لأنّها توسع مساحة التلاقي بين الأطراف والفرقاء، ولأن البلد بحاجة إلى مزيدٍ من الحوار والتفاهم الإيجابي بين أبنائه لحفظ مصالح البلاد العليا ولقطع الطرق أمام الانتهازيين والمثيرين للعصبيّات ومنعهم من إسقاط ثوابت الوفاق الوطني.
كما اعتبر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين أن “المشكلة ليست في النقاط التي يُقال إنها محل خلاف، إننا نواجه بعض السياسيين الذين يريدون تحقيق مآرب شخصية لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام العادية ويتوسلون عذاب الناس وألمهم لتحقيقها”.
وأكد أنه “مخطئ من يظن أن تمسكنا الدائم بالمبادرات يعطيه المزيد من الوقت»، مشدداً على “الاسراع في الحل لتلبية الاحتياجات الضرورية للناس”، ولفت الى أن “المناورات السياسية تنتهي عند الصالح العام والمصالح الكبرى، وبالتالي من يتلاعبون بالمناورات السياسية والشروط والشروط المضادة، عليهم أن يعرفوا انهم يتلاعبون بكرامة اللبنانيين والمصالح الوطنية”.
ويرى المحللون السياسيون أن إحداث اختراق على ما يبدو لتشكيل حكومة جديدة في لبنان سيواجه عقبات إضافية بعد خلاف سياسي جديد بين رئاسة الجمهورية ورئاسة النواب ،وأن تشكيل الحكومة الجديدة غير متوقع في الأمد القريب.