اليمن.. مسيرة القدس

علي محمد الأشموري

 

 

شهدت محافظات الجمهورية اليمنية المحررة بدءاً من شوارع صنعاء وصعدة وذمار وحجة وغيرها من المحافظات مسيرات مليونية فاقت التوقعات والتصورات بتلك الحشود الإيمانية اليمانية نصرة للقدس والأقصى مسرى الرسول صلى الله عليه وآله سلم في ذكرى النكبة الأليمة الـ73 للاحتلال الغاصب الذي جثم على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وقد تزامن خروج هذه الحشود اليمانية مع الالتفاف التضامني لمعظم الدول العربية والإسلامية والغربية، لكن المسيرة التضامنية اليمنية أبهرت العالم وفاقت كل التوقعات بهكذا خروج مشرف لهذا الشعب الصامد الأبي، وما كان يميِّز هذه المسيرة التي تشبه السيول الجرارة هو أنها كانت تستقبل بحفاوة وإيمان ممثلي ورؤساء الفصائل الفلسطينية المختلفة التي عبَّرت عن امتنانها لهذا التضامن من قبل شعب صابر صامد محاصر ومقاوم لعدوان 17 دولة منذ 7 أعوام، فكانت مسيرات مليونية يمانية بامتياز استقبلت الأخوة الأعزاء من كل الطوائف والفصائل الفلسطينية وكانت الكلمات لهم عدا كلمة الأستاذ/ محمد علي الحوثي المضياف الذي وضع النقاط على الحروف في وقت أصبح فيه التطبيع والانبطاح من نصيب الدول التي خنقت تحت راية الصهيونية وسارت في المسار الأمريكي الذي أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنه من حق “إسرائيل” الدفاع عن نفسها، ونسي أنه جعل الضحية المحاصر المعتدى عليه في خانة الجلاد وجعل المحتل المعتدي الغاصب في خانه الضحية حسب تعبيره، وسارعت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للاعتذار للكيان المعتدي عن الوقفات الاحتجاجية والتضامنية مع الشعب الفلسطيني الأعزل في برلين وشهدت مدن أوروبية قمع الشرطة للمتضامنين السلميين مع الشعب الفلسطيني مثل فرنسا وكوبنهاجن اللتين انحازت قيادتاهما إلى الموقف الأمريكي المتشدد الذي أعلن عن منح الكيان أسلحة بما يقارب ثمانية ملايين دولار كـ”مكافأه” له ومن أجل القضاء على الشعب الأعزل في غزة والقدس والمناطق الفلسطينية المحتلة .. هذه المواقف الأورو- أمريكية كشفت عن الوجه القبيح لديمقراطيتها الهشة والمنحازة للجلاد ضد الضحية.
وظهرت خيانة “عربان الرمال” المطبِّعين مع هذا الجسم السرطاني في المنطقة، فبينما غزة تقصف كان ابن سلمان يقيم حفلات الغناء دون خجل وابن زايد يناصر المحتل ويتخليان عن المقدسات الإسلامية، بل وصل الأمر إلى توجيه “الذباب الالكتروني” لتشويه النضال الفلسطيني وإظهار الكيان المحتل كالحمل الوديع.
أكثر من ثمانية أيام بلياليها وغزة تقصف والأقصى يدنّس من قبل المتطرفين الصهانية والجيش والشرطة الإسرائيلية يقصفان بالدبابات والطائرات التجسسية والحربية تهدم الأبراج السكنية والمنازل الآهلة بالسكان المدنيين ليلاً ونهاراً، فكم من شيوخ وأطفال ونساء بالمئات استشهدوا جراء هذه العنجيهة بل فاق عددهم الألف ما بين قتيل وجريح، ولأن الشيء بالشيء يذكر فغزة رمز العزة قد تعرضت لمسح وتدمير البنية التحتية والكهرباء ولم تسلم حتى المشافي والمقابر وهي نفس ثقافة الحقد والكراهية التي يحملها تحالف العدوان السعودي الأمريكي والمرتزقة، لقد حصل هذا أيضا في اليمن، حيث تم استهداف مقبرة “خزيمة” وضربت وأحرقت الأراضي الزراعية وأصابت الغازات السامة البشر وكذلك المشتقات النفطية منعت من الدخول والأمم المتحدة ومجلس الأمن والهيئات والمؤسسات الحقوقية لا حس ولا خبر إلا من إدانات خجولة وتنديدات لا تسمن ولا تغني من جوع وتقف بكل وقاحة مع الغازي المعتدي والمرتزق.
لقد سقط رئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتل في مستنقع الصمود البطولي الأسطوري لرجال المقاومة وفوجئ بالصواريخ وراجماتها تقصف المناطق المحتلة من قبل سرايا القدس وكافة الفصائل الفلسطينية المقاومة ولم تسلم تل أبيب من القصف الغزاوي وخرج لأول مرة صاروخ “القاسم” الذي قصم ظهر الجيش “الورقي” المحتل وأصبحت المستوطنات في مرمى صواريخ أبطال المقاومة وأصبح الحسم لـ”سيف القدس” وها هو الإضراب الشامل للفلسطينيين يشل كل الحركة، ومثلما صمد اليمنيون ومازالوا في كافة الجبهات كذلك الشعب الفلسطيني مازال صامداً رغم جرائم الحرب الصهيونية التي تعتبر حرب إبادة جماعية، حتى ملجأ الأمل للأيتام في فلسطين قصف كما قصف معهد المكفوفين في صنعاء وبنك الدم، واستهدف الكيان المحتل المركز الصحي الذي يقدم خدماته للمصابين بجوار وزارة الصحة الفلسطينية والذي كان يعالج أمراضاً حساسة ومزمنة.. ورغم هذه الجرائم إلا أن العالم الأول مغمض العينين وكأن هناك ضوءاً أخضر بإبادة جماعية، ومازال البحث جاريا تحت الأنقاض في غزة عن مفقودين ومازالت الحرب مستمرة والصلف الصهيوني لا يريد أن يعترف بالهزيمة، ولذلك فإن المؤشرات تقول إن حربا شاملة ستشهدها المنطقة نتيجة الغطرسة الصهيونية، فالمقاومة ستنتصر في نهاية المطاف والعدوان الغاصب إلى زوال، والأيام بيننا.

قد يعجبك ايضا