كانت أعين المخابرات الأمريكية مسلطة على حركة المجتمعات العربية، وبالذات على مصر وسوريا والعراق خاصة بعد نجاح الثورة التونسية وهروب عميلهم بن علي إلى وكر الرجعية السعودية..
يومها استبدلوا عميلهم بن علي بعملائهم الذين استقدموهم من بريطانيا وفرنسا، وعملوا لهم ديمقراطية وانتخابات لإكسابهم شرعية الاستيلاء على الثورة..
“بن علي” كان عميلهم منذ أن أزاحوا بورقيبة، لكنه أصبح ورقة محروقة، فقرروا إسقاطه..
عندما انفجرت الأوضاع في مصر كان عملاء المخابرات الأمريكية يراقبون الحراك الثوري عن كثب من فوق أسطح المنازل القريبة من ميادين الاعتصامات الجماهيرية، ويرسلون الصور أولا بأول إلى أسيادهم في واشنطن، والحال لا يختلف في اليمن، فقد كان السفير الأمريكي وسفراء الترويكا الاوروبية والسعودية والخليج، وقناة الجزيرة حاضرين بجد في الميادين والساحات يرصدون حركة الشباب..
في مصر جاء الإخوان إلى الثورة بعد أسبوعين من بدء الحراك، وفي اليمن جاؤوا بعد أسبوع؛ بعد أن رأوا بوادر نجاح الثورة..
في مصر نزل الإخوان إلى الميادين بتأشيرة من المخابرات الأمريكية للسيطرة على الثورة المصرية، وفي اليمن كانت التأشيرة من الأدوات السعو/خليجية.
من الملاحظ أن تسمية “الربيع العربي” أطلقها الأمريكيون على الثورات الشبابية على غرار ربيع أوروبا الشرقية.
تأخر الأخوان عن الالتحاق بالثورة كان انتظارا للأوامر القادمة من الخارج، وربما انتظارا لما سيسفر عنه الحراك الثوري..
رأى الغرب أن الأمور ربما تفلت من أيديهم، وتصعد إلى سدة الحكم قوى تناوئ الغرب، فعقد الأمريكان صفقة مع الإخوان تمكنهم من السيطرة على الأوضاع والوصول إلى الحكم إن أمكن بشروط منها: حماية المصالح الأمريكية والغربية عموما، والاعتراف بوجود إسرائيل والتطبيع معها..
والأهم هو الاعتراف بداعش وتسليم سيناء لها حماية لإسرائيل..
كان مخططٌ لمصر أن تلقى مصيرا كليبيا والعراق وسوريا واليمن لولا تدخل الجيش لإسقاط مرسي العياط وجماعته..
عسكرة الثورات كان هو الهدف الأمريكي الذي جُنَّد من أجله الإخوان والقاعدة وداعش..
قال أحد المسؤولين الأمريكان ( سندعهم يقتلون بعضهم بعضا )..
كان الهدف من الاتفاق الأمريكي مع الإخوان هو تفجير المنطقة، وقد نجح الأمريكيون والغرب وأدواتهم في السعودية والخليج في صناعة الثورة المضادة والقضاء على الثورات الشبابية السلمية وأدخلوا المنطقة في حروب أكلت الأخضر واليابس، وقتلت الرجال والنساء والأطفال، وشردت الملايين..
كان وكيل الصهيونية والناتو الخليفة العثماني اردوجان يعمل على استقبال الإرهابيين الذين تصدرهم أمريكا واوروبا إلى سوريا والعراق، وتحولت تركيا إلى بوابة عبور للإرهاب القادم إلى سوريا، كما تحولت الشركات التركية إلى وسيط لشراء النفط السوري والعراقي وقطع الآثار والمصانع التي تسرقها داعش، ولم يكتف العثماني بذلك، بل سخَّر جيشه للعدوان على سوريا وشمال العراق والتدخل في ليبيا!!
ودُمرت مدن صناعية كحلب السورية لأنها كانت تنافس الصناعة التركية والإسرائيلية.. دمروا سوريا لأنها كانت قلعة صمود في وجه دولة العدوان الصهيوني، وقتلوا القذافي لصراحته، واعتدوا على اليمن ودمروا كل ما فيه لأنه كان يقف في وجه أطماع بني سعود..
في المجمل قتلوا ودمروا كل مراكز النهوض العربي من العراق الى سوريا إلى ليبيا إلى اليمن..
وحوَّلوا الثورات الشبابية إلى دم ودمار وحطام تذروه الرياح، ومازالت المؤامرة تدور.