لا يمكن لأي متابع لتطورات الملف السوري سياسياً وعسكرياً ، وبعد عقد من الزمن من الحرب على سورية ، إنكار حقيقة ، أنّ بداية مسارات الاستحقاق الدستوري والمتمثل بالانتخابات الرئاسية السورية ، والمتزامنة مع الانتصار العسكري شبه الكامل للجيش العربي السوري على الأرض السورية وتطهيرها من آفة الإرهاب “المدعوم غربياً وإقليمياً ” ، قد شكلا حالة من الإحباط عند أعداء سورية وأديا إلى خلط أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة، فاليوم سقطت يافطة “إسقاط سورية “، بتلاحم الجيش والشعب والقيادة السياسية، وليس بحديث الأمريكان وبعض الغرب وجزء من الإقليم، الرافض لدستورية الانتخابات الرئاسية السورية، فاليوم ورغم كل ما تعانيه سورية وشعبها وجيشها وقيادتها السياسية من ضغوط وعقوبات وحصار شبه شامل ، سيخرج الشعب السوري ليقول كلمته السياسية ، ويستمر الجيش العربي السوري بضرب بؤر الإرهاب المتبقية ، ومع تساقط بؤر الإرهاب ، تتساقط معها أحلام وأوهام عاشها بعض المغفلين الذين توهموا سهولة إسقاط سورية، وبعد سلسلة الهزائم التي مُنيت بها هذه القوى الطارئة والمتآمرة، بدأت هذه القوى إعادة النظر في استراتيجيتها القائمة والمعلنة تجاه سورية، ونحن نلاحظ أنّ حجم الضغوط العسكرية في الداخل بدأ بالتلاشي مع انهيار بنية التنظيمات الإرهابية.
وبقراءة موضوعية للأحداث على الأرض السورية، هناك مؤشرات إلى قرب حدوث تحسُّن ملحوظ فيما يخصّ الأمن المجتمعي والأمن الاقتصادي، رغم حجم الماسأة التي لحقت بالسوريين نتيجة الحرب على وطنهم، وفي السياق نفسه، هناك رؤية بدأت تتبلور في أروقة صنع القرارات الدولية حول الملف السوري، وتركز هذه الرؤية على وجوب تجاوز فرضية إسقاط الدولة في سورية لأنّ الوقائع على الأرض أثبتت عدم جدوى هذه الفرضية.
وهنا قد تيقن محور العدوان والتآمر على الدولة السورية أن سورية قد تجاوزت المرحلة الأصعب من عمر الحرب المفروضة عليها، ومهما حاولت دول التآمر إعادة الأمور إلى سياقها المرسوم وفق الخطة المرسومة ، فإنها لن تستطيع الوصول إلى أهدافها، لأنّ حقائق تلك الحرب تكشفت للجميع، لذلك أقرّت القوى المتآمرة على سورية بأنه يجب التعامل معها بأسلوب مختلف والانفتاح عليها لأنها ستكون، بصمودها هذا، محوراً جديداً في المنطقة، وسيحدّد هذا الصمود شكل العالم الجديد.
ومع استمرار صمود الجيش العربي السوري وتماسكه وتلاحم الشعب مع هذا الجيش العقائدي، انهارت في شكل تدريجي أهداف هذه المنظومة، أمام إرادة الجيش وتلاحمه مع كلّ كيانات الداخل السوري من شعب وقياده سياسية، رغم محاولات شيطنته إعلامياً من قبل وسائل الإعلام المتآمرة.
ختاماً ، إنّ هذا التماسك والتلاحم للقوى الوطنية في الداخل السوري، والتي تؤمن جميعها بقضيتها والمتفهمة لحقيقة وطبيعة هذه الحرب أبعاداً وخلفيات، قد أجهض خطط المتآمرين وأسقط أهدافهم بالتضحيات الجسام، فالمؤسسة العسكرية السورية المدعومة من القيادة السياسية والشعب العربي السوري، ورغم كلّ ما أصابها، أرسلت رسائل واضحة وأثبتت أنها مؤسسة عميقة ووطنية وقومية جامعة لا يمكن إسقاطها أو تفكيكها ضمن حرب إعلامية، أو خلق نقاط إرهابية ساخنة في مناطق متعدّدة لمواجهتها.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن