بايدن "المرشح" أعلن اتخاذ استراتيجية صارمة تجاه السعودية.. سرعان ما تبخرت عند وصوله إلى البيت الأبيض
وقف العدوان على اليمن.. بايدن المرشح غير بايدن الرئيس
بايدن يسعى إلى “التهدئة” أملاً في تضميد جراح أمريكا المتورّطة بالهزيمة في اليمن
مراقبون يشككون حول مدى التزام الولايات المتحدة بالامتناع عن بيع الأسلحة للسعودية
الرئيس الأمريكي يعلن إنهاء الدعم الأمريكي للسعودية وإدارته تؤكد عدم تخليها عن تقديم المساعدة العسكرية للرياض
محمد بن سلمان الشماعة التي يسعى بايدن إلى تعليق أوساخ أمريكا عليها في العدوان على اليمن
واشنطن أعلنت العدوان على اليمن في 2015..واليوم تحاول إظهار نفسها كوسيط
شارل أبي نادر: الرياض وأبوظبي وجدتا من ينتشلهما من مستنقع الهزيمة في اليمن
الحسيني: مسار الحرب لم يعد يتجه لصالح الإستراتيجية الأمريكية في إعادة السيطرة على اليمن
تشارلز شميتز : الحرب على اليمن فشلت بشكل مذهل.. وعززت التفاف اليمنيين حول أنصار الله
بايدن المرشح غير بايدن الرئيس؛ فالأول وعد بإنهاء العدوان على اليمن وتوفير المساعدات الإنسانية ووقف بيع الأسلحة للنظام السعودي. أما بايدن الرئيس فهو يختلف تماما عن بايدن المرشح؛ فهو كما يقول يريد إنهاء العدوان على اليمن، لكنه في نفس الوقت يريد دعم السعودية . بايدن لا يريد أن يمنع الهجمات السعودية على اليمن، لكنه يؤكد بقاء الدعم الأمريكي للرياض عندما يرد اليمنيون على الغارات السعودية.
بايدن الرئيس الذي يؤكد أن العدوان على اليمن خلق كارثة إنسانية واستراتيجية، هو نفسه بايدن نائب الرئيس أوباما الذي يتناسى بأنه تم إعلان العدوان في عهده .
بايدن قال كثيراً عن الحرب على اليمن، لكنه لم يفعل أقل القليل بهذا الشأن . لم يخبرنا بايدن كيف سينهي العدوان؟ لم يتحدث عن وقف العمليات العسكرية ضد اليمن ولا عن فك الحصار الظالم على الشعب اليمني .
في الخلاصة يسعى بايدن إلى التهدئة، أملا في تضميد جراح أمريكا المتورّطة بالهزيمة في اليمن .
الثورة / قاسم الشاوش
العدوان على اليمن.. في أول خطاب لبايدن
في 4 فبراير الماضي، ألقى الرئيس بايدن خطابه الأول حول السياسة الخارجية، والذي خصّ فيه الحرب على اليمنية بشيء من التفصيل. إذ قال إن إدارته ستعمل على “وضع نهاية لهذه الحرب… والبدء بوقف لإطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية، مع وقف بيع الأسلحة الهجومية، وتعيينه مبعوثا خاصا للدفع باتجاه غلق هذه الصفحة” .
وفي قراءة لما تحقق على الأرض، ندرك بأن خطاب بايدن كان للاستهلاك الإعلامي فقط؛ فالعدوان لا يزال متواصلا في حين تتعرض اليمن لأبشع حصار ظالم، ولم يتم توفير المساعدات الإنسانية .
لقد رأى بايدن الرئيس ما لم يكن يراه بايدن المرشح؛ إذ اكتشف على ما يبدو أنه ليس بوسعه مجافاة السعودية، فكان لا بدّ من خيار “الانتظار”، في موضوع السلاح المرجح أن تمر معظم صفقاته، كما توحي بذلك تصريحات المسؤولين التي تحرص في كل مناسبة على التشديد على الالتزام بتوفير الدعم اللازم للسعودية من أجل “تمكينها من الدفاع عن أراضيها”.
كما أن قرار بايدن بشطب أنصار الله من قائمة المنظمات (الإرهابية ) حسب زعمه، وتبريره لهذه الخطوة بأنها محاولة لضمان استمرار المساعدات في اليمن الذي دمره العدوان، لم يكن صادقا في تبريره، بل هو مسعى منه للتخلص من ورطة وضعه فيها الرئيس ترمب، فالرفع من القائمة لم تعمل إلى الآن على إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين، بل إن بايدن اتخذها بعد أن وجد نفسه مضطرا للحوار مع أنصار الله ، مؤمنا بفشل الحل العسكري. وما يفضح تناقضه هو تركه لثلاث قيادات من أنصار الله تحت العقوبات .
فشل العدوان .. واحتشاد اليمنيين للدفاع عن السيادة
يرى تشارلز شميتز- خبير الشأن اليمني في معهد الشرق الأوسط، بأن الحرب الأمريكية السعودية على اليمن فشلت بشكل مذهل، بل إنها عززت من قوة حكومة صنعاء . ويرجع ذلك إلى أن اليمنيين احتشدوا للدفاع عن السيادة الوطنية حتى لو لم يكونوا من جماعة أنصار الله، حسب وصفه . وبعد مرور أكثر من 6 سنوات من العدوان على اليمن لم تهتز مكانة أنصار الله في شمال البلاد، ومن بينها العاصمة صنعاء.
لقد دأب الموقف الرسمي الأمريكي منذ حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما -والذي امتد لسنوات حكم الرئيس دونالد ترامب- في دعم قوي للحملة الجوية والبرية السعودية الإماراتية والقوى اليمنية من المرتزقة المتحالفة معهما، والتي هدفت إلى إخراج قوات الجيش واللجان من صنعاء .
بايدن المرشح غير بايدن الرئيس
يقدم بايدن جملة من المواقف والتصريحات المتناقضة بخصوص العدوان على اليمن؛ فعندما كان جو بايدن مرشحا للرئاسة الأمريكية، أعلن أنه سيتبع استراتيجية صارمة تجاه السعودية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وقال إنه سيجعل المملكة “تدفع الثمن” و”يجعلها في الواقع منبوذة كما هي”.
وبينما أعلن بايدن الخامس من فبراير، أنه يفي بالتزام حملته الانتخابية بإنهاء الدعم الأمريكي لحملة القصف التي تقودها السعودية في اليمن لمدة ست سنوات، أوضحت إدارته أنها لن تتخلى عن المساعدة العسكرية الأمريكية للرياض، وتخطط لمساعدة السعودية لتعزيز دفاعاتها.
ويزداد بايدن تناقضا؛ فهو يعلن بأن الهجوم الذي تقوده السعودية في اليمن “خلق كارثة إنسانية واستراتيجية”، وأكد أنه سيوقف مبيعات الأسلحة المتعلقة بالهجوم على اليمن، لكنه لم يذكر تفاصيل فورية عما قد يعنيه ذلك. في الوقت نفسه، أكد أيضًا أن الولايات المتحدة ملتزمة بالتعاون في الدفاع عن المملكة، بحسب مراقبين .
وترى الباحثة آنيل شيلاين من معهد كوينسي في واشنطن، إن إعلان بايدن “خطوة أولى ممتازة”، ولكنها حذرت من أن “الشيطان يكمن في التفاصيل”، مضيفة: “تبقى معرفة ما معنى العمليات الهجومية عند الممارسة”.
وتضيف “من سيحدد معنى العمليات الهجومية؟ السعودية أم الولايات المتحدة؟ وكيف سيتم تعريفها؟ السعوديون على سبيل المثال يجادلون بأن كافة جهودهم الحربية هي دفاعية”. يأتي ذلك وسط تشكيك مراقبين حول مدى إذا كانت الولايات المتحدة قد حافظت على مبيعات الأسلحة للسعودية .
تعيين المبعوث الأمريكي .. والموقف اليمني
على وجه السرعة عيّنت إدارة بايدن المبعوث الأمريكي الخاص تيم ليذر كينغ، إلى جانب فريق سياسي وعسكري، لإنجاز المهمة، وهي تأمل إعداد خريطة طريق تعيد الاعتبار إلى أمريكا التي مرّغ ابن سلمان وجهها في الوحول اليمنية، ما انعكس على الداخل الأمريكي، وعلى أمريكا في العالم، وفي السعودية نفسها.
خبراء رأوا في الخطوة الأمريكية بأنها لا تعني الشروع في عملية سلام سريعة، كما أن المبعوث الأمريكي بدا أكثر تحيزا ومقدما مبادرات لا تحمل جديدا، تم استنساخها من مبادرات قديمة .
كما أن تلك التصريحات المتلفزة التي أطلقها بايدن، عدها خبراء ومراقبون ليست بالحزم الكافي لإنهاء عدوان مستمر منذ نحو 6 سنوات ، مشيرين إلى أن التصريحات لن تعدو سوى كونها دعوة للتهدئة.
فلم تحمل تصريحات الرجل تهديدا أو وعيدا لهذا الطرف أو ذاك، في حال استمراره بالحرب والقصف والحصار، كما لم يعلن صراحة عزمه لتنفيذ خطة سلام بعينها، ولكن تبدو التصريحات مجرد “إثبات حالة” لما قاله بايدن إبان حملته الانتخابية قبل أشهر عن ضرورة وقف تلك الحرب.
وعندما كان جو بايدن مرشحا للرئاسة الأمريكية، أعلن أنه سيتبع استراتيجية صارمة تجاه وقف الحرب اليمنية ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في تلك الحرب، وسيجعل المتورطين “يدفعون الثمن”، وهو ما لم يحصل .
الموقف على الأرض
على الرغم من الحديث المتكرر للإدارة الأمريكية عن إنهاء العدوان على اليمن، إلا أن الموقف على الأرض يختلف كثيرا، فقد ارتفعت وتيرة الغارات الجوية وتصاعدت بشكل غير مسبوق، فيما ارتفعت أعداد الضحايا من المدنيين، وتم تحريك جبهات جديدة كانت متوقفة منذ سنوات كجبهات تعز وحجة والحديدة وغيرها . وفي عهد بايدن فقط لم تدخل ميناء الحديدة أي سفينة تحمل مشتقات نفطية أو مواد غذائية .
العدوان .. قرار أمريكي بامتياز
وضع يؤكد بما يدع مجالاً للشك بأن قرار العدوان على اليمن في الـ25 من مارس 2015، هو قرار أمريكي بامتياز . حيث يرى خبراء بأنه غير وارد بتاتاً بأن يكون قرار الحرب على اليمن نابعاً من النظامين السعودي والإماراتي، لأن هذه الأنظمة لم تكن يوماً سوى تابعة في قراراتها للأمريكيين، ولم تكن يوماً إلا منفذاً أميناً للسياسة الأمريكية، وخصوصاً في موضوع حرب حسّاسة تحتاج ما تحتاج إليه من قدرات ضخمة عسكرية وإعلامية ودولية، والأهم القدرة على مواجهة المجتمع الدولي .
خطوات بايدن بعيون محللين عرب وأجانب
يُجمع محللون وكتاب عرب وغربيون على أن التصريحات المتكررة لبايدن بإحلال السلام ، ليست رغبة ذاتية، فالإدارة الأمريكية مجبرة العمل على وقف العدوان شريطة أن لا يؤثر ذلك على مصالحها .
يقول شارل أبي نادر، إن قرار بايدن الأخير “كان منتظراً”، مضيفاً “أيضًا لم يتأخر الطرفان الأساسيان في العدوان على اليمن، السعودية والإمارات، عن ترحيبهما بقرار الرئيس الأمريكي، الأمر الذي كان أيضًا منتظرًا، ليس لأن كلًّا من السعودية والإمارات مقتنعة ذاتيًا بوقف العدوان على اليمن… بل لأنها مرغمة من ناحية، حيث لا مجال للرفض والاعتراض على قرار الرئيس الأمريكي، وأيضًا لأنها وجدت في ذلك مخرجًا مقبولًا لفشلها ولعجزها عن تحقيق أي من أهدافها من العدوان على اليمن، وأيضًا، لأنها وجدت من ينتشلها (رغما عنها) من مستنقع الهزيمة في اليمن”.
ويضيف الكاتب “من دون رفع الحصار وتسهيل التفاوض المتكافئ بين الأطراف اليمنية، ودون الاعتراف بحقوق كافة مكونات الشعب اليمني، السياسية والاجتماعية، ودون انسحاب كل ما يمكن أن يُطلق عليه ‘تواجد سعودي أو إماراتي عسكريا كان أم سياسيا’… ستبقى الحرب عمليًا وسيبقى العدوان فعليًا”.
فشل العمليات العسكرية
كما يصف طالب الحسني، قرار بايدن بأنه “اعتراف بأن مسار الحرب لم يعد يتجه لصالح الإستراتيجية الأمريكية في إعادة السيطرة على اليمن، بسبب فشل العمليات العسكرية وصمود اليمنيين طوال هذه السنوات، بل وتطور القوة العسكرية المدافعة وانتقالها من الدفاع إلى الهجوم، حتى باتت كل المدن السعودية بما في ذلك العاصمة الرياض معرّضة للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة”.
ويضيف الكاتب: “لن تتوقف الحرب لمجرد هذا الإعلان، على الرغم من مركزية الدور الأمريكي في الحرب على اليمن، فالتنفيذ لا يزال في محل شك وإن كانت إدارة بايدن جادة في ذلك، فإنها تحتاج إلى فترة زمنية تتراوح بين 3 إلى 5 أشهر، وفي المقابل لن تتمكن السعودية من الاستمرار في الحرب بمفردها، لكنها في كل الأحوال إقرار أمريكي بصعوبة استكمال التدخل العسكري في اليمن”.
وفي تعليقه على قرار بايدن، يقول رشيد الحداد في الأخبار اللبنانية إنه “وعلى رغم أن تلك الخطوة تبدو غير محسومة المعالم إلى الآن إلا أنها تفتح الباب على بدء مسار، يفترض أن يفضي إلى وضع حدّ للعدوان المستمرّ للعام السادس على التوالي”.
فإن التقدم الخاطف لقوات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” في مختلف الجبهات وضع الجانب اليمني في موقع قوة في هذه الحرب ووجه صدمة كبيرة للسعوديين .
ردع كامل
ففي خضم الجدل الأمريكي حول إنهاء الحرب في اليمن، تحاول واشنطن وحلفاء السعودية الآخرون إحداث أقل قدر من الضرر على السعودية والحصول على تنازلات من حكومة الانقاذ في صنعاء. وبينما يزعم الأمريكيون أنهم دعوا إلى إنهاء الحرب اليمنية وأعلنوا ذلك للسعوديين، يستمر قصف وهجوم قوات تحالف العدوان على المحافظات اليمنية .
ومع ذلك، فإن اليمنيين الذين نجحوا في الآونة الأخيرة، لا سيما في ضوء التطور الكبير في مجال الصناعات العسكرية والصاروخية وتحقيق مستوى مقبول من الردع، ولهذا فإن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” لن يتنازلوا عن حقوقهم القانونية أمام تحالف العدوان السعودي. وحول هذا السياق، أكد وزير خارجية حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، “هشام شرف”، أن هجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” على السعودية ستتوقف فقط عندما يوقف تحالف العدوان السعودي هجماته على اليمن، وأن أي هجمات وحصار اقتصادي يجب أن يتوقف قبل ذلك وأنه لن يمكن إجراء أي مفاوضات سياسية إلا عقب رفع الحصار عن المطارات والموانئ اليمنية.
يذكر أن الأمم المتحدة، كانت قد وصفت الحرب الدائرة في اليمن منذ ستة أعوام، بالكارثة الإنسانية في حين أكدت مفوضيتها للشؤون الإنسانية، في آخر تقاريرها بشأن العدوان والذي صدر أول العام الحالي، أن الحرب في اليمن أودت بحياة 233 ألف شخص، على مدار 6 سنوات، وبجانب الضحايا الذين سقطوا في تلك الحرب فإنها ألحقت دمارا هائلا بالبنى التحتية لليمن، في وقت يصفها معارضوها بأنها حرب عبثية ويقولون بأن السعودية لم تحقق من ورائها أي هدف سياسي.
سابقة تاريخية
صمود الشعب اليمني لست سنوات بوجه هذا العدوان البغيض، يعد سابقة تاريخية منقطعة النظير سطر فيها اليمانيون الأبطال ملاحم خالدة على مستوى التصدي للهجمة السعودية ـ الأمريكية – الإماراتية المسعورة . وأجبر واشنطن وغيرها على إعادة حساباتها، فالعالم لا يحترم سوى الأقوياء”.
هنا يتطلب من أمريكا راعية الإرهاب إعادة حساباتها والعمل على إنقاذ السعودية وإخراجها من المستنقع اليمني الذي ورطتها فيه قبل أن تغرق وينتهي أكبر حليف لها في الشرق الأوسط .