المتسلقون على دماء الشهداء
محمد صالح حاتم
تحل ّعلينا الذكرى السنوية للشهيد، والتي نحتفل بها تكريما وتعظيما وتقديساً لعظمة ما قدمه الشهداء، في سبيل نيل الحرية والعزة والكرامة.
وأمام عظمة ما قدمه الشهداء، ومكانتهم في المجتمع وعند الله سبحانه وتعالى والمنزلة التي انزلهم فيها وهي مكانة لا تضاهيها أي مكانه، وتصغر أمامها كل الأعمال . . علينا جميعا ً أن نقتدي بهؤلاء الشهداء وأن ّ نمضي على دربهم ونسير على خطاهم، ونكمل المشوار الذي بدأوه حتى تحقيق النصر المبين على العدوان.
ولكن هنالك من يستغلون دماء الشهداء، ويتاجرون بها ويتسلقون على دمائهم، ويمنّون على الوطن والمجتمع انهم قدموا شهداء، بهدف كسب المناصب وجني الأرباح.
وما أكثر مثل هؤلاء وقد ظهروا في الآونة الأخيرة وأصبحوا معروفين من خلال ممارساتهم وسلوكهم وهنجمتهم وتكبرهم فتراهم يلصقون صور الشهداء على مخازن بنادقهم، وزجاجات سياراتهم، ويتباهون ويتكبرون بين أفراد المجتمع وفي المجالس والاجتماعات والمناسبات، حتى في الطرقات يفحطون بسياراتهم في وجه رجل المرور وجندي الأمن الواقف في نقطة التفتيش يؤدي عمله، بمبرر انهم قدموا شهداء، وعند تسليم كروت الغاز من العقال يخالفون النظام ويتخطون النساء والرجال المنتظمين في طوابير منذ ساعات الفجر الأولى متشدقين بقولهم: أنا قدمت شهيد.
بل إن بعضهم يبحث عن منصب مدير عام أو منصب وزير أو عضو مجلس شورى، وليس أهلاً له ولا يملك المؤهل وليس عنده خبرة أو كفاءة لهذا المنصب وكل ذلك بحجة أنه قدم شهيداً.
وقد يكون أغلب هؤلاء المتسلقين على دماء الشهداء ممن كانوا يمنعون الشهداء من الذهاب إلى الجبهات، ويعملون على تثبيطهم وإحباطهم، وممن كانوا يتبرأون منهم، وأنهم لا يعرفونهم، وبعد استشهادهم يسعون لجني الأرباح والسعي للحصول على المناصب من وراء دماء شهدائهم.
فيا هؤلاء لا تمنُّوا على الناس والوطن أنكم قدمتم شهداء..
الشهادة منحة إلهية عظيمة لا ينالها إلاَّ من اصطفاهم الله، والشهيد عندما ذهب إلى الجبهات ذهب ليدافع عن الدين والوطن والعرض والشرف، لم يذهب من أجل منصب أو مكسب مادي، أو جاه له أو لأفراد أسرته أو أقاربه.
لا تسيئوا للشهداء، ولا تتسلقوا على دمائهم، بل إن عليكم أن تكونوا نموذجا ً راقيا ً وقدوة في التعامل والأخلاق والتواضع بين أفراد المجتمع.
الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الدين والوطن والعرض والشرف والكرامة واجب على كل إنسان مؤمن بالقضية، حر وشريف لا يرضى بعيش الذل والإهانة، والارتهان للأعداء، ليس فضلا ًأو منةمن أحد.
