بدأت التدخلات تحت الغطاء الإنساني.. وانتهت بالسيطرة والتغيير الديموجرافي
المهرة وسقطرى.. الاحتلال يجعل من الديموغرافيا والهوية عنواني حرب أخرى ضد اليمنيين
تدرك الإمارات أن السيطرة على سقطرى تمكنها من التحكم في الملاحة المتجهة إلى الخليج وشرق آسيا
السعودية والإمارات عمدتا إلى تأزيم معيشة الناس في المهرة وسقطرى لدفعهم للهجرة وطلب التجنيس
إنشاء قواعد عسكرية.. تعزيز الدعوات الانفصالية.. كلها توجهات لرعاية مصالح الكيان الصهيوني
تشكيل ميليشيات محلية موالية تسيطر على الأجهزة الأمنية في المحافظتين من خطوات التحكم والسيطرة
لا يخفى على المتابع للمشهد في المحافظات المحتلة محاولات دولتي السعودية والإمارات للسيطرة على الأراضي اليمنية ذات الأهمية الجيواستراتيجية وفي طليعتها محافظتا المهرة وسقطرى.
بدأت تلك المحاولات بدعوى العمل الإنساني وانتهت بالتحكم والسيطرة والتغيير الديموجرافي من خلال التوطين والتجنيس والتضييق على المواطنين وصولاً للسيطرة على المنافذ البرية والبحرية والجوية وإنشاء المعسكرات والثكنات العسكرية.
وقد أدرك أبناء محافظتي المهرة وسقطرى الأهداف الخطيرة لقوى العدوان، وعملوا على تنظيم أنفسهم والبدء باحتجاجات سلمية تعبيراً عن رفضهم لتواجد قوات خارجية وكذلك للميليشيات المحلية الموالية لها.
ولم يتردد أبناء المهرة وسقطرى عن إعلان نواياهم في تصعيد مواقفهم ضد الاحتلال وصولاً إلى المقاومة المسلحة.
أبعاد التواجد السعودي الإماراتي وخيارات أبناء سقطرى والمهرة نستعرضها في هذا التقرير :
الثورة / مها موسى
في مارس 2015م أعلن تحالف العدوان عن مجموعة من الأهداف التي توحي وللوهلة الأولى بحرص السعودية التي تقود التحالف على أمن ووحدة اليمن واستقراره , إلا أن الأيام سرعان ما كشفت عن الهدف الحقيقي من هذا التدخل , فبعيدا عما ادعتاه من أهداف إلا أن ممارسات السعودية والإمارات على أرض الواقع كشف عن أهداف أخرى تمثلت بالسيطرة على مصادر الثروة والمناطق ذات الأهمية الجيوستراتيجية في اليمن , وحرصهما كدول تابعة للكيان الصهيوني وبريطانيا والولايات المتحدة أن يكون لهما موطئ قدم في اليمن مستقبلاً يضمن عدم تملكه لسيادته وقراره ، وهو ما يتضح من خلال ما تقوم به القوات التابعة للدولتين في المناطق الخاضعة لسيطرتهما , لا سيما في محافظتي سقطرى والمهرة واللتين كانتا تنعمان باستقرار نسبي إلى وقت قريب , ناهيك عن عدم تواجد القوات الوطنية المناوئة للوجود السعودي الإماراتي فيهما ( الجيش واللجان الشعبية ) ما يجعل من نشاط القوات السعودية والإمارتية القائم على التوسع والسيطرة واضح الأهداف وغير مبرر .
المهرة وسقطرى مواقع استراتيجية وثروات طبيعية نادرة
تعتبر محافظة سقطرى والتي هي عبارة عن أرخبيل من ست جزر شرق خليج عدن ( كانت إلى العام 2013م إداريا تابعة لمحافظة حضرموت) من المناطق ذات الأهمية الجيوستراتيجية على مستوى اليمن والمنطقة والعالم نظرا لموقعها الجغرافي الهام ,حيث تعد نقطة التقاء المحيط الهندي ببحر العرب مما يمكنها من التحكم في الملاحة البحرية ومراقبتها للدول المطلة على بحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي والملاحة المتجهة إلى الخليج وإلى شرق آسيا .
بالإضافة إلى الثروة الطبيعية التي تتمتع بها , حيث تعد المحافظة من المناطق البكر الزاخرة بالثروات التي لم تستغل بعد , كما تتميز سقطرى ببيئة طبيعية استثنائية ونادرة سواء من حيث التنوع النباتي أو الحيواني وغيره وهو ما يجعلها موضع أطماع بالنسبة للدول المعادية لمحور المقاومة .
كما لا تقل محافظة المهرة أهمية عن محافظة سقطرى إذ تعتبر ثاني أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة بعد حضرموت وتتمتع بموقع جيوسياسي فريد من نوعه , حيث تقع في أقصى شرقي البلاد ويحدها من الشرق عمان ومن الشمال السعودية ومن الغرب محافظة حضرموت ومن الجنوب بحر العرب , ولها شريط ساحلي يبلغ طوله 560 كيلو متر, كما أنها غنية بالثروات الطبيعية بما فيها الثروات النفطية ، ولعل محاولة القوى الاستعمارية السيطرة على هاتين المحافظتين تاريخيا كان بمثابة دليل على ذلك ، فلا يمكن لأي قوة استعمارية تسعى لمد نفوذها في اليمن والجزيرة العربية ككل أن تتجاهل أهمية السيطرة على تلك المحافظتين.
المهرة وسقطرى بين ماضي التهميش وحاضر الاستقطاب
على الرغم من الأهمية الاستراتيجية التي تتميز بها كلا من المهرة وسقطرى إلا أنهما تعرضتا للتهميش من قبل مراكز الحكم في اليمن خلال العقود الماضية لا سيما بعد الوحدة, وكانتا من أشد المناطق عزلة في اليمن وهو ما جعل سكانها يعانون من تدني مستوى الخدمات في مختلف المجالات وتدني مستوى المعيشة مما دفع بمواطنين من المحافظتين إلى الهجرة والسعي للإندماج بمجتمعات الدول المجاورة عبر التجنيس الذي تستخدمه الإمارات والسعودية كأداة للتغلغل في تلك المناطق.
هكذا كان الحال في الماضي , أما اليوم فتتعرض محافظتي سقطرى والمهرة لاستهداف ممنهج من قبل قوى تحالف العدوان في اليمن ممثلة بالسعودية والإمارات يدخلها في أتون صراع كانت بمنأى عنه يسعى لتغيير معالم المحافظتين والتركيبة السكانية فيهما.
كما تعيش المحافظتين محاولات استقطاب مختلفة فمن جهة تسعى كل من السعودية و الإمارات للسيطرة عليهما , ومن جهة ثانية تسعى سلطنة عمان للحفاظ على علاقاتها بهما خاصة المهرة التي ترى السلطنة أنها امتداد طبيعي لمحيط أمنها القومي بالتالي تناهض وجود أي قوى أجنبية أخرى فيها ما يجعل سكان المحافظتين ضحية لهذا الاستقطاب الذي يهدد بالانقسام المجتمعي فيهما وهو ما تعززه وتسعى له القوى السعودية والإماراتية .
عسكرة المحافظتين
تسعى كلا من السعودية والإمارات لإنشاء قواعد عسكرية استخباراتية لهما في المهرة وسقطرى حيث تعملان على استقدام أفراد من خارج المحافظتين وتعملان على توطينهم وتسند إليهم مناصب مهمة تمكنهم من إدارة شؤون المحافظتين بما يخدم مصالح الإمارات والسعودية وبما يعزز الدعوات الانفصالية .
تعود بداية مساعي تقاسم النفوذ والمكاسب في المهرة وسقطرى بين السعودية والإمارات للعام 2017م حيث ركزت السعودية بشكل رئيسي على محافظة المهرة وبشكل أقل على محافظة سقطرى والعكس بالنسبة للأمارات .
لذلك سعت الإمارات بأساليبها الممنهجة لعسكرة جزيرة سقطرى عبر قوات المجلس الانتقالي التي سيطرت على الجزيرة في 19 يونيو 2020م بدعم منها وبتواطؤ سعودي لا يستغرب في ظل عمل كلا الدولتين على رعاية مصالح الكيان الصهيوني في المنطقة وتمهيد الطريق له لمد نفوذه فيها , حيث كشف موقع ساوث فرونت الأمريكي والمتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية عن عزم الإمارات والكيان الصهيوني إنشاء مرافق عسكرية واستخباراتية في جزيرة سقطرى جنوب شرقي اليمن وهو ما لا تعارضه السعودية ، كما قامت باستقدام عسكريين من جنسيات أجنبية عبر شركة اماراتية تدعى ” رويال جت” , وتمليك ضباط إماراتيين مساحات واسعة في المحميات البيئية داخل الجزيرة وتسويرها رغم تحريم القانون اليمني بيع أراضي للأجانب بما فيهم المستثمرين .
استكمالاً لعسكرة سقطرى قامت الإمارات ببناء ثلاثة معسكرات في المحافظة في ثلاث مواقع منها موقعان يعتبران مركزا استطلاع نظراً لموقعهما في منطقة مرتفعة ومطلة على خليج عدن هما ( ” رأس قطينان ” الذي يقع جنوب غرب سقطرى باتجاه جزيرتي سمحه وعبدالكوري والقرن الأفريقي – “جمجمة مومي” الواقع أقصى شمال شرق سقطرى ) والمعسكر الثالث في (“بعلبودة” الذي يقع بالقرب من مطار سقطرى حوالي 4 كيلو من جهة الغرب) كما قامت بعمليات تجنيد واسعة وبناء ما يقارب 8 أبراج لشركات اتصالات إماراتية دون الرجوع للسلطات المحلية في المحافظة , وتعمل الإمارات على إنشاء قاعدة عسكرية تشرف على الجزر الغربية للأرخبيل , تسعى الإمارات من خلال هذه الإجراءات عسكرة المحافظة وتحويلها إلى ثكنات عسكرية تخدم مصالحها ، ولا يختلف الأمر كثيرا في المهرة فالسعودية تقوم بدور مشابه لدور الإمارات في سقطرى فيما يتعلق بعسكرة المحافظة، حيث استبدلت المسؤولين المناهضين للتواجد السعودي فيها بآخرين يعملون لصالحها وذلك في أواخر العام 2017م وبدأت تنشر قواتها في المحافظة تحت ذريعة مكافحة التهريب , حيث نشرت في العام 2018م ما بين 1500 إلى 2000 جندي سعودي وأنشأت ميليشيات محلية موالية لها تسيطر من خلالها على الأجهزة الأمنية في المحافظة، كما قامت بتوزيع أسلحة على بعض القبائل كجزء من جهودها للسيطرة على المحافظة , وحالياً تسيطر السعودية على مطار المحافظة والمنافذ الحدودية البرية مع عمان والميناء البحري الرئيسي وبنت أكثر من عشر قواعد عسكرية في المحافظة.
المهرة وسقطرى والتغيير الديموجرافي
بالتزامن مع الجهود الحثيثة التي تقوم بها الإمارات لعسكرة سقطرى ، والسعودية لعسكرة المهرة باءت كل من السعودية والإمارات إلى استخدام أساليب أكثر خطورة وفاعلية من العسكرة تتمثل بالعمل على إحداث تغيير ديموغرافي من خلال تغيير التركيبة السكانية في كلا المحافظتين بوسائل عدة لعل أبرزها التوطين والتجنيس ، إذ تقوم الدولتان بمنح جنسيات إماراتية وسعودية لمواطنين مهريين أو سقطريين كما تقومان بمنح مواطنين غير يمنيين الجنسية اليمنية بحجة أنهم من أصول مهرية أو سقطرية وإرسالهم إلى المهرة وسقطرى لتنفيذ أجنداتهم ورعاية مصالحهم , حيث قامت الإمارات بتجنيس أعداد من أبناء سقطرى والمهرة المقيمين في الإمارات من بينهم وجاهات وشخصيات اجتماعية بارزة وعملت على شراء الولاءات في الداخل بالترغيب والترهيب ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل بلغ الأمر بالإمارات حد الادعاء بأن أهالي سقطرى جزء من النسيج الاجتماعي الإماراتي حسب زعم أحد مشائخ الإمارات المدعو خالد القاسمي , وأن الجنسية الإماراتية حق لسكانها وظهرت دعوات أخرى في الإطار نفسه تدعو إلى توطين اللاجئين الصوماليين في الجزيرة .
الأمر ذاته حدث في المهرة حيث تعمل السعودية ثمانيات القرن الماضي سعت لتجنيس شيوخ القبائل والشخصيات البارزة في المحافظة للسيطرة عليها وتغيير التركيبة السكانية فيها.
كما قامت بتهجير المئات من قبائل المهرة التي كانت تسكن منطقة الخراخير في الربع الخالي إلى مناطق تابعة لإمارة نجران، وتمكنت من ضم المناطق اليمنية التي كانت تسكنها القبائل المهرية والسيطرة عليها، بينما لم توف بوعدها بمنح القبائل المهجرين الجنسية السعودية.. ولايزال أولئك يعانون ويشتكون ويحتجون لأنهم أًصبحوا “بدون” هوية ولا حقوق، ويجدون صعوبة حتى في تسجيل عقود زواجهم.
وواصلت السعودية تنفيذ أطماعها من خلال عدوانها على اليمن منذ 26 مارس 2015م حيث قامت وفي إطار جهودها تلك بإحضار عدد من مشائخ خراخير وشرورة ومنحهم مناصب رفيعة في مؤسسات الدولة بالمحافظة ,ولإثارة الصراعات داخل المهرة قامت السعودية بتغيير مشائخ القبائل وتغيير ما يقارب 44 مدير إدارة في مؤسسات الدولة خلال 24 ساعة سعياً منها لإحكام السيطرة على المحافظة .
وكشفت مصادر مطلعة أن السعودية قامت بإجبار هادي على منح 30 ألف فرد من ” البدون” الذين يعيشون على أرضها معظمهم من أصول باكستانية ومالاوية وجنسيات وجوازات سفر يمنية حيث هددت بإيقاف رواتب الحكومة الموالية للرياض أو استبدالها بحكومة أكثر تعاونا في حالة الرفض , ويرى مراقبون أنه من المحتمل ترحيل هؤلاء المجنسين إلى المهرة وسقطرى وتوطينهم هناك في سبيل التغيير الديموجرافي لهما وهو ما لا يمكن استبعاده ، ويدخل في إطار جهود السعودية تغيير التركيبة السكانية في المحافظة إعلانها منطقة ” الخراخير” وهي منطقة يمنية ضمتها السعودية عن طريق تعهدها لسكان المنطقة بمنحهم جنسيات سعودية وامتيازات مالية قبل 35 عاما “منطقة عسكرية” ومن ثم “منطقة نفطية ” مما ترتب على ذلك سحب الجوازات السعودية من سكان الخراخير ومنحهم إقامات مؤقتة بمهنة عامل تمهيدا لترحيلهم وهو ما رفضته القبائل المهرية , كما أن السعودية باتت تمارس على هؤلاء السكان ما يشبه الحصار حيث أنهم لا يتمكنون من مغادرة مناطقهم في محاولة للتضييق عليهم للقبول بالترحيل .
أطماع السعودية في المهرة ليست وليدة اللحظة
من المهم الإشارة إلى أن أطماع السعودية في محافظة المهرة تاريخية وليست وليدة هذه اللحظة أو نتيجة هذه الحرب , فمنذ تأسيسها في ثلاثينيات القرن الماضي وهي تسعى إلى السيطرة والتوسع الأمر الذي أدخلها في صراع حدودي مع الدول المجاورة وفي مقدمتها اليمن.. وتشكل محافظة المهرة أهمية كبيرة بالنسبة للسعودية حيث تسعى الأخيرة لمد أنبوب نفطي من آبار النفط السعودية في المنطقة الشرقية والربع الخالي عبر المهرة إلى شواطئ البحر العربي يمكنها من تجاوز مضيق هرمز ويوفر عليها التكاليف الباهظة للنقل عبره وهو مشروع قديم طرحته السعودية على الحكومة في جنوب اليمن في السبعينات وكررت طرحه على الحكومة اليمنية في عام 1990م بالتزامن مع قيام الوحدة اليمنية إلا أن المشروع كان يقابل بالرفض في كل مرة يطرح فيها وهو ما دفع السعودية لاستغلال تواجدها في اليمن تحت ذريعة استعادة الشرعية لتتمكن من تنفيذ المشروع حيث استقدمت مجموعة من الخبراء التابعين لشركة أرامكو النفطية إلى المهرة وأجروا دراسات ميدانية ومسحية في المناطق التي سيمر منها الأنبوب في المحافظة وتم وضع علامات خراسانية في المسار المحدد، لكن قبائل المهرة انتزعت تلك الإشارات.
وهناك تسريبات عن دراسات سعودية لإنشاء قناة بحرية بدلاً من الأنبوب النفطي يبلغ طولها 1000 كيلو متر منها 600 كيلو متر داخل الأراضي السعودية و400 كيلو متر ضمن الأراضي اليمنية في صورة تعكس نهم السعودية في استغلال تواجدها في اليمن إلى أقصى حد ممكن .
تحت ذرائع إنسانية.. تحركات سعودية إماراتية لتغيير هوية سقطرى والمهرة
أول ظهور للإمارات في سقطرى كان في العام 2015م تحت ذريعة تقديم المساعدات الإنسانية والعمل على تخفيف ومعالجة الأضرار التي لحقت بسكان الجزيرة نتيجة لضرب إعصار “شابالا” لها حيث قدمت طواقم عدة من الهلال الأحمر الإماراتي إلى الجزيرة وقدمت مساعدات غذائية وطبية للسكان , وهو ما جعل المواطنين في سقطرى يقبلون بالشكل الإنساني للوجود الإماراتي في الجزيرة خصوصاً في ظل عدم قيام الحكومة اليمنية الموالية للرياض بواجبها تجاه المواطنين آنذاك , وهنا مربط الفرس حيث استغلت الإمارات تواجدها وعملت على تحقيق أهدافها بالسيطرة على المحافظة منطلقة من تدشين عدة مشاريع وأنشطة هدفت من خلالها لتغيير المجتمع السقطري ليصبح مجتمعا مدينا لها بالولاء , ومن تلك الأنشطة ما قامت به مؤسسة خليفة الإماراتية في المجالات الثقافية والتعليمية والأمنية منها افتتاح جامعة سقطرى الدولية والعديد من المعاهد التدريبية التي تركز من خلالها على استهداف الأطفال والشباب بدرجة خاصة.
وليست المهرة بمنأى عن هذا الاستهداف في ثقافتها وهويتها ولكن بوسائل أخرى حيث استقدمت السعودية مئات السلفيين للمحافظة ومكنتهم من إقامة أنشطة وتقديم محاضرات متعددة فيها , مع العلم أن سكان محافظة المهرة يتبعون نسخة معتدلة من الإسلام السني ويرفضون الأيديولوجيات المتطرفة بما فيها السلفية .
سخط شعبي ووعي مجتمعي عالٍ تجاه التهجين السعودي الإماراتي
منذ اللحظة الأولى والمواطنين في محافظتي المهرة وسقطرى وهم يعبرون عن سخطهم تجاه الممارسات السعودية والإماراتية حيث عملوا على تقويض مساعيهما وكشف مخططاتهما وهو ما جعل من هدفهما السيطرة على المحافظتين صعب المنال حيث ظهرت المعارضة للتواجد السعودي الإماراتي من خلال تنظيم السكان المحليين في المحافظتين مظاهرات سلمية في بادئ الأمر ثم تطور حال المعارضة من مظاهرات سلمية إلى اشتباكات مسلحة كان إحداها في سبتمبر 2018م مع القوات السعودية و في 14 نوفمبر من العام نفسه بالقرب من ميناء نشطون استمرت لساعات وقتل خلالها العديد من المتظاهرين , وأخر في 11 مارس 2019 م بالقرب من منفذ شحن الحدودي أسفرت عن إصابة 2 من رجال القبائل وعدد من قوات التحالف , مما تسبب بإغلاق الحدود العمانية ليوم كامل ، كما نفذت السعودية عدة غارات جوية على قبائل مهرية مناوئة للتواجد السعودي الإماراتي وشنت حملات اعتقال واسعة بحق ناشطين وحقوقيين ومتظاهرين من المحافظة .
أما الإمارات فقد عملت على تعميق عزل جزيرة سقطرى عن باقي المناطق اليمنية من خلال تقليل تسيير الرحلات الجوية ومنع المواطنين اليمنيين من غير سكان الجزيرة من الدخول إليها إلا بإجراءات وشروط معقدة , ومنعت الرحلات البحرية إلى الجزيرة عبر المراكب البحرية ما أدى إلى تضييق الخناق على سكان سقطرى , كما ضيقت على المواطنين من خلال منعهم من الصيد وتغيير المعالم البيئية من خلال عمليات جرف الأسماك وغيره مما دفع أهالي سقطرى لمناهضة التواجد الإماراتي فيها، حيث نظمت القبائل السقطرية العديد من المظاهرات والاحتجاجات , وقامت باعتصامات عدة تطالب بإنهاء التواجد الإماراتي في الجزيرة .
ختاماً يمكن القول إن أهداف كل من السعودية والإمارات ومن خلفهما في اليمن باتت جلية وتتضح من خلال الممارسات الممنهجة لهاتين الدولتين على الأراضي اليمنية حيث تسعى إلى نهب ثرواتها واستنزاف مقدراتها وزعزعة الاستقرار فيها وتمزيق النسيج الاجتماعي وزرع بذور التفرقة والانقسام وهذا الأمر لا يقتصر على ما تقوم به قوى العدوان في محافظتي سقطرى والمهرة فقط بل يمتد إلى ما تقوم به في اليمن ككل وهو ما يحتم على مختلف القوى والأطياف السياسية الوطنية والمجتمعية الوقوف صفا واحدا في وجه هذه الممارسات ومنع السعودية والإمارات من تحقيق أهدافهما ومآربهما.