ظهور السفير الأمريكي بالمهرة يفضح المخفي من أجندات أمريكا ووقاحة أفعالها الميدانية
خيوط التآمر الأمريكي السعودي تتشابك في المهرة وسقطرى وذرائعها الإرهاب والتهريب
أمريكا تحتل المهرة وسقطرى وحضرموت بقفازات سعودية وإماراتية وأخرى محلية
صباح الإثنين، 30/نوفمبر/2020م ، طائرة أمريكية تهبط في مطار الغيضة بمحافظة المهرة، تحمل بداخلها دبلوماسي أمريكي هو السفير الأمريكي “كريستوفر هنزل”، الذي وصل بطريقة غير دبلوماسية، ونزل في المطار الذي صار قاعدة عسكرية للسعوديين والأمريكيين منذُ أواخر العام 2017م، وعقب وصول السفير الأمريكي المطار لم يلتقي بمسؤولين يمنيين أو قيادات عسكرية يمنية بل استقبلته قوات سعودية وبريطانية وهناك تحدث عن مزاعم مكافحة الإرهاب ودعم مكافحتها في طريقة وصفها مراقبون وصفات ذرائعية مكشوفة ومفضوحة، تحاول أمريكا والسعودية على تنفيذ مخططاتهما الرخيصة من خلال تسويق هذه الأكاذيب والذرائع المكذوبة.
الثورة /
لكن وكيل محافظة المهرة لشؤون الشباب “بدر كلشات” سارع للتعليق على الزيارة في صفحته على موقع تويتر قائلا: في يومنا هذا يزور السفير الأميركي لدى اليمن القوات الأميركية والبريطانية المتواجدة في مطار الغيضة بالمهرة، هم يحكمون ونحن نصفق ونحتفل بأعياد الاستقلال”، مصادر سياسية مطلعة قالت إن زيارة السفير الأمريكي ليست عفوية، بل جاءت انسجاما مع مخطط سعودي رخيص يستخدم الإرهاب شماعة وذريعة، يتساوق مع الأجندات التي تعمل أمريكا على تحقيقها من خلال قفازات سعودية وإماراتية، وأيضا تمهد لتواجد أمريكي مباشر على الأرض.
في بداية شهر أكتوبر الماضي بدأت السعودية باستدعاء فزّاعة “الإرهاب” في المهرة، بعد فشلها الذريع في اختراق التحرك الشعبي الكبير الذي يتصدى لقواتها ودباباتها وجنودها، وزعمت العملية التي تم الإعلان عنها في الثاني من شهر أكتوبر عن مقتل واستسلام عدد من مسلّحي التنظيم، بعد مداهمة وكر لهم في مدينة الغيضة، عاصمة المحافظة.
مراقبون وسياسيون رأوا أن وصول السفير الأمريكي أمر وقح وفاضح، وأشاروا إلى أن ذلك يعكس وقاحة أمريكا وبلطجتها، واعتبر رئيس لجنة الاعتصام السلمي بمحافظة المهرة، الشيخ عامر كلشات السعودية، بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هنزل للمحافظة ، وقال كلشات، إن الظهور المفاجئ للسفير الأمريكي في مطار الغيضة دون إعلان مسبق هو نوع من أنواع الاحتلال الذي يمارسه السفير السعودي في المحافظة، مشيرا إلى أن مؤامرات جديدة تحاك ضد المحافظة، بالتزامن مع قرب انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضيفاً: السعودية أرسلت السفير الأمريكي لمطار الغيضة ليتحدث عن الإرهاب في المهرة، والحقيقة أن تواجد القوات السعودية نعتبره نحن أكبر إرهاب.
وأكّد كلشات أن جرائم السعودية في اليمن لن تسقط بالتقادم، ورغم اعتقادها أن الشرعية توفر لها الحماية من الملاحقات القانونية القادمة، إلا أن الشعب اليمني يعرف من يقصفه ويحاصره.
احتلال أمريكي معلن
يجيب ظهور السفير الأمريكي كريستوفر هنزل في الثلاثين من نوفمبر بمحافظة المهرة عن الكثير من التساؤلات حول الأوضاع التي تمر بها المحافظات الشرقية، ويكشف عن مجمل الأهداف المشتركة «سعوديا وأمريكيا» التي تقف وراء اقتحام المهرة بقوات احتلالية سعودية في العام 2018م، ويتطابق هذا الظهور الوقح حد وصف متابعين مع ما تسوقه السعودية من أجندات ذرائعية لاحتلال محافظة المهرة، كمزاعم التهريب، والإرهاب والتي استجدت مؤخرا ضمن مخطط أمريكي لإكمال الإطباق على المناطق والسواحل الشرقية، وقد انعكست في الرسائل التي وجهها الأمريكي خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده في ختام زيارته قبل أيام، وقد سبق للسفير الأمريكي ذاته أن التقى بمحافظ المهرة با كريت في الرياض، كما سبق أن زار محافظة حضرموت، وحسب معلومات فإن للسفير مكتب خاص به في حضرموت شرق البلاد.
معلومات متطابقة أكدت أن السفير الأمريكي وصل إلى المهرة برفقة وفد عسكري وأمني أمريكي، مصادر مطلعة قالت إن العناصر العسكرية والأمنية الأمريكية التي رافقت السفير السعودي تتبع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لافتة إلى أن الأمريكيين قاموا بزيارة القاعدة السرية للطائرات بدون طيار المتواجدة في الربع الخالي يوم الثلاثاء وتم نقلهم بواسطة طائرة عمودية سعودية إلى الربع الخالي.
وأتت زيارة السفير الأمريكي بعد أيام من إعلان ضبط سفينة تحمل طنًا من المخدرات على متنها بحارة إيرانيون وباكستانيون في سواحل مدينة الغيضة في ال 13 من نوفمبر الماضي، وإعلان الأجهزة الأمنية في المهرة تمكنها من مداهمة وكر لمجاميع إرهابية في الثاني من أكتوبر الماضي، كلتا الحادثتين كانتا محور السفير الأمريكي، ومن الواضح أن إعلان الحادثتين كانت مقدمات ذرائعية لهذه الزيارة الوقحة، من الواضح أن تشهد المهرة تواجدا أمريكيا معلنا في الأيام المقبلة.
سيطرة وقواعد عسكرية أمريكية
أفادت المصادر المطلعة أن هدف الزيارة إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في المهرة، ولفتت إلى أن الأمريكيين أنشأوا غرفة عمليات في مطار الغيضة بذريعة مكافحة الإرهاب، وأشارت إلى أن قاعدة عسكرية أخرى ينوي الأمريكيون إنشاءها على سواحل محافظة المهرة بالقرب من سلطنة عمان، وأشارت إلى إن مهمة الوفد الذي رافقه السفير الأمريكي هو دراسة المناطق المقترحة لإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية، ومنها مواقع مطلة على الأراضي العمانية جنوب شرق المهرة، في هذا السياق قالت وسائل إعلامية جنوبية إن القوات الأمريكية لها تواجد عسكري في الربع الخالي في منطقة خراخير اليمنية التي تحتلها السعودية.
وفي حقيقة الأمر فالزيارة هي استكمال لاهتمام أمريكي بتلك المنطقة بدأ يتشكل منذ العام 2018م، وهو التوقيت الذي وصل فيه الحضور السعودي ذروته عقب زيارة الفار هادي الوحيدة للمهرة في الأول من أغسطس 2018م، التي دشن فيها ما يسمى ببرنامج الإعمار السعودي الذي يرأسه السفير السعودي محمد آل جابر، وينشط بشكل كبير في محافظة المهرة متسترا بأنشطته، مستخدما عناوين العمل الإنساني وإعادة الإعمار ذرائع لإدخال القوات السعودية الغازية إلى المحافظة، فلم يسبق للمهرة أن تعرضت لحرب حتى تكون بحاجة لإعادة إعمار، ولا أبناؤها منكوبون حتى يحتاجون للمساعدات الإنسانية.
ورافق الاعتداءات السعودية والتوغل والتواجد بالقوات العسكرية في محافظة المهرة حضور وتواجد أمريكي متزامن وإن بشكل محدود، حيث تتواجد قوات أمريكية في مطار الغيضة الذي صار قاعدة عسكرية مغلقة منذ ذلك الحين، كما أن التناغم السعودي الأمريكي في ما يخص المهرة بدأ مبكرا ومنذ انسحاب الإمارات منها عقب اتفاق بين النظامين السعودي والإماراتي تلبية لطلب أمريكي، كل ذلك يعكس أن الاحتلال السعودي للمهرة هو مصلحة أمريكية، وضمن مخطط أمريكي تنفذه السعودية التي تشترك مع أمريكا في جزء من المصالح.
أطماع وأجندات أمريكية
الأطماع الأمريكية بالمحافظات الشرقية لليمن بدأت تظهر فعليا في سبتمبر من العام 2018م من خلال تحركات أمريكية مكثفة لمسؤولين عسكريين أمريكيين، ففي الخامس من سبتمبر 2018م التقى رئيس هيئة الأركان الأسبق المرتزق طاهر العقيلي في عدن قائد القيادة المركزية الأمريكية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل، وقد أعقب اللقاء زيارة قام بها العقيلي إلى المنطقة العسكرية الأولى في سيؤون والتي تقع المهرة ضمن نطاقها العسكري، خصص ذلك اللقاء حسب ما نشرته وكالات الأنباء أن اللقاء بحث تطوير قوات خفر السواحل والقوات البحرية والقوات الخاصة ، وقال موقع القيادة المركزية الوسطى على الإنترنت إن الجانبين ناقشا التعاون في مكافحة الإرهاب، وأهمية حماية خط الساحل اليمني لمواجهة «خطر تهريب الأسلحة غير المشروعة من إيران إلى اليمن»، وهي الذريعة الأمريكية التي تسوقها لاحتلال السواحل اليمنية، وبنفس السيناريو الأخير فقد جاء اللقاء آنذاك بعد أيام من زعم الجيش الأمريكي إلقاء القبض على زورق يحمل أسلحة زعم أنها إيرانية، وقالت القيادة المركزية في تغريدة لها إن طاقم المدمرة «يو أس أس جايسون دونام» التابع للبحرية الأمريكية تمكن بشكل نهائي من إحصاء بنادق الكلاشنكوف المصادرة في خليج عدن بتاريخ 28 أغسطس، وقالت إن العدد النهائي هو 2521 بندقية.
العقيلي زار حينها المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، والمنطقة العسكرية الثانية في المكلا، وهي أولى زياراته لتلك المناطق التي بقيت بعيدة عن الحرب ولم تشهد مواجهات، وامتدت تلك الزيارات لتشمل المهرة، حيث زار المرتزق العقيلي منفذ صرفيت الحدودي بمديرية حوف، والذي يربط بين اليمن وسلطنة عمان، وتمحورت تلك الزيارات للعقيلي بما ركز عليه الجانب الأمريكي في اجتماعهم به بعدن..حول عمليات خفر السواحل، وتمتد في النطاق الجغرافي الشرقي لبلادنا من حضرموت حتى المهرة، وهي ذاتها محور اهتمام السفير الأمريكي خلال زيارته للمهرة قبل أيام.
وأوضح أن الأمريكيين عملوا على تدريب قوات بحرية من تشكيلات محلية تضم مرتزقة يتبعون أمريكا مباشرة، ففي التاسع والعشرين من نوفمبر 2018م، زار السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر محافظة حضرموت، وحضر حفل تخرج دفعة من منتسبي خفر السواحل، وسلم في الفعالية نفسها التي حضرها السفير السعودي آل جابر زوارق بحرية جديدة لهذه القوات، وأعلن عن مهام لهذه القوات تتمثل في ما وصفه بالمراقبة في موانئ وسواحل قطاع البحر العربي لمنع عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والمتسللينعبر سواحل المنطقة وتنفيذ المهام المنوطة بها، في الوقت الراهن ادعى السفير الأمريكي هنزل إن بلاده تتعاون مع اليمن في القضايا الأمنية وقال «لقد تمكنا من مساعدة خفر السواحل اليمني، وهذا أمر بدأناه خلال التسعينيات من القرن الماضي، وخفر السواحل اليمنية أنجز بعض النجاحات مؤخرا ونتطلع إلى مواصلة انخراطنا مع اليمن في المجالات المختلفة».
تصريحات السفير الأمريكي التي جاءت في زيارته قبل أيام تكشف المخططات الأمريكية التي يجري تنفيذها في المهرة بوضوح، وتفضح الدور الأمريكي في أحداث المهرة واحتلالها بقفازات سعودية، وكذا المساعي الأمريكية في تشكيل قوات محلية تابعة لها، وإذا ما تم إضافة ما تصفه أمريكا بالإرهاب في المهرة، يتضح أن هناك مسارين للأجندات الأمريكية، الأول يتعلق بالحضور العسكري الأمريكي في البحر العربي بذريعة مكافحة التهريب، والثاني ما يتعلق بمواجهة التحركات الشعبية المواجهة للاحتلال في المهرة بذريعة مكافحة الإرهاب، مع التأكيد هنا أن أمريكا -وفقا لتقارير صحفية- تسعى لبناء قواعد عسكرية، ومراكز رئيسية للاستخبارات بهدف مواجهة ومراقبة ما تصفه بالإرهاب، ويكون مقره في مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة.
احتلال أمريكي بذريعة الإرهاب والتهريب
الحديث عن الإرهاب في المهرة وقاحة أمريكية وسعودية، وذريعة مكشوفة لاحتلال المحافظة والسيطرة عليها، فالمحافظة تحتفظ بوضع خاص على المستوى الاجتماعي والسياسي يتسم بالهدوء والمسالمة، وطوال السنوات الماضية لم تظهر أي تنظيمات إرهابية، وظلت المهرة ساكنة بعيدة عن مجمل الأحداث والتطورات في اليمن، لكن هذا الوضع تغير منذ الاقتحام السعودي للمهرة بالقوات والدبابات التي تمركزت في مناطق عديدة من المهرة، وأمام المقاومة الشعبية المتصاعدة الذي أبداه سكان المهرة في مواجهة الأجندة السعودية، عبر الاعتصامات الشعبية والأعمال الوطنية المسلحة، بدأ منعطف جديد يتشكل في المهرة، من خلال يافطة الإرهاب، ففي الـ25 من يونيو 2019م أعلنت السعودية أنها ألقت القبض على أمير تنظيم داعش في اليمن الملقب بـ»أبو أسامة المهاجر»، والذي وصفته بأنه المسؤول المالي للتنظيم مع عدد من المرافقين له في محافظة المهرة، وهي عملية أثارت الكثير من الأسئلة، وظلت غامضة حتى اليوم رغم نقل الرياض للمهاجر إلى أراضيها حسب إعلانها.
وجاءت الحادثة الثانية في الثاني من أكتوبر 2020م في سياق ملف الإرهاب الذي تزعم السعودية وأمريكا وجوده في محافظة المهرة، وقد أدانت قبائل المهرة وشخصيات سياسية وقبلية ما وصفته بالأكاذيب السعودية التي تدعي بوجود الإرهاب في المهرة ، واعتبرت هذه المزاعم تسيء للمحافظة وأهلها، وهذا الموقف نابع من شعور هؤلاء بالقلق تجاه هذا المنعطف الخطير الذي تساق له المحافظة، وإدراكا منهم أن الحديث عن الإرهاب هو ذريعة أمريكية سعودية تريدان من ورائها شرعنة احتلالهما للمحافظة بعد أن عجزت السعودية عن إيقاف العمليات الرافضة لاحتلالها.
سقطرى على المقلب الآخر
والحديث عن الإرهاب في المهرة التي تسعى السعودية للسيطرة عليها بدعم وإشراف أمريكي، يوازيه حديث آخر سبق أن طال محافظة سقطرى التي تسيطر عليها الإمارات وتعبث بمحتوياتها وتسرق الأشجار والحيوانات والأحجار منها، حيث كشفت جهات استخباراتية عن بيان لتنظيم القاعدة يتوعد الإمارات بالحرب في سقطرى، وبدا واضحا استخدام القاعدة وداعش من قبل السعودية والإمارات في هذه المناطق ذرائع للسيطرة والسطو والنهب والاحتلال لها، وهي ذريعة أمريكا نفسها في هذه المناطق وغيرها، أما بالنسبة لتهريب السلاح أو المخدرات عبر المهرة، فهو أيضا مكان نفي في المهرة، خاصة من المحافظين المتعاقبين، والمكونات السياسية والإجتماعية في المحافظة، رافضين المزاعم الأمريكية والسعودية التي تسعيا من ورائها إلى تنفيذ أجنداتها واحتلال المهرة.
من خلال زيارة السفير الأمريكي للمهرة يتضح أن أمريكا تشارك في الحرب العدوانية على اليمن، وتعمل على تعزيز وتكثيف تواجدها في المناطق الاستراتيجية واحتلالها، وهذا الوضع يشير إلى أن السعودية في المهرة تقوم بتنفيذ أجندات أمريكا، وتسعى لاحتلال المهرة لفترة أطول ، والشيء نفسه ما يحدث في سقطرى، فقد عملت أمريكا على توزيع الادوار بين الإماراتيين والسعوديين في هذه المناطق، لتتمكن أمريكا من التحرك شرق اليمن في السواحل وفي البحر العربي دون أي مخاطر تعترضها.