ضرورة المراجعة
عبدالله الأحمدي
مرت الذكرى الـ٤٣ للحزب الاشتراكي اليمني ، وهي مناسبة تجعلنا نترحم على أرواح القادة المؤسسين المغدور بهم من قبل زمرة الخيانة التي ارتكبت مذبحة ١٣ يناير ٨٦م التي أودت بأفضل رفاقنا وقادتنا ، والتي لم يتعافَ الحزب منها حتى اليوم.
كما نتوجه بالتهاني لكل أعضاء الحزب الصامدين والصابرين في عموم الوطن ، وفي هذه الذكرى ندعو ونؤكد الدعوة لكل الحريصين على بقاء الحزب صامداً، وعلى مصلحة الوطن؛ ندعوهم جميعاً إلى ضرورة مراجعة مواقف الحزب من كثير قضايا، وتقييم كل الخطوات التي اتخذتها بعض قيادات الحزب، وخاصة الموقف من العدوان والحرب والتكتلات والشراكات التي جرّت الحزب إلى غير مواقعه وأهدافه.
معلوم لكل الأعضاء الحريصين أن الحزب يعيش أسوأ أوضاعه أما الوطن فهو في كارثة والمواطن وصل قمة المأساة بسبب العدوان والحصار ، ولا من منقذ للحزب بعد أن تورطت كثير من القيادات في تأييد العدوان والالتحاق بركب الارتزاق والانتهازية والخيانة.
كل شيء في اليمن يتمزق ؛ الوحدة والأرض والإنسان ، وتدمر كل المنجزات التي بناها اليمنيون على مر التاريخ ، وما يسمى بالتحالف الذي جر كثيراً من المكونات إلى عربته هو من يدمر اليمن ، وتحول من عدوان عسكري إلى احتلال طامع بأراضي اليمن وثرواته وجزره وموانئه وموقعه.
لقد تعرض الحزب الاشتراكي لنكبات عدة أفظع بكثير من مذبحة ١٣ يناير، ومن تلك النكبات حرب ٩٤م التي هُزِمَ فيها الحزب من قبل قوى التخلف والإرهاب نتيجة تراخي القيادة العسكرية والسياسية ، ثم هرب الكثير من القادة إلى أحضانٍ رجعيات الخليج ، وعندما لملم الحزب الكثير من أشلائه ، وضمَّد بعضاً من جراحاته عاد الكثير من تجار الهزائم ليتربعوا على كراسي القيادة، ولم يُحاسَبوا، أو يُلاموا.
في ثورة فبراير كان شباب الحزب في الطليعة في تفجير الثورة، لكن قيادة المشترك تآمرت على الثورة وحولتها إلى أزمة، وقزمت دور الحزب بمقعدين في حكومة باسندوة التي خضعت للإصلاح والعفافيش الذين أعادوا إنتاج شراكتهم في نهب وسرقة إمكانيات البلاد، وكان الحزب عبارة عن محلل، أو جزء من ديكور.
في الحرب العدوانية تم جرجرة بعض قيادة الحزب لتأييد العدوان، واشتراك بعض أعضائه في حرب الارتزاق، وسقط الكثير منهم مغدورين.
اليوم وبعد ما يقارب ستة أعوام من الحرب العدوانية الغاشمة على اليمن، لم تعد دول العدوان تقبل بأي حزب قومي أو يساري، وأصبحت السعودية والإمارات تستخدمان الأحزاب الرجعية والمشايخ؛ من أمثال الإخوان والسلفيين ومشايخ القبائل في تنفيذ أجنداتها.
العصابات الارتزاقية لا تريد من ينافسها في السيطرة والقرار في المحافظات التي تخضع لسطوتها ، وعلى مستوى الحياة الداخلية للحزب تبدو الحياة التنظيمية معطلة بالكامل، والعدوان والاحتلال عمل على تجريف الحياة السياسية في المناطق التي تمكن منها ، لأنه لا يريد أحزاباً، ولا يحبذ التعامل معها، ففاقد الشيء لا يعطيه.
إن التعامل مع القضايا بتساهل وتراخٍ، والارتهان للقوى الرجعية في الداخل والخارج أفقد الحزب دوره الطليعي في قيادة الجماهير، كما أفقده تأييد الجماهير التي كانت تأمل فيه كثيراً.
لم يَجْنِ الحزب من تأييده للعدوان والانخراط في الحرب إلَّا الخسارات؛ مئات إن لم يَكُنْ آلاف من القتلى سقطوا دون ثمن ، وكان يمكن تجنب ذلك بموقف وطني ، هناك رفاق داخل الحزب دعوا لذلك الموقف ، لكن أصحاب المصالح خونوهم وضيقوا عليهم بالاتهامات والتشهير والتشويه، معلوم أن الحزب تعددت مواقف أعضائه تجاه العدوان، وانقسم بين القوى المتحاربة من مكتبه السياسي إلى أصغر منظمة قاعدية.
يحتاج الحزب الآن إلى ترميم تقييم وإعادة نظر في كل مواقفه وسياساته التي ذهبت بعيداً خارج الوثائق البرنامجية والسياسية، كما يحتاج إلى إعادة النظر في التحالفات التي تورط فيها سواء في الداخل أو الخارج ، هناك من ذهبوا لاهثين وراء المناصب والمصالح، وهؤلاء لا مكان لهم في الحزب، ولا اعتبار لما يلقون به من هدار، ومن بضاعة كاسدة. القول الفصل هو لأولئك الصابرين الصامدين الذين قارعوا عصابة عفاش منذ حرب ٩٤م وحتى اليوم يواجهون العدوان الغاشم.