وثيقة تكشف سعي الملك السعودي (فيصل بن عبدالعزيز) لشراء الجنوب.. وضم حضرموت للرياض
النظام السعودي.. مطامع تاريخية بدأت في عسير وتتواصل في حضرموت والمهرة!!
إن كل ما قيل ويقال عن نوايا تحالف العدوان السعودي الأمريكي ضد اليمن من حجج واعذار باطلة، أصبحت مفضوحة أمام الحقائق والوثائق التي تظهر كل يوم, والتي تؤكد على الأطماع السعودية في أراضي اليمن, والتي بدأت من عسير والمخطط لها ان تنتهي بحضرموت, فكان تحالف العدوان هو الطريق الأسهل والأقصر لتحقيق هذا الحلم الذي ضل يراود آل سعود لعشرات السنين.
النظام السعودي يستميت اليوم في إحياء مطامع تاريخية له في محافظة حضرموت، فضم عسير ونجران وجيزان عام 1934م لا زالت تبعاتها ماثلة للوجود كما ان الاتفاق الأخير بين أدوات وعملاء نظام آل سعود متمثلين في حكومة الفنادق، وأدوات أبوظبي متمثلين في «المجلس الانتقالي»، يسلّم محافظة عدن للقبضة السعودية، لتعمل الرياض على تحقيق حلمها في الوصول إلى بحر العرب, والسيطرة على اكبر مخزونات الطاقة.. سياسة الضم والإلحاق السعودية تجاه اليمن، ومطامعها الاستعمارية، تنكشف اليوم بجلاء، فالرياض لم تكتف بالاستيلاء على حضرموت؛ بل انها ضمت عشرات المناطق المهرية إلى أراضيها في سعي منها للسيطرة على محافظة المهرة بشكل كامل تحت أكثر من ذريعة. كما أن الرياض التي فشلت في ستينيات القرن الماضي التواجد في عدن عسكرياً ، تتواجد اليوم فيها تحت ذريعة اتفاق الرياض الذي تسلمت بموجبه مقر قيادة التحالف في المدينة والمطار وعدد من المواقع والمؤسسات التي كانت تتواجد فيها قوات إماراتية، بمباركة حكومة المرتزقة في الرياض. وفي الذكرى الـ 57 لثورة أكتوبر ابرمت السعودية والإمارات اتفاق جديد منح الدولتين اللاتي تتقاسمان احتلال الجنوب صلاحيات واسعة ومنحها حق الوصاية شبة الكاملة على المحافظات الجنوبية ، بينما جردت حكومة المرتزقة من كافة الصلاحيات وحولتها إلى أداة منزوعة من أي إرادة أو قرار.الثورة /محمد شرف
60 عاما من الأطماع
طيلة الـ60 عاماً الماضية، حاولت الرياض أن تستغلّ الحروب الداخلية في اليمن لتحقيق أطماعها التوسعية في حضرموت، التي تتسم بمساحة واسعة تساوي ثلث مساحة البلاد ويربطها بالرياض شريط حدودي طويل يمتد من الخراخير حتى شرورة في نجران، وعلى مدى العقدين الماضيين، تمكّنت السعودية من التوغّل في عمق الأراضي اليمنية في حضرموت، مستغلة الحروب الداخلية والاضطرابات السياسية التي عانى منها اليمن للتمدد في الشريط الحدودي، وابتلعت عشرات الكيلومترات على الحدود مع حضرموت، وخلال الفترة 2008 – 2015م، استغلت أيضاً العديد من الظواهر التي تصاعدت في نطاق المحافظة، كانتشار «القاعدة» وارتفاع ظاهرة تهريب المخدرات. وهي ظواهر يعتقد الكثير من اليمنيين بوقوف الأجهزة السعودية وراءها، خصوصاً أن «القاعدة» نفّذت عمليات تخريبية لا يبدو أنها عشوائية. فخلال تلك الفترة، وقعت حادثة قتل أحد شيوخ صحراء حضرموت على يد أحد العناصر الأمنيين، والتي استغلّتها السعودية لإيجاد ميليشيات موالية لها تحت مسمى «قوات تحالف حضرموت»، كما وصل بها الأمر إلى مضايقة الشركات النفطية في المحافظة. ومنذ بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن مارس 2015م، حرصت السعودية على إبقاء حضرموت، الوادي والصحراء، بعيدة عن الصراع، لإدراكها أن القوات الموجودة هناك موالية لها، وأن لا صعوبات بالنسبة إليها في نشر أي قوات عسكرية لها هناك، على عكس المهرة التي ترفض ذلك الوجود وتصفه بالاحتلال. ومع اتساع نطاق تحركات ما يثسمى بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، وتوعّده بالسيطرة على الوادي والصحراء، دفعت السعودية بقوات عسكرية ضخمة مطلع العام الجاري إلى مدينة سيئون، عاصمة وادي حضرموت، تحت ذريعة حماية جلسات مجلس النواب سيئ الصيت، وعلى رغم انسحاب الكثير من تلك القوات، فإنها أبقت العشرات منها في المنطقة العسكرية الأولى في المدينة.. تاريخيا؛، حاولت السعودية في الستينات أن تضع يدها على محافظتَي حضرموت والمهرة بموجب اتفاق رعته بريطانيا في الثالث من مايو من العام 1965م، وتم توقيعه بين ممثل الحكومة السعودية وممثل السلطنة القعيطية في الجنوب، بناءً على طلب المملكة السعي في إقامة الاتحاد الشرقي بين كلّ من السلطنات القعيطية والكثيرية والمهرية، مقابل قيام الحكومة البريطانية بمنح الاتحاد الشرقي الاستقلال الفوري. ونص الاتفاق، وفق الوثائق التاريخية، على أن يراعي الاتحاد الشرقي المصالح البريطانية في الاتحاد المزمع، وأن يدمج الاتحاد الشرقي في اتحاد كونفدرالي مع الحكومة السعودية، بحسب تقارير إعلامية ولهذه الأسباب تطمع السعودية في حضرموت الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حمد جاسم محمد، أن الأطماع السعودية بمحافظة حضرموت، حيث يؤكد ليست مشروعا أو موضوعا جديدا، بل موضوع قديم, ولكن هذا المشروع وصل إلى ذروته مع العدوان السعودي على اليمن, وما كان مؤتمر الرياض والمسارعة إلى إعلان دولة اتحادية في اليمن إلا مناسبة كشفت فيها الرياض بشكل علني عن أطماعها تلك في حضرموت وثرواتها, وخلال العدوان على اليمن تعمد النظام السعودي بث تسريبات إعلامية بعضها نشر في وسائل إعلامية سعودية رسمية عبرت عن رغبة السعودية بضم حضرموت اليها، ومنها اشتراط سعودي بضم حضرموت إليها لوقف عدوانها على اليمن، وبشكل فاضح لم ينف أي مسؤول سعودي تلك التسريبات رغم انتشارها على نطاق واسع, وفي تعبير آخر عن الرغبة السعودية بضم حضرموت إليها، أكد النظام السعودي أكثر من مرة على حرصه على الوحدة اليمنية في رسالة للحراك الجنوبي الذي يقاتل اليوم تحت راية السعودية، ولكنها تركت الباب مفتوحا أمام حضرموت وتبنت إعلاميا عن جاهزية حضرموت للاستقلال، فمع انطلاق ما سمي “مؤتمر الرياض” أجرت جريدة الرياض الرسمية السعودية حوارا مع احد الموالين لها وهو عبدالله عمر باوزير الذي قالت الجريدة أنه رئيس لجنة الخدمات بمحافظة حضر موت وعضو المجلس المحلي للمحافظة وعنونت الصحيفة ذلك الحوار أو التصريحات بـ”حضرموت ستعلن انفصالها حال عدم التحول للنظام الاتحادي. وقال الباحث جمد جاسم :(ان آل سعود لا يزالون يطمعون بالأراضي اليمنية ولم يكتفوا بما أخذوه (عسير ونجران وجيزان) , و الآن يطمعون بوجود منفذ لهم على البحر العربي وذلك بضم حضرموت، أن التاريخ الحديث للدولة السعودية وسياستها تجاه اليمن خلال المائة السنة الماضية حافل بالأطماع السعودية في الأرض اليمنية التي تم قضمها بطرق عديدة سواء بالمال أو لقوة التي استمدتها السعودية من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والقوى الدولية العالمية المهيمنة, وأول توسع سعودي تجاه اليمن كان عام 1934م والذي تمثل باحتلال إقليم عسير ونجران وجيزان وضمه إلى السعودية, وبهذا فإن الأراضي اليمنية التي تم السيطرة عليها وضمها من قبل السعودية تقدر مساحتها بثلثي مساحة الجمهورية اليمنية, أي ما يزيد عن (250 ألف كم2), لقد دخلت اليمن مع السعودية في العديد من الحروب والمناوشات المسلحة, وبرغم اتفاقية الطائف 1934م, معاهدة جدة عام 2000م, التي ابرمها النظام السابق معها إلا أنها واصلت سياستها في ابتلاع الأراضي اليمنية ومن خلال استخدام القوة تارة والمال تارة أخرى, حيث عمدت إلى شراء ذمم بعض العملاء من مشايخ ومسئولين ومتنفذين مدنين وعسكريين في اليمن لتسهيل قضم وابتلاع الأرض اليمنية بشكل تدريجي وممنهج ومتفق عليه مع عملائهم المحليين في اليمن, كما سعت في سبيل تحقيق سياستها التوسعية إلى محاربة اليمن اقتصاديا وأمنيا لتبقي اليمن دولة منهكة وضعيفة وغير قادرة على مجابهة الأطماع السعودية أو استعادة الأراضي الشائعة التي احتلتها خلال العقود الماضي, ومن أجل ضمان المصالح السعودية في اليمن فقد سعت السعودية إلى إيجاد قوى سياسية ودينية وقبلية وعسكرية داخل اليمن تتحرك وفق توجيهاتها وتعمل ليل نهار في خدمة أجندتها إلى درجة أن تلك القوى كانت تمثل عبئا كبيرا على الشعب اليمني ومصالحه الوطنية كونها قوى عميلة وفاسدة في نفس الوقت فهي تمارس العمالة مقابل المال السعودي وتمارس الفساد المالي والعبث بثروات ومقدرات الشعب اليمني وتقف حجر عثرة أمام الجهود الوطنية المقاومة للمشروع السعودي التوسعي في الأراضي اليمنية). ويؤكد أن آل سعود ما يزالون يتطلعون إلى ضم محافظتي حضرموت والمهرة إلى مملكتهم ذلك بطرق عديدة منها, ان المبادرة الخليجية في اليمن ساهمت وساعدت على اقرار مشروع تقسيم لليمن إلى ستة أقاليم الذي تم إقراره في أعمال مؤتمر الحوار الوطني والذي تم بمقتضاه جعل حضرموت والمهرة إقليما واحدا, وهو ما يفسره العديد من اليمنيين ومنهم انصار الله على انه مقدمة لتقسيم اليمن, وبالتالي إلحاق اقليم حضرموت بالمملكة السعودية.
ويشير الباحث محمد جاسم، إلى عدة أسباب وراء سعي السعودية لضم اقليم حضرموت وهي:
1 – سعي السعودية إلى فتح خط جديد كمنفذ لتصدير النفط من خلال أراضي حضرموت بعد توتر علاقتها مع عُمان على خلفية التنسيق العُماني الإيراني ورفض عمان للاتحاد الخليجي وتجميد عضويته فيه, فبعد توتر الأجواء في الخليج العربي بسبب البرنامج النووي الإيراني, وتلويح أمريكا والكيان الصهيوني باستخدام القوة ضد ايران, وتهديد ايران بالمقابل بأنها سوف تستهدف القواعد الأمريكية في المنطقة والتهديد بإغلاق مضيق هرمز بوجه الملاحة الدولية, يضاف إلى ذلك ان الملاحة خلال باب المندب غير مأمونة العواقب بسبب الفوضى في الصومال وانتشار القرصنة بشكل كبير في القرن الافريقي, كل هذه الأسباب دفعت السعودية وعدة دول خليجية الى البحث عن بدائل لتصدير نفطها بعيدا عن مناطق الخطر, لذلك كانت خطة مد أنابيب النفط عن طريق شرق اليمن الى بحر العرب, الذي يعتبر مفتوحا على المحيط الهندي وبعيدا عن مناطق النزاع الاقليمية.
2 – هناك أسباب استراتيجية وأمنية من وراء محاولات ضم اقليم حضرموت للسعودية, إذ تحاول السعودية فك الارتباط بين اليمن وعمان, وذلك لقطع ما تسميه أي امتداد إيراني في المنطقة, فعمان تعد الدولة الخليجية الرئيسية التي لها علاقات متميزة مع ايران.
3 – كذلك هناك أهداف أخرى, منها ان دراسة جيولوجية صدرت قبل نحو 20 عاما باسم (الكنز المخفي في اليمن) عن شركات مسح عالمية متخصصة في الاستكشافات النفطية قد كشف عن وجود بحيرة نفطية هي الأكبر في الجزيرة العربية تقع ما بين محافظات مارب والجوف وحضرموت وشبوة وأبين, وتضم ثالث اكبر حقل نفطي في العالم, وإذا تم استثمار هذه المنطقة فإنه بإمكان اليمن ان يصدر ما مقداره (5.2 ) مليون برميل من هذه المنطقة وحدها, لذلك هناك أجندة سعودية خفية في اليمن من الممر الاستراتيجي لعبور النفط, إلى السيطرة على بحيرة النفط التي وصفتها التقارير بالعظمى والتي توجد في شبوة وحضرموت, حيث أن اقليم حضرموت يمثل نصف المساحة الجغرافية لدولة اليمن و70 % من منتجاتها السمكية والنفطية والمعدنية والزراعية.
ويسألونك عن “نفط ثمود”
مطلع العام 2019م, انسحبت قوات إماراتية من مديريات ثمود الواقعة في نطاق محافظة حضرموت ومديرية رماة الواقعة في نطاق محافظة المهرة شرقي اليمن، واخلت أبوظبي تواجدها العسكري من عدة مواقع ومعسكرات كانت تتواجد فيها منذ اكثر من عامين ونصف وسلمت مواقعها لقيادة المنطقة العسكرية الأولى الموالية للفار هادي، وغادرت صوب المكلا عاصمة المحافظة، ووفقا لمصادر عسكرية في ثمود فإن الرياض دفعت بقوات رمزية إلى معسكر القيعان في منطقة ثمود الصحراوية التي تقع شمال حضرموت وتعتبر جغرافياً امتداد للربع الخالي ، كما عززت الرياض تواجدها العسكري في ثمود ليس لسد فراغ انسحاب القوات الإماراتية ، بل ان الرياض حاولت مطلع ستينيات القرن الماضي إلحاق ثمود النفطية بأراضيها ، بعد أن أثبتت شركة ” بان أمريكان ” عام 1961م، تواجد كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود ، وهو الأمر الذي اثار رغبة السعودية في ضم المديرية إليها ودفعها لاختلاق خلافات مع اليمن حينذاك ، وعلى إثرها توقفت شركة “بان أمريكان” ، إلا أن الرياض لم تتوقف عن محاولات ضم وإلحاق المديرية بها بهدف الاستحواذ على الثروة النفطية ، ووفقاً للمصادر التاريخية فقد أوعزت الرياض لأحد تجار حضرموت الحاملين الجنسية السعودية ويدعى ” أحمد سعيد بقشان ” بالقيام بعملية شراء أراض واسعة في ثمود ،وبعد ذلك حاولت الرياض فصل منطقة ثمود عن حضرموت وضمها إليها، إلا أن تلك المحاولات أفشلتها الجبهة القومية عام 1967م، ولكن على مدى العقود الماضية وقفت السعودية عبر أياديها المختلفة أمام عدم استخراج الثروة النفطية في ثمود ، كما سبق لها ان أوقفت كافة أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شرورة وحضرموت طيلة العقود الماضية ، وها هي اليوم تعود إلى حضرموت تحت ذريعة إعادة الشرعية. لذلك يرى مراقبون أن السعودية قد تمكن حكومة هادي والمجلس الانتقالي من ممارسة دور شكلي في إدارة محافظات عدن وأبين وشبوة والضالع ولحج، ولكنها ستنفرد بالكافة الملفات في حضرموت والمهرة، ويتوقع مراقبون ان تستكمل الرياض استقطاب القيادات الاجتماعية في صحراء حضرموت. الأطماع السعودية في ممرات حضرموت والمهرة مسؤول سابق في الخارجية الأمريكية توقّع في وقت سابق، أن يتم تقسيم اليمن إلى أربع مناطق، تنهي بذلك الدولة اليمنية، وتمنح الرياض سيطرة واسعة على المناطق النفطية والبحرية في المهرة وحضرموت، وتعيد تشكيل البلاد وفق خارطة نفوذ جديدة.
وقال نبيل خوري المسؤول السابق لدى وزارة الخارجية الأمريكية وأحد كبار الباحثين في المجلس الأطلسي، في “تحليل” نشره منتدى الخليج الدولي، أن ” خريطة جديدة لليمن” ستتعزز بموجبها “السيطرة السعودية على ممرات حضرموت والمهرة”، مشيرا إلى أن حكومة الفار هادي ” ستبقى في المنفى، الدمية التي تضفي الشرعية على السيطرة السعودية، على الأقل، في أجزاء اليمن التي تهتم بها.
” الباحث اللبناني الأصل أشار إلى أن “المنطقة الجنوبية الشرقية من اليمن، التي تحد الحدود العمانية والسعودية، موضع اهتمام المملكة العربية السعودية لأكثر من عقد كموقع محتمل لخط أنابيب يجب أن يعمل كطريق بديل لتصدير نفطها.
” وقال خوري إن السعودية و”بذريعة” تهريب الأسلحة لجماعة انصار الله”، أرسلت ضباط استخبارات لمراقبة الحدود العمانية، ومن ثم قرابة 1500 جندي لـ “تامين المحافظة ذات الأهمية”.
وثيقة تكشف سعي سعودي لشراء جنوب اليمن
وكانت صحيفة الجمهورية المصرية قد نشرت في عددها رقم 481 بتاريخ 23 فبراير 1967م، تصريحاً وصف بالناري لعبدالقوي مكاوي رئيس حكومة اتحاد الجنوب العربي في 1963م، حذر فيه من سعي (فيصل بن عبدالعزيز) ملك السعودية آنذاك إلى شراء الجنوب وفصل حضرموت عن الجنوب لضمها إلى السعودية. وكشف مكاوي عن ما اسماه بـ (مؤامرة انجليزية سعودية لفصل حضرموت عن الجنوب وضمها للأراضي السعودية).
وأشارت الوثيقة عن مكاوي قوله (ان المخطط يأتي بعد خروج القوات البريطانية من المنطقة، وهذا الدور يلعبه أيضا سلطان سلطنة الكثيري بحضرموت وشريف بيحان والمستشار البريطاني.) وتضمنت الوثيقة – بحسب البوابة الاخبارية اليمنية – تصريح مكاوي (هؤلاء الثلاثة قاموا بدور كبير لتجنيد عدد من أبناء القبائل في المنطقة وتدريبهم في نجران وضمهم إلى جيش المرتزقة.. والأسلحة التي اشتراها فيصل من أمريكا وبريطانيا موجهة ضد ثورتي سبتمبر وأكتوبر في شمال وجنوب اليمن على حد سواء). وأشار باحثون إلى أن تلك التصريحات كانت السبب في تدبير السعودية جريمة اغتيال الانجال الثلاثة لرئيس الحكومة عبدالقوي مكاوي وشقيقته ( نسف منزلهم وقتل جميع من فيه)، وذكر علي السلامي عضو مجلس قيادة جبهة التحرير أن أحد السلاطين قام بزيارة السعودية وعرض علي الملك فيصل أسماء أعضاء العصابة التي أشرفت على نسف منزل عبد القوي مكاوي ما أدى إلى استشهاد أبنائه الثلاة وشقيقته.. حيث وافق الملك فيصل على تمويلها ومنح أفرادها المنفذين مرتبات ثابتة.
تنافس سعودي بريطاني أمريكي
شكلت حدود حضرموت الشمالية الشرقية أهمية بالغة للقوي الطامعة بحضرموت، فلم يهتم أحد قبل نهاية القرن التاسع عشر بموضوع حدود حضرموت الشمالية الشرقية، وبدأ الاهتمام بموضوع حدود الصحراء بعد تعزيز النفوذ العثماني في نجد والحجاز وتهامة وشمال اليمن ، وتكرار محاولة الحركة الوهابية لإقامة دولتها السعودية الأولى والثانية في نجد والحجاز وبعض مناطق الخليج، وكذلك توسع دائرة النفوذ البريطاني بعد معاهدتي الصداقة سنة 1882م والحماية 1888م مع السلطنة القعيطية ، ثم توقيع القطيعي والكثيري اتفاقية التعاون بينهما سنة 1918م ودخولهما تحت رعاية الحكومة البريطانية، وعززت بوادر ظهور الثروة النفطية في الجزيرة العربية اهتمام الخارج والكيانات السياسية المحلية بموضوع الحدود في الجزيرة كلها بما في ذلك حدود حضرموت من ناحية الشمالية الشرقية ، إذ تقع الحدود الشمالية الشرقية لليمن بمحاذاة الأطراف الشمالية لمحافظات المهرة وحضرموت وشبوة وبشكل أدق شمال شرق ما كان يعرف بالسلطنة المهرية وشمال السلطنة الكثيرية والسلطنة القطيعية وإمارة بيحان، ويمتد خط الحدود الشمالية الشرقية من جبل الثأر وهي آخر نقطة حدودية تم ترسيمها بموجب اتفاقية معاهدة الطائف الموقعة بين المملكة المتوكلية اليمنية وبين المملكة العربية السعودية في مايو 1934م وحتي نقطة التقاء الحدود اليمنية -العمانية- السعودية ، والجزء الأكبر من هذا الخط الحدودي يمر في الصحراء العربية المعروفة بصحراء الربع الخالي.
بدأ التحرك الفعلي لرسم خط الحدود في الصحراء مع بدء تصادم المصالح العثمانية البريطانية في المنطقة وخاصة بعد عودة العثمانيين إلى صنعاء سنة 1872م ومحاولاتهم التوغل نحو الجنوب واتصالهم ببعض الإمارات والسلطنات في جنوب اليمن ومنها السلطنة الكثيرية، لقد عملت بريطانيا عبر المفاوضات والتهديد باستخدام القوة لرسم خط الحدود لنفوذها في اليمن والخليج وتمكنت بعد جهود دبلوماسية وسياسية وعسكرية من إجبار الخلافة العثمانية على توقيع اتفاقيتين للحدود معها الاتفاقية الأولى سنة 1913م وسميت باتفاقية الخط الأزرق واتفاقية سنة 1914م وسميت باتفاقية الخط البنفسجي ، ولم تواجه بريطانيا منذ توقيع اتفاقية الحدود مع الدولة العثمانية أي مشكلة بالنسبة لمناطق نفوذها في شرق اليمن وشماله الشرقي، لأن جميع الدول المحاذية لمناطق النفوذ إما واقعة تحت الحماية البريطانية أو لأن بريطانيا علاقات قوية معها، وظهرت بعد الحرب العالمية الأولى مشكلة مطالبة المملكة اليمنية بأراضي جنوب اليمن، غير أن هذه المشكلة حلت بمعاهدة صنعاء الموقعة عام 1934م بين بريطانيا والإمام يحيى، وفي سنة 1938م برز خلاف بين بريطانيا والإمام بشأن السيادة على مدينة شبوة التاريخية ومنطقة العبر بحضرموت، لكن بريطانيا حسمت الخلاف بالقوة فتم إلحاق المنطقة بمحمية عدن الشرقية.
اكتشاف البترول وبدء الخلاف الحقيقي
قبيل وأثناء وبعد الحرب العالمية الثانية بين القوي الطامعة بحضرموت والمهرة لعدة أسباب أهمها: اكتشاف البترول في دول الخليج والسعودية ، ووصول النفوذ الأمريكي إلى الجزيرة العربية وعبر شركات البترول وأهمها شركة أرامكو ، والتقارب في العلاقات بين السعودية وبريطانيا وأمريكا ، وبدء أعمال البحث عن النفط في حضرموت وخاصة في أطراف صحراء الربع الخالي ، والآثار السياسية والاقتصادية والفكرية لنتائج الحرب العالمية الثانية على المنطقة العربية ومنها اليمن. التنفاس البريطاني السعودي وظهور الاهتمام البريطاني بالحدود الشمالية الشرقية من خلال قيام أول مستشار بريطاني في حضرموت (هارلود انجراس) بتأسيس وحدة عسكرية عرفت باسم (جيش البادية الحضرمي) وأقيم أول معسكر لهذه القوة العسكرية في منطقة (غيل بن يمين ) عام 1939م وبدأت هذه القوة بحوالي خمسين رجلا ثم وصل العدد إلى 300 جندي وسبعين فردا من غير النظاميين ومائة شخص من الاحتياط وانتقل مركز جيش البادية الحضرمي إلى مدينة المكلا سنة 1943م، وتم بناء مركز حراسة من قوات جيش البادية في المناطق النائية خاصة في اطراف الصحراء كالعبر ورملة السبعتين، وكان من إبرز أهداف تأسيس جيش البادية الحضرمي هو حماية الحدود الشمالية الشرقية من أي زحف سعودي تجاه الطرف الجنوبي لصحراء الربع الخالي، وكذلك لتكون مراكز الجيش أحد معالم حدود محمية عدن الشرقية.
توغل سعودي
ويأتي هذا الاهتمام مع ظهور النشاط السعودي على خط الحدود، ففي عام 1936م كلفت السعودية المستشرق جون فلبي المعروف باسم عبدالله فلبي برسم خريطة مفصلة للحدود السعودية مع المملكة اليمنية ومحمية عدن الشرقية، وشهدت الخمسينيات من القرن الماضي توترا في العلاقات السعودية البريطانية لعدة أسباب أهمها: الخلاف على واحة البريمي ما انعكس على الحدود الشمالية الشرقية، حيث عبر السعوديون عن رفضهم الإعلان البريطاني بترسيم الحدود من خلال بعض المناوشات الحدودية والأعمال المعادية للإنجليز في جنوب اليمن ومنها اختراق خط الحدود سنة 1955م بتوغل فرقة من شركة أرامكو داخل حضرموت وبمسافة تقدر بثلاثين ميلا وبحراسة قوات سعودية، فتم احتجازهم بواسطة قوات جيش البادية الحضرمي وبدعم سلاح الجو البريطاني وأرسلت هذه المجموعة على متن طائرة خاصة إلى مدينة جدة، ومن أجل أن تحقق السعودية أهدافها في حضرموت والمهرة عملت على سياسة الاحتواء من خلال احتضان ودعم رابطة أبناء الجنوب وعلى وجه الخصوص فرع الرابطة في حضرموت، وأيضا الاهتمام بالمهاجرين الحضارم داخل المملكة العربية السعودية وإعطاء التسهيلات لاستقبال أعداد جديدة من المهاجرين الحضارم ما بين الفترة 1960- 1967م، والقيام بالضغط وبدعم أمريكي على بريطانيا لمنع دخول محمية عدن الشرقية حضرموت والمهرة في اتحاد إمارات الجنوب العربي الذي أسسته بريطانيا سنة 1959م ، والتحضير لفتح فرع للبنك الأهلي التجاري السعودي في مدينة المكلا، وتنفيذ مشاريع خدمية لبعض مدن حضرموت بتمويل سعودي، وإرسال بعثة تعليمية إلى حضرموت مكونة من ثلاثين مدرسا نهاية عام 1964م.
التدخل الأمريكي
ولتعزيز تلك العلاقات حقق الأمريكيون نصرا اقتصاديا في حضرموت بالضغط على بريطانيا والسلطتين الكثيرية والقعيطية لإلغاء الامتياز الممنوح للشركة البريطانية للتنقيب عن النفط في حضرموت واستبدالها بشركة (بان أمريكان) وقد تمت المفاوضات الأولية بين وفد الشركة الأمريكية وسلطنتي الكثيري والقعيطي في يونيو 1961م وبعدها بشهر وقعت الاتفاقية النهائية في المكلا، ويعتبر إلغاء عقد التنقيب عن النفط للشركة البريطانية واستبدالها بشركة أمريكية عملا لصالح السعودية في حضرموت لما سوف يترتب عليه من عدم جدية الشركة الأمريكية في التنقيب عن النفط في حضرموت.
استقلال ذاتي
مع اندلاع ثورة 14 اكتوبر 1963م في جنوب الوطن ضد المحتل البريطاني وتسارع الأعمال العسكرية والفدائية للجبهة القومية ضد الانجليز سعت المملكة العربية السعودية إلى الاستحواذ على حضرموت بإقامة علاقات سياسية واقتصادية مع سلاطينها ومحاولة فصلها عن جنوب الوطن وإعطائها استقلالاً ذاتياً ويتمثل ذلك بزيارة وفد سعودي للمكلا عام 1965م ولقائه وزير السلطنة القعيطية والاتفاق معه لضغط على بريطانيا بإعطاء حضرموت والمهرة استقلالاً خارج إطار اتحاد الجنوب العربي وأن تكون هناك علاقات خاصة ومتميزة مع المملكة العربية السعودية، بحسب البوابة الاخبارية اليمنية.
الباخرة السعودية
وحينما كان المحتل البريطاني يلفظ أنفاسه الأخيرة في جنوب الوطن كانت السعودية تسابق الزمن لتحقيق أطماعها السياسية والاقتصادية بحضرموت والمهرة، ففي سبتمبر 1967م وصل سلاطين حضرموت والمهرة إلي المملكة العربية السعودية بعد أن شاركوا في مؤتمر لندن الدستوري ولقاء جنيف بشأن استقلال جنوب الوطن، حيث قابل السلاطين أكثر من مسؤول سعودي وعاد السلاطين إلى مدينة المكلا على ظهر باخرة سعودية ومعهم مساعدات مالية سعودية لتعينهم على مواصلة الحكم في الفترة القادمة.
فشل المخطط السعودي
لكن الأحداث السياسية في جنوب الوطن سارت في اتجاه مغاير لرغبات ومطامع السعودية وكذلك الأمريكية، ففي أثناء غياب السلاطين وقبيل وصولهم بليلة واحدة سيطرت الجبهة القومية وبمساعدة جيش البادية الحضرمي على السلطة في مدينة المكلا وضواحيها في 17 سبتمبر 1967م وحال وصول الباخرة السعودية ميناء المكلا المقلة لسلاطين حضرموت والمهرة منعت الجبهة القومية بمساعدة جيش البادية الحضرمي السلاطين من النزول من الباخرة بل وطُلب منهم عبر وفد أرسلته الجبهة القومية للسلاطين على ظهر الباخرة التوقيع على تنازلهم على الحكم، ولم يكن أمام السلاطين سوى خيارين إما التوقيع عن وثيقة التنازل والعودة إلى المملكة العربية السعودية أو الموت على ظهر الباخرة فاختاروا الخيار الأول ووقعوا على وثيقة التنازل وعادت الباخرة بهم إلى مدينة جدة السعودية كلاجئين سياسيين وليس سلاطين لحضرموت والمهرة، واستلمت الجبهة القومية مقاليد السلطة في كل من حضرموت والمهرة، لتتبخر المطامع السعودية في حضرموت والمهرة لتدخل العلاقات مرحلة جديدة ومغايرة بعد نيل جنوب الوطن استقلاله بجلاء المستعمر البريطاني في 30 نوفمبر 1967 م.
وأمام هذا العرض التاريخي قديما لحضرموت واستعراض وضعها السياسي في القرن العشرين ومطامع القوى الخارجية والمستعمر ندرك المطامع السعودية ومن خلفها الأمريكية المستميتة في سلخ حضرموت والمهرة عن جسم الوطن الأم ومحاولاتها المتعددة بشتى الطرق والوسائل لإيجاد لها موطئ قدم لها في أهم جزء استراتيجي واقتصادي في الوطن، لذلك فإن ما نشاهده اليوم لها دليل واضح وشاهد حي على تلك المطامع القديمة التي تظهر الآن واضحة وجلية في محاولة السعودية السيطرة على حضرموت والمهرة.