تنتشر عربات بيع الآيسكريم بشكل غير طبيعي و تجوب الشوارع داخل الحارات وأمام المنازل وداخل الأحياء الشعبية مستهدفة بيع بضائعها لشريحة الأطفال الذين بمجرد سماعهم ميكرفونات هذه العربات المرتفعة يخرجون من منازلهم متجهين إليها، فيما أصبحت هذه العربات تشكل ظاهرة غير طبيعية ومستمرة صباحا ومساء توازي بحجمها السلع السليمة والتي تباع في أماكن جيدة وتتزايد مخاطرها مع قدوم فصل الشتاء، حيث يتعرض الأطفال لخطر المثلجات التي تسبب لهم الأمراض المختلفة علاوة على الإزعاج المستمر بسبب استخدام أصحاب هذه العربات لميكرفونات مرتفعة الصوت وهي تجوب الشوارع ذاتها مرارا وتكرارا في أغلب الأحيان، وهنا نطرح السؤال الذي لم نجد له أية إجابة.. لماذا يغيب دور الرقابة في قضايا كهذه تهم صحة وسلامة المواطنين؟.. تفاصيل أكثر في السطور التالية:
تحقيق/ حاشد مزقر
ماجد المطري أب لثلاثة أطفال علَّق على هذه الظاهرة بالقول: باعة عربات الآيسكريم ينتشرون في الشوارع بمكبرات الصوت المرتفعة منذ الصباح الباكر حتى مغرب كل يوم، وما ان يسمع أبنائي هذا الصوت يطلبون قيمة المثلجات، لكنني ارفض رفضا قاطعا إعطاءهم أي شيء بسبب الخطر الذي تسببه على اللوزتين والجهاز التنفسي خصوصا ونحن قادمون على الأجواء الباردة في فصل الشتشاء، وكما يقول سبق وان أجريت لأحد أبنائي عملية إزالة اللوزتين في أحد المستشفيات الخاصة والتي كلفتني من المال الكثير ولكن في غالب الأحوال لا أكون متواجداً بالمنزل وسبق ان أخذ كل واحد منهم مصروفه وبسبب استمرار عربات الآيسكريم بالمرور من أمام المنزل يشترون هذه المثلجات.
ماجد واحد من كثيرين لا يخفي تخوفه أيضا من المكونات التي تدخل في إنتاج هذه المثلجات ويقول : بحثت في إحدى المرات عن تاريخ الإنتاج في كيس آيسكريم فلم أجد أي شيء مكتوب وقد يكون مر على تثليجها الوقت الكثير وبعضها لا تباع فتتم اعادتها من العربات إلى ثلاجة التبريد بعد ان أوشكت على الذوبان وهنا يكمن خطرها حيث تعاد للبيع مرة أخرى وهو ما يؤكد ان هذه البضائع ليست مضمونة فهي بضائع قد تكون مخزنة منذ وقت طويل ومثلجة عدة مرات وهي ليست سليمة من حيث كتابة تاريخ الإنتاج والانتهاء.
أسعار زهيدة
وليد البجل هو الآخر اشترى بعض هذه المثلجات لأسرته من إحدى العربات المتجولة التي تبيع بعض أنواع الآيسكريم عبر مكبر الصوت، فوجد أن هناك علبة آيسكريم كبيرة عائلي لا يتجاوز سعرها 300 ريال كما ان هناك أنواعاً مختلفة من الآيسكريم والتي تسمى (ابو عود) تباع بـ 30 ريالاً ويوضح ذلك ان مكوناتها عبارة عن صبغات ونكهات صناعية رخيصة ورديئة غير صالحة للاستخدام الآدمي أو انها تسبب اضراراً صحية.
وأضاف وليد: لقد اتخذت قرارا بعدم شراء هذه المثلجات مرة أخرى وألزمت أبنائي بذلك رغم ان هذه العربات تمر دائما وتحاول جذب الأطفال عبر مكبرات الصوت وهنا استغرب عدم تحرك الجهات المختصة فهم لم يعملوا شيئاً للسيارات المتجولة التي تبيع بعض المواد الغذائية في الحارات وبأسعار منخفضة وبضائع شبه منتهية فما بالنا بعربات بيع الآيسكريم الصغيرة.
تجاهل القانون
بدوره يقول أحمد صبر، موظف في وزارة الصحة إن “أغلب المستهلكين لهذه المثلجات هم من الأطفال وهنا يكمن خطرها، لكنه يستدرك: ليست المشكلة هنا وإنما في تجاهل القانون وعدم تنفيذه والذي يلزم التجار بعدم بيع السلع الغذائية عبر التجوال بها في الشوارع لٲنها تفقد الكثير من قيمتها الصحية بسبب ذلك، وأعتقد أن هناك بضائع آيسكريم تتم صناعتها في معامل مخالفة، كم سمعنا وقرأنا عن أطباء ومختصين يوجهون رسائل تحذيرية من خطرها على صحة وسلامة الأطفال، فالأمر واضح وأرجو أن تقوم الجهات المعنية بدورها تجاه صحة وسلامة المواطن”.
أمراض بالجملة
الدكتور عمرو جابر أخصائي أمراض باطنية أبدى أسفه الشديد من انتشار هذه الظاهرة في الشوارع وقال: نصف صحة المجتمع تأتي من ثقافتهم ووعيهم تجاه ما هو مضر وما هو مفيد لصحتهم ولذلك يقولون (الوقاية خير من العلاج).. وعن أضرار تناول الأطفال للمثلجات باستمرار يقول: تسمح هذه المثلجات بانتقال البكتيريا والفيروسات عن طريق الفم أو عن طريق البيئة المحيطة الملوثة وتسبب هذه البكتيريا والفيروسات أمراضاً عدة كلها تصنف في مربع الأمراض الخطيرة على صحة الأطفال ولعل أبرز هذه الأمراض التسمم الغذائي كما أن المتناول للمثلجات الباردة خصوصا أيام البرد يبقى عرضة لفيروس الانفلونزا والنزلات المعوية وأمراض أخرى كثيرة.
تأثيرات صحية
من جهته قال رئيس جمعية حماية المستهلك فضل مقبل : تراجع أداء ودور الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس ومكاتب الصحة والبيئة والمجالس المحلية واضح للأسف، وهو ما حد من الرقابة ونتجت تبعاً لذلك ظواهر غير صحية وهو ما أتاح الفرصة لقطاع كبير من التجار لابتكار أساليب عديدة لترويج وبيع بضائعهم.
مقبل يحذر بدوره من تداعيات خطيرة لانتشار مثل هذه السلع على صحة المستهلكين، ويقول: إن الرقابة على مثل هذه السلع تكاد تكون منعدمة سواءً من حيث المكونات للمواد المستخدمة والداخلة في الإنتاج أو من حيث طريقة تحضير هذه المثلجات أو غيرها من متطلبات الاشتراطات الفنية والصحية لمعامل إعدادها ،ولكن للأسف مازال مستوى الوعي متدنياً لدى عامة المستهلكين، وتبين ان التوعية غائبة من الجهات المعنية رغم ان هؤلاء الباعة يستهدفون شريحة لا بأس بها من المجتمع وبالتالي إذا افترضنا استمرارية هذا القطاع فلابد من تنظيم عملية البيع والتزام أصحاب هذه السلع بالاشتراطات الصحية والفنية لما يقدمونه من سلع غذائية وكذلك تطبيق المواصفات القياسية على ما يبيعه هؤلاء وهي موجودة الآن ٳلا ان الرقابة على التنفيذ غائبة.
لا تنحصر ظاهرة تسويق هذه البضائع على خطرها الصحي فقط، بل انها أصبحت جائلة للأحياء والحارات وبشكل مستمر وتتسبب في خلق حالة إزعاج مستمرة بسبب استخدام أصحاب هذه العربات لمكبرات الصوت المرتفعة وهو ما يعد انتهاكاً واضحاً لخصوصية وراحة الناس، فالعديد من المواطنين وبخاصة الذين يعانون من بعض الأمراض المزمنة طفح بهم الكيل من هؤلاء الباعة الجائلين ويطالبون الجهات المسؤولة بضبطهم وإيجاد حلول لإنهاء مثل هذه التصرفات غير الصحية.