إذا ما أردنا أن نصف السياسة الاقتصادية لليمن قبل ثورة الـ 21 من سبتمبر، سنجدها لا تنتمي للمدرسة الإيمانية الإسلامية ولا للمدرسة الرأسمالية ولا للشيوعية، وهذا كله نتيجة فشل الأنظمة وعدم وضع مداميك راسخة لبناء اقتصاد قوي، حيث كان الملف الاقتصادي يدار وفق مزاجية متقلبة، فأحيانا تُعجب السلطة بالتجربة الشيوعية وتسعى إلى تطبيقها، وتارة تذهب إلى التجربة الرأسمالية، وتتكرر مثل هذه التخبطات، فيما جاءت ثورة الشعب تحث الخطى نحو خلق البيئة الداعمة لعملية النهوض باليمن اقتصادياً وإطلاق مشروع بناء الدولة، كانت السعودية – بإيحاءات أمريكية وإسرائيلية – ترى في هذا المشروع تهديدا لنفوذها ووجودها، وكأنها ترى في الإبقاء على (اليمن الضعيف) الضمانة الوحيدة لوجودها وأمنها واستقرارها، مع أن هذه الاستراتيجية السعودية خاطئة وغير مشروعة.
الثورة /أحمد المالكي
وبحسب المسؤولين في اللجنة الاقتصادية العليا ، فإن سوء الإدارة ليست وليدة اللحظة وإنما مضى عليها عقود طويلة، وكان هناك فشل ذريع في إدارة الملف الاقتصادي وهذا باعتراف كل التقارير والشخصيات والخبراء والمتخصصين في الشأن الاقتصادي.
مشيرين إلى أن الملف الاقتصادي كان يدار وفق مزاجية متقلبة فأحيانا تُعجب السلطة بالتجربة الشيوعية وتسعى إلى تطبيقها، وتارة تذهب إلى التجربة الرأسمالية، وتتكرر مثل هذه التخبطات.. وقد شهدنا تخلي الدولة في فترة سابقة عن مؤسسة الحبوب وبيع صوامع الغلال في الحديدة وخصخصة أهم القطاعات الاقتصادية الحيوية ، بينما ظل قطاع الكهرباء والاتصالات بيد الدولة، وهذا تضارب في سياسة الدولة وتخبط واضح.
المدرسة الإيمانية
وقالوا: إذا ما أردنا أن نصف السياسة الاقتصادية لليمن سابقاً، سنجدها لا تنتمي للمدرسة الإيمانية الإسلامية ولا للمدرسة الرأسمالية ولا للشيوعية وهذا كله نتيجة فشل الأنظمة وعدم وضع مداميك راسخة لبناء اقتصاد قوي ، وبالتالي عملت اللجنة الاقتصادية العليا للتوفيق ما بين المواكبة للحرب الاقتصادية وتلبية الحد الممكن من متطلبات أبناء الشعب وما بين مسار البناء الاستراتيجي للوضع الاقتصادي في الجمهورية اليمنية.
دراسة عميقة
وبحسب المسؤولين في اللجنة فقد تم التوصل إلى دراسة معمقة للوضع الاقتصاد اليمني وهناك الكثير من الرؤى والتقييم لنقاط القوة والضعف في كل الجوانب التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما وفي جانب السكان والبناء والإعمار وحتى علاقة المجتمع القبلي بالاقتصاد الوطني وكل المجالات المختلفة.. مؤكدين أنه من المهم على واضع السياسة الاقتصادية للدولة أن يأخذ في اعتباره مجمل العوامل المؤثرة سواء من حيث العامل الاجتماعي والسياسي والجغرافي، وأن الجميع سيلمس مدى التحسن في فكر الدولة ورؤيتها للوضع الاقتصادي في قادم الأيام.
علاقة واضحة
وأشار المسؤولون في اللجنة الاقتصادية العليا إلى أن هناك حرصاً على أن تكون العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص واضحة ومعيارية وأن تُبنى على أسس المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية كما كان في السابق.
كما يتم العمل على ترسيخ العمل المؤسسي ومعايير ومبادئ الحوكمة في كل مؤسسات الدولة لكي تكون بأيدي الشعب وفي خدمتهم بمعنى بناء دولة للشعب وليس شعب من أجل الدولة، كما قالها الرئيس الشهيد صالح الصماد – سلام الله عليه..
إعادة اعتبار
انبثقت ثورة الـ 21 من سبتمبر من صميم الحاجة اليمنية لوقف العبث الممتد عبر السنين الطوال، ومن عمق الحاجة الماسة أيضا إلى إعادة الاعتبار للاقتصاد اليمني الذي تعرض للعزل الممنهج عن واقع الحياة، بعد أن استمرت قوى العمالة والارتهان لعقود طويلة وهي تستمرئ العبث والفساد، وترهن قرار اليمن السياسي والاقتصادي للخارج، وتراكم عوامل الضعف والوهن والفقر حتى فشلت في بناء الدولة اليمنية وإحالتها إلى دولة هشة ظلت كل تقارير العالم تصفها وتصنيفها – طوال المراحل الماضية – ضمن الدول الأكثر فسادا و فقرا وتخلفا.
إيحاءات
إن ما يميز هذه الثورة أنها جاءت حين جاءت بإرادة خيرة ترمي إلى الوصل بين نضالات الآباء والأجداد وبين نضالات الأبناء والأحفاد، وتنشد الوئام والسلام بين مختلف القوى اليمنية، وترنو إلى حشد كل الطاقات نحو صون السيادة وتحرير القرار اليمني من كل صيغ الارتهان والتبعية، ونحو محاربة الفساد، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار، وترسيخ قيم المواطنة المتساوية والشراكة والتوافق، والانحياز المطلق للشعب.
وفيما كانت ثورة الشعب تحث الخطى نحو خلق البيئة الداعمة لعملية النهوض باليمن اقتصادياً وإطلاق مشروع بناء الدولة، كانت السعودية – وإيحاءات أمريكية وإسرائيلية – ترى في هذا المشروع تهديدا لنفوذها ووجودها، وكأنها ترى في الإبقاء على (اليمن الضعيف) و(اليمن الحديقة الخلفية) الضمانة الوحيدة لوجودها وأمنها واستقرارها، ومع أن هذه الاستراتيجية السعودية خاطئة وغير مشروعة.
العدوان
وبتشجيع ودعم أمريكي وبريطاني وإسرائيلي قررت السعودية والإمارات ومن تحالف معهما شن الحرب على بلادنا ظلما وعدوانا بلا أي مبرر حقيقي ومن دون أي مسوغ، ولم يكن لها من هدف سوى إجهاض المشروع الوطني لثورة الشعب اليمني العظيم، ففتحت خزائنها المتخمة بالمال والنفط، وأنشأت التحالفات الواسعة، وحركت الجيوش المتعددة، وحشدت مرتزقتها من مختلف الأصقاع، ووضعت كل إمكاناتها وتحالفاتها العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية الهائلة تحت تصرف هذه الحرب.
وسيلة للتجويع
ولعب تحالف العدوان باستخدام الورقة الاقتصادية بعد فشله الذريع في الجبهة العسكرية، فلجأ إلى استخدام وسيلة التجويع والخنق الاقتصادي واستعملها كأحد الأسلحة في حربه اللاأخلاقية في جريمة حرب بنص القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، ومنذ فترة مبكرة باشر العدو جملة من الإجراءات وفي مقدمتها الحصار المطبق، وحظر السلع التجارية والتضييق على التجار، ونقل البنك المركزي، وقطع المرتبات، والعبث بالعملة والسيطرة على كل موارد وثروات اليمن النفطية والغازية والسمكية، وفوق ذلك استهدف بالتدمير الجزء الأكبر من البنية التحتية المؤثرة على الاقتصاد كالطرقات والمصانع والمزارع وغيرها من مصادر الدخل العام والخاص.
رهان
راهنت السعودية وتحالفها المشؤوم على الممارسة الوحشية والقتل الذريع بحق شعبنا، وعلى الحصار المطبق والتدمير واسع النطاق للاقتصاد اليمني، مثلما راهنت أيضا على ما كان قد راكمه عملاؤها عبر عشرات السنين من عوامل الضعف والوهن، وفي أن اليمن في نظر السعودية دولة هشة، والجيش مفكك، والاقتصاد ضعيف ومنهار، والقوى السياسية متباينة ومختلفة وغير ذلك من الرهانات والأوراق القابلة للاستعمال والتوظيف، التي كانت تمني السعودية نفسها بها لاحتلال اليمن بكل سهولة ويسر وفي بضعة أسابيع.
استهداف
وفي ظل عجز السعودية وتحالفها عن تحقيق أية إنجازات عسكرية على الميدان، وتلقيها الهزائم النكراء، لجأت إلى العدوان الاقتصادي، واستهداف لقمة العيش للشعب اليمني، فعمدت السعودية عبر مرتزقتها إلى تعطيل البنك المركزي، وتجفيف منابع الإيرادات، من خلال عرقلة حوالات الآلاف من المغتربين اليمنيين إلى اليمن، واستهداف وتدمير البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية في اليمن من مصانع وصوامع غلال ، وكل ما يشكل موارد للشعب بعيدة عن فيد ونهب المستعمر ومرتزقته ، وفرض القيود المختلفة على الصادرات الزراعية والحيوانية، واستهداف وتعطيل حركة الصيد وتعطيل صادرات القطاع السمكي، وصولاً الى نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن، وطباعة المليارات من العملة الوطنية بصورة مستمرة دون أي احترازات اقتصادية، وسحب العملة الأجنبية من الأسواق، والمضاربة بها.
حصار
في مؤامرة قذرة لتدمير الاقتصاد اليمني هدف العدو من ورائها الى فرض حصار خانق على أبناء الشعب اليمني حتى يستسلم ويخضع للمخططات الاستعمارية الصهيوأمريكية، حيث انقطعت المرتبات عن الموظفين وتدهورت الأوضاع المعيشية لعامة المواطنين في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، في رهان خاسر لإخضاع الشعب اليمني وثنيه عن ثورته والتنازل عن الكرامة والعزة والقبول بالوصاية الخارجية.
المناطق المحتلة
ولم يقتصر الأثر السلبي لتلك المؤامرة على المناطق الخاضعة للمجلس السياسي الأعلى فقط، بل شمل المناطق الجنوبية التي ترزح تحت الاحتلال الأجنبي ، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية بشكل أكبر من سعرها في المناطق التي يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية، وبدأ يلمس المواطن في تلك المناطق الآثار السلبية لتلك المؤامرة، حتى وصل به الحال أخيراً إلى اللجوء إلى الشارع للاحتجاج على ممارسات تحالف العدوان في حقه، في صورة معبرة عن النوايا الخبيثة التي يحملها مرتزقة العدوان السعودي بحق الشعب اليمني.
لقد وجدت ثورة الـ 21 من سبتمبر نفسها ووجد الشعب نفسه أمام مرحلة جديدة ملؤها التحديات الكبيرة والصعوبات الجسام، فأسقط الشعب اليمني بصموده وتحديه رهانات العدوان في الجانب الاقتصادي، وتجاوز الشعب بصموده العام الخامس وعلى مشارف إكمال العام السادس ليسقط رهانات العدوان في استخدام الورقة الاقتصادية لمحاولة النيل من كرامة وعزة وشموخ هذا الشعب المجاهد.
تحييد
خلال سنوات مضت من عمر ثورة الـ 21 من سبتمبر لم تدخر القيادة الثورية والسياسية وحكومة الإنقاذ الوطني جهدا في سبيل التخفيف من معاناة المواطن سواءً من خلال المبادرات السياسية والتعامل الإيجابي مع فكرة تحييد الاقتصاد التي أطلقها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وكذا المجلس السياسي الأعلى أو من خلال التواصل الدبلوماسي مع الدول والمنظمات، وتقديم التسهيلات أمام العمل الإنساني بشكل عام، والعمل على جلب المزيد من المساعدات إلى جانب الإجراءات الصارمة التي اتخذها المجلس السياسي الأعلى في محاربة الفساد، وتصحيح وتطوير أداء المؤسسات، والعمل بكل ما في وسعه على صون وتنمية الموارد المتاحة وتوفير نصف راتب كل شهرين رغم شحة الموارد.
نجاحات
لقد استطاعت القيادة السياسية وحكومة الإنقاذ الوطني وبتوجيهات قيادة الثورة من تخطي مرحلة صعبة من العدوان الاقتصادي واستطاعت أن تكيف الظروف وتصدر القرارات والتوجيهات المناسبة في محاولة للتخفيف من المعاناة عن طريق الضغط على مرتزقة العدوان لإيقاف قراراتهم العشوائية بحق الاقتصاد اليمني، واتخاذ إجراءات موزاية للتخفيف من حدة الآثار والأضرار الاقتصادية على الشعب اليمني قدر الإمكان، والضغط على المجتمع الدولي للتخفيف من هذه المعاناة، وهو ما جعل صنعاء والمحافظات الشمالية –بفضل الله تعالى- أكثر أمناً واستقراراً وأكثر انضباطاً في الجانب الاقتصادي أكثر من المحافظات التي ما زالت ترزح تحت وطأة الاحتلال السعودي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي.