حسن الوريث
تعاني رياضات الظل في بلادنا من تهميش واضح رغم أن بعضها هو الذي يحقق بعض النجاحات ولو تم دعمها بالشكل الصحيح والاهتمام بها ربما تغير الوضع وتحولت النجاحات إلى بطولات وإنجازات تحقق عائدات مادية ومعنوية للبلد على اعتبار أننا نمتلك مخزوناً بشرياً مبدعاً يمكن أن يصل إلى العالمية بسهولة ويسر لو توفرت الإدارة الصحيحة والإرادة القوية والنية الصادقة ولنا في نجاحات بعض البلدان في هذا الجانب العبرة والتجربة حيث أن هناك بلداناً فقيرة أصبحت الرياضة تمثل جزءاً كبيراً من دخلها القومي ونهضت بها.
خطر في بالي هذا الموضوع وأنا أستمع إلى أحد خبراء لعبة السباحة في اليمن والذي سرد شكاوى مريرة حول عدم الاهتمام والتهميش الذي طال هذه اللعبة وما يزال وربما سيظل على المدى المنظور، وتطرق الحديث إلى حادثة قبل حوالي 15 سنة ربما لا تحصل إلا في بلدان العالم الثالث والرابع والخامس وبالفعل فهذه الأمور بذلك الشكل لا يمكن أن تحدث في بلدان العالم الأول والثاني والقصة، مفادها انه تم اعتماد إنشاء مسبح أولمبي بدعم خارجي وعندما وصلت الأمور إلى وزارة الشباب والرياضة وبعد الأخذ والرد والمماطلة والتسويف كانت المفاجأة أن ذلك المسبح بكل تفاصيله تحول إلى منزل أكبر مسؤول في البلد ليستمتع به مع عائلته بينما حرم آلاف اللاعبين والرياضيين من هذا المشروع وحرم البلد من مشاريع قادمة على اعتبار أن الجهة الممولة لم تشاهد ذلك المشروع على أرض الواقع.
وخلال هذا الحديث تبادر إلى ذهني موضوع أحد الأبطال الذين حرمتهم اللجنة الأولمبية من بطاقة المشاركة باسم الجمهورية اليمنية في منافسات بطولات عالمية في سباقات الخيل والسباحة رغم أنه حقق أرقاماً متميزة تؤهله لتحقيق إنجازات كبيرة لليمن، لكن التعنت من قبل من يفترض بها أن تكون داعماً للمبدعين وعدم اهتمامها به رغم أنه لا يريد سوى بطاقة المشاركة من اللجنة ولا يريد منها أي دعم مادي أو حتى معنوي إذا كانت خائفة هي ومسؤولوها على دفع أي مبالغ من تلك الملا يين التي تستلمها من اللجنة الأولمبية الدولية كدعم ورعاية للمبدعين اليمنيين الذين يتضورون جوعا ويموتون كمداً ولا يجدون سوى الفتات وهكذا هي الأمور تدار في قطاع الشباب والرياضة والتي تحدثنا عنها وعن مآسيها وبلاويها مراراً وتكراراً وكيف أن الرياضة كانت ومازالت هي المنفى للعاجزين ما يؤدي إلى هذه النتائج من تدهور وتخلف لرياضتنا وفقدان آلاف المبدعين في كافة المجالات والألعاب الرياضية.
حكاية المسبح المفقود تقودنا إلى نتيجة طبيعية وهي أن كل المبدعين في هذه البلاد ليسوا مفقودين تماماً ،فالكثير منهم سنجدهم في أماكن غير الأماكن التي يفترض وجودهم فيها ،سنجدهم في الشوارع ومع التنظيمات الإرهابية ومع العصابات الإجرامية والبعض منهم سنجدهم يبحثون عن عمل يقتاتون منه بدلاً من الرياضة التي رمتهم إلى هذه الأماكن بدلاً من أن يكونوا في منصات التتويج يرفعون اسم اليمن عالياً في كل المحافل التي نكتفي فيها بحضور المسؤولين دون اللاعبين وإن كان ولا بد فيكتفى بلاعب واحد لإسقاط الواجب والتغطية على حضور تلك الوفود التي كانت تسمى وفوداً رسمية للمشاركة في بطولات اللاعب المبدع هو الغائب الوحيد عنها.
نحن الآن على ثقة في أن يكون في الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية جانب وحيز للشباب والرياضة للانطلاق صوب مستقبل أفضل وأن يحظى هذا القطاع بأولوية في كل شيء بدءاً من التعيينات الجيدة ووصولاً إلى توفير الإمكانيات اللازمة وسترون أن الرياضة ستحقق للبلد دخلاً كبيراً وستكون مصدراً من مصادر الدخل القومي، والأمل موجود في أن تتحول المشاريع إلى الواقع للشباب أنفسهم وليس كحكاية ذلك المسبح المفقود ومثله الكثير من المشاريع التي فقدت لكنها وجدت في أرصدة المسؤولين في البنوك وفلل وعمارات لهم وسيارات فارهة ومسابح وملاعب في تلك البيوت.