أهالي: نجونا بحياتنا بعد غرق منازلنا لكنا فقدنا كل شيء
أمانة العاصمة: تصريف المياه لا يزال وفق التصميم القديم والصيانة توقفت عام 2011م
مدير حديقة برلين: مجرى السيل ضيق ودائماً ما تتسبب المخلفات بانسداده
في حارة السد بمديرية آزال تسببت سيول الأمطار المتراكمة بموت ثلاثة أطفال وتضرر أكثر من 20 منزلاً وجرف أكثر من 25 سيارة إلى جانب تضرر الممتلكات فضلاً عن ضياعها جراء تدافع السيول التي شهدتها العاصمة صنعاء خلال الأيام الماضية .
الكارثة كانت في حي وحديقة برلين التي كانت سابقاً عبارة عن مستنقع ومكان لتجمع الأمطار يعرف بـ (سد نقم) في محيط حي سكني.
الثورة / رجاء عاطف – سارة الصعفاني
فيضان الحديقة
نوال لطف – تسكن في حارة السد جوار سور حديقة برلين في منزل عمره 25 عاماً، تحكي لنا تفاصيل مأساة عاشتها منذ أيام، حيث قالت: لم يخطر في بالنا أن (نغرق) بمياه المطر، والتي اندفعت باتجاهنا من النوافذ والأبواب من الحديقة وربما من السد أيضًا حتى وصل عمق المياه في بيتنا إلى منتصف جدار الغرفة فاضطررنا لترك كل شيء نمتلكه خلفنا لننجو بأنفسنا، ما حدث فاجعة ..تضررت بيوتنا وأثاثنا وملابسنا ورأينا أشياءنا تطفو وتختفي، وأطفال في المياه يُسحبون من قبل المنقذين قبل أن تأتي الحكومة لشفط المياه، وبقي الأثاث متشبعًا بالمياه لا يمكن تحريكه من مكانه إلا بتعاون رجال الحي.. وها نحن ننتظر أن تجف ممتلكاتنا لنتمكن من إعادة الحياة لبيتنا مجدداً ومحاولة تعويض خسارتنا.
هول الفاجعة
أيضًا فيروز الشويع – والتي تقطن في نفس المكان وعاشت ذات الوضع.. حينها لم تهتم إلا في كيف تسرع لإنقاذ زوجها المُقعد المصاب بهشاشة العظام وسرطان بالدماغ وكانت المياه قد وصلت إليه ، إما أن ينجوا معاً أو أن يقضيا غرقاً، تحكي فيروز : عند هطول الأمطار يأتي السيل إلى داخل الحديقة ويتم شفط المياه أو يتم فتح مجرى السيل، ولكن هذه المرة كان المطر غزيراً بين الساعة الخامسة والسادسة مساءً بعد أيام متتالية من المطر فطلب منا مدير الحديقة المغادرة مؤكداً أن الوضع خطير، وبالفعل دخلت المياه منزل جارنا المستأجر ومن ثم إلى بيتنا بسرعة من غرفة تفتيش المطبخ والحمام مثل النافورة ، كنت أصرخ ليساعدني أحد في حمل زوجي، وأخرجنا ما استطعنا من ممتلكاتنا لكن بعد أن اندفعت المياه من الباب ثم النافذة وسحبت ملابسنا وفراشنا وأدوات المطبخ لم أعد أفكر بما نملكه، وبعد عودتنا للمنزل في اليوم الرابع أدركت أننا لم نمت كالذين ماتوا في السائلة لكننا فقدنا كل شيء.. سمعت أن العبارة فتحت لكن نتمنى أن تقوم الحكومة ببناء سور حول الحديقة يحول بيننا وبين مياه المطر.
حل استباقي
في المنطقة حديقة برلين الحديقة التي تكتظ عادة بالزوار الباحثين عن مساحة للنزهة ، في موسم الأمطار تعود إلى ما كانت عليه (سد) خطير لكنه لا يمنع أهل الحي من معاودة إرسال الصغار إليها.. هناك .. التقينا صالح السويفي مدير الحديقة بينما كان يتفقد المكان بعد (شفط) مياه السيل، يقول السويفي: المنطقة تفتقر لمتنفس فاختيرت هذه المساحة لاعتبارات شبه مناسبة- وأياً يكن – من لا يعمل لا يخطئ لكن تظل المشكلة الرئيسية صغر فتحة مجرى السيل وانسدادها بالمخلفات، فعند هطول أمطار غزيرة فإن السيل يندفع من الجبل ولا تستطيع فتحة التصريف استيعاب المياه المتراكمة لذلك تمتلئ الحديقة والبيوت، ما يفرض عمل مجرى مياه كبير لتصريف السيول كحل جذري استباقي قبل حلول الكارثة، وعدم الاكتفاء بشفط المياه باعتبارها معالجة آنية لاحقة وللحالات الطارئة فقط.
كارثة متوقعة
من جهة أمانة العاصمة تحدث الوكيل أحسن عبده القاضي عن الكارثة :
انسداد مجاري العبارة تراكمياً لمدة عشر سنوات أدى إلى نزول السيل للمنطقة وجرف 30 سيارة إلى الحديقة التي امتلأت بالمياه ووصلت لمنازل المواطنين المجاورة لسور الحديقة، فمُنذ عام 2011م توقفت أعمال صيانة أنفاق الطرقات وتعثرت المشاريع التنموية، كما زاد العدوان الهمجي الحاقد الوضع سوءاً.
وأشار الوكيل إلى دور أمانة العاصمة والجهات المعنية الأخرى التي أشرفت على معالجة هذه الكارثة والتي قامت بالنزول الميداني لإنقاذ المتضررين في الحي الذي تعرض للسيول الجارفة القادم من جبل نقم كون المنطقة منخفضة تحت الجبل، وتصريف المياه فيها كان في إطار التصميم القديم ولم يكن مناسباً ولا كافياً لإخراج المياه، وبالتالي تضررت المنازل.
شيء من معالجة
وأضاف: تم إجراء معالجات طارئة للعبارات في الحي بما فيها فتح قنوات لعبور السيول لمنع تجمع المياه فيها، وتوفير شفاطات لاستخراج المياه من داخل الحديقة والمنازل، وكذا تقديم مساعدات عاجلة للأسر المتضررة وإيواؤهم في مدرسة وجامع ودعمهم بسلال غذائية وبطانيات، وأيضًا (مواساة) الأسر التي غرق أطفالها، كما تم العمل على توسيع النفق- المجرى القديم- فتح مؤقت، وسيتم معالجته بعد ذلك وإصلاحه على نحو هندسي يسمح بإخراج المياه مستقبلاً.
مخلفات الموت
وعن ما إذا كان هناك تأخير في إنقاذ الوضع قالت أمانة العاصمة: لم ننتظر حتى امتلاء السد (الحديقة) لكن تدفق كمية الأمطار والسيول من جبل نقم كان مفاجئاً، ولولا لطف الله وحاجز السد الممتد بمسافة مائة متر في مكان مرتفع لغرق الحي وأهله الذين أيضاً تسببوا بالمشكلة حيث يلقون بالمخلفات إلى السائلة في موسم الأمطار غير مبالين أن السيل سيأتي آخذاً في طريقه النفايات التي تقوم بسد العبّارة.
من القاتل؟
وحتى لا تصعد المياه للمنازل مرة أخرى وتتكرر المأساة ويموت ثلاثة أطفال دون عمر التاسعة بصرف النظر عن كون باب المنزل كان مغلقاً منع وصول المنقذين، يجري حالياً فك الحاجز وتوسيع العبّارة إلا أن نظافة الشوارع تبقى وسيلة هامة للحد من كوارث السيول، ونتمنى من جميع المواطنين الوعي بأهمية النظافة وأن يتم تفعيل دور جميع الجهات للتوعية بذلك.
التهلكة
وأرجع مدير عام الإعلام المرئي بأمانة العاصمة- عبد الوهاب الحميدي سبب تضرر البيوت والبنية التحتية للطرقات (الإسفلت) في مجرى السيول إلى تجمع مياه الأمطار دونما تصريف، وقال: يزداد الوضع سوءاً بالبناء الرخيص -كلفة وجودة – خارج المخطط السكني مؤدياً إلى تدمير البيوت .
فكرة وإدارة
يخلص الحميدي إلى القول : المأساة حدثت هنا وليس هناك ما يمنع حدوثها مجدداً سواء في أماكن مجرى السيل التي أصبحت مناطق سكنية ومتنفسات أو الأماكن التاريخية والأثرية، ما يفرض على الحكومة العمل على منع حدوث مثل هذه المآسي والكوارث المتوقعة بالأخص، فالموت والدمار يتربصان بالمواطنين، ويهددان تاريخ وحضارة وطن.