إعلان سياسي
علي محمد الأشموري
المشهد السادس
في عدد السبت الماضي اختزلت خمسة مشاهد في حياة الخريج الحديث العهد في مهنة البحث عن المتاعب إلى جحيم أيقظ “الرقيب الداخلي” في نفسيته فتذكر الرجل روايات الكاتب الروسي “نشايشكوفسكي” الذي كان يدخل بدون شعور وينزلق في رواياته المتعددة بمأساته عندما نفاه القيصر إلى سيبيريا وخرج بأعجوبة من تحت “المقصلة” فظلت تلازمه طوال حياته الأدبية حتى في رواية “الأبله” المكونة من جزأين لم ينسى تلك اللحظة التي انتهت بالعفو عنه من قبل القيصر “ايفان جورسين” أو ايفان الغاضب الذي قيل أنه كان ينام بعين وأحدة ويترك الأخرى مفتوحة..
قال ” كلنا خرجنا من معطف جوجل” الكاتب الروسي الساخر الذي يجعل القارئ يضحك ويبكي في آن واحد ولها حكاية. فأثناء إداء كاتب السطور لخدمة التدريس مع الأستاذ / محمد هاشم الشهاري -رحمه الله- بمركز البحوث والتطوير التربوي، كنت أتردد على المكتبة القيمة للمركز فلفت نظري رواية جوجل المفتش العام”. وأثناء قراءتها وجدتها الرواية التي ترجمت للكاتب “جوجل” نفسها من دار “رادوغا” موسكو.. الشيء الملفت أن الغلاف كان يحمل اسماً سعودياً ببنط كبير دخلت للتأكد في المقدمة، فكان يشطح وينطح وقال “الرواية هي أصلاً بالإنجليزي أعجبتني.. كنت في شهر العسل وكانت زوجتي تفهم الإنجليزية وبدأت تترجمها، وقمت بتعريبها.. الشيء الوحيد أن الأحداث نفس الأحداث لكن الأسماء عربية” رغم أن الواقع الروسي والجغرافيا والتاريخ شيء والواقع البدوي شيء آخر. وهو حسب قول العرب “السارق” ما جعله ينقل حقوقية الملكية الفكرية وينسبها لنفسه وفي نهاية المقدمة يذكر “جوجل” الكاتب الساخر صاحب الملكية الفكرية قبل قرون من الزمن ببنط لا يرى بالعين المجردة فعجباً أن تصل صفاقه النكرة للص الرواية إلى هذا المستوى من الانحطاط الفكري وهذا هو ديدن من ليس لهم تاريخ أو آدب أو حضارة ولن أزيد..
المشهد السابع
لوكان الرائع الكاتب “جوجل” في عصرنا هذا لكتب عن اليمن وعن الهديان وغيره ” برايمر اليمن” ما علينا من لصوص النصوص.. وما خفي كان أعظم..
اشتهر من قام بواجبه بسخرية “تفاريش” حتى أنه قرر بعد ضجة “الإعلان” والمكايدات السياسية أن يعتزل هذه المهنة التي كادت أن تؤدي بحياته بسبب القيل والقال وقرر العودة لدراسة الدكتوراه لولا إن الأستاذ / محمد الزرقة رحمه الله كان مدرسة مقنعاً في حديثه حيث قال “الصحافي لا يحتاج إلى برج منعزل عن الشارع ويقصد الدكتوراه. فهيكل كان يستطيع أن يأخذ الأستاذية بمؤلف وأحد.. أحرص على أن تكون جانب المواطن”..
المشهد الثامن
كان الملحق الثقافي الروسي كثير التردد على الصحيفة ورئيس التحرير وزملاء أنا في غنى عن ذكرهم.. وفي أحد الأيام وفور العودة القسرية من ليبيا تضامناً مع محمد الشيخ، رحمه الله الذي منع عن دخول الجماهيرية بسبب الاسم وتوجيه سؤال قبلها لوفد ليبي لم يعجب رئيسة الوفد فقررنا العودة ثلاثتنا كاتب السطور وعبدالواحد أحمد ثابت عن “الجمهورية” ومحمد الشيخ عن “معين” واتضح أننا مطرودين حال وصول الحقائب بعد أسبوع.. وفي صبيحة أحد الأيام زارني زملاء دراسة في الثانوية.. استقبلتهم بحفاوة لم أكن أعلم أن مكيدة تدبر. فقال أحدهم زميلنا وسنصل معه إلى اتفاق.. قلت وما هو؟ قال الآخر تفتح لك الطريق وتدخل السفارة الروسية لتكتشف ما برأس هذا المتعب. صعقت من الخبر فأنا صحفي ولست “مخبراً”. حاولت الاعتذار ولكن دون جدوى.. تدخل الزميل مطهر الأشموري وأوصلني بسيارته ولم تنفع شهادة الزميل / مطهر حسين أن المحلق يأتي من أجل ناس آخرين سماهم..
فأي مهنة هذه التي تقلب المهني رأساً على عقب وبأي وسيلة أدخل السفارة إلى شخص لا أعرفه ولا يعرفني. كان التهديد والوعيد هما الوسيلة للورطة ” الجديدة ولم أعلم أن ذلك بسبب الإعلان السعودي المشؤوم.. كان القرار حازماً هذه المرة بعد تعيين الأستاذ الزرقة رئيساً لمجلس الإدارة- رئيساً للتحرير، لكنه رفض ووعد بانها المشكلة وأوفي..
المشهد التاسع
بعد كل هذه الأحداث مجتمعة طلع قرار تعيين الأستاذ الزرقة رئيساً لمجلس الإدارة كرجل مناسب في المكان المناسب فاغتاض سلفه وسحب الافتتاحية واللقطات السريعة وذهب، وبدأ العمل من جديد حتى طلوع الشمس وتم تشكيل فريق من الزملاء، وكان العمل كخلية نحل لا يخلو من المنغصات الماضية..
المشهد العاشر
السعودية كانت عبر “برايمر اليمن” تدس انفها في كل صغير وكبيرة وشاردة وواردة فماذا تنتظر من جار سيئ تدخل حتى في هروب علي محسن وجماعته، واستطاع تحريك طائرة من العند بحجة نقل زوجته وأولاده..
فماذا ينتظر الأحرار اليمنيون الصامدون من الوصاية بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، وقطع المعونات تارة والتهديد بالقتل والتصفية أخرى وما جرى في عهد “الدنبوع” من مآس يندى لها الجبين من قتل وتفكيك الجيش وسحل المرضى والأطباء والشيوخ والضباط في مستشفى 48 “والدنبوع” يتفرج والقتل يجري على قدم وساق. وما تبعته من جرائم حرب يندى لها الجبين الإنساني، والحصار الخانق وقطع الرواتب ونقل البنك إلى “عدن” وحكومة في الرياض وأخرى في سقطرى وعدن. فعلاً أنها مسرحية هزلية يحركها آل سعود والإمارات ودخلت تركيا في الخط مع الإخوان وفي نهاية المطاف يقوم ترامب بطرد القنصلية الصينية وبالمثل يقوم الصينيون بطرد القنصلية الأمريكية.. ويفسح المجال من قبل المرتزقة في الداخل والخارج لأحفاد “النتن”.. ومنع دخول المشتقات النفطية تحت ذرائع وأهية لمحاولة إبادة سبعة وعشرين مليون يمني. فأين المنظمات الإنسانية والحقوقية.. إنها تغط في سبات الدولار ولا عزاء لبائعي الأوطان.
كلمة أخيرة
من خرج من اليمن لن يعود إليها مرة أخرى خاصة بعد هذه الأحداث الذي يشيب لها رأس الرضيع..
وعيد أضحى مبارك وكل عام واليمن بخير والشعب اليمني من نصر إلى نصر بإذن الله..