رداً على محاولات النظام السعودي وأد جريمة المساعفة ودفنها بالتحكيم

قبائل الجوف : لا نساوم على دماء أبنائنا والدم لا يغسل إلا بالدم

 

الثورة /حمدي دوبلة

سخر قانونيون وحقوقيون من المحاولات المحمومة التي تبذلها السلطات السعودية بالتعاون مع بعض المرتزقة من مسؤولي ما يسمى الشرعية الأسيرة لديها لملمة آثار المجزرة المروعة التي ارتكبتها مؤخرا في محافظة الجوف وذلك عندما استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي حفل زفاف في منطقة المساعفة وأسفرت عن سقوط أعداد كبيرة غالبيتهم من النساء والأطفال.
وقال هؤلاء في احاديث لـ”الثورة” أن العرض الذي يقدمه نظام بن سلمان بالتحكيم القبلي على أهالي الضحايا المنتمين إلى قبيلة بني نوف. وهو عرضٌ يثير السخرية ويعكس حماقة هذا النظام الذي لايزال منغمسا في أهوائه وأمانيه بالحصول على العفو والصفح من قبل أولياء دم جريمة واحدة من بين مئات وآلاف المجازر المروعة بينما تواصل آلته الحربية سفك دماء الأبرياء من أبناء الشعب اليمني بشكل شبه يومي منذ اكثر من خمسة أعوام ربما نسى هذا النظام الأرعن بأن أبناء قبائل الجوف هم جزء لايتجزأ من النسيج اليمني الذي لا يساوم على دماء أبنائه ولا تغريه بريق الأموال عندما يتعلق الأمر بالدم وقتل النفس المحرمة ولو عُرضت عليه كنوز الأرض فالمسألة اكبر مما يتوهم هذا النظام الدموي .
ويقول المحامي والناشط الحقوقي فيصل محمد بأن هذه المساعي السعودية التي تبذل منذ أيام تأتي في إطار الوهم الذي يدغدغ القيادة السعودية بان إبقاء علاقاتها جيدة مع القبائل اليمنية الواقعة على مقربة من حدودها الجنوبية يوفر لها الحماية والأمان لذلك فهي تحاول إزالة تبعات هذه الجريمة المروعة بأسرع وقت ممكن.
الموقف الرافض الذي أبدته قبيلة بني نوف ومعها عموم قبائل جهم التي اجتمعت مجددا خلال الساعات الماضية وفق مصادر محلية وأعلنت خلاله النفير العام للاقتصاص من قَتَلة النساء والأطفال كان الرد الأمثل والمنتظر على مساعي مايسمى بعرض التحكيم السعودي وعكس الإصرار اليمني على المستويين الرسمي والشعبي على الثأر والاقتصاص وردع العدو بكل الوسائل الممكنة والمتاحة حتى يثوب إلى رشده ويكف عن إراقة دماء اليمنيين.
وكانت طائرات تحالف العدوان السعودي قد استهدفت مساء الأربعاء الماضي حفل زفاف في قرية المساعفة النائية في مديرية حزم في محافظة الجوف ما أدى إلى استشهاد 31 مدنياً معظمهم نساء وأطفال، وإصابة آخرين في مجزرة جديدة هزّت مشاعر اليمنين عموماً، وضمائر كل حر في هذا العالم وماهي إلا ساعات قليلة عقب هذه الجريمة النكراء حتى كانت السعودية تحاول لملمة فعلتها وتقديم الأموال في محاولة لإغراء أهالي الضحايا والنجاة بفعلتها مجددا وأثارت هذه المجزرة ردود فعل غاضبة في الأوساط الشعبية والحقوقية في اليمن ومختلف بلدان العالم ويوضح الناشط الحقوقي احمد سليمان بان النظام السعودي أعيته الحيلة ولم يجد بدا إلا الاعتراف بقيامه بالمجزرة على عكس ما دأب عليه دائما في التنصل من المسئولية والزعم بان تلك الأهداف مشروعة وان مايسميهم بـ”الحوثيين” يتحصنون في أوساط المواطنين بالقرى والمدن لكن وأمام المشاهد المروعة لجثامين وأشلاء الضحايا من النساء والأطفال وجد نفسه مجبرا على الإقرار بارتكابه المجزرة بعد 24 ساعة من وقوعها ليباشر على الفور محاولاته تفادي تبعاتها على المستوى من خلال التحكيم القبلي لأهالي ضحايا الجريمة من أبناء قبيلة بني نوف المعروفة بشدة بأس أبنائها والتي تنتمي لقبائل جهم الممتدّة من الجوف إلى مأرب وصنعاء، والتي سبق لها أن أسرت ستة جنود سعوديين قبل أشهر، على خلفية اعتقال قوات الاحتلال السعودي في محافظة المهرة اثنين من أبنائها.
ويشير محللون سياسيون وخبراء عسكريون إلى أن النظام السعودي يعي جيدا مخاطر وآثار نقمة أبناء هذه القبائل على المملكة لذلك فهو لم يدع وسيلة إلا استخدمها لضمان إنجاح التحكيم القبلي في هذه الجريمة بما في ذلك الاستعانة بشخصيات من مرتزقة “شرعية” الفار هادي ممن ينتمون إلى محافظة الجوف لكن كل تلك المحاولات لم تنجح ولن تنجح أبدا ويوضحون بأن اللافت في الاعتراف السعودي بمسؤوليته عن هذه الجريمة لم يأتِ كالعادة على لسان رئيس ما يُسمّى “الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن” (المعنيّ بالتحقيق في “شبهات سقوط مدنيين”، كما تسمّيها السعودية، في عمليات “التحالف”)، اللواء منصور المنصور، إنما من قِبَل مشائخ قبليين موالين للرياض، أوكلت إليهم الأخيرة مهمّة تهدئة أسر الضحايا واسترضاء القبائل، باعتماد آلية التحكيم القبلي للمرة الأولى منذ خمس سنوات، بعيداً عن الأطر الرسمية لكن هذه المساعي كما يؤكد المحللون والمتابعون للقضية في الجوف لن يكتب لها النجاح.
وقالت مصادر محلية بأن المشائخ المذكورين نقلوا إلى قبائل الجوف استعداد السعودية لتقديم عشر بنادق “كلاشنكوف” و500 ألف ريال سعودي لأسر ضحايا المجزرة..لكن جاء رد قبائل جهم جاء واضحا ومجلجلا بأن “الدم لا يُغسَل إلا بالدم” ما دفع الرياض وفق مصادر محلية إلى زيادة العرض إلى ثلاث سيارات وثلاثة ملايين ريال سعودي لكل أسرة سقط لديها شهيد في جريمة حفل الزفاف لكنها قوبلت بالرفض أيضا. مع التأكيد على المضي قدما للثأر لدماء أبنائهم.
وتؤكد مصادر قبلية في محافظة الجوف بأن “دماء أطفال اليمن ونسائه لا تقبل المساومة”. وتوضح المصادر أن المجزرة التي أوقعت ضحايا من ثلاث أسر مسالمة ارتُكبَت في منطقة بعيدة من دائرة الاشتباكات، ولا تشهد أيّ مواجهات، وبالتالي ليس فيها ما يبرّر هذا النوع من العمليات الإرهابية.
وأكد لقاء قبلي عُقد الأسبوع الماضي في المنطقة نفسها أن التحكيم القبلي لا يُقبل – وفق العرف – مع دولة أجنبية، مُهدّداً بأن “غسل الدم في قضية كمجزرة المساعفة لا يأتي إلا بالثأر”، وأن “الدم لا يُغسل إلا بالدم”.

قد يعجبك ايضا