العملاء والحرب على العملة
أحمد المالكي
في موقف واضح يعكس انعدام الثقة بين السوق المصرفية في المحافظات المحتلة وبين بنك عدن المركزي أعلنت جمعية الصرافين بعدن بأنها ستُغلق جميع محلات الصرافة في المحافظة بما فيها الشيكات الجمعية محملة بنك عدن المسؤولية الكاملة في ارتفاع أسعار الصرف وتدهور قيمة العملة الوطنية.
موقف جمعية صرافي عدن جاء عبر بيان أصدرته مؤخرا بعد حملات المداهمة والتهجم على الصرافين وإغلاق بعض محلات الصرافة بمدينة عدن من قبل الأطقم العسكرية المسلحة التابعة لبنك عدن حسبما أوضح البيان الصادر عن الجمعية ،هذه الفوضى والاختلالات ووجود عدم الثقة بين الصرافين وبنك عدن المركزي تعكس مدى الفوضى وغياب الأمن والأمان ،في المحافظات المحتلة وهي بالتالي ناجمة عن السياسات النقدية والمصرفية التي ينتهجها بنك عدن التابع لحكومة العملاء والذي يتم توجيهه وإدارته عبر السفارات السعودية والإماراتية ومن ورائهما السفير الأمريكي وهي القوى التي تشن حربا اقتصادية ممنهجة شعواء تستهدف تدمير الاقتصاد وضرب قيمة العملة الوطنية كأحد مسارات الحرب الاقتصادية الموازية للعدوان العسكري ،والتي اتخذت من العملة وسيلة وورقة من أوراق الحرب الاقتصادية حيث توجه المرتزقة والعملاء والدمى التابعين لها بطبع كميات هائلة من العملة الجديدة غير القانونية دون غطاء نقدي أو سند اقتصادي حقيقي، الأمر الذي رفع قيمة الريال من 250ريالاً عام 2014م ، إلى أكثر من سبعمائة وخمسين ريالاً أمام الدولار للعام الحالي 2020م ،وهي ترجمة لتهديد السفير الأمريكي للوفد الوطني في العاصمة العمانية مسقط عام 2016م بأنه سيحول الريال إلى أقل من تكلفة الحبر الذي كتب عليه.
ومما لا شك فيه أن ما يجري الآن في عدن والمحافظات المحتلة بخصوص الوضع الكارثي الذي وصلت إليه سوق الصرافة هو انعكاس لهذه السياسة الاقتصادية والنقدية الرعناء التي تستهدف معيشة ولقمة عيش شعبنا المقاوم، حيث تواصل حكومة المرتزقة ضخ مئات المليارات من فئات العملة النقدية المطبوعة دون غطاء إلى السوق المحلية في الوقت الذي يقوم فيه بنك عدن المركزي بسحب العملة الصعبة من أسواق الصرافة وإيداعها في حساب الحكومة تحت بند الرواتب واستعداداً لإرسالها إلى الخارج كرواتب لأعضاء حكومة المرتزقة في عواصم دول العدوان ، وفي خطوة استباقية ،عمد بنك عدن المركزي إلى سحب العملة الصعبة من الأسواق المحلية وإغلاق عدد من منشآت الصرافة الصغيرة في محافظة عدن وبعض المحافظات المحتلة رغم امتلاكها لتراخيص مزاولة العمل والتزامها بالقانون ، فيما أبقى على بعض شركات الصرافة وكبار تجار العملة المعروفين بمضاربتهم بالعملة في السوق السوداء لتمكينهم من سحب أكبر عملة صعبة من الأسواق وتحويلها إلى بنك عدن، وما يؤكد تلك النوايا هو ارتفاع أسعار الصرف بصورة مفاجئة مع إجراءات بنك عدن ضد الصرافين تحت ذريعة حفظ استقرار العملة ،والذي نفذ حملة واسعة لإغلاق محلات الصرافة غير أن هذه الإجراءات زادت من ارتفاع أسعار الصرف، وهو الأمر الذي يكشف حقيقة نوايا المرتزقة فيما يسمى بحكومة هادي من وراء إغلاق محلات الصرافة وإنزال دفعات كبيرة من العملة الجديدة إلى عدون وحضرموت وباقي المحافظات المحتلة، ورغم المبالغ الكبيرة التي قام بنك عدن بضخها للقائمين على الحملة وفقاً لمصادر مصرفية إلا أن الدولار واصل ارتفاعه من 685 ريالا عند بدء الحملة ليصل إلى 760ريالاً ، والريال السعودي من 182 ريالاً إلى 199ريالاً حتى مطلع الأسبوع ، في مؤشر على الانهيار غير المسبوق للعملة الوطنية.
وكان الفار هادي وحكومته العميلة قد أقدموا على طبع 400 مليار بداية العام 2017م واستمروا في الطباعة ليصل المبلغ إلى تريليون و300 مليار ريال للنصف الثاني من العام ذاته ، وفي عامي 2017 و2018م بلغ إجمالي ما تمت طباعته تريليونين و200 مليار ريال وذلك دون غطاء نقدي، ناهيك عن استنفاد ما يسمى بالوديعة السعودية البالغة ملياري دولار بحجة تغطية اعتمادات السلع الأساسية دون أن يكون لهذه الخطوة أي انعكاس على الأسعار حيث استمر التجار بالبيع بحسب سعر الدولار في السوق وجنى المليارات من فارق الصرف كل ذلك يندرج ضمن الحرب الاقتصادية الممنهجة ضد شعبنا وبلدنا العزيز الذي يقف بكل بسالة واقتدار إلى جانب قيادته الثورية والسياسية في مواجهة هذه الحرب الرخيصة التي تستهدف بطون المواطنين البسطاء من عامة الناس ومن كل الأطياف والشرائح في شمال اليمن وجنوبه وفي شرقه وغربه ، وبالعكس فإن أكثر المتضررين من هذه الإجراءات ومن حرب قيمة العملة الوطنية هم إخواننا في المحافظات المحتلة يعكس هذه الحقيقة الواقع الذي يعيشه الناس في عدن ومارب وحضرموت وبقية المحافظات المحتلة من وضع معيشي صعب يتمثل في ارتفاع الأسعار بشكل جنوبي يفوق في كثير من الأحيان الأسعار الموجودة في صنعاء والمحافظات الحرة الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، هذه الحقيقة والواقع تؤكد المعطيات التي تأتي من قبل كثير من المواطنين هناك والذين يتذمرون من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وانتشار الفوضى ناهيك عن المعطيات المصرفية والنقدية والمتمثلة بفارق سعر صرف الريال في عدن وحضرموت ومارب والمحافظات المحتلة عن صنعاء حيث يصل الفارق إلى أكثر من 150ريالاً بواقع 608 ريالات للدولار في صنعاء مقابل 760 ريالاً للدولار في عدن إضافة إلى فارق الصرف وقيمة الحوالات حيث يتم خصم مبالغ كبيرة جداً على الحوالات القادمة من المحافظات المحتلة إلى صنعاء والمحافظات الحرَّة المستقلة تحت سلطة الجيش واللجان الشعبية وبضعف يبلغ 44 مرة عن الحوالات التي تذهب من صنعاء إلى المحافظات المحتلة إذ يتم أخذ 22 ألفا على الـ100 الألف الريال المحولة من المحافظات المحتلة إلى صنعاء بينما تم ضبط المسألة عند 500ريال على الـ100 الألف الريال التي يتم تحويلها من صنعاء والمحافظات الحرة إلى عدن وبقية المحافظات المحتلة وهذا يعكس مدى صوابية إجراءات حكومة صنعاء وحكومتها المستقلة فيما يخص ضبط أسعار الصرف والحفاظ على العملة الوطنية في مواجهة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها ويؤكد واقع الفوضى واللا دولة هناك في المحافظات المحتلة التي تدار من قبل سلطات مليشاوية باعت البلد والمواطن بثمن بخس بينما في صنعاء دولة وجمهورية حريصة على اقتصاد البلد وعلى معيشة الناس وأموال الناس وأعراضهم وحقوقهم ، ولا نامت أعين الجبناء والخونة.