يانواب◌ِ الشøعب¿! 

في الوقت الذي نشيد فيه بالدور الحيوي والمسؤول الذي يضطلع به مجلس النواب على صعيد ممارساته لمهامه الدستورية والتشريعية والرقابية وكذا الشفافية العالية التي تتسم بها مناقشاته للقضايا المطروحة على جدول أعماله والروح الوطنية التي يتحلى بها الغالبية من أعضاء هذا المجلس¡ فإن الأمانة تقتضي في الوقت نفسه أن نقول أنه إذا ما كان هناك من مآخذ على أداء المجلس فإنها تتمثل في عدم تمييز بعض النواب بين مهمتهم كممثلين للشعب في السلطة التشريعية وبين دفاعهم عن أنشطتهم التجارية التي يمارسونها وهو الخلط الذي يوقعهم في مثالب ومواقف تصبح مثار تندر الشارع الذي يحتار في أمر هؤلاء قلة قليلة من النواب الذين يتصدرون المواقف المناوئة للتشريعات الضريبية على وجه التحديد.
وتبرز هذه الحالة من الخلط بصورة صارخة في مثالين الأول يتجسد في موقف هؤلاء من قانون ضريبة المبيعات والثاني في محاولاتهم التلاعب بأحكام مشروع قانون ضرائب الدخل¡ حيث ظهر هؤلاء التجار أكثر إصرارا على تعطيل قانون ضريبة المبيعات وحينما لم يتحقق لهم ذلك قاموا بالتأليب عليه وتحريض زملائهم في القطاع التجاري على مقاومته¡ رغم أن كل الخبراء الاقتصاديين قد أكدوا على أن ذلك القانون يعتبر من أفضل التشريعات التي اتكأت على ركيزة العدالة¡ لكونه لم يفرض هذه الضريبة إلاø على من يزيد نشاطهم التجاري على خمسين مليون ريال فيما أعفى من لم يبلغوا ذلك المستوى من هذه الضريبة.
والأنكى من كل ذلك أن يسعى هؤلاء النواب إلى دفع مجلس النواب إلى منزلق خطير عن طريق محاولاتهم المحمومة إفراغ مشروع قانون ضرائب الدخل من أساسه وذلك بتحويله إلى قانون يعاقب به المواطن وذلك عن طريق رفع نسب بعض الضرائب إلى معدل يفوق النسب التي اقترحتها الحكومة¡ وهو أمر غير مسبوق على الإطلاق.
ولا ندري كيف فات على العقلاء داخل مجلس النواب مثل ذلك الطرح ودوافعه والأهداف التي تقف خلفه¡ وكيف أمكن لهؤلاء البعض الذين لا يهمهم سوى مصالحهم والدفاع عن أنشطتهم التجارية تمرير مثل تلك الغايات التي تجعل المجلس وكأنه يقف على النقيض من مصلحة المواطن عن طريق تلك الإضافات والزيادات التي أرادوا تمريرها لإضافة أعباء جديدة على المواطنين¡ ليس حرصا منهم على زيادة دخل الخزينة العامة للدولة¡ وإنما لمجرد إثارة البلبلة والتضييق على أبناء المجتمع.
والغريب أو المستغرب أن هذه القلة من النواب الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها من خلال صراخهم وعويلهم وردحهم لقانون ضريبة المبيعات على كبار التجار¡ هم أنفسهم من سعوا جاهدين إلى تبني رفع نسبة ضريبة الدخل على من هم أقل دخلا من أولئك التجار.
وما يحز في النفس ويثير الألم حقا أن تظهر مثل هذه الازدواجية والانتقائية تحت قبة البرلمان الذي نعتز بدوره الوطني ومواقف أعضائه ودورهم التشريعي والرقابي خاصة وأننا نؤمن أن مهمة كل من يصلون إلى ساحة البرلمان أسمى من أن ترتهن لغايات نفعية أو انتهازية أو مصلحة ذاتية ضيقة¡ أو أهداف حزبية أو سياسية¡ لكون من يدخل البرلمان معنيا◌ٍ بدرجة أساسية بتغليب مصلحة الوطن العليا على مصالحه وأهوائه وأطماعه¡ وهو مطالب أيضا بتقديم القدوة والمثال الذي يقتدى به في معنى الوطنية والإيثار والإخلاص لوطنه وأبناء مجتمعه.
والواجب على ممثلي الشعب في السلطة التشريعية ألاø يسمحوا بمثل ذلك الشطط¡ واستغلال قلة قليلة من المصلحيين ووكلاء الشركات التجارية لوجودهم داخل المجلس بالإساءة لهذا المجلس الموقر¡ من خلال محاولاتهم المكرسة لتعطيل بعض القوانين أو الإخلال بجوهرها خدمة لمكاسب مادية ومعنوية¡ ولا بد أن يتصدى الجميع لكل الأطروحات التي يغلب عليها الشعارات الزائفة والخطابات النزقة¡ ويقوموا بتعرية أصحابها وإغلاق الباب عليهم حتى يعلموا أنهم نواب للدفاع عن مصالح الوطن والشعب وليسوا نوابا◌ٍ للدفاع عن أنشطتهم التجارية ومصالحهم الخاصة.
وأن من لم يستطع أن يجعل من نفسه أنموذجا في تصرفاته وأفعاله فإن الأولى ألا تترك له الفرصة للظهور بأكثر من قناع وادعاء المصداقية خاصة وأن المتلونين لا يمكن أن تكون لهم مصداقية والنائب الذي لا يرعى مصلحة المواطن والوطن لا يستحق بالفعل أن يكون ممثلا لهذا المواطن أو الجلوس تحت قبة البرلمان.

قد يعجبك ايضا