الاستثمار في مجال التعدين سيزيد من فرص العمل وتنويع مصادر الاقتصاد
اليمن يمتلك مخزوناً كبيراً ومتعدداً من خامات المعادن والصخور الصناعية
صناعة المعادن ستكون من القطاعات الرائدة لجذب الاستثمار
حقائق الحجم الفعلي لثروات اليمن الطبيعية كانت محصورة على الشركات العالمية وقوى النفوذ في الداخل
الدراسات المعدنية والمختصون في مجال المعادن يؤكدون أن قطاع المعادن تعرض لإهمال ونهب ممنهج من قبل الحكومات السابقة مع الأسف الشديد، بالرغم من أنه قطاع يشكل الركيزة الثالثة إن لم تكن الأولى في تحسين دخل المواطنين مشيرين إلى أن الاهتمام بهذا القطاع سيحقق التنمية المتوازية بين المناطق ،كما أن الانفتاح في المجالات التعدينية سيزيد من فرص العمل للشباب ويخفف من نسبة البطالة ويؤدي إلى تنويع مصادر الاقتصاد المحلي إلى التفاصيل:
الثورة/ يحيى محمد الربيعي
أجريت العديد من الأبحاث والدراسات عن معوقات الاستثمار في اليمن نفذها عدد من مراكز الأبحاث وقياس الرأي، وتحدثت في مجملها عن المعوقات السياسية والاقتصادية والقانونية والأمنية التي أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي في البلد، وتنوعت الأسباب بين الفساد المالي والإداري وظاهرة التهريب حيث ذكرت آخر إحصائية رسمية أن خسائر الحكومة من التهريب تجاوزت الـ 300 مليون دولار سنوياً، وسجل انتشار ظاهرة الاختطاف إبان العقود الماضية رقما قياسياً في قائمة هذه الأسباب والعوامل التي تعيق الاستثمار.
وبتسليط الضوء، من خلال تلك الأبحاث والدراسات، تتضح حقيقة مفادها أن هناك عوائق كثيرة تعيق الاستثمار وتطور قطاع المعادن في اليمن، فعلى سبيل المثال قانون الاستثمار الذي يعتبر- من وجهات نظر مختلفة- أكبر عائق للاستثمار لأن القانون عمل على تجاهل كل المحفزات التي من الممكن أن تمثل أسساً لدعم المشاريع الاستثمارية وإقامة المصانع والاستثمارات المختلفة.
ويأتي تغاضي القانون عن تفعيل محفزات ومزايا لجذب المستثمرين والاستثمارات المختلفة كردة فعل صادمة في وجه دعوات القطاع الخاص المتكررة للتغيير من قبل الجهات المختصة في حينه.
إضافة إلى أنه وفي ظل الأوضاع التي مرت بها البلد خلال العقود الماضية تم استحداث قوانين وتشريعات مثلت حزمة من العوائق أمام الاستثمارات، وتم اتخاذها بدون أي تشاور مع القطاع الخاص الفاعل الحقيقي والشريك المفترض في سن تلك القوانين، مما أضاف أعباء كثيرة على المستثمرين وعلى استثماراتهم.
وأوصت دراسات اقتصادية بضرورة مراجعة السياسيات وأن تقوم بتعديلها بما يحافظ على رأس المال الوطني والحد من هجرته وإزالة كل العوائق التي تقف في وجه تطور وازدهار هذا القطاع الحيوي الذي يمثل أهم ركائز التنمية وعمودها الفقري، وأهم قاعدة لامتصاص البطالة وتوفير فرص العمل للشباب ولتنمية المجتمع.
واستطردت: الآن لابد من أن تبسط الدولة نفوذها وأن تعمل على بسط الأمن والاستقرار، والقضاء على أي بواعث لعودة ظاهرة التقطعات والاختطافات التي تهدد مجالات الاستثمار والاقتصاد بشكل عام، فمع حالة عدم الاستقرار من المستحيل أن تكون البلد جاذبة لأي استثمارات حتى لو كانت تملك افضل المقومات والمزايا الاستثمارية، فالأمن والاستقرار هما الأساس إذا أردنا الحديث عن دعم الاستثمار.
مفتاح التنمية
محللون في المجال الاقتصادي اشاروا، إلى أن هناك إمكانيات اقتصادية واعدة وفرصاً استثمارية كامنة في اليمن خاصة وأن بعض مواردها ما تزال غير مستغلة أي أن الملاحظ على صعيد الإمكانيات أن الصورة مشجعة بما تمتلك اليمن من موارد طبيعية في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، ومن أهمها قطاع الصناعة الذي سوف يكون من القطاعات الرائدة لجذب الاستثمارات المعتمدة على المواد الخام المحلية، مثل الرخام والإسمنت والمعادن، والأسمدة وغيرها من الصناعات الاستخراجية، والتحويلية، أي أن هذا القطاع سوف يكون مفتاح التنمية الاقتصادية ونحتاج فقط لدعم الاستثمارات وتقديم محفزات حقيقية لاستغلال موارد وثروات البلد.
غياب التخطيط
خبراء في الجدوى الاقتصادية قالوا: إنه على الرغم من وجود إمكانيات كبيرة للثروة المعدنية التي من شأنها أن تلعب دوراً هاماً في التنمية وأن اليمن، تمتلك العديد من خامات المعادن والصخور الصناعية في اليمن بكميات كبيرة ونوعيات جيدة، وتقع معظم هذه الخامات في مناطق مأهولة تتوفر فيها البنية الأساسية والمرافق اللازمة مما يسهل عملية استثمار واستغلال هذه الخامات ويقلل من كلفتها، إلا أنّ الناتج الإجمالي المحقق من نشاط التعدين يعتبر منعدما بكل المقاييس مقارنة بالنشاطات الاقتصادية النفطية أو مقارنة بالإمكانات الحقيقية لهذا القطاع.
وأعادت دراسات في مجال الاستثمار ذلك الإخفاق إلى جملة من المعوقات في مقدمتها غياب الخبرات المدربة تدريباً عالياً على أعمال التنقيب والاستكشاف والمناجم واستخراج الخامات ومعالجتها والطرق المثلى لاستخلاصها، وغياب الخبرات والكوادر العالية في أعمال تصميم وتنفيذ مشروعات التعدين، وندرة مراكز التدريب المهني في مجال صناعات التعدين والثروة المعدنية.. وغياب التخطيط أو التنسيق تجاه تنمية المعلومات الأساسية عن الأسواق الخارجية واحتياجاتها وحجم ومعدلات نمو هذه الاحتياجات بالنسبة للمنتجات المصدرة، وكذلك متطلبات هذه الأسواق من مواصفات العرض للمنتجات، إضافة إلى المعلومات عن القنوات التسويقية والمستوردين الرئيسيين ومعلومات عن السلع المنافسة والأسعار وغيرها من المعلومات الأساسية لعمليات التصدير.
غياب الترويج
فريق من المهتمين بدوره قال: لابد من التسويق الجيد لليمن والفرص الاستثمارية فيها خارجياً، حيث لا يوجد الآن ترويج للبلد في الخارج لأن الصورة في الخارج قاتمة، وهذا أمر غير منطقي ولا يساعد على ازدهار الواقع الاقتصادي في البلد.
مشيرين إلى أن التحدي الأمني هو الأبرز ومن ثم يأتي في المقام الثاني تداخل الاختصاصات والجهات يؤثر على الاستثمار، لاتزال هناك فوضى وابتزاز من قبل بعض الكوادر السيئة وهذا أمر غير لائق فيجب أن تكون كل هذه الجهات في جهة كالهيئة العامة للاستثمار- مثلا- على أن يكون تعاملها راقياً وخالياً من الفساد، وأن تكون هناك تسهيلات حقيقية ومزايا ومحفزات، لهذا يجب أن يتم تأهيل المعنيين بالإشراف على المشاريع الاستثمارية حتى تختفي ظاهرة الابتزازات والإجراءات والممارسات التعسفية بحق المستثمرين.
الركيزة الثالثة
مصادر رسمية بدورها عبرت عن استيائها من الإهمال الذي طال قطاع التعدين من الحكومات السابقة مؤكدة الحرص على أن يحظى هذا القطاع الحيوي والمهم كغيره من القطاعات بدعم الدولة فهو يشكل الركيزة الثالثة في تحسين دخل المواطن والاهتمام به سيحقق التنمية المتوازنة بين المناطق.
مشيرة إلى أنّ الانفتاح في المجالات التعدينية وما يرافقه من بنى تحتية وأساسية لهذه المجالات الصناعية سيزيد من فرص العمل أمام الشباب في الوظائف الفنية والتقنية والإدارية مما سيخفف من نسبة البطالة ويؤدي إلى تنويع مصادر الاقتصاد المحلي ويزيد الناتج المحلي ويرفع من مستوى الدخل القومي بالاعتماد على كادر يمني قادر على استكشاف ثروات بلاده الباطنية.. كما أنه سيساهم بصورة مباشرة في تحسين مستوى المعيشة للأفراد ويحقق أهداف الدولة في الاستفادة القصوى من الثروات الوطنية.
وكشفت تلك المصادر أنه “لم يكن أحد يعلم حقائق الحجم الفعلي لثروات اليمن الطبيعية عدا الشركات العالمية وأدواتها من قوى النفوذ المحلية، التي ظلت تخفيها وتستحوذ عليها، وتتنافس فيما بينها على من سيهدر أكثر ثروات اليمن لصالح هذه الشركات في مقابل تعزيز نفوذها في البلاد ومؤسساتها المسخَّرة لخدمة فسادها وشركاتها الخدمية في قطاع النفط والغاز”، والتي أكد أنها “ظلت تشارك الشركات العالمية في نهب ثروات اليمن، وتبييض الأموال” .
وأشارت إلى أن الحاجة الوطنية ماسة لاشتراك جميع الجهات ذات العلاقة في جمع معلومات وحقائق قطاع النفط والمعادن، وإنشاء بنك معلومات متخصص، موضحة أن “أغلفة العدوان وذرائعه الزائفة أسقطت جميعها بأيدي المجرمين أنفسهم باحتلال المنشآت الاقتصادية وحقول النفط والغاز”، وأن “حقائق انتهاك تحالف العدوان وأدواته سيادة اليمن، وإهدار ونهب ثرواته يؤكد صوابية مسار ثورة 21 سبتمبر في استرداد قيمة عائدات ثروات اليمن المنهوبة واعتبار أي اتفاقيات أو صفقات مشبوهة ساقطة قانوناً ودستورياً انطلاقا من منطق أن حماية ثروات اليمن حق سيادي أصيل.
تنوع في الثروات
يشير علم الجيولوجيا والأرض وفي العديد من الأبحاث والدراسات إلى أن جيولوجية اليمن تتميز بتنوع تضاريسي مدهش وتراكيب جيولوجية متنوعة وواعدة بالخير والعطاء، وقد أدى هذا التنوع في التركيب الجيولوجي لليمن إلى تنوع في الثروات المعدنية، حيث تتوفر معلومات عديدة تدعم التواجد الاقتصادي للذهب والزنك والرصاص والفضة وكذا النحاس والنيكل في اليمن، كما أن الدراسات الاستكشافية قد بينت وجود العديد من خامات المعادن والصخور الصناعية في اليمن بكميات تجاريه ونوعيات جيدة يقع معظمها في مناطق مأهولة تتوفر في بعضها البنية الأساسية والمرافق اللازمة مما يسهل عملية استثمارها واستغلالها ويقلل من كلفتها، ولقد أدت الأعمال الاستكشافية والتقييمية إلى تحديد العديد من هذه الرواسب ذات المؤشرات الاقتصادية، مثل الحجر الجيري، الجبس، الزيولايت، البرلايت، البيوميس، الملح الصخري، الفلدسبار، الكوارتز، الاسكوريا، الأطيان الصناعية، الرمال السيليكية، الجرانيت والجابرو، الرخام، البازلت، وتعد هذه الوفرة من الثروات المعدنية التي تمتلكها اليمن من أهم العوامل المشجعة للاستثمارات التعدينية في كثير من المجالات.