الكهرباء الحكومية تعود إلى صنعاء بعد سنوات من العدوان والظلام
على ضوء ما حققته الطاقة الشمسية من نجاح ، يمكن لعودة الكهرباء العامة أن تعوض سنوات ضائعة من إصلاح وتوسيع قطاع الطاقة
الثورة/ صنعاء
عادت الكهرباء الحكومية إلى العاصمة صنعاء بعد انقطاع دام سنوات جراء العدوان والحصار ، وأعلنت وزارة الكهرباء والطاقة عن إعادة التيار الكهربائي الحكومي إلى عدد من المناطق والأحياء بأمانة العاصمة.
وأوضح مصدر في غرفة عمليات وزارة الكهرباء، إن إعادة التيار الكهربائي الحكومي إلى كافة المنازل في أمانة العاصمة بشكل آمن ومنتظم، يأتي وفقاً لتوجيهات المجلس السياسي الأعلى، وفي ظل حرص الدولة على تخفيف معاناة المواطنين ، وقد استكملت وزارة الكهرباء خطة إعادة التيار إلى كافة مناطق وأحياء أمانة العاصمة ، كما أكدت بدء تشغيل التيار الكهربائي عبر خطوط النقل العالي لمدينة عمران ومحافظتها بدء من أمس الثلاثاء.
وتأتي عودة التيار الكهربائي إلى صنعاء وعمران وقبلها الحديدة ، بعد انقطاع طويل ، فقد كان للعدوان العسكري على اليمن المستعر منذ مارس 2015م تأثير مدمر على البنية التحتية للكهرباء ، فمنذ بداية الحرب السعودية التحالفية على اليمن توقفت محطات تزويد وإنتاج الطاقة بشكل كلي ، إما نتيجة تعرضها للقصف الجوي أو نتيجة منع دخول المازوت التي تعمل عليها بعض المحطات ، وقد توقفت محطة مارب الغازية منذ العام 2015م بعد تعرض خطوط النقل للقصف وتأثر المحطة بالغارات الجوية ، كما أن محطة المخا هي الأخرى قد تعرضت للتدمير بالغارات الجوية السعودية الأمريكية ، كل ذلك أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن كافة المدن اليمنية فصنعاء أكبر مدن اليمن التي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة تعيش بالكامل بدون شبكة كهرباء ، وفي الواقع كانت ست مدن من كل 10 مدن تم مسحها في منتصف 2017م من قبل البنك الدولي، في إطار المرحلة الثانية من تقرير تقييم الأضرار والاحتياجات في اليمن، لا يمكنها الحصول على الكهرباء العامة، بينما في المدن الأربع الباقية لا يتوفر التيار الكهربي إلا بضع ساعات يوميا.
عقاب جماعي.. وتدمير ممنهج
منذ مارس 2015م ، عاشت صنعاء ومعظم المدن اليمنية في ظلام دامس نتيجة انقطاع الكهرباء ، في الأشهر الثلاثة الأولى من العدوان العسكري الذي يشنه العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على اليمن ظلت بعض محطات الطاقة الحكومية تمد المدن الرئيسية في البلاد بالكهرباء بشكل شبه متقطع، غير أن الفترة منذ أغسطس غرقت صنعاء وكافة المدن الرئيسية في الظلام الدامس وقد أدى التوقف الكلي لمحطات الطاقة إلى انقطاع الكهرباء بشكل متواصل ليلاً ونهاراً ، وقد تعمد تحالف العدوان السعودي استهداف البنية التحتية للكهرباء ومحطات التوليد وقام بتوقيف محطة مارب الغازية ، وقطع خطوط النقل العالي عن صنعاء ، ومنع فرق الصيانة من إصلاحها ، وقد أراد تحالف العدوان والمرتزقة من خلال قطع الكهرباء فرض عقاب جماعي على الشعب اليمني ، هادفاً من ذلك إلى فرض عزلة تامة على اليمنيين والانتقام منهم.
وإضافة إلى تعرض محطات التوليد للقصف والتدمير ، فقد تسبب الحصار البحري الذي يفرضه تحالف العدوان السعودي بانعدام الوقود المستخدم في بعض محطات إنتاج الطاقة ما أدى إلى توقف كلي للمنظومة الكهربائية العامة ، وتأثر مرافق البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات وآبار المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي والأنظمة المصرفية وشبكات الهاتف وفقد الناس موارد رزقهم، بما في ذلك في الزراعة والري، التي تشكل نحو 80% من الاقتصاد اليمني ، وقد استعاض الناس ببدائل هزيلة للاستهلاك كألواح الطاقة الشمسية.
كما أن جزءاً من مشكلة الكهرباء في اليمن تعود إلى العجز في التوليد التراكمي للتيار، حيث يزداد الطلب على الكهرباء بنسبة 9 إلى 10% سنويا، وتزداد نسبة الفاقد (الطاقة المهدرة) داخل الشبكة المحلية سنويا ، وفي الوقت الذي دمرت فيه محطات توليدية عديدة بالاستهداف الجوي من قبل الطائرات السعودية ، علاوة على توقف إنشاء محطات توليدية جديدة لتغطية الزيادة السنوية في الطلب على الطاقة ، بالإضافة إلى معظم محطات الكهرباء الحكومية التي تنتج التيار بالوقود الثقيل (ديزل ومازوت) تعاني من التهالك وتقادم العمر وخروج محركاتها عن الخدمة، خاصة مع تعرضها للتلف والحاجة إلى صيانتها جراء التوقف والأعطال المتكررة ورفض دول العدوان السماح بإدخال قطع الغيار اللازمة للصيانة ، فإن إعادة تشغيل التيار الكهرباء في أمانة العاصمة وعمران ومدن أخرى يفتح نافذة أمل كبيرة لليمنيين الذين يعانون من ويلات العدوان والحصار منذ سنوات.
كما أن إعادة التيار الحكومي إضافة إلى ما حققه قطاع الطاقة الشمسية سيعوض سنوات ضائعة من إصلاح الطاقة ويعزز من الصمود.
بينما كنت المحافظات في وسط الظلام برز قطاع الطاقة الشمسية في اليمن كقصة نجاح نادرة ، فقد ازدهرت صناعة وثورة الطاقة الشمسية في هذه الظروف الصعبة، وتكتمل من خلال شبكات سلاسل التوريد المعقدة التي تربط كبار الموردين الدوليين بالتجار المحليين الذين يمتدون من المتاجر الصغيرة في كل شارع، وصولاً إلى الموانئ الرئيسية ونقاط العبور البرية في اليمن ، غير أن قرار الإمارات التي تشارك في العدوان على اليمن بمنع دخول ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات عبر ميناء عدن ، سبب ارتفاع أسعارها وعجز الكثير من الأسر والقطاعات عن توفير منظومات شمسية تغطي حاجياتهم.
أدى العدوان على اليمن إلى إعادة تصميم المخطط الأساسي لقطاع الطاقة المحلي وأدى إلى الاعتماد على أنظمة الطاقة الشمسية المستدامة ، وبناء على النجاح الملحوظ الذي حققه قطاع الطاقة الشمسية ، ، فإن إعادة تشغيل محطات التوليد الحكومية ونجاح حكومة الإنقاذ في إعادة تشغيل التيار الكهربائي العمومي ، سيُمكِّن قطاع الطاقة في بلادنا أن يعوض سنوات ضائعة من إصلاح قطاع الطاقة، ما يمهد الطريق أمام أسلوب جديد تماماً لتوصيل الكهرباء للمستهلكين بطريقة قادرة على الصمود والوصول إلى أماكن ريفية كانت محرومة من التيار ، وفي الواقع يمكن لنجاح وزارة الكهرباء التي أعادت التيار الكهربائي أن يكون بمثابة بصيص من الأمل للمواطنين الذين يأملون في استعادة مقدراتهم وانتصارهم على العدوان الغاشم.