تلقت اليمن من كافة أشقائها العرب وأصدقائها في العالم¡ وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي تأكيدات واضحة وصريحة¡ عبøر فيها الجميع عن دعمهم التام لليمن ووحدته وأمنه واستقراره وكذا مساندتهم لجهوده في التغلب على التحديات التي يواجهها في المرحلة الراهنة ومن ذلك التحديات التنموية والاقتصادية والتي تفاقمت تأثيراتها بشكل أكبر بانخفاض إنتاج اليمن النفطي¡ الذي تشكل عائداته المورد الرئيسي للدخل¡ ناهيك عن تداعيات وانعكاسات الأزمة المالية العالمية¡ التي لم يسلم اليمن من إفرازاتها السلبية.
وإلى جانب التحدي التنموي والاقتصادي فقد جاءت مواقف الدول الشقيقة والصديقة متفهمة للصعوبات الناجمة عن استشراء عوامل الفقر والبطالة التي تتسع مضاعفاتها عاما◌ٍ بعد آخر بفعل النمو السكاني المرتفع وحالة الجفاف وتراجع المخزون من المياه الجوفية¡ اللذين أثرا تأثيرا◌ٍ مباشرا◌ٍ على الإنتاج الزراعي.
ومن الطبيعي أن ترتفع وتيرة هذه المشكلات ببروز التحدي الإرهابي الذي يمثله تنظيم القاعدة¡ والأعمال التخريبية لعناصر التمرد بمحافظة صعده التي لا يمكن فصل مسلكها الإجرامي عن المخطط الإرهابي¡ بعد أن برهنت كل الوقائع أن كلاø◌ٍ منهما يتغذى من الآخر¡ وأن ما يجمع بينهما هو هدف واحد يتمثل في إشاعة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار¡ والسعي إلى تحويل اليمن إلى ساحة مضطربة بالأنشطة التخريبية والإرهابية والممارسات الإجرامية التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وخارجها.
ومن الدلالات الهامة التي يمكن استشرافها من المواقف التي عبر عنها الأشقاء والأصدقاء وهم يعلنون دعمهم ومساندتهم لليمن¡ الإجماع على أن أمن واستقرار اليمن عنصر جوهري للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم¡ بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي الذي يربط بين ضفتي آسيا وأفريقيا ويشرف على أهم البوابات البحرية التي تمثل الشريان الحيوي للتجارة الدولية.
وبطبيعة الحال فإن هذا الإجماع الدولي على المكانة الكبرى التي يمثلها أمن واستقرار اليمن قد حمل في طياته رسالة ينبغي التعاطي معها على المستوى الوطني بمسؤولية وإدراك مدلوله العميق من كافة أطراف المصفوفة السياسية والحزبية على وجه التحديد التي يتعين عليها الإسراع في التوافق على رؤية إستراتيجية تستند في محدداتها ومرتكزاتها على بعد وطني يضمن حماية مصالحنا وتوجهاتنا التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولا شك في أن التوافق على مثل هذه الإستراتيجية يقتضي من كافة هذه القوى السياسية والحزبية التجاوب التام مع دعوة فخامة رئيس الجمهورية إلى الحوار تحت قبة مجلس الشورى للخروج برؤية واحدة واصطفاف وطني للنهوض بمتطلبات الحاضر ومواجهة تحدياته¡ وتأمين مسيرة العمل الوطني الشامل¡ وترسيخ الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وتهيئة الظروف المناسبة والملائمة لتعزيز أواصر المحبة والوئام الأهلي بين أبناء الوطن الواحد بمختلف فئاته وقطاعاته وأحزابه وتنظيماته السياسية ومؤسساته المدنية التي تأسست في رحاب الوحدة والديمقراطية والحرية من أجل بناء اليمن الآمن والمستقر والمزدهر على أساس من الشراكة التي تعلو فيها مصلحة اليمن على كل المصالح.
ومن الواقعية أن يستشعر الجميع أن مؤتمر الحوار الوطني الذي من المقرر أن يبدأ أعماله يوم السبت القادم هو فرصة تاريخية ونقطة تحول هامة للانطلاق باليمن نحو المستقبل الأفضل¡ ولا بد أن يحرص الجميع على المشاركة وطرح المبادرات الهادفة إلى الإصلاح والتطوير بعيدا◌ٍ عن الاشتراطات المسبقة والمضامين الانتقائية وحسابات الربح والخسارة.
حيث وأن مثل هذا الحوار يجب أن يكون فيه الأولوية للوطن ومصالحه العليا وتطلعات أبنائه.
وإذا ما ارتفع الجميع إلى مستوى هذه المرحلة التاريخية¡ وغلبوا الوطن على الذات¡ واقتنعوا بأن الوطن فوق الجميع وربطوا بين ما هو كائن وما يجب أن يكون فلن يجدوا صعوبة أو عائقا◌ٍ يحول بينهم وبين جعل الحاضر نقطة انطلاق جديدة تقودهم يدا◌ٍ بيد نحو المستقبل الأفضل والأرغد الذي ينشدونه.
ومن الجهل وعدم الرشد السياسي أن يعتقد البعض أن الحوار هو لأجلهم لا من أجل الوطن.. وأنه ما لم يكن لهم فيه مصلحة تعود عليهم بالنفع الشخصي أو الحزبي فلا حاجة لهم به.
ومثل هؤلاء عليهم أن يفهموا أن الوطن هو أكبر من الجميع ولن يستطيع أحد مهما كان ومهما بلغ صراخه على شاشات الفضائيات أن يدفع بهذا الوطن إلى منزلقات خطرة¡ رغما◌ٍ عن شعبه وأهله الذين لن يسمحوا بذلك على الإطلاق باعتبار الوطن هو مصدر عزتهم وكبريائهم.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا