في وداع الشاعر حسن الشرفي، ماذا أكتب ..؟
محمد صالح حاتم
خبرٌ نزل كالصاعقة على رؤوسنا،عندما سمعنا بخبر وفاة الشاعر الكبير حسن عبدالله الشرفي، ليس اعتراضا على قضاء الله وقدرة،ولكن للفراغ الذي سيتركه رحيل الشرفي فينا والذي بوفاته خسر الشعب اليمني والوسط الثقافي والأدبي والشعر اليمني والعربي هامة سامقة من هامات الشعر، وأميراً من أمراء الكلمة،ولكن وأنت أمام شاعر بحجم حسن الشرفي،تحتار الكلمات ويجف مداد الأقلام ،وتخاف الصحف فتطوي صحائفها ،ويعجز اللسان عن التعبير.
من جبال حجة الشاهقة وطبيعتها الخلابة،ومناظرها الساحرة، من أوساط الشعب وطبقته الكادحة،من رعي الأغنام والتي كانت مهنته في طفولته وصباه، جاء شاعرنا الكبير حسن الشرفي.
كتب الشعر في سن مبكرة من عمره،كان مثقفاً كبيراً تعلم في كتُّاب قريته ،قرأ للعديد من شعراء العصر الجاهلي والإسلامي المتنبي والمعري وشعراء العصر الحديث شوقي والبارودي وأبو ماضي،والزبيري والمقالح ، استطاع الشرفي بحبه للشعر أن يطوع الكلمة، لتخدمه في كتابة الشعر،صدر له العديد من دواوين الشعر والتي وصل عددها إلى ستة عشر ديوانا،كتب الشعر الفصيح والحميني وشعر التفعيلة.
كُتب عن الشاعر الشرفي العديد من الكتب والدراسات ورسائل الماجستير.
تغنى العديد من الفنانين بكلمات شاعرنا حسن الشرفي منها (مطر مطر – القلب الشجي -في سفح وادي الجبر -دموع الهوى- بدي أعيش) والعديد من القصائد التي تغنى بها الفنانون.
شغل بعض المناصب الإدارية،والتي لم تبعده عن الشعر،بل ظل غزيرا في كتابة الشعر ،كانت الكلمة هي معشوقته التي لا تفارقه، ولا يمكن أن ينساها.
الشاعر الشرفي كان عملاقاً من عمالقة الشعر ،ومثقفاً مؤمناً بقضية شعبه ،مع بداية العدوان في 26مارس 2015م.كتب قصيدته الشهيرة التي مطلعها.
دُكوا الجبال وزلزلوا القيعانا
هيهات أن نستشعر الإذعان
أنتم بقوتكم ونحن بضعفنا
وغدٌ لمن لم يخذل الميدانا
تستجلبون البغي من أقطارها
وتُجيّشون الغدر والعدوانا
لم لا يكون القدس من أهدافكم
حتى يراكم جُرحه شجعانا؟
العار أنتم والفضيحة طبعكم
فاسألوا الزمان وراجعوا البرهانا.
فكانت هذه الكلمات أقوى من صواريخ العدوان،ظل واقفا في صف الوطن مدافعاً عنه بالكلمة شعراً ونثرا ،في الوقت الذي فيه خذل الوطن الكثير ممن كنا نعدهم شعراء ومثقفين وكتاباً وطنيين ،كانوا يتغنون باسم الوطن والوطنية كتبوا دواوين من الشعر، وألفوا عشرات من المجلدات عن الوطن،ولكن ما إن بدأ العدوان حتى رحل بعضهم وارتماء في حضن العدوان، والبعض الآخر اكتفى بالاعتكاف داخل منزله ، وكأن الأمر لا يعنيه ، وكأن طائرات تحالف العدوان تقصف بلداً بعيداً عنا في قارة أمريكا أو القطب الشمالي المتجمد،، ولكن شاعرنا الكبير الشرفي ظل وطنيا مخلصا لوطنه وقضيته ومظلوميته فكتب العشرات بل المئات من القصائد منذ بداية العدوان حتى آخر أيام حياته، فقد كان يكتب عن كل جريمة يرتكبها طيران العدو،وعن كل غارة من غاراته الإجرامية بحق اليمنيين.
واليوم ونحن نودع شاعرنا العملاق حسن عبدالله الشرفي بعد عمر حافل بالبذل والعطاء في مجال الشعر والكتابة، فمهما كتبنا عن الشاعر الشرفي فلن نستطيع أن نعطيه حقه ،والذي للأسف ضاع حقه كبقية الأدباء ولشعراء والمثقفين والكتّاب ،الذين أهملتهم الحكومات السابقة،ولم يجدوا الرعاية والاهتمام،ولم يأخذوا حقهم في الإعلام،كأقرانهم في دول أخرى.
رحل عنا عملاق الكلمة الشاعر حسن الشرفي في وقت الوطن في حاجة إلى من يدافع عنه بالكلمة والحرف شعرا ،ًوكتابة ،ولحنا ،وغناء ،فالشاعر الكبير حسن عبدالله الشرفي وإن رحل عنا بجسده سيظل حياً بيننا بقصائده وكلماته.
رحم الله الشاعر حسن الشرفي، وأدخله فسيح جنانه وعظم الله اجر شعبنا اليمني.