أين القمر الصناعي الإسلامي لحسم الجدل؟

رمضان يوحِّد المسلمين والهلال يفِّرقهم

 

 

علي الشرجي

شهدت الدول الإسلامية انقساماً ملحوظاً في ثبوت هلال شهر رمضان واعتادت المملكة السعودية على الانفراد بإعلانه.
ككل عام في آواخر شهر شعبان وبداية رمضان بدخول المسلمين في جدال طويل حول ثبوت رؤية الهلال وسبب الاختلاف في تحديد أول يوم صيام.
تعتمد بعض الدول الإسلامية في رؤية الهلال على الحسابات الفلكية بينما يعتمد أخرى على الرؤية الشخصية بالعين المجردة أو مناظير دقيقة كما يفضل دول إسلامية اتباع مراجع دينية أو بلدان وذلك حسب الانسجام في العلاقات السياسية ويؤدي تضارب ثبوت رؤية الهلال إلى انقسام الدول بل وسكان البلد الواحد وحتى أفراد الأسرة الواحدة أحياناً في بدء الصيام ونهايته .
ما هي الأسباب التي تمنع اتفاق المسلمين على طريقة محددة في ثبوت الهلال؟
الإجابة تكمن في التوترات السياسة والتنوع والتعصب المذهبي عند البعض في بعض البلدان.
لكن علميا أكد علماء الفلك الفيزيائية إمكانية تحديد بداية القمرية وثبوت أهلتها بكل سهولة لآلاف السنين لا لعام أو عامين فقط.
وتعتمد علوم الفلك في رؤية الأهلة على الاقتران المركزي بين السماء والأرض قبل غروب الشمس حيث والاقتران المركزي أمر لا يختلف عليه أثنان في إثبات رؤية الهلال حسب أستاذ الفيزيا الفلكية في الأردن “حناصابات” .
مضيفا: أن الخلاف يمكن في النصوص الشرعية التي تنص على لفظ الرؤية البصرية ولا تأخذ الرؤية المجردة عوامل مثل حالة الجو والأتربة في الحسبان.
متى سينتهي خلاف المسلمين حول رؤية هلال رمضان؟ خاصة ونحن في عصر التقنية والتكنولوجيا التي جعلت العالم قربة كونية واحدة؟
الأمر اللافت المملكة السعودية هي من تنفرد بإعلان ثبوت الهلال وتتبعها الكثير من الدول المتعاطفة معها سياسيا.
يرى المفكر المصري أنيس الصياد أنه حتى إذا حدثت مكايدة سياسية من حاكم أو ملك أو رئيس ما لا يمكن إثبات الأمر وستكون الإجابة بكل بساطة لم نر الهلال!!
وأضاف: أن الحسابات الفلكية هي التي تحدد فرصة الظهور فإذا وجدت أن الهلال لم يثبت الأربعاء فسيكون كذلك دون شك.
واستدرك قائلاً: لا تزال حسابات الفلك غير قطعية على الأقل من المنظور الشرعي لأنها قطعية النفي لا الاثبات.
ويوضح الصياد أنه: “إذا قالت الحسابات الفلكية بتعذر ظهور الهلال فهذا ثابت ولا يمكن لأحد ادعاء رؤية الهلال لكنها إذا قالت بثبوته يمكن أن يأتي شخص وبقول إنه لم ير الهلال ربما بسبب عدم امتلاكه ما لدى هيئات الفلك من أدوات وأجهزة فائقة الدقة.
ووسط هذا الجدل كان لا بد من إطلاق قمر صناعي إسلامي بهدف ضبط وتوحيد بداية الشهور القمرية والعمل على رصد الهلال في سماء العالم الإسلامي على وجه الدقة وتنتفي بذلك احتمالات الشك في الرؤية وتتوحد أيام المواسم والأعياد الإسلامية وكانت دار الإفتاء المصرية قد أعلنت قبل عامين إطلاق قمر صناعي إسلامي لكنه لم ير النور.
ويبقى شهر رمضان مناسبة عظيمة تستدعي وحدة الصف الإسلامي ونبذ الخلافات لمواجهة التحديات ومصدر الهام للتكامل والتنسيق المشترك في مختلف المجالات ومنها تحديد أيام رمضان والأعياد الدينية.؟
بدورها الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للافتاء والبحوث ذكرت عدة شروط فلكية لقبول إمكانية رؤية الهلال منها:
أ – أن يغرب الهلال بعد غروب الشمس في موقع إمكانية الرؤية.
ب – الا تقل زاوية ارتفاع القمر عن الأفق عند غروب الشمس عن خمس درجات .
ج – الا يقل البعد الزاوي بين الشمس والقمر عن ثمان درجات مئوية.
وبالتالي حث المسلمين في البلاد الأوروبية أن يأخذوا بالقاعدة الآنفة الذكر في دخول الأشهر القمرية والخروج منها وخصوصا شهري رمضان وشوال وتحديد هذه الأشهر بصورة مسبقة مما يساعد على تأدية عباداتهم.
ودعا قرار المجمع الفقهي الدولي في مؤتمرة الثالث لعام 1986م علماء الشريعة وأئمة المساجد في المجتمعات الإسلامية وغيرها بالعمل على ترسيخ ثقافة احترام ما انتهى اليه القطعي من علوم الحساب الفلكي عندما يقرر عدم إمكانية رؤية الهلال بسبب عدم حدوث الاقتران وأن لا يقبل ادعاء رؤيته الهلال.
وإذا كان المجمع الفقهي الأوروبي يرى ألاّ عبرة باختلاف المطالع فلماذا لا يوجبون ذلك على المسلمين في الأرض كلها؟.. لماذا يوجبونه على المسلمين في أوروبا فقط.
إن اختلافات المسلمين حول رؤية الهلال للأسف تكتنفها بعض التناقضات.
ولذلك يذهب الكثير إلى المرجع الأول والأخير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته” وان اختلفوا فإلى متى سيستمر حسم هذا الأمر بيد الرؤساء والملوك لا بيد علماء الشرع والفلك.
رمضان يوحد المسلمين والهلال يفرقهم.. إلى متى؟

قد يعجبك ايضا