الأعداء عاثوا فساداً في المحافظة
الحياة عادت إلى طبيعتها .. ولا صحة لما يروجه الأعداء
الجيش واللجان الشعبية يضمدون الجروح في أنحاء المدينة
انتهت اللعبة وسقطت الأقنعة عن وجوه جماعة الفكر الواحد والرأي الوحيد ورموز النخبة التي تتباهى بالعمالة وتجاهر بالولاء والطاعة العمياء لأعداء الوطن تحت نظرية الشرعية ودعوى الانقلاب.. عاثوا فسادا في الجوف حتى عادت إلى حضن الوطن وتم دحر الخونة والعملاء والمرتزقة .
بمجرد أن وطأت أقدامنا أرض الجوف لم تخطئ العيون جذوع النخل وأكوام مخلفات المنازل الترابية المهدمة جراء الغارات الجوية الحاقدة وبقايا السواتر الرملية..
استطلاع ميداني: أحمد يحيى الديلمي
* بداية الرحلة
العيون تترقب كل قادم وكأنها تخشى عدواً متربصاً ورجال الجيش واللجان الشعبية يحاولون التعاون مع رجال الأمن لتطبيع الأوضاع وإعادة الهدوء والأمن والاستقرار إلى المدينة وتبذل جهوداً مكثفة لإجهاض كل محاولات الاستغلال غير السوي للظروف وكشف أي محاولات من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار.
كل المشاهد تدل على هول ما جرى.. عكست الحقد الهستيري والإرهاب الممنهج الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
أفواه المواطنين تلهث بالدعاء لقيادة الثورة وتلعن المتورطين في العمالة الضالعين في التآمر وخيانة الوطن .
بعد أن توقفت السيارة أمام المجمع الحكومي أحسست بالمرارة، المبنى الذي سكنت فيه أكثر من مرة أثناء الزيارات المتعاقبة للمحافظة فقد المهابة والشموخ نتيجة ضربات الأعداء التي سعت إلى هدم كل ما يمت بصلة إلى الحياة.
في آخر زيارة كان المجمع وحيداً بالقرب منه إدارة الأمن يفصلهما عن مدينة الحزم القديمة حوالى اثنين كيلو متر بينما اختلف الأمر هذه المرة حركة البناء احتلت الفراغ الفاصل وتواصل المجمع مع المدينة.
* نقطة البداية
كانت نقطة البداية عندما سألت الشاب الشيخ أبو نواف عن صحة الأخبار التي تروجها قنوات الدفع المسبق وتعلن بأن كل أبناء الحزم نزحوا منها وأن المدينة أصبحت خاوية على عروشها بعد دخول الانقلابيين حسب زعم تلك القنوات ، لم يتردد وعرض عليّ القيام بزيارة خاطفة لمشاهدة الأوضاع في الجوف عن كثب لأتمكن من دحض الشائعات عمليا..
لم استغرق وقتاً طويلاً للتفكير ، وافقت على الفور ، وفي حزم الجوف استوقفت أحد المارة بمجرد أن سألته عن أحوال السكان ، حدقّ فيّ ملياً وأجاب بلا تردد ” انكشف المستور وظهر قبح الوجوه التي استغلت الناس ردحا من الزمن ، استغلت جهل البعض وسذاجة البعض الآخر للإعلان عن نفسها بأنها حامية حمى الدين والمؤتمنة عليه والقادرة على مواجهة الروافض الدخلاء على الدين المعبرين عن إرادة المجوس في ايران حسب وصفهم”.
راهن الأعداء على المذهبية والطائفية وزرع الحقد في النفوس ففشلوا ، كما تعرف معظم أبناء الجوف “شوافع” لذلك حدث التعاطف مع تلك الأكاذيب والخزعبلات وكل مظاهر التدليس وتزييف الحقائق من زمن مبكر عندما توافد المرشدين والوعاظ على المحافظة ولديهم قدرة فائقة على التأثير والاستقطاب عبر التباكي وذرف الدموع على الدين ما جعل المتلقين يأخذون كل شيء على محمل الجد حتى ظهرت حقيقة أولئك الناس في فترة السيطرة على مدينة الحزم والبقاء في المجمع الحكومي.
ذهبت مفردات الخطاب السابق وقطرات الدموع الزائفة أدراج الرياح ، الممارسات والأعمال المنافية لأبسط تعاليم الدين التي تتنافى مع قيم الانتماء الصادق للوطن ، رسمت معالم النهاية وفرشت الأرض بالورود أمام المجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبية ، الذين أعادوا الينا الأمل في الحياة وها أنت تشاهد بنفسك، عاد الناس إلى أعمالهم من اليوم التالي لطرد فلول العملاء والمرتزقة ، ودخل الفاتحون المعبرون عن الانتماء الصادق للوطن المجسدون لإرادة وتطلعات أبنائه بعد سنوات عجاف مرت بنا، احسسنا معها أننا مجرد كيان هلامي تابع لإمارة نجران ، هذا الأمر يشرفنا كون نجران هي أرض يمنية لكن بعد أن تعود إلى حضن الوطن وتتخلص من احتلال النظام السعودي ، قاطعته متسائلاً: الحياة طبيعية في المدينة خلافا لما يروجه إعلام الدفع المسبق بأن المدينة خالية من البشر وأن أبناءها نزحوا إلى مأرب عقب دخول القوات الانقلابية حسب وصفهم .
اطلق ابتسامة ساخرة وأجاب:
هذا غير صحيح اطلاقا ، الصورة الماثلة أمامك تدحض الأباطيل والأخبار الكاذبة ، من فروا هم فلول المرتزقة والعملاء واخذوا معهم المرتزقة من أفراد القاعدة وداعش من كان يحتمي بهم المحافظ الفار وجُلّهم غير يمنيين من جنسيات مختلفة ، كم عاثوا ولاثوا فساداً في البلاد ومارسوا كل صور التعذيب والتنكيل ضد الكثير من شبابنا الأبرياء.
يتدخل رفيق الرحلة أبو نواف مقاطعا:
ما لم يدركه مسؤولو ماكنة الأعداء الإعلامية أن كل أخبار التهويل والفبركات الكاذبة التي تسوقها القنوات المأجورة افقدتها المصداقية تماما بعد أن خدعت المتلقين سنوات بترويج أخبار كاذبة والحديث عن انتصارات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع سرعان ما يكتشف المتلقون زيفها تماما مما جعلها تقود إلى نتائج عكسية وستكون أهم عامل لتقريب يوم النصر ودحر المحتلين من كل شبر في الأرض اليمنية.
حكمة قائد الثورة أبو جبريل عجلت بالنصر وعمقت أقدام المجاهدين في أرض الجوف.
انتهى كلام الشيخ الشاب وأخذنا في جولة سريعة داخل المدينة ، الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها بالتدريج والفرحة تعلو الوجوه وألسنة الجميع تلهج بالثناء والشكر لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ، وتؤكد أنه تابع لحظات الانتصار بنفسه مما جعل دخول المدينة سلساً وخالياً تماماً من الغلظة والقسوة ورغبات الانتقام .
من الوهلة الأولى تعالت صيحات الصفح وإعلان العفو حتى عن الذين حملوا السلاح ورفعوه في وجه مقاتلي الجيش واللجان الشعبية ، عاد الجميع إلى منازلهم آمنين مطمئنين ولسان حالهم يقول:
إذا احتربت يوما وسالت دماؤها
تذكرت القربى فسالت دموعها
قلت بصراحة المشهد برمته عظيم يقدم أصدق صورة لتآلف اليمنيين وأعظم رسالة يجب أن يقرأها العالم ، مفادها أن الشعب اليمني هو شعب السلام والأمن وعنوان صادق لثقافة حفظ الناس وتجاوز كل المعضلات ، ورسالة خاصة إلى ما يسمى بدول التحالف المختزلة في السعودية والإمارات ومن ورائهم أمريكا التي أظهرت الرغبات المبيتة وأرسلت قواتها إلى السواحل اليمنية فأظهرت الوجه القبيح واتضحت النوايا الخبيثة المبيتة للاحتلال والتحكم والسيطرة .
التجارب العملية أسقطت أقنعة الزيف والضلال وكشفت قبح الوجوه والشعارات التي تلطخت بها ردحاً من الزمن .
مفردات الخطاب واضحة تدعو الجميع إلى أن يتركوا اليمنيين وشأنهم وهم سيحلون كل المعضلات ، ويتجاوزون كل الصعاب في ظل التمسك بثوابت وحدة الوطن اليمني وامتلاك ناصية القرار السياسي والحفاظ على السيادة والاستقلال كأولويات استراتيجية وخيارات وحيدة لا ثاني لها.
* مأساة وجريمة بشعة
بعد لحظات من مغادرة الحزم استوقفنا شاب أشعث أغبر سأله الدليل عن وجهته تململ في مكانه بصعوبة بالغة التقط أنفاسه واستعاد القدرة على جمع شتات الصوت، تحدث بلهجة مبهمة وصوت متقطع ترجم الرعب والهلع المسيطران على الشاب ، عرف الدليل.. حيرتنا قال:
لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، هذه الأعمال توضح حقيقة المعتدين وإصرارهم على توسيع جدار الخطيئة ، قبل لحظات نفذت طائرات الأعداء غارات حاقدة استهدفت سيارة مواطن قرب اليتمة أدت إلى جرح واستشهاد كل من في السيارة ، حالة الإرباك وعدم التوازن لدى الشاب ترجع إلى هول ما رأى وصف المشهد بالمروع اشلاء الضحايا تناثرت في كل الاتجاهات ، دليل على الحقد والإفلاس القيمي والسقوط الأخلاقي هول الفعل جعل رائحة الموت ورغبات الفناء تنبعث من أرجاء المكان.
أفعال إجرام وإبادة شاملة تدلل على غياب العواطف وانعدام الضمائر وترى في العنف وسفك دماء الأبرياء وممارسة أبشع أنواع القتل الجماعي معيار النجاح وضمان البقاء واثبات الوجود ، لا ندري إلى متى ستظل مواقف العالم رخوة ومرتعشة إلى هذا الحد تجاه العنف والدم المراق والأرواح التي تزهق بحقد كل يوم بسبب الممارسات البشعة للنظامين السعودي والإماراتي تحت كنف أمريكا والدول الأوروبية المؤيدة للعدوان.
اليمنيون قاطبة على مستوى المسؤولية وترجمة قاعدة الرئيس الشهيد صالح الصماد (يد تحمي ويد تبنى) .
خمس سنوات ومازال المعتدون يحولون مدن وقرى اليمن إلى كتلة من نار يتعمدون إحراق الأخضر واليابس والعالم يلتزم الصمت.
أثناء السير إلى عاصمة الجوف شاهدنا عيوناً حائرة يستبد بها الشرود وتحس بالضياع عادت للتو من مواقع النزوح لتجد المنازل مدمرة يبحثون عن ماوى وملاذ آمنٍ وكسرة خبز تسد به رمق الجوع .
أطفال ونساء قابعون في العراء يتضورون من الجوع ما يكشف عن العبء الكبير على حكومة الثورة في صنعاء بقصد ترميم النفوس.
المهمة مع أنها إنسانية إلا أن صعوبات كبيرة تكتنفها في ظل الحصار الجائر وشحة الموارد .
هذه معركة أبناء الوطن قاطبة، واليمنيون بإذن الله وقيادة الثورة وحكومة الإنقاذ على مستوى المسؤولية يستمدون العون من الخالق سبحانه وتعالى جلت قدرته وعظم شأنه يترجمون القاعدة السابقة بكل صدق وإيمان لتظل الأيادي ممدودة والنفوس مفتوحة لكي تواصل المشوار على نفس المنوال الذي حدد صفاته شهيد الثورة العظيم الرئيس صالح على الصماد “طيب الله ثراه” .
ومن الله نستمد العون والنصر المبين إن شاء الله .. ولا أنسى أن أسدي الشكر للأخ أبو علي أحد أبناء الجوف الميامين الذي لعب دوراً هاماً في تحقيق هذه الغاية ولكل من قابلنا في الحزم أثناء الزيارة الخاطفة ، وإن شاء الله تتكرر ونلتقي بأبناء الجوف الميامين وهم في أحسن حال وقد استعادت المحافظة عافيتها وأصبحت في حضن الوطن تقاوم صلف العدوان وتصد المعتدين . والله من وراء القصد ..