الشائعات.. حالة مَرَضِيّة
نجيب محمد العنسي
في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن الاعتداءات الجسيمة التي يقوم بها جنود الاحتلال ومرتزقته ضد المواطن اليمني في عدن وأبين وشبوة ، تهب الأفواه المريضة وتعنى بإخلاص لترويج حكاية عن (هزورة ) اثنين من رجال المرور لسائق شاحنة في صنعاء كردة فعل عفوية بسبب قيامه بالفرار بعد أن أقدم عامدا على دهس احد زملائهم .
وفي الوقت الذي يتحدث الكون عن الرائحة الطافحة للدماء النازفة من الاغتيالات اليومية في عدن وتعز ، يسعون في نوع من الهلع لمداراة ذلك عبر ترويج خبر جريمة قتل ـ كانت بدافع ثأر قديم ، أو نتيجة خلاف بين شخصين ـ حدثت في احد الوديان في محافظة اب ـ برغم القاء القبض على الجاني ـ ؛ كدليل يقدمونه على ما أسموه انفلاتا أمنيا تعيشه المحافظة ، وهم وحدهم من استطاع اكتشافه .. والسؤال الذي يطرح نفسه ، هو ما السر وراء حالة الشبق الشاذ والمسعور لاختلاق ونشر الشائعات من قبل تلك الأبواق؟
لقد بات من المعلوم ..( ليس لدى علماء النفس ، ومختصي علم الاجتماع السياسي فقط.) . بل ولدى عامة الناس ؛ أن ما يقوم به أذناب وأدوات ، وجواري ، وأبواق العدوان ، من اختلاق ونشر للشائعات كوسيلة بائسة للتشويه بالدولة والمواطن في المناطق الحرة التي يديرها المجلس السياسي ـ ، وبطريقة تجاوزت حد الإفراط ؛ ما هو إلا تعبير عن الحالة المرضيّة المزمنة التي استوطنت وتحكمت في نفسياتهم ، وحجم الإحباط الذي سقطوا في براثنه نتيجة للواقع المزري الذي تغرق فيه كل المحافظات الواقعة تحت الاحتلال ، بملامحه المفعمة بالفوضى الأمنية والإدارية ، والبربرية الوقحة ، كنتاج منطقي لحكم المليشيات الموتورة بعقلية الإرتزاق في صورته البدائية .. فعندما لا تجد تلك الأبواق ما تتحدث عنه مما يبعث ولو بصيص باهت من الأمل في تلك المناطق ، أو يدعم أكبر كذبة في التاريخ المعاصر ..
كذبة (عاصفة الأمل ، وامارات الخير ، وشكرا بابا سلمان ..الخ)
لجأت إلى حيلة مداراة الفضائح اليومية عبر ضجيج الشائعات ، التي يطلقونها ضد خصومهم ، كمحاولة وحيدة لصرف الأنظار عن رؤية عوراتهم المكشوفة ، ـ والمستباحة علناً ـ بورقة التوت الوحيدة ، الذابلة والمهترئة التي لديهم .
غير أن محاولاتهم تلك لم تنجح سوى في اطلاق كم هائل من التعليقات الساخرة ، التي يحاصر بها المتابع اليمني ، والأجنبي كل شائعة من شائعاتهم .
وتتحول كل شائعة إلى مادة للتندر والسخرية منهم ، وفضيحة تضاف إلى رصيدهم المتخم بالأكاذيب ، وهالة سوداء تغطي وجه وسائل إعلامهم التي عمّدها إبليس في وقت مبكر ، وصارت الناطق الرسمي باسمه .