مخطط العدوان في السيطرة على الساحل الغربي لليمن مستمر
تغيير ديموجرافي في مديريتي المخا وذوباب تمهيداً لسلخهما عن محافظة تعز
الثورة /
يسعى تحالف العدوان لتنفيذ مخطط تقسيم اليمن وتفكيكها إلى كيانات سياسية جغرافية متعددة ، يستطيع من خلالها تحقيق أطماعه السياسية والاقتصادية ، فاليمن الكبير القوي الموحد لن يسمح لقوى العدوان ومن يقف خلفها من قوى الاستعمار القديم والحديث بتحقيق أطماعها في اليمن ، بل وسيعرقل مخططات تلك القوى في الإقليم والمنطقة بشكل عام .
وفقا لتلك الأطماع ، وفي إطار المخطط العام ، فإن معظم محافظات اليمن خصص لها أجندة ومؤامرة مستقلة يجري تنفيذها من قبل تحالف العدوان ضمن خطوات باتت تتكشف بمرور الوقت .
ففي محافظة تعز، يدور أحد أخطر مخططات تحالف العدوان ، وقد أشرفت عليه الإمارات في مراحله الأولى ، قبل أن تتولى السعودية مؤخرا ، وبشكل علني عمليات إكمال التنفيذ ، وهو سلخ المخا والشريط الساحلي الممتد من باب المندب إلى المخا عن محافظة تعز ، كخطوة قد يليها ما هو أسوأ ، وهو سلخ تلك المديريات عن اليمن . وتأسيس كيان شبيه بدولة جيبوتي على الضفة الشرقية لمضيق باب المندب .
التحركات الحاصلة على الأرض تثير الشكوك والمخاوف ، البعض يرى أنها تهدف كما يبدو إلى فصل تلك المديريات عن المحافظة ، كونها تأتي في ظل رغبة خارجية مشبوهة تهدف الى تشكيل إقليم جنوبي خاضع لدول العدوان ، ويسهّل لها مواصلة احتلال هذه المناطق والمنافذ البحرية الإستراتيجية والتحكم بإدارتها وثرواتها ومواردها ، فيما يذهب آخرون إلى أبعد من ذلك ، لأن الجنوب هو الآخر مستهدف بمخططات متعددة تستهدف تفكيكه إلى كيانات مختلفة .
دور المرتزقة
وقد عملت الإمارات على وضع آليات عدة للتمهيد لخطة تقسيم محافظة تعز، تنطلق من فصل المديريات الساحلية التي تضم إلى جانب المخا ، كلاً من ذوباب وموزع والوازعية ، لتكون ضمن ما بات يروج له باسم « محافظة باب المندب ، أو إقليم المخا الممتد من باب المندب مروراً بذوباب وموزع والوازعية وصولاً إلى مدينة المخا على البحر الأحمر.
كما عملت الإمارات عبر الفصائل المسلحة الموالية لها على فرض واقع جديد، وهو الفصل الجغرافي والعزل الاجتماعي لمناطق الساحل عن المناطق الداخلية في تعز، وهي من تصدر قرارات التعيين في السلطة المحلية وتعيين المسؤولين.
وأصبحت الفصائل المسلحة التي شكلتها الإمارات هي من تدير فعلياً مناطق الساحل , وتفرض عزلة على تلك المناطق من خلال اغلاق الطرقات التي تربطها بالمديريات القريبة منها في محافظة تعز , وأصبح المنفذ الوحيد لأبناء تلك المناطق هو الطريق الجنوبي نحو عدن .
وباتت مديريات الساحل الغربي خاضعة لخليط من التشكيلات تتلقى أوامرها من القوات الإماراتية وتحاول أبوظبي تمكين طارق عفاش من وضع اليد على تلك القوات المشكلة من عسكريين منشقين عن الحرس الجمهوري والأمن المركزي، إلا أن غالبية القوات هي مجندة حديثا من المحافظات الجنوبية وخاصة لحج وشبوة.
وقد أوعز تحالف العدوان الذي تقوده السعودية لوكيله في الساحل طارق عفاش، بوضع حجر الأساس لما أُسمي بـ “مدينة الـ 2 من ديسمبر السكنية”، بتمويل من الإمارات ، الأمر الذي كشف عن النوايا التي تحيكها الرياض وأبو ظبي لإحداث تغيير ديموغرافي في محافظة تعز..
ويأتي هذا التأسيس للمدينة السكنية بغية توطين عدد كبير من أبناء المحافظات الجنوبية في مدينة المخا ضمن محاولات خطيرة تقودها الإمارات لتغيير الهوية الديموجرافية لسكان مدينة المخا عبر إعادة توطين انفصاليين في المدينة وطرد أهلها منها، تحت زعم أن “المخا” مدينة جنوبية.
التغيير الديموجرافي في مديريات الساحل التابع لمحافظة تعز بدأ منذ العام الأول للعدوان ، حينما استهدفت طائرات التحالف المدينة السكنية للموظفين العاملين في محطة المخا البخارية مساء الجمعة 24 يوليو 2015 . والذي أدى إلى استشهاد نحو 100 من سكان المدينة معظمهم نساء وأطفال . وأدى ذلك إلى إلى نزوح جماعي لسكان المدينة من المخا ، ولم يسمح لهم بالعودة لنقل محتويات مساكنهم التي تركوها على عجل .
ولا تزال قوى العدوان ومرتزقتها تمارس الانتهاكات والمضايقات بحق سكان مديريتي المخا وذوباب بأساليب مختلفة .
وبحسب صحيفة ميدل إيست آي البريطانية فقد أكد سكان المخا أنهم يتعرضون لتهميش وإقصاء كبير من قبل الجنود المرتزقة الذين يتفننون في انتهاك حرياتهم، واعتقال العشرات منهم، وإجلاء الكثير من بيوتهم بشتى السبل.
وبحسب الشهادات فإن المرتزقة الذين يتحكمون حالياً بالمدينة يعللون انتهاكاتهم بحق السكان بالادعاء أن هؤلاء ليسوا السكان الأصليين للمدينة، وأنها في الأصل مدينة جنوبية لا تنتمي الى ما يطلقون عليه “اليمن الشمالي”.
وقال أحد الجنود للصحيفة: حين تحين لحظة الانفصال لن تعود المخا الى الشمال.. هي أرض جنوبية. كانت كذلك في الماضي وستظل هكذا الى الأبد.
الصحيفة التي أجرت عدداً من اللقاءات الميدانية مع السكان المحليين الذين يعملون بالصيد في المدينة أكدت أن جميعهم ممنوعون من ممارسة الصيد في البحر بأوامر إماراتية صارمة.
وقال الصيادون للصحيفة أن الإمارات تبعث سفنها الرابضة في الميناء بشكل يومي والتي تقوم بنهب الثروة السمكية بشكل مهول، وتمنع الصيادين من طلب الرزق والصيد، وأي صياد يفكر في تحريك قاربه ستكون نيران المرتزقة في الميناء بانتظاره.
خلافات تعصف بالمرتزقة
وأمام مساعي تحالف العدوان لفرض طارق عفاش على المنطقة خرج قائد ما يُسمى بالمقاومة التهامية عبد الرحمن حجري، مهدداً بالانقلاب على التحالف؛ رداً على محاولة اقصاء وتهميش قواته.
وشكا حجري مما وصفها بـ “سياسة تغييب وإقصاء قواته وحرمانها من المرتبات وإيقاف الدعم عنها، مؤكدا أن ذلك “سياسة حمقاء”. وحذر من استمرار هذا الاقصاء والتغييب لقواته.
وأوضح ان قواته تمتلك 20 ألف مقاتل في الساحل الغربي، ولن تسمح باستمرار سياسة الإقصاء الممارسة ضدها من قبل “التحالف”، مهددا بالانقلاب على “التحالف” وخوض المواجهة المسلحة مع التشكيلات العسكرية وخصوصا قوات طارق صالح، والذي كان قد اتهمه في وقت سابق التحالف بمحاولة فرض طارق صالح وصياً على الساحل التهامي، وتوعد بإفشال هذا المخطط.
حكومة المرتزقة وشرعنة الفصل
وكان النائب العام في حكومة المرتزقة أصدر نهاية العام 2019م قرارات قضت بتعيينات بنيابة المخا وضمها مع مديريات الساحل وتعد هذه مخالفة صريحة كون النيابة الابتدائية بالمخا تتبع نيابة الاستئناف بمحافظة تعز.
واعتبر محامون هذه الإجراءات باطلة وتأتي في الظروف تماشيا مع مخطط دول العدوان لفصل المخا عن تعز .
وأتى قرار علي الأعوش تتويجاً لسلسلة إجراءات اتخذتها الإمارات لفصل مديريات الساحل الغربي لمحافظة تعز، عن المحافظة، مع أنباء عن مساعٍ لإقامة محافظة خاصة باسم محافظة باب المندب، تشمل مديريات ذوباب والمخا، وموزع ، والوازعية .
واثارت هذه القرارات حفيظة المواطنين الذين خرجوا مطلع الشهر الجاري للتظاهر في مدينة تعز، الأسبوع الماضي ، تنديدا بمساعي فصل مديريات الساحل الغربي عن المحافظة.
وأعرب المتظاهرون في بيان صحفي، عن رفضهم للممارسات والإجراءات التي تسعى لفصل مديريات الساحل عن عمقها الجغرافي والتاريخي.
وطالب المتظاهرون بتفعيل مؤسسة القضاء والنيابة وأجهزتها المختصة وربطهم بالجهات ذات العلاقة بمحافظة تعز وتفعيل كافة مكاتب ومؤسسات وأجهزة الدولة بمديريات الساحل. حسب تعبيرهم .
وفي أكتوبر الماضي أصدر قائد ما يسمى بـ “جبهة الساحل الغربي” التابع للإمارات الشيخ السلفي علي سالم الحسني قرارا بتعيين المقدم الشيخ علي ناصر حيدرة فدعق مديرا للأمن وقائداً للحزام الأمني في مديرية المخا غربي محافظة تعز، في تجاوز للسلطة المحلية في محافظة تعز المعينة من « شرعية الرياض” .
وينتمي المقدم علي ناصر فدعق إلى مديرية مودية في محافظة ابين، وهو ذو توجه سلفي متطرف، وسبق أن عمل قائدا لشرطة مديرية المخا تحت اشراف القيادة الإماراتية.
ووفقا لمعلومات فإن قرارات التعيينات الإدارية في مديريات الساحل بتعز ، تصدر من السعودية والإمارات .
تعذيب المواطنين
وتتعامل قوات الاحتلال التابعة للإمارات ومرتزقتها بقسوة ضد الأصوات الرافضة لمشاريعها، ويعد المواطن عبدالجبار محمد أحمد القوبعي من ابناء مديرية المخا عزلة المشالحة قرية الشباع، يعمل مزارع، شاهدا على بشاعة جرائمها، ففي تاريخ 9/9/ 2017م تم اعتقاله من قبل المرتزقة وتسليمه للقوات الاماراتية التي قامت بتعذيبه بأشد انواع العذاب بحجة انه يعارض التواجد الاجنبي في المخا والساحل الغربي وقاموا بإحراق اكياس وتقطيرها على جسمه وتقليع الاظافر وكويه بالدخان وكل انواع العذاب، تحت اشراف قيادات اماراتية عليا، وحالياً تم نقله الى سجن سري تابع للإماراتيين في ميناء المخا.
أهمية المخا
تقع مدينة المخا على البحر الأحمر جنوب غربي اليمن، وهي إحدى المدن التابعة لتعز، كما تبعد عن باب المندب الإستراتيجي 75 كيلومتراً شمالا، وعن الحديدة 170 كيلومترا.
تعد من أهم المدن داخل اليمن بسبب إطلالتها على خطوط الملاحة الدولية، ويوجد بها كذلك ميناء المخا المفتوح من جميع الجوانب الذي تبلغ مساحته 466.350 مترا مربعا، والذي اشتهر وارتبط بالبن اليمني، الذي عرفته كثير من الدول الأوروبية وغيرها بعد تصديره من اليمن عبر ذلك الميناء، الذي ظل مشهورا وفاعلا حتى تم الاعتماد على موانئ أخرى كميناء عدن.
وتشكل المخا أهمية كبيرة بالنسبة لتعز، فهي منفذها البحري الذي يمنحها امتيازات في ظل شكل الدولة الجديد الذي تسعى دول العدوان الى فرضه والذي سيضم ستة أقاليم.
ويعتبر ميناء المخا من أقدم الموانئ، ليس في اليمن فحسب، وإنما على مستوى شبه الجزيرة والخليج. وتأتي أهميته نتيجة لقربه من الممر الدولي في البحر الأحمر بمسافة ستة كيلومترات فقط، وموقعه الاستراتيجي، بينما يكتسب مضيق باب المندب أهمية كبيرة للتجارة الدولية، إذ يعتبر بمثابة طريق استراتيجي لتجارة النفط بين المنطقة العربية والدول الأوروبية، ويسمح بالاتصال المباشر بين الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.
وتبلغ مساحة مديرية المخا 1617 كم مربعاً وعدد سكانها نحو 65 ألف نسمة ، بينما تبلغ مساحة مديرية ذوباب 1557 كم مربعاً وسكانها نحو 20 ألف نسمة . في حين تبلغ مساحة مديريتي موزع والوازعية الواقعتين شرق مديرية ذوباب حوالي 1200 كم مربع وسكانهما لا يتجاوزون 75 ألف نسمة « 27 الف نسمة في الوازعية ، و36 ألفا في موزع» .
ويتضح من خلال البيانات الديموجرافية لمديريات ساحل تعز ، أن مساحتها تبلغ نحو 4300 كم مربع أي ما يقرب من نصف مساحة محافظة تعز البالغة نحو عشرة آلاف كم مربع . بينما لا يشكل سكان المديريات الأربع سوى أقل من سبعة في المائة من سكان محافظة تعز ، وهذا ما جعل قوى العدوان تعمل على احداث تغيير ديموجرافي في المخا وذوباب للتمهيد لإجراءات سياسية تؤدي إلى شرعنة سلخ المديريات عن محافظة تعز، وعن الشمال ، ولا يستبعد أن مخطط الاحتلال يهدف إلى سلخ تلك المديريات عن الشمال والجنوب ، وتأسيس كيان شبيه بدولة جيبوتي ، وبالتالي سيطرة قوى الاستعمار وعلى رأسها اميركا والكيان الإسرائيلي عبر أدواتهم الإقليمية والمحلية على باب المندب وجنوب البحر الأحمر بالكامل .