التأهيل بالأفضل ونبذ السيئ
يحيى محمد الربيعي
“التحذير” من عواقب الإقدام على تصرف أو “التشجيع” على سلوك طريق أفضل يأتي بمثابة الدرس التربوي والحصة التعليمية والدورة التدريبية والندوة التوعوية والرسالة الاعلامية والمحاضرة التنويرية،…إلخ وسائل نقد وتقويم السلوك الإنساني والتأهيل بالأفضل أو نبذ ومكافحة السيئ.
بيئة هذه نشاطاتها ويحتل الاهتمام بتحريك عجلة التنمية بهكذا وتيرة الأولوية والصدارة في برامج وخطط حكوماتها وأفكار ومصنفات نخبها المتعاقبة ،لها البشرى وهي في تقدم حضاري مضطرد النماء والازدهار, ويتمتع سكانها بمواطنة كاملة وينالون حقوقا وافية ويمارسون حرية مسؤولة لا خوف يزعزع استقرارهم, ولا حزن يعثِّر انجازاتهم.
أما أن يوصف سلوك- أي سلوك غير قويم -بالآفة الخطيرة، فإن ذلك يشير إلى أن هذا السلوك لم يتدرج في مستوياته وصولا إلى هذه الدرجة من الخطورة إلا عندما ظلت تفاعلات البيئة الحاضنة له زمنا طويل الأمد بعيدة عن النقد بهدف الإصلاح والتقويم القيمي وقريبة من معاقرة سفسطائية تلميع الأنا والسخرية بالآخر الذي يشبهني حتى صار السلوك عقيدة والمدينة فاضلة أفلاطونية تقدس التأليه بالمكافأة والتقريب وترفض التقويم بالإقصاء والتهميش, فإن الحال يحتاج إلى مزيد من التفصيل.
نكتفي هنا بتساؤل: كيف تقنع الناس بالحقائق؟ ربما لا يكون كافيا أن تطلب منهم أن يتحلوا بالعدل، والنزاهة، وعدم التحيز.. إلى ذلك، يُحلل توم ستافورد، المحاضر في عالم النفس عن دراسة علمية كلاسيكية نشرت في هذا الشأن:”يُعد تسليط الضوء على الدليل الذي يؤكد ما نؤمن به بالفعل حيلة من بين الحيل التي تستخدمها عقولنا.
فإذا سمعنا شائعة بشأن منافس لنا، فإننا نميل إلى تصديقها، والتفكير بطريقة “كنت أعلم أنه رجل سيئ”؛ وإذا سمعنا نفس الشائعة عن صديق عزيز لدينا، فمن المرجح ألا نصدقها، وأن نقول “هذه مجرد شائعة”.
ويضيف :إن كنت لا تثق في الحكومة، فإن تغييرا ما في سياستها يعد دليلا على ضعفها؛ أما إن كنت تثق فيها، فإن نفس التغيير يمكن أن يكون دليلا على رجاحة عقل متأصلة لدى القائمين على تلك الحكومة.
إذا أدركت وجود هذه العادة العقلية، والتي تدعى “الانحياز التأكيدي”، فإنك ستبدأ في رؤيتها في كل مكان من حولك.
وينبغي وضع هذا الأمر في الاعتبار إذا أردنا اتخاذ قرارات أفضل، فالانحياز التأكيدي مقبول طالما كنا على صواب، لكن في كثير من الأحيان نكون مخطئين، ولا نهتم بالدليل الحاسم إلا بعد فوات الأوان”.