محمد العزيزي
يستعد عشاق كرة القدم في اليمن والخليج والعراق والوطن العربي عموماً لمتابعة انطلاق بطولة الخليج لكرة القدم في العاصمة القطرية الدوحة التي تحمل النسخة الرقم 24 منذ انطلاقها في العام 1970م.
تنطلق هذه البطولة اليوم الثلاثاء بعد خلافات سياسية عارمة سبقت انطلاق البطولة وألقت بظلالها على الشق الرياضي وكادت أن تعصف بهذه البطولة وتقزمها علاوة على ما هي عليه من الصغر والانكفاء على ثمان دول دون غيرها من الدول العربية الأخرى، وكادت أيضاً هذه الخلافات توصلها حد الخروج عن اللياقة والالتزام بأخلاقية اللعبة التي تحترمها كل شعوب العالم مهما بلغت تلك الخلافات السياسية بين سلطات وحكومات الدول.
حقيقة الشعوب العربية متعطشة لمشاهدة كرة القدم التي تمنحهم الهروب من الضغط السياسي والأزمات والحروب والصراعات الدامية التي تشهدها الكثير من البلدان العربية منذ سنوات لم نعد نتذكر بدايتها ولا متى ستكون نهايتها.. نعم العالم العربي متعدطش لشيء يجمع ويوحد مصيرهم وهويتهم وأخوتهم ومواجهة أعداء أمتهم المتربصين بها وربما يجدون ضالتهم في الرياضة هرباً من ذلك الواقع العربي المزري والبائس لمجتمعاتهم .
بصراحة تأتي هذه البطولة والنفوس مشحونة بالخلافات والتشنجات محفوفة بالأوجاع والألم لما وصلت إليه الأمة العربية من مآلات مصيرية وسوء المنقلب.. وكذا المصير الذي وصل فيه حال شبابها ؟!! وما هو مصير ومستقبل هذه الأجيال على المدى القريب؟.
وبعيداً عن هذه الهموم والأوجاع سوف أتحدث في هذه العجالة عن صفة يتحلى بها المشجع العربي ومدى التشجيع والحماس الذي كان يسيطر على المشجع والجماهير العربية في تشجيع منتخباتهم المفضلة، بل إن الأمر وصل في بعض الأحيان إلى أن المشجعين يهتفون بأسماء لاعبين دون بلدانهم حباً في ما يقدمه هؤلاء اللاعبون من لمسات فنية وأسلوب رياضي غاية في الإعجاب والروعة؛ إلى جانب اللياقة والأخلاق العالية وإجادة فنون وأسلوب اللعب على المستطيل الأخضر، لذا كنا نجد جماهير كثيرة لا تنفك الحديث عن أشهر اللاعبين في الوطن العربي وما قدموه لكرة القدم أمثال اللاعب أحمد راضي وعدنان درجال وفيصل الدخيل وماجد عبدالله والثنيان والعبري وياسر القحطاني وعلي النونو وخالد عفارة وجمال حمدي والعديد من الأسماء اللامعة والنجوم الرياضية العربية التي صالت وجالت وكان لها باع في المربع الأخضر، تلك النجومية كانت لها في السابق شهرتها وأسماؤها نارعلى علم، وأهدافهم وطريقة تسديد تلك الأهداف محفورة في أذهان وعقول المشجع العربي.. أما اليوم فأنا شخصياً أتحدى أن يكون هناك مشجع رياضي عربي مغرم أو يهوى أو يشجع لاعب كرة قدم، أو يروي هدفاً جميلاً للاعب أو حتى يعرف اسم نجم كروي عربي ذاع صيته وتعشقه الجماهير العربية فلا يوجد لاعب عربي بتلك المواصفات والشعبية الجماهيرية التي حظي بها نجوم الكرة العربية قبل عام 2000 م إلا ما ندر وهذه حقيقة نتألم منها جميعاً لما وصلت إليه الكرة العربية وهي بطبيعة الحال انعكاس لحالة الاضطراب السياسي الذي أصاب الوطن العربي.
وبالرغم من ذلك فقد صنعت الرياضة خلال فترة الزمن الجميل عملية تقارب كبيرة بين الشعوب والقادة وعملت على إذابة الخلافات وتقريب وجهات النظر، ويبدو أن هذه الدورة وبنسختها الحالية الـ24 قد أكدت هذا الأمر خاصة بعد أن أعادت الدوحة المستضيف للبطولة القرعة بعد مقاطعة ثلاث دول منضوية في البطولة وعدولها مؤخراً عن المقاطعة بعد خلاف سياسي خليجي خليجي طاحن ظاهرياً كما يبدو لي شخصياً.
وقبل أن تنطلق صفارة البداية للبطولة دعوني أتذكر وإياكم ذلك الجمهور الغفير والسيل البشري الهادر الذي زين ملاعب عدن الباسلة وثغر اليمن الباسم في بطولة خليجي 20، ذلك الجمهور الذي سجل رقماً قياسياً من حيث الحضور والتشجيع والمؤازرة لكل الفرق المشاركة بالبطولة وليس للمنتخب اليمني فقط، وهذا الرقم وفق تقارير إحصائية يعد الأول على مستوى البطولات الخليجية منذ إنطلاقتها.. ونحن هنا ومن هذا المقام ندعو الاتحاد العام لكرة القدم إلى أن يعمل على ترتيب حضور الجمهور اليمني بما يليق به.. كما نتمنى أيضاً أن يسود هذه البطولة التعامل مع الجمهور اليمني بشكل من الذوق والاحترام وتقبل حماسه وتشجيعه بروح رياضية لدى الطرف الآخر بعدم منعه من الدخول إلى مدرجات الملعب كما فعلت البحرين في المباريات الأخيرة التي أقيمت على أرضها، وأن يتم السماح لهذا الجمهور الوفي والعاشق لمنتخبه رغم معرفته المسبقة بالخذلان من لاعبيه في الخروج بنتائج مخيبة للآمال؛ ومع ذلك تبقى الأمنيات والتمني للمنتخب بالتوفيق والنجاح بأن يحقق نتائج وأداء مشرفاً يرفع راية اليمن عالياً ويرفع هامات المشجع اليمني.