جمعة الفرحة

 

مصباح الهمداني

فتحت المملكة المئات بل الآلاف من الغرف الفندقية لاستقبال المرتزقة ولو أنها خصصت غرفة واحدة لخبيرين مستقلين يقومان بدراسة الحرب وتطوراتها لأدركت وتداركت المستنقع الذي تغوص فيه منذ الأشهر الأولى.
غرفة واحدة كانت كفيلة بإبطال سِحر آلاف الغُرف التي تُردد على مسامع بني سعود منذ الشهور الأولى وحتى الآن:
“لا تتركونا في منتصف الطريق” “الحوثيون في الرمق الأخير” “المواطنون يكرهون الحوثيين” ” أنصار الله أعدادهم قليلة”…
لقد نجحت غُرفْ الجُثث في جرجرة بني سعود من حفرةٍ إلى أخرى، ومن سيئ إلى أسوأ، ومعها ابن نهيان، صاحب الثارات القديمة، والأوجاع الماضية، وأنَّات زايد وآهاته.
الجمعة 4 /10 /2019م خرج اليمانيون في كل محافظة ومدينة خروجًا يستدعي التوقف والتأمل، حتى أنَّ صنعاء العاصمة، خرجَت بمسيرات كثيرة في أماكنٍ متعددة، واحدةٌ منها أمام السفارة السعودية.
الكُل يُعبر عن فرحه بعملية نصر من الله في نجران، وهي عملية اهتزَّت لها صفحات التاريخ، وارتعبت لها جيوش العالَم، ولولا أن الإعلام الحربي نقل الأخبار عنها أولاً بأول لما وجدنا أحدًا فوق الكرة الأرضية يُصدقها…لكنَّ المشاهد أخرسَتْ الفصحاء، وحيَّرت البلغاء، وبهرتِ الأصدقاء والأعداء…الآلاف من الأسرى والمئات من المدرعات، وثلاثة ألوية تُطوى صفحتها بكل دقة وحنكة.
وكم كانَ مضحكًا ومُشينًا في ذات الوقت؛ حينما أوحَتْ الغُرف الفُندقية للمملكة السعودية؛ بأن العملية كذبة كبرى، وخرج بعدها المحللون السعوديون ساخرين ومستهزئين، وما هي إلا ساعات وبدأتِ المَشاهِد بالخروج للعلَن، وبعد يوم واحد تُبثُّ لقاءات مع الأسرى السعاودة؛ فيختبئ المحللون خجلا، ويتوارى السياسيون ذُلا.
خرج اليمانيون ليُعبروا عن فرحتهم بالنصر، ليُترجموا كراهيتهم لمملكة القتل، ليُعلنوا التحامهم المعمَّد بالدم بذلك المقاتل اليمني الشجاع، وهو يمرغُ أنفَ مملكة الرعاع.
خرجوا ليقولوا للملك الغائب عن المشهد، ولولده الغارق في الدَّم، وللأسرة الصامتة الجبانة، وللشعب المُسعود المُستعبَد: إننا حاضرون للمزيد وإننا خلف القائد بالمال والمدد، والعتاد والولَد، وأنَّ فرحتنا بهزائمكم أضحَتْ أعيادُنا وعزاؤنا في فقد الأحبة.
وإن اليد الممدودة للسلام خلفها ملايين الأيدي القابضة على الزناد، فإن اغتنمتم الفرصة الأخيرة وإلاَّ فإنَّ من أحرقَ نصف نفطكم، وأسرَ ألويتكم، قادرٌ على أن ينكس رايتكم ويكنس أثركم، ولكُم الخيار.

قد يعجبك ايضا