أوجاع الاحتفال بالذكرى الـ 57 لثورة 26 سبتمبر

التاريخ الواقعي ليس جامداً بصورة استاتيكيـة ، بل هو صيرورة تاريخية متجددة.. فتاريخ المجتمع الأوروبي والعالمي منذ قيام الثورة الصناعية في القرن الرابع عشر الميلادي هو تاريخ الرأسمالية والاستعمار ، أما الأفكار الوطنية والقومية فهي لم تهبط من السماء ولم تنشأ في الفراغ ، بل نبعت من العالم الواقعي.
أحداث فبراير 2011م استهدفت إعادة إنتاح سيناريوهات مؤتمر خمر ومؤتمر الطائف 1965م وانقلاب 5 نوفمبر1967م ، وصولا الى إحداث قطيعة تاريخية مع مسار ثورتي 26 سبتمبر و 14 اكتوبر.
الحرب الدولية التي تتعرض لها اليمن وتستعد لدخول عامها السادس لم تبدأ يوم 26 مارس 2015م بهدف إسقاط ما يُسمّى ( الانقلاب الحوثي) ، وإعادة ما تُسمّى الحكومة الشرعية لنظام المبادرة الخليجية ، بل جاءت لتستكمل عملية الانقضاض على ما تبقى من روح مبادئ ثورتي 26 سبتمبر و 14 اكتوبر ، واستبدال الاستقلال بالتبعية والوصاية.
شهد تاريخ المجتمع اليمني والمجتمعات العربية والاسلامية تقدمـاً اجتماعيـاً كبيراً بعد الفتوحات الإسلامية الحربية ، ثم بدأ الانحدار الذي لا يمكن فهمه بدون التحليل الموضوعي لظاهرة نمو الإقطاعيات العسكرية والقبلية والطائفية في التاريخ العربي والإسلامي.

عندما طلبت مني صحيفة (الثورة ) المساهمة في إحياء الذكرى الـ 57 لثورة 26 سبتمبر ، وجدت نفسي عاجزا عن الكتابة الاحتفائية التي تتجاهل ما شهدته هذه الثورة العظيمة وغيرها من الثورات والمحطات الوطنية التاريخية للشعب اليمني من انتكاسات وتراجعات وخيانات على امتداد مائة عام من تاريخنا الحديث.
لا ريب في أن الاستعمار ترك آثارا قاسية على العلاقة التي قامت بين الغرب المستعمِر من جهة والشرق العربي المتخلف من جهة أخرى ، حيث تحول اقتصاد كل دولة عربية إلى اقتصاد كولونيالي تابع لاقتصادات الدول الاستعمارية لجهة تموينها بالقطن والنفط وخامات المعادن ، أو شراء منتوجاتها الصناعية من جهة أخرى ، وهو ما يفسر الترابط الوثيق بين تزايد التبعية للاستعمار القديم والجديد ، وتعمق الجذور الاقتصادية للتجزئة التي كانت في عصر نظام الخلافة الإمبراطوري تتميز بتخلف أسلوب الإنتاج الإقطاعي ، ثم اتسمت لاحقاً بالعجز عن استيعاب المفاعيل الجديدة للعلاقات بين الإنتاج والأسواق في عصر الاستعمار بوجهيه القديم والجديد . ولعل أبرز الجذور الاقتصادية للتجزئة في العالم العربي اليوم ، انعدام التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية ، وضعف التبادل التجاري بين الدول العربية ، مقابل المبادلات مع العالم الخارجي .
أحمد الحبيشي


وبالنظر إلى أن الأفكار الوطنية والقومية كانت الحاضن الرئيسي لليسار الوطني والقومي في اليمن والعالم العربي ، فإن العلاقة التناحرية بين القومية العربية والاستعمار والاستبداد كشفت طبيعة وأبعاد التحالف الاستراتيجي الذي نشأ بين الاستعمار والقوى الرجعية العربية المتدثرة بغطاء الدين ، وما ترتب على ذلك من توظيف الفكر السلفي الديني ، واستخدام رجال الدين المقيمين بصورة دائمة في الماضي ، كسلاح لمقاومة الأفكار الثورية ، والتصدي لمشاريع التغيير والاصلاح ذات الأبعاد الوطنية والقومية التقدمية.
ومما له دلالة أن نشوء الأفكار الوطنية والقومية وانتشار الميول نحو الاستقلال لم يكن فقط محصلة للصدام مع الاستعمار الأوروبي ، بل كان يتصل أيضـا بالهيمنة شبه الاستعمارية للدولة العثمانية التي اتبعت سياسة التتريك ضد الشعوب العربية ، ومارست هيمنة ذات أبعاد استعمارية على مقدرات الشعوب العربية ، وهو ما نجد تحليلا معمـقـا له في أبحاث المفكرين القوميين العرب من الرواد أمثال : ساطع الحصري وميشيل عفلق ومنيف الرزاز وشبلي العيسمي وصلاح البيطار وسعدون حمادي وغيرهم ، الأمر الذي يثير تساؤلات مشروعة حول موقع الاستعمار في التاريخ ، والعلاقة بين الاستعمار والقوى الرجعية من جهة ، وبين حركات التحرر الوطني والقومي ضد الاستعمار والاستبداد من جهة أخرى ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع الأبحاث والمؤلفات التي نشرت حول الفكر القومي وحقوق القوميات في القرن التاسع عشر كانت تنحصر على الشعوب الأوروبية ولم تشمل شعوب آسيا وأفريقيا ، لأن معظم المفكرين الأوروبيين من مختلف المدارس الفكرية باستثناء الاشتراكيين الديمقراطيين في الأممية الأولى والأممية الثانية ، كانوا يزعمون بأن شعوب آسيا وأفريقيا ليست متأخرة فحسب ، بل ولا تملك القابلية للتمدن والتقدم أيضـا ، ولذلك فهي لا تستحق الحقوق القومية التي يطالبون بها للشعوب الأوروبية !!
والحال أن انتشار الأفكار القومية التحررية بين الشعوب الآسيوية والأفريقية جعل الأوروبيين والأمريكيين يدركون في وقت لاحق خطورة حصر الحقوق القومية في حدود بعض الأمم دون غيرها ، حيث انتهوا إلى التسليم بضرورة تعميم هذه الحقوق على جميع الأمم ، والاعتراف بحقوق الأمم في تقرير مصيرها بين الحربين العالميتين وعلى الأخص بعد الحرب العالمية الثانية التي خرج منها الاتحاد السوفيتي السابق منتصراً وشريكاً للقوى العظمى التي وضعت بصماتها على ميثاق هيئة الأمم المتحدة غداة التوقيع على اتفاقية ( يالطا ) بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ، كبديل عن (عصبة الأمم) التي أسسها المنتصرون في الحرب العالمية الأولى .
وعليه يمكن القول إن القرن التاسع عشر كان عصر القوميات بالنسبة للشعوب والأمم الأوروبية فقط ، أما القرن العشرون فقد صار بحق وبفضل وجود الاتحاد السوفيتي وحركات التحرر الوطني وانتشار الأفكار الوطنية والقومية عصر الاستقلال والتحرر الوطني والقومي ، وهو ما يفسر نزوع بعض المفكرين القوميين العرب إلى التأكيد على أن الاستعمار وإن كان ظاهرة تاريخية أخذت أشكالا مختلفة ، منذ العصور القديمة التي شهدت ما يعرف بالاستعمار الفينيقي والإغريقي والروماني والهكسوسي إلا أنه اكتسب شكلا خطيرا في العصر الحديث ، وبالذات عقب ظهور الثورة الصناعية والاكتشافات العلمية والجغرافية ، حيث أدت الاكتشافات العلمية إلى اختراع الآلات الميكانيكية وزيادة الإنتاج بشكل هائل ، فيما أدت الاكتشافات الجغرافية إلى التوسع الاقتصادي والعسكري في مختلف القارات ، ما جعل الدول الصناعية تضطر إلى البحث عن أسواق لتصريف منتجاتها ، واستيراد المواد الأولية الضرورية لتغذية مصانعها ، والسيطرة على طرق الملاحة والتجارة الدولية ، وكان الاستعمار أقصر الطرق وأضمنها لتحقيق هذه الأهداف ، لأن الدولة الاستعمارية تستطيع أن تفرض على مستعمراتها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تضمن تبعيتها لدول المتروبول ، كما تستطيع في الوقت نفسه احتكار جميع مواردها وأسواقها .
يقينـاً إن التاريخ الواقعي ليس جامداً بصورة استاتيكيـة ، بل هو صيرورة تاريخية متجددة.. فتاريخ المجتمع الأوروبي والعالمي منذ قيام الثورة الصناعية في القرن الرابع عشر الميلادي ، هو تاريخ الرأسمالية والاستعمار ، أما الأفكار الوطنية والقومية فهي لم تهبط من السماء ولم تنشأ في الفراغ ، بل نبعت من العالم الواقعي . وقد عرفت البشرية علومـا عديدة أسهمت في توسيع وإغناء الفضاء المعرفي لحضاراتها في مختلف العصور ، لأن علم التاريخ هو أهم هذه العلوم.. أما الأيديولوجيا بصرف النظر عن لباسها وماهيتها فلا تعدو أن تكون سوى تجريد التاريخ من قيمته ، وإفراغه من معانيه ودلالاته. وقد لاحظ كثير من المؤرخين والمفكرين ، أن تاريخ أوروبا وأممها ولغاتها واقتصادها وعلومها واستعمارها ليس مجرد تداول أدوار ارتقاء وأدوار انحطاط ، بل هو صيرورة تاريخية تتسم بالتحول المستمر. ونحن بحاجة إلى أن نقرأ ونكتب تاريخنا بعقل علمي نقدي يساعد على معرفة أسباب غياب النمو والتقدم في التاريخ العربي والإسلامي منذ قيام الدولة العربية الإسلامية وحضارتها ، وصولا إلى حالة الانحطاط التي تكاد أن تكون شاملة ومستمرة على امتداد قرون عديدة ، منذ ان بدأت بسقوط حضارة اليمنيين الذين بنوا سد مارب العظيم ، في وقت كان فيه تسعة أعشار البشرية يعيشون حياة همجية ، بينما أصبح اليمنيون اليوم في التقارير الدولية مثالا للتخلف والفقر ، وانتهاء بسقوط دولة الخلافة العباسية تحت أقدام خيول المغول الذين كانوا حينها يعيشون حياة بربرية وهمجية في أواسط آسيا !!


إن صعود وتراجع الحضارات يعلمنا أن الجغرافيا لا تعلل التاريخ ، كما أن التاريخ لا يمكن تعليله بدون الجغرافيا ، بيد أن القاسم المشترك بين الاثنين هو عمل الإنسان الصالح والمنتج في مجال إعمار الأرض على نحو ما جاء في قول الله تعالى : ( هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) ( هود 61) وقوله جل وعلا: ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ( التوبة 105) .
ولا يمكن أن نفهم شيئـا عن العمل الصالح والمنتج الذي يقوم به الإنسان في مجال الإعمار وإنتاج وتوفير الاحتياجات المادية والروحية للمجتمع البشري ، بدون تعليل صلته بالأرض وبتاريخ الأرض ، واستبيان رصيده من العمل الصالح والمنتج في مجال إعمار الأرض وانتاج وتسويق ما يحتاجه الانسان من غذاء وكساء ودواء وغير ذلك من مستلزمات الحياة الكريمة والمتحضرة عملا بقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (الأنبياء 105) وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْممِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ( البقرة 62) .. بمعنى أن تاريخ العلاقة بين الإنسان والأرض والعمل يتضمن بعدين أساسيين غير قابلين للفصل ، وهما تاريخ الأرض والبيئة المحيطة بها من جهة ، وتاريخ الإنسان وعمله المنتج والصالح من جهة أخرى.
ويبقى القول ان الجغرافيا والبيئة الطبيعية تلعبان دورا مهمـا في تحديد مسار تطور أو ركود البشر ، وإن نشوء الحضارات الأولى في وديان الأنهار الشرقية لم يكن مصادفة ، كما أن انتقال مركز التاريخ العالمي من منطقة إلى أخرى كان بالضرورة نتاجـا لظروف تاريخية معقدة لا يمكن إغفال تأثير البيئة الجغرافية عليها ، حيث كانت أدوات وطرائق الإنتاج والتسويق تلعب دورا مهمـا في تحريك أحداث التاريخ وصياغة تاريخ الإنسان والأرض والعمل .. والدليل على ذلك أن الظروف الجغرافية تكاد أن تكون ثابتة نسبياً منذ آلاف السنين ، لكن المجتمع البشري يعيش حركة تغير سريعة ومستمرة تضفي على البيئة الجغرافية قـيمـا وأبعاداً مختلفة ومتجددة في مختلف مراحل تطور العمل والإنتاج ، منذ اكتشاف أدوات الإنتاج الحجري والخشبي والحديدي والحيواني ، مرورا باكتشاف الكهرباء واختراع تقنيات الإنتاج والتسويق والتمويل الصناعية والميكانيكية عبر الفضاء البري والجوي والبحري ، وانتهاء باكتشاف النيوترونات واختراع تقنيات الإنتاج والتسويق والتمويل الإليكترونية والرقمية التي مهدت للانفجار المعرفي والفتوحات العلمية بدلا من الحربية عبر الفضاء الطبيعي والكوني بواسطة ثورة الاتصالات والمعلومات .
محاولة لفهم دور التناقضات
في صنع الثورات والانكسارات
شهد تاريخ المجتمع اليمني والمجتمعات العربية والاسلامية تقدمـا اجتماعيـا كبيرا بعد الفتوحات الإسلامية الحربية ، ثم بدأ الانحدار الذي لا يمكن فهمه بدون التحليل الموضوعي لظاهرة نمو الإقطاعيات العسكرية والقبلية والطائفية في التاريخ العربي والاسلامي ، والصراع القومي بين العرب والموالي ، والاستقطابات الحادة بين الأغنياء من الملوك وأمراء الجيوش والنبلاء الاقطاعيين والقضاة ورجال الدين الذين كانوا يستأثرون بالسلطة والجاه وعلو الشأن ، ويكنزون الذهب والفضة والعبيد والجواري ، وبين فقراء مثقلين بالجوع والحاجة والخراج والضرائب ، ومجبرين على ترك ونسيان نصيبهم في الدنيا ، والالتهاء بالتزيـُّد في العبادات والتفرغ للآخرة ، وصولا إلى المقاربة الموضوعية لأسباب ظهور النفوذ العسكري المملوكي والشركسي والتركي ، وانتقال مراكز الحكم إلى الأطراف من خلال دويلات ملوك الطوائف ، وخروج الولايات العربية والأفريقية من دولة الخلافة العباسية ، وتحول نظام الخلافة الاسلامية الامبراطوري في المشرق إلى دولة عربية فارسية تركية مهدت الطريق لظهور المزيد من الانقسامات ، وتأسيس العديد من الدويلات والكيانات السلاطينية والطائفية والقبلية .
ومما يثير الدهشة أن انتصار الأتراك العثمانيين وسقوط الطابع العربي عن دولة الخلافة الإسلامية ، ارتبطا بمفاعيل الحملات الصليبية وغزو المغول والتتار ، والدمار الهائل الذي أصاب قوى الإنتاج البشرية والمادية ، وقيام حكم المماليك واستفحال الفوضى في نظام الخلافة وتفاقم الطابع الوراثي الاستبدادي للحكم نتيجة لغياب الشورى ، وما ترتب على كل ذلك من تزايد الصراعات والفتن والثورات الداخلية ، وفقدان الأمن والاستقرار ، وانتشار التصحر ، وانتقال التجارة وتحول خطوط التجارة البرية والبحرية العالمية إلى أيدي البرتغاليين وغيرهم من الأوروبيين.. وقد أدت هذه العوامل إلى خراب التجارة وتدهور الإنتاج الزراعي وانخفاض متزايد في الثروة القومية و تناقص عدد السكان ، على امتداد ثمانية قرون متواصلة .
وبينما كانت أوروبا الغربية تنتقل من النظام الإقطاعي إلى النظام الرأسمالي عبر نظام الاقتصاد البضاعي ، كان العالم العربي والإسلامي يتقهقر من نظام الاقتصاد البضاعي إلى نمط خاص من النظام الإقطاعي القبلي المتخلف .
وقد كانت محصلة هذه الحركة الحلزونية تراجعات مستمرة الى الخلف ، وصلت ذروتها بوقوع العالم العربي تحت سيطرة الاستعمار والنظم الاستبدادية المتخلفة التي كانت تحكم شعوبها باسم الدين وتستعين برجال الدين لإضفاء طابع كهنوتي على هذه النظم ، من خلال الادعاء بأنها تحكم باسم الله وبما أنزل الله على نحو ما أوضحناه وفندناه في حلقات سابقة .
لكن هذه الحركة الحلزونية ، تعرضت لضربة قوية بعد ظهور حركة التحرر الوطني والقومي العربية وانطلاق الحركات والثورات الوطنية التحررية المعاصرة وبضمنها الثورة اليمنية (26 سبتمبر 14 أكتوبر) التي دكت معاقل الاستعمار والاستبداد في اليمن ، وأخرجت شعبنا من الظلام إلى النور.. ولا تزال مسيرة هذه الثورة تتجه بأهدافها العظيمة وانجازاتها المتعاظمة صوب ذرى التاريخ ، بما هو تاريخ العلاقة بين الانسان والأرض والعمل الصالح.
الثورة اليمنية..
من الاستقلال الى الوصاية
يُخطئ من يعتقد أن الحرب الدولية التي تتعرض لها اليمن ونستعد لدخول عامها السادس ، قد بدأت يوم 26 مارس 2015م بهدف إسقاط ما اسموه (الانقلاب الحوثي) ، وإعادة ما اسموها الحكومة الشرعية لنظام المبادرة الخليجية التي فقدت شرعيتها وأصبحت جزءاً من الماضي ، على الرغم من الدعم القوي الذي حظيت به تلك الحكومة المنتهية ولايتها من الولايات المتحدة الأمريكية .
اللافت للنظر ان السفيرين الأمريكيين جيرالد فرنشتاين وماثيو تويلر لعبا دورا منسّقاً لاستقطاب بعض القيادات الحزبية والسياسية في السلطة والمعارضة على حد سواء ، وتوظيفها لتأزيم البيئة السياسية وفرض الوصاية الخارجية على البلاد ، تمهيدا للعدوان الذي استهدف مصادرة ما تبقى من السيادة الوطنية والاستقلال ، وتفكيك وتقسيم البلاد.
والثابت أن القيادات والنخب الحزبية والسياسة القديمة والمتكلسة في السلطة و أحزاب السفارات ، لم تُخف تأييدها ومباركتها للعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن ، امتدادا لمباركتها وتأييدها المخزي للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لليمن أرضاً وشعبا ، والتي تجسدت في القرارات الدولية رقم 2014 الصادر في 21 اكتوبر 2011م بشأن اعتماد المبادرة الخليجية وتجميد العمل بالدستور ووضع البلاد تحت وصاية سفارات الدول العشر الأعضاء في مجلس الأمن الدولي والراعية للمبادرة الخليجية ، والقرار 2201 الصادر في 15 فبراير 2015م الذي استهدف إدانة ومحاصرة ثورة 21 سبتمبر 2014م ، والقرار 2204 الصادر في 24 فبراير 2015م بشأن فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على بعض القيادات والشخصيات اليمنية ، والقرار رقم 2140 الصادر في 26 فبراير2014م بشأن وضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة الجبرية وفرض عقوبات اقتصادية على البلد المستهدف ، وصولاً الى القرار رقم 2216 الصادر بتاريخ 14 ابريل 2015م الذي استهدف إضفاء الشرعية الدولية على العدوان والحصار منذ 26 مارس 2015م ، وحدد مرجعيات غير قابلة للتنفيذ بهدف تطويل أمد الحرب واستمرار الحصار ومنع تطبيع الأوضاع السياسية والأمنية!!
والحال أن العدوان على اليمن فشل في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية على الرغم من امتلاك التحالف الاقليمي والدولي لترسانة عسكرية ولوجيستية متطورة ، وقدرات مالية وإعلامية ودبلوماسية غير مسبوقة في تاريخ الحروب الحديثة وهو ما يحتاج إلى مقال آخر ، لكن الصمود الأسطوري لشعبنا وقواتنا المسلحة واللجان الشعبية في مختلف الجبهات يتطلب وعياُ بخلفيات الأزمة التي مهّدت للعدوان ، بما يضمن رفد المعركة العسكرية والسياسية والاعلامية التي نخوضها في مواجهة العدوان والحصار بقدرات إضافية تُساعد على فهم جذور الأزمة اليمنية وفضح الذرائع التي يسعى قادة وداعمو تحالف العدوان والحصار الى الارتكاز عليها وفي مقدمتها مزاعم (القضاء على الانقلاب وإعادة الحكومة الشرعية) الأمر الذي يستوجب تتبع مفاعيل الأزمات السياسية والحروب الداخلية ، ورصد مسار تورُّط الأوليغارشيات العسكرية المشائخية والدينية والمصرفية في إشعالها منذ أن كانت تتقاسم السلطة وتتصارع على الثروة والنفوذ في ظل النظام السابق الذي أسقطته ثورة 21 سبتمبر 2014م.
لا ريب في أنّ ثمة سوابق لمثل هذه النزعات التي سعت في مراحل سابقة إلى تأزيم المجال السياسي للدولة والمجتمع المدني ، ودفعه باتجاه مناطق رمادية تنطوي على مخاطر واحتمالات غير محسوبة ، بيد أنّ ما يُميِّز تلك السوابق أنها ارتبطت بنزعات مُدمِّرة في مسار تطور العملية السياسية في بلادنا . حيث تجسدت تلك النزعات في إصرار بعض القوى السياسية على إنتاج وإعادة إنتاج خطاب سياسي وإعلامي تحريضي يبدأ بإثارة المكايدات والمزايدات وتوزيع الاتهامات يميناً وشمالاً ، وينتهي بافتعال الأزمات بعد أن يصبح النزوع إلى تسويد كل ما هو قائم سبيلاً إلى دق طبول المواجهات والتلويح بالمشاريع الانقلابية على الديمقراطية بما أنها صنو للوحدة التي ناضل من أجلها شعبنا وحركته الوطنية المعاصرة قبل وبعد قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ، ثم جاء تحقيقها في الثاني والعشرين من مايو 1990م تتويجاً لمسيرة كفاحية طويلة كان لمدينة عدن الباسلة شرف الريادة في رفع بيارقها العظيمة ، حيث انطلق منها وعلى أيدي أبنائها الميّامين شعار « نحو يمن حر ديمقراطي موحد» في خضم الكفاح الوطني ضد الحكم الاستعماري الأنجلو سلاطيني ، كما ارتفع في سمائها وعلى أيدي كوكبة من المناضلين الوطنيين الغيارى علم الجمهورية اليمنية الموحدة ، إيذاناً باستعادة الوجه الشرعي للوطن الواحد .
مما له دلالة مهمة أنّ النزوع إلى تأزيم الحياة السياسية حدث قبل وبعد انتخابات 1993م من خلال خطاب سياسي وإعلامي مأزوم دفع بالبلاد نحو زوايا حادة أفرزت حرب صيف 1994م ووحدة 7/7 السوداء ، وما رافقها من فتاوى تكفيرية.
ولئن كان الحزب الاشتراكي اليمني هو الذي تحمَّل ودفع ثمناً باهظاً جراء دفع الحياة السياسية إلى زوايا حادة قبل وبعد انتخابات 1993م ، فقد كان الحزب ضحية لحسابات وتحالفات ومراهنات سياسية خاطئة بسبب عجز قياداته عن قراءة الواقع والاستغراق في الأوهام التي لم تمكّنه من فهم وتحليل واستيعاب المتغيرات التي تحدث في العالم الواقعي ، حيث اكتشف قادة الحزب بعد ثلاثة أسابيع من حرب 1994م المشؤومة أنّ الذين لعبوا دوراً بارزاً في تأزيم الحياة السياسية ودق طبول المواجهة من داخله وخارجه كانوا في مقدمة الذين خذلوهم واتجهوا لتطبيع أوضاعهم مع النظام السابق بعد أن أدخلوهم في مناطق رمادية وزوايا حادة انتهت بالسقوط في الكارثة .
وبعد انتخابات 1997م التي حقق فيها المؤتمر الشعبي العام فوزاً بأغلبية مريحة أهّلته للانفراد بالحكم نشأ تحول جديد في المشهد السياسي تمثل بالخروج الشكلي لحزب التجمع اليمني للإصلاح من السلطة بعد أن أنهى ائتلافه الرمادي مع المؤتمر الشعبي العام ، وانتقل إلى ساحة المعارضة ، ثم تحالف بعد ذلك مع الحزب الاشتراكي اليمني وحلفائه من خلال «اللقاء المشترك» ، حيث قامت الأحزاب المنضوية في هذا التكتل المعارض بإعادة إنتاج ذات الخطاب السياسي والإعلامي الذي استخدمته القوى السياسية النافذة في السلطة والمعارضة قبل وبعد انتخابات 1993م والأزمة التي نجمت عن نتائجه.
والحال أنّ الخطاب الإعلامي والسياسي لأحزاب اللقاء المشترك تميّز طوال الفترة السابقة للانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2003م بتشويه صورة الواقع السياسي وتصعيد المكايدات الحزبية ، وممارسة مختلف أشكال الابتزاز عبر الأبواب الخلفية للسلطة في ظروف كانت البلاد تخوض خلالها مواجهة مرتبكة ومُلتبسة مع خطر الإرهاب التكفيري الذي استهدف زعزعة الأمن والاستقرار ، والإضرار بالاقتصاد الوطني في مختلف المجالات وتشويه سمعة البلاد وعلاقاتها الخارجية.
يقينا أن المشهد السياسي الراهن كان ينطوي على مخاطر جديّة بسبب تصاعد الميول لدق طبول المواجهة وتأزيم الحياة السياسية وتفجير ما تسمى ( الثورة الشعبية ) ، بيد أن تجاوز هذه المخاطر لا يمكن تحقيقه بدون معالجة الآثار السلبية للحروب الأهلية والأزمات السياسية الحادة التي شهدتها البلاد ، بدءاً بالصدمة التي أصابت الحزب الاشتراكي وحلفاءه بعد إعلان نتائج انتخابات 1993م ثم وصلت ذروتها في حرب 1994م التي تركت آثاراً مدمرة شوّهت صورة الوحدة ، مروراً بالصدمة التي أصابت أحزاب المعارضة بعد فشلها في الانتخابات البرلمانية لعام 2003م ، وانتهاء بفشل مراهنات هذه الأحزاب على تحقيق نتائج حاسمة في الانتخابات الرئاسية والمحلية عام 2006م ، بالتزامن مع تفجير حروب ظالمة في محافظة صعدة بعد هذه الانتخابات ، و تشغيل موجة من الاحتجاجات والاعتصامات التي أنتجت بيئة حزبية مأزومة ، وخطابا سياسيا وإعلاميا طافحا بثقافة الكراهية ، وملوثاً بالأفكار والنزعات المذهبية والسلفية والمناطقية والانفصالية التي دفع الوطن والمجتمع بسببها ثمن إصابة نخب صغيرة وفاشلة من السياسيين الخائبين بمرض الادمان على الطفولة السياسية والمراهقة الفكرية والتعصب العقائدي والكراهية الطائفية والوهن العقلي ، الأمر الذي دفع كاتب هذه السطور حينها إلى التحذير من مخاطر النزعات الرامية إلى دق طبول المواجهة في الزمان الخطأ والمكان الخطأ.. حيث لم يعد ثمة متسع من الزمان والمكان لأن يشرب الضحايا مقالب جديدة سبق لهم أن شربوها من قبل!!
ثمّة مفاعيل مشتركة يُمكن ملاحظتها في مسار الحربين الكونيتين على كل من سوريا واليمن انطلاقا من العام 2011 م ، حيث قامت الولايات المتحدة ألأميركية وإسرائيل وممالك النفط العائلية الوراثية بتوظيف النسخة الطالبانية الداعشية للفكر الإخواني الوهّابي بهدف تجويف المجتمع السوري والمجتمع اليمني من مقوماته المدنية الحديثة ، وفرض نمط وهّابي مغلق على الحياة الاجتماعية والثقافية قبل أحداث 2011م في كل من سوريا واليمن.
حدث ذلك في سوريا خلال أحداث حمص وحماة وحلب 1982م عندما استخدمت القوى الخارجية كلاً من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والفكر الوهّابي التكفيري في تفجير مواجهات أمنية مسلحة مع الجيش العربي السوري تحت شعار إقامة دولة الخلافة الاسلامية في الشمال السوري ، ثم تكررت المؤامرة بذات الأدوات والأهداف خلال الفترة 2011 2019م.
وفي اليمن تم التحضير للعدوان السعودي الأميركي من خلال توظيف التيار الشوكاني الوهّابي الإخواني في المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح باعتبارهما حزبين حاكمين محوريين منذ ما قبل قيام الوحدة في بداية التسعينات من القرن العشرين المنصرم.
في عام 2009 وقعّت أحزاب السلطة والمعارضة على وثيقة غير دستورية قضت بتأجيل الانتخابات البرلمانية إلى عام 2011م وبعد عام كامل من التوقيع على تلك الوثيقة شهد شهر ابريل من عام 2010م حدثين بارزين تداولتهما القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية وبعض الصحف ووسائل الإعلام اليمنية والعربية والعالمية ، كان محورهما الأبرز القيادي الآخواني في حزب التجمع اليمني للإصلاح الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان المثيرة للجدل والتوجس يمنيـا وإقليميـا وعالميا .
في الحدث الأول ظهر الشيخ الزنداني أمام عدسات القنوات الفضائية في مؤتمر صحفي عقده بعد ختام دورة دينية نظمتها جامعة الإيمان وهو يتوعد الحكومة بتنظيم مسيرة يسد بها جميع شوارع العاصمة صنعاء ، ويهدد بسحب شرعيتها إذا أصرت على مناقشة مشاريع تعديل بعض القوانين ، وبضمنها قانون الأحوال الشخصية ، حيث كان مجلس النواب يناقش عددا من مشاريع تعديل وتطوير بعض القوانين التي تقدمت بها حكومة الدكتور علي محمد مجور رئيس الوزراء الأسبق ، من بينها تحديد سن آمنة للزواج ، بدلاً من المادة التي أصر الزنداني وحزب التجمع اليمني للإصلاح أثناء مشاركتهما في السلطة بعد حرب صيف 1994م ، على إدخالها إلى قانون الأحوال الشخصية ، وتقضي بالسماح لولي الطفلة الصغيرة أو الرضيعة بعقد قرانها على شخص آخر ، وإباحة نكاح الطفلة الصغيرة ومفاخذة الرضيعة من قبل الرجل المعقود عليها بموافقة ولي الطفلة الصغيرة أو الرضيعة ، استنادا إلى آراء قال بها بعض الفقهاء وخالفهم فيها غيرهم من الفقهاء القدامى والمعاصرين قبل حوالي ألف وثلاثمائة عام ، وهي آراء ووجهات نظر فقهية تعبر عن أصحابها فقط ، وليست من شرع الله الذي هو فوق كلام الفقهاء وفوق كل شيء.
في الحدث الثاني تداولت وسائل الإعلام الرسمية والقنوات الفضائية والمواقع الإخبارية اليمنية والعربية والعالمية خبر لقاء تم بعد صلاة يوم الجمعة الموافق 23 / 4 / 2010م بين رئيس الجمهورية السابق وعدد من رجال الدين وخطباء المساجد الحزبيين وعلى رأسهم القاضي محمد اسماعيل العمراني الذي سلموه بيانـا يتضمن مطالب سياسية وحزبية تتعارض في وجهتها العامة مع توجهات البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية السابق في الانتخابات الرئاسية لعام 2006م.
وفور الإعلان عن ذلك اللقاء أطلق النائب المعارض محمد الحزمي خطيب مسجد الرحمن في العاصمة صنعاء ، وعضو مجلس النواب عن حزب التجمع اليمني للإصلاح تهديدات واتهامات خطيرة باسم (جمعية علماء اليمن) وهي جمعية غير قانونية وغير مسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية ، ولا تمتلك ترخيصـا قانونيـا بمزاولة نشاطها ، ناهيك عن أن عضوية هذه الجمعية محصورة في نطاق نخبوي ضيق لا يتجاوز بعض رجال الدين وخطباء المساجد وعقال الحارات ، ولا يوجد بين أعضائها عالم واحد من العلماء الحقيقيين الذين يشتغلون في علوم الطب والأرصاد والهندسة والمياه والزراعة والبحار والجيولوجيا والكهرباء والطاقة والاجتماع والزراعة والاقتصاد والاتصالات والعلوم العسكرية ، وغيرها من العلوم التي تسهم في بناء الدولة الوطنية الحديثة والمجتمع الجديد بعقول وسواعد العلماء المتخصصين والمشتغلين فيها ، الأمر الذي لا يستوجب فقط التأكيد على عدم وجود شرعية قانونية لتلك الجمعية ، بل والتشكيك في مشروعية قيامها وانتحال صفة التمثيل المطلق للعلماء المشتغلين في مختلف العلوم التي تعتمد عليها الدولة في إدارة شؤون المجتمع وتطوير معيشة وحياة الناس ، بينما ينحصر الطابع التمثيلي لهذه الجمعية غير المرخص لها بموجب القانون النافذ ، على عدد محدود من المشتغلين في مجال الوعظ الديني والخطابة والإرشاد في المساجد بالإضافة إلى بعض عقال الحارات!!؟؟
قبل أن نُسلِّط مزيدا من الأضواء على أحداث الفترة 2009 2011م يتوجب الحديث عن اللقاء السري الذي تم في دار الرئاسة قبل التوقيع على وثيقة تأجيل الانتخابات البرلمانية الى ابريل 2011م بعد ان كان مقرراً إجراؤها في ابريل عام 2011م.
حضر ذلك اللقاء السري عن جانب المؤتمر الشعبي العام كل من الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونائبه عبدربه منصور هادي بالاضافة الى الدكتور عبدالكريم الأرياني والدكتور على مجور ورشاد العليمي وحمود الهتار وسلطان البركاني والجنرال علي محسن الأحمر.. كما حضره عن جانب حزب التجمع اليمني للإصلاح كل من عبدالوهاب الآنسي ومحمد اليدومي ومحمد قحطان وعبدالمجيد الزنداني ومحمد الحزمي ، حيث تم الاتفاق في هذا الاجتماع السري على تكليف حكومة الدكتور علي محمد مجور ورئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني بسحب مشاريع تعديلات بعض القوانين المقدمة الى مجلس النواب ، بالتزامن مع التوافق على تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في أبريل 2009م الى شهر أبريل 2011م.
من نافل القول أن تلك التوافقات أحدثت هزةً كبيرة داخل المؤتمر الشعبي العام وحكومته ، ولعبت دورا مؤثرا في التشظيات المُدمِّرة التي أصابت النظام الأوليغارشي السابق والحزبين الحاكمين (المؤتمر والإخوان المسلمين في حزب التجمع اليمني للإصلاح ) على نحو ما حصل في أحداث 2011م التي استهدفت إعادة أنتاح مؤامرات مؤتمر خمر ومؤتمر الطائف 1965م وانقلاب 5 نوفمبر1967م ، وإحداث قطيعة تاريخية مع مسار ثورتي 26 سبتمبر و 14 اكتوبر.

قد يعجبك ايضا