تحذيرات السيد “حسن نصر الله”.. والاغتيالات التي قوَّضت الأمن والاستقرار في الداخل اللبناني

 

كشف الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد “حسن نصر الله” في خطابه الأخير عن استمرار اختراق الطائرات المسيّرة الصهيونية المجال الجوي اللبناني، وذكر السيد “نصر الله” أخطار وعواقب هذه الاستفزازات الإسرائيلية، وأشار السيد “نصر الله” في الذكرى الثانية لتحرير مرتفعات “عرسال” الواقعة شرق لبنان من الجماعات الإرهابية التكفيرية إلى إن التطورات الجديدة في لبنان وانتهاك الكيان الصهيوني المجال الجوي اللبناني وإرسال طائرات بدون طيار إلى الاجواء اللبنانية يعد أمراً خطيراً للغاية.. وفي خطاب ألقاه مؤخراً بمناسبة الليلة الأولى لشهر محرم الحرام أكد السيد “نصر الله” على ضرورة وقف عمليات الانتهاكات التي تقوم بها الطائرات المسيّرة الصهيونية للمجال الجوي اللبناني، لأنها ستسهل عمليات اغتيال المسؤولين اللبنانيين وتجعل من الصعب تحديد هوية الجناة.
وشهد لبنان منذ العام 1975م وحتى يومنا هذا تفجير241 سيارة مفخخة بما لا يقل عن 16 طناً من المتفجرات -وفقاً للتقديرات- أدت إلى سقوط 1820 قتيلاً و7196 جريحاً وحدوث أضرار مادية كبيرة، وكان لبعض التفجيرات أهداف محددة ومعروفة لكن أكثريتها كانت فقط لإرهاب وقتل المواطنين لاسيما إبَّان الصراع بين الفلسطينيين والأحزاب اللبنانية المؤيدة لهم من جهة والقوات اللبنانية، وعمل كل طرف على إرهاب وإضعاف خصمه عبر تفجير سيارات مفخخة في منطقة سيطرته، كما تروى أخبار عن استخدام الشيخ “بشير الجميل” هذه الوسيلة ضد حزب الأحرار في تموز 1978م الذين ردوا بمثلها، لكن العديد من المصادر الاخبارية أكدت أن إسرائيل كانت ضالعة في العديد من السيارات المفخخة.
على الرغم من ضخامة وبشاعة جميع الانفجارات بالسيارات المفخخة التي وقعت في العديد من المناطق اللبنانية والتداعيات السياسية – الأمنية التي خلفتها تبقى الجريمة الأكبر جريمة تفجير موكب الرئيس “رفيق الحريري” في 14 فبراير 2005م حيث لا يزال لبنان حتى اليوم يعاني من تداعيات هذه الجريمة، ففي 14 فبراير عام 2005م اغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق “رفيق الحريري” مع 21 شخصًا عندما انفجر ما يعادل ألف كيلوغرام من مادة الـ”تي إن تي” أثناء مرور موكبه بالقرب من فندق سان جورج في بيروت وكان من بين القتلى العديد من حراس الحريري وواحد من اصدقائه، بالإضافة إلى وزير الاقتصاد اللبناني الاسبق “باسل فليحان”، ولقد دفن “الحريري” مع حراسه في موقع قريب من جامع “محمد الامين”. وفي 6 فبراير 2006م، اتفقت الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة على تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وعدت هذه المرة الأولى التي تحاكم فيها محكمة دولية أشخاصًا لجريمة ارتكبت ضد شخص معين.
وفي تلك الفترة بذلت المحكمة الدولية الكثير من الجهود لإلصاق تهمة اغتيال “الحريري” بسوريا، لكن تلك المحكمة لم تقدم الادلة الكافية لإثبات تورط الحكومة السورية في عملية الاغتيال تلك.. يذكر أن رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الألماني “ديتليف ميليس” وجه اصابع الاتهام في تقريره النهائي الذي سلمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة “كوفي عنان” في وقت متأخر من يوم الخميس عام 2005م، للجهاز الأمني السوري بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس “رفيق الحريري”، لكنه لم يقدم الادلة الكافية.
ومن الجرائم البشعة التي قامت بها جهات مرتبطة بالكيان الصهيوني جريمة اغتيال العميد “وسام الحسن” بانفجار ارهابي في منقطة ماروني الاشرفية في عام 2012م، وهي جريمة تعيد للأذهان يوم 14 مارس 2005م بحادثة اغتيال الرئيس “الحريري”.. ما حدث في الاشرفية خطير جدا وهو يكشف أن الكيان الصهيوني بدأ يوسع حرائقه وتصدير أزماته الى لبنان، بل إنه في هذه المرة تمكن من الوصول إلى قلب لبنان الأمني وليس فقط الى جبل محسن وباب التبانة في طرابلس.. إن اغتيال “وسام الحسن” جاء بمعنى بداية سلسلة من الاغتيالات التي قد تقود الشعب اللبناني الى مزيد من المواجهات الطائفية وقد استوجبت هذه الحادثة استنفار الأمن ورفع حالة الإنذار لدى قوات الأمن وفي الحدود اللبنانية مع إسرائيل .
وحول هذا السياق كشفت العديد من المصادر الاخبارية، أن “تل أبيب” عملت خلال تلك الفترة على شحن المجتمع اللبناني وتوجيه أصابع الاتهام للحكومة السورية واتهامها علانية بأنها هي من قامت بالتدبير وتنفيذ تلك الانفجارات الوحشية.. وفي ذلك الوقت خرج المئات من اللبنانيين إلى الشوارع مطالبين بطرد القوات السورية التي كانت متمركزة في لبنان، لكن التطورات الميدانية في الساحة اللبنانية كشفت الحقيقة الكاملة لسلسلة الانفجارات تلك وتمكنت الحكومة اللبنانية بعد ذلك من الحصول على أدلة كافية تؤكد تورط موساد الكيان الصهيوني في جميع الانفجارات والاغتيالات التي حصلت في داخل البيت اللبناني.
في يناير 2018م، انفجرت سيارة عضو حركة حماس “محمد عمر حمدان” في مدينة صيدا اللبنانية، لكنه نجا من هذه العملية الإرهابية.. وبعد تلك الحادثة بعام أعلن الجيش اللبناني إلقاء القبض على شخص يدعى “حسين أحمد بتو”، بتهمة تورطه في عملية اغتيال “عمر حمدان”. وقد اعترف “حسين أحمد بتو” بالعمل مع وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) منذ عام 2014م. كما أعلنت قيادة الجيش اللبناني أن عملية الاغتيال الفاشلة لعضو حركة حماس “محمد عمر حمدان” في يناير 2018م، نفذها مرتزق يعمل لدى الموساد الإسرائيلي، وكشفت القيادة اللبنانية أن هناك العديد من هذه الحالات التي اعترف فيها المرتزقة التابعون للموساد الاسرائيلي بالقيام بعمليات إرهابية ضد قيادات لبنانية وفلسطينية وأقر أولئك المرتزقة بتنفيذ المخابرات الإسرائيلية 14 عملية اغتيال ضد القادة الفلسطينيين والعرب على مدار العقود الثلاثة الماضية، قتلت خلالها 16 شخصية فلسطينية وعربية في 11 دولة عربية وغير عربية.. وبالنظر إلى الدور الذي لعبته طائرات الكيان الصهيوني المسيّرة في تنفيذ العديد من الاغتيالات في لبنان بهدف خلق فتنة داخل البيت اللبناني، فإنه من الضروري اتخاذ خطوات فورية لمنع الطائرات الاسرائيلية من اختراق المجال الجوي اللبناني.

قد يعجبك ايضا