كتب / المحرر السياسي
لم تكن الجريمة النكراء التي ارتكبها تحالف العدوان السعودي الأمريكي أمس الأول- مستهدفاً بسبع غارات جوية سجناً يحتضن أكثر من 170 أسيراً ممن تم أسرهم وهم يقاتلون في صفوف العدوان-همجية ومروعة فحسب ، بل وتُعتبر واحدة من أسوأ السوابق الإجرامية التي تُؤكد انسلاخ قادة العدوان من كل القيم الإنسانية وتعكس الحقد والانتقام الذي يسيطر على أمراء الكيانات اللقيطة تجاه اليمنيين أياً كانوا ، وهو ما لم يعد خافياً إلّا على من طبع الله على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم من قيادات الخيانة وأدوات الاحتلال والعدوان.
رئيس بعثة الصليب الأحمر في اليمن فرانز راوخنشتاين قال معلقاً إن البعثة قدّرت مقتل أكثر من مائة شخص في الغارات التي شنها “تحالف العدوان السعودي الإماراتي” على سجن للأسرى في محافظة ذمار.
وأضاف إن القصف على “مركز احتجاز كنا نقوم بزيارته في اليمن بشكل منتظم، والآن لدينا فريق متوجه إلى المكان لتوفير الرعاية الصحية الطارئة”.
أربعون جثة انتشلتها فرق الإنقاذ من تحت الأنقاض ، والجرحى الذين نقلوا بالمئات ، جميع الأسرى الذين دفنوا بفعل الغارات العدوانية كانوا ينتظرون الإفراج عنهم في إطار عملية تبادل أسرى مع الطرف الآخر ، قبل أن تفجعهم طائرات التحالف الذي قاتلوا في صفوفه وتُغِير على المبنى الذي يقيمون فيه.
استهداف الأسرى وقصف السجون بالطيران وقتل الأسرى جرائم درج على ارتكابها تحالف العدوان ، فهذه ليست الجريمة الأولى أو الوحيدة ، سبق للعدوان استهداف سجن في هران بمحافظة ذمار مخصص للأسرى في مايو 2015، وفي ديسمبر 2017 استهدف سجن الأسرى بمديرية شعوب في أمانة العاصمة بالإضافة إلى الجرائم التي ارتكبها بحق الأسرى في سجونه ، وبمعزل عما يمكن قوله في أن هؤلاء الأسرى من المخدوعين الذي كانوا في صفوفه ، فإن المجزرة المفجعة وعدد القتلى الكثيرين الذين وقعوا فيها واستهداف السجن رغم المعلومات المسبقة لدى المنظمات المعنية ولدى عمليات التحالف الباغي نفسه ، تعتبر دليلاً كاشفاً لهمجية العدوان الغاشم الذي لا يضع اعتباراً ولا كرامةً لأي يمني بغض النظر عن انتمائه وموقفه وموقعه من العدوان ذاته ، فهو يستبيح كل شيء ويريد أن يكون كل شيء مستباحاً ، وما عاد هذا خافيا مع انكشاف الأحداث المتلاحقة فلقد وضعت هذه الجريمة صورة كاملة عن الحقد الذي يتلبس هؤلاء المجرمين -بكثير من الشذوذ- إزاء اليمن واليمنيين جميعا دون استثناء، وحددت لأولئك المخدوعين بهم جملة من التفاصيل الواضحة للأهداف والغايات والمرامي التي سعى لها هذا التحالف الإجرامي بهم وعليهم أيضاً.
أكثر من 170 أسيراً من المخدوعين في هذا السجن الواقع شمالي مدينة ذمار ، كان أغلب هؤلاء يستعدون للمغادرة ضمن صفقة تبادل يعدُّ لها وسطاء محليون ، لكن تحالف العدوان حال دون ذلك ، الأسرى الذين قتلوا كانوا يتلقون معاملة طيبة من قبل المعنيين ، وسبق إبلاغ أهليهم بزيارتهم والسماح لهم بذلك ، لكن تحالف العدوان الذي استأجرهم أولاً ليقاتلوا في صفوفه أرادهم قتلى تحت الأنقاض ، وهو ما يذكرنا بتعامله مع المخدوعين في الجبهات، وتعرضهم للقتل بين الحين والآخر بالغارات الجوية وأحيانا بالرصاص من الخلف فيما لو تراجعوا في زحف ما ، ومباشرتهم بالقصف إذا تراجعوا بهدف الضغط عليهم للتقدم؛ ما يكشف النظرة الدونية لتحالف العدوان إذ يعتبرهم مجرد سلعة لديه تستخدم ثم تُرمى.
منذ أيام تعرض مرتزقة العدوان في عدن لقصف جوي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وجرح المئات ، ورغم اعتراف النظام الإماراتي العدواني ، مرت الجريمة بقليل من الضجيج المتلبس بعار الذل والخيانة والعمالة والتبعية والارتزاق والعياذ بالله ، ما يحدث اليوم في المحافظات المحتلة من فظائع وإلى ذلك الكثير من الشواهد والوقائع المتكررة ، إضافة إلى ما ارتكبه تحالف العدوان من جرائم طيلة خمس سنوات كلها دالة على أنه قرر منذ اليوم الأول استباحة كل شيء قتلاً وتدميراً ، والسؤال المطروح اليوم: أي حال كارثي كان سيحيق باليمن لو تمكن من تنفيذ مخططه وأحاط باليمن إنساناً وأرضاً ، وسيطر على المدن والقرى والأرياف في كل المحافظات ، واستطاع أن يسيطر على الزراعة والأمن والاقتصاد وكل مقومات الحياة ؟.
الصورة واضحة وعلى كل الذين حاولوا إنكار معرفتهم بالحقيقة أن يتّعظوا ويعودوا لصوابهم قبل أن يأتي عليهم الدور ، ولا مجال لأي إدعاء زائف ، أو محاولة للي عنق الحقيقة ، إذْ أصبح من الجلي أن تحالف العدوان ومن هم إليه ليسوا أكثر من مجرمين قتلة يتلذذون بقتل ودمار اليمن وأبنائه ، ولم يكن مشروعهم التدميري الذي سعوا من خلاله إلى استباحة اليمن وفرض الوصاية عليه ونهب ثرواته والتحكم بمصائر عباد الله فيه ، إلا كارثة مصيرية لليمنيين ولأجيالهم ولن تقوم لهم قائمة بعد ذلك أبداً.
لقد آن الأوان لجميع المخدوعين أولاً أن يدركوا بأن التماهي مع العدوان بأي ذريعة أو هدف جريمة كبيرة ستكون عواقبها وخيمة وكارثية ، وعلى من تبقوا منهم في الحدود وفي الأطراف أن يعودوا إلى ذويهم قبل خسارة الدنيا والآخرة.