التهجير المناطقي وأحذية المحتل الإماراتي
عبدالفتاح علي البنوس
قبل إعلان الوحدة بين شطري اليمن في22مايو1990م، وحتى اليوم يتعامل أبناء المحافظات الشمالية مع أبناء المحافظات الجنوبية بكل ود وإخاء ، فالهوية اليمنية قبل الوحدة كانت الجامعة والقاسم المشترك بينهم ، وزادت هذه العلاقة الأخوية حميمية ومتانة عقب تحقيق الوحدة المباركة ، وخلال الثلاث السنوات الأولى من عمر الوحدة ، عاش اليمنيون بروح أخوية ذابت فيها النزعات المناطقية وترسخت الوحدة وتعامل الجميع بروح وطنية ، ولم تشهد الفترة أي مكدرات أو منغصات تذكر ، ومع أواخر العام 1993م بدأ التوتر يطغى على طبيعة العلاقات بين شركاء الوحدة ، بعد أن شعرت القيادة الجنوبية بأن هناك مخطط قذر يهدف إلى تصفية الكوادر الجنوبية من خلال عمليات ممنهجة بواسطة دراجات الموت النارية وسيارات الهايلكس المعكسة ، بالتزامن مع ممارسات وقرارات رأت القيادة الجنوبية بأنها تستهدف الحزب الاشتراكي وقياداته وهو ما يتعارض مع مضامين اتفاقيات الوحدة والمرتكزات الأساسية لها ، والتي تعد بمثابة انقلاب عليها.
ومع تطور الأحداث وإعلان الانفصال من طرف واحد، واشتعال فتيل حرب صيف 94والتي انتهت في 7يوليو1995م بدأت مرحلة الفيد والنهب ، وتحول الجنوب إلى مغنم لقوى النفوذ والتسلط الذين أساءوا للوحدة بممارساتهم الرعناء ، ومن هنا بدأت تتولد مشاعر الكراهية في أوساط الجنوبيين تجاه هذه القيادات ، قبل أن تتحول ضد الوحدة ، لتتعالى الأصوات المطالبة بالانفصال والتشظي تحت مظلة الحراك الجنوبي ، ورغم ذلك ظل الإخاء بين اليمنيين هو السائد، وكانت الإساءات والمضايقات التي تطال الزائرين لمدينة عدن من أبناء المحافظات الشمالية شبه محدودة ومحصورة ، وظل الوضع في حالة من الاستقرار النسبي ومع أحداث 2011م والتوتر الذي ساد البلاد، حضر التدخل الخارجي تحت شماعة خلق تقارب يمني _يمني والتوصل إلى صيغة توافقية للخروج من الأزمة، حيث تم تمرير المبادرة الخليجية والتي بموجبها تخلى علي عبدالله صالح عن السلطة للدنبوع هادي ، والذي انتخب رئيسا من خلال انتخابات شكلية لا منافس له فيها قاطعتها العديد من القوى الوطنية والتي اعتبرتها مسرحية هزلية ، أعقب ذلك مؤتمر الحوار والذي كان من المفترض أن يكون طوق النجاة لليمنيين، حيث كانت القضية الجنوبية العادلة ومظلومية أبناء الجنوب الواضحة الجلية حاضرة بقوة ، وكانت هنالك تفاهمات إيجابية ولكن اليد السعودية الأمريكية الطويلة امتدت للانقلاب على مخرجاته وهو ما فجر ثورة الـ21من سبتمبر بعد أن أدركت القوى الثورية حجم المؤامرة وتمكنها من إفشال المخطط الذي كان يستهدف اليمن ووحدته ونسيجه الاجتماعي.
ومع تعاقب الأحداث وانسحاب الجيش واللجان الشعبية من عدن وشن العدوان على بلادنا ودخول المحتل السعودي والإماراتي على الخط وإغراقها في وحل المناطقية والعنصرية ، شهدت مدينة عدن عمليات تهجير قسرية مناطقية لأبناء المحافظات الشمالية، قام بها مرتزقة العدوان وأدوات المحتل السعودي والإماراتي، ولكن أقذرها وأكثرها قبحا وإجراما ووحشية وسفالة هو حاصل اليوم من عمليات قتل وسحل ونهب وسلب وترحيل وتهجير ومصادرة للحقوق والممتلكات التابعة لأبناء المحافظات الشمالية ، اعتداءات سافرة طالت حتى النساء ،وكل ذلك تحت مبرر الرد على الضربة الصاروخية والجوية التي نفذها أبطال القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير على معسكر الجلاء بمدينة عدن ، وكأن صاحب عربية البطاط، والمباشر في المطعم أو البوفية، وبائع القات، وصاحب بسطة الخضار، والعامل الغلبان في القطاعين الخاص والعام هو من أرسل الإحداثيات للجيش واللجان الشعبية لتنفيذ العملية.
بالمختصر المفيد ،أخلاق أبناء عدن الشرفاء ليست تلك التي تعكسها تصرفات أحذية وقباقيب المحتل الإماراتي، وما يقوم به هؤلاء الشواذ يمثلهم ويعبر عن طبيعة مخطط أسيادهم الإماراتيين ، يريدون فرض الانفصال ودعم وتغذية الصراعات ذات الأبعاد المناطقية والعنصرية، ومن الإنصاف الإشادة بالمواقف الجنوبية الرافضة والمستهجنة لهذه التصرفات الساقطة ، والتأكيد على أن ما يحصل في عدن لن يمر مرور الكرام ، وسيدفع المحتل الإماراتي وأذنابه ثمنه غاليا جدا، ولن يطول الصبر على مثل هذه الممارسات الإجرامية، وستظل عدن عاصمة اليمن الاقتصادية ومدينة كل اليمنيين، ولا مقام فيها للغزاة والمحتلين وأدواتهم الرخيصة الحقيرة ، هم من سيطردون شر طردة من عدن ومن كل محافظات اليمن ، والبقاء فيها لليمنيين، كل اليمنيين ، وسيبقى نبض قلبي يمنيا، لن ترى الدنيا على أرضي وصيا.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.