ليس بالشكوى والاستعطاف تُحمى سيادة الدول
د. احمد عبد الله الصعدي
كان إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية لطائرة التجسس الأمريكية فعلا حاسما ومقررا لجهة دفاع الجمهورية الإسلامية في إيران عن سيادتها واستقلالها . وحدهم من يستخفون بسيادة الدول بما فيها دولهم ، مدعين أن السيادة أصبحت من الماضي في زمن العولمة ، هم من اعتبروا التصرف الإيراني الطبيعي تهورا او مغامرة غير محسوبة العواقب . كانت القيادة الإيرانية ، من المرشد الأعلى إلى القادة العسكريين الميدانيين قد أكدت مرارا وتكرارا أنها لا تسعى للحرب مع أحد ، ولكنها ستدافع عن سيادة البلاد وحرمة أراضيها مهما كان الثمن . يدرك الإيرانيون ما كان سيعنيه ترددهم في إسقاط الطائرة التي اخترقت اجواءهم ، واكتفاؤهم بالاحتجاج لدى مجلس الأمن او بإطلاق أعيرة نارية تحذيرية في الهواء ، وهو أن الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وأتباعهما من الخليجيين المتصهينين سيعلنون النصر وسيصلون إلى استنتاج مفاده أن عدم التعرض لطائرة أمريكية وهي تنتهك الأجواء الإيرانية هو دليل خوف ورعب لدى الإيرانيين من تهديدات ترامب وسيعمدون إلى المزيد من الاختراقات الاستعراضية لأجواء إيران والتحرش بطائراتها وسفنها وفعل كل ما يقود إلى إذلالها في وعيها القومي .
لقد كان القرار الإيراني بإسقاط الطائرة الأمريكية إنذارا لكل من يعتقد ان الحروب ضروب من المغامرات السعيدة ، وأن انتهاك سيادة الدول متاح لكل من يحتاج إلأى استعراض القوة . ومما يستدعي الانتباه في ما قاله الأمريكيون ، عسكريين أو سياسيين في محاولاتهم إدانة إيران هو تكرار القول ان الطائرة أسقطت في المياه الدولية وأنها لم تجتز اجواء إيران ولم تخترق سيادتها ، وهذا إقرار منهم لا لبس فيه بأن سيادة إيران خط أحمر فعلا . وبالمقابل رصدت الرادارات الايرانية إقلاع الطائرة من دولة الإمارات واستدعت الخارجية الايرانية القائم بالأعمال الإماراتي في طهران للاحتجاج وكأن قيادة الإمارات تعرف بالتحركات العسكرية الأمريكية في الخليج والمنطقة . ولكن الوقائع تقول أن الأمريكيين لا يستأذنون أحدا ، ولن يستأذنوا أية دولة خليجية ، بما في ذلك قطر وعمان والكويت إذا قرروا استخدام اراضيهم في شن حرب عدوانية على إيران او على أية دولة أخرى ، كما فعلوا عندما شنوا حربهم على العراق . الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تضع اعتبارا إلا لسيادة دول تحميها شعوبها بقوة السلاح مهما كان الثمن غاليا ، وهذا معناه أن لا سيادة بلا قوة تحميها . من المفيد أن نعيد التذكير هنا بما قاله رئيس صيني سابق في مقابلة مع صحيفة ((الأهرام)) المصرية وهو أنه لو لم تكن الصين دولة نووية لما سلمت بريطانيا بإعادة هونج كونج إليها عام 1999م ومن هذه الدروس اعتبروا يا أولي إرادة حماية سيادة واستقلال اليمن .