هل يُنهي استهداف المطارات السعودية عدوان التحالف على اليمن؟
شارل ابي نادر
ربما جاءت حادثة إسقاط الطائرة الاميركية من قبل وحدات الجوفضائية الإيرانية ، لتخطف الأضواء قليلا عن ما يجري في المواجهة المفتوحة على الحدود السعودية اليمنية ، وامتدادا داخل العمق السعودي حتى مطارات جيزان وابها في عسير، وحيث بدأ يتراجع التشنج الذي ارتفع مؤخرا في الخليج ، بعد عودة الأمور إلى المربع الاول قبل إسقاط طائرة التجسس الاميركية غلوبال هاوك ، مع ارتفاع نسبة إمكانية إلغاء الرد الاميركي بشكل نهائي ، لا بد من العودة إلى ما يجري في المواجهة المفتوحة بين الجيش واللجان الشعبية اليمنية وبين تحالف العدوان على اليمن ، وخاصة في المناطق الجنوبية الغربية من السعودية .
بالتوازي مع المناورة النوعية الجوية والصاروخية ، والتي ينفذها حاليا الجيش واللجان الشعبية اليمنية على مطارات المنطقة الجنوبية الغربية من السعودية ، اطلق مؤخرا العميد يحيى سريع متحدث القوات المسلحة اليمينة تصريحا عسكريا مقتضبا ، ولكنه بدا مُعبِّرا بطريقة لافتة ، وضع خلاله النقاط على الحروف حول المستوى الذي وصلت اليه المواجهة مع العدوان ، وحول مستقبل هذه المواجهة على الصعيد العسكري ، وهذا التصريح بما يتضمن من نقاط حساسة ومفصلية ، صالحٌ ليكون أمر عمليات المرحلة القادمة في معركة الدفاع بمواجهة عدوان التحالف الذي دخل عامه الخامس ، وذلك على الشكل التالي :
ما تضمنه تصريح العميد سريع حول العمليات الواسعة للطيران المسير، والتي استهدفت بعدة هجمات مرابض الطائرات بلا طيار وأهدافا عسكرية حساسة في مطار جيزان ، واصابت أهدافها بدقة عالية ، وتسببت في تعطيل الملاحة الجوية في المطار ، نستنتج منه أن المعركة الان اصبحت في مستوى مرتفع ومختلف بالكامل عن السابق ، لناحية الدقة العالية والتي تسببها الصورايخ المجنحة نوع كروز ، أو التي تحققها صورايخ الطائرات المسيرة ، والتي تعجز وحدات الدفاع الجوي الاكثر تطورا عن مواجهتها وإسقاطها قبل الوصل إلى أهدافها .
استنادا لتصريح العميد سريع ، لا يمكن التكلم بعد اليوم عن استهدافات تقليدية لأهداف عادية وروتينية ، بل أصبحت الأهداف نوعية واستراتيجية ، ومن النوع الذي يؤثر استهدافه على مستوى المواجهة بشكل كبير ، اذ نتكلم عن مطارات المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة ، في جيزان او في ابها ، والتي تمثل ، بالإضافة لأهميتها على صعيد الطيران المدني داخل المملكة ، نقطة الارتكاز الاساسية لقدرات تحالف العدوان الجوية ، والتي تتدخل في العدوان على اليمن .
بإشارة المتحدث في تصريحه إلى أنه لدى الوحدات اليمنية تقنيات متطورة، لا تستطيع المنظومات الاعتراضية الاميركية وغيرها المنتشرة في السعودية التعامل معها رسالة مهمة ، وقد تم إثباتها فعليا على الارض وهذا لم يعد يمكن للتحالف إنكاره ، مفادها أن كل قرار يُتخذ بضرب اي هدف ، مهما كان نوعه ، ومهما كان موقعه الجغرافي ، سوف يتحقق ذلك بشكل فعال دون قدرة لوسائل الدفاع المتطورة على مواجهته ومنعه، فالأمر في تجنيب او تعريض أي هدف ، يعود فقط للقرار بالاستهداف وليس لأي عنصر آخر .
وحيث تابع المتحدث العسكري في تصريحه الاشارة إلى أن صورايخ اليمنيين الباليستية والمجنحة والطيران المسير بأنواعه المختلفة ، بإمكانها ضرب أي هدف على طول وعرض الجغرافيا السعودية ، وبأن الضربات لن تقتصر على عسير ونجران وجيزان ، وسوف نزيد من مساحة الردع في حال استمرار تصعيد العدوان ، يكون بذلك قد وجه أيضا رسالة مفادها : لن يجدي او ينفع أي قرار يتخذه العدوان بعزل او تحييد مطارات المنطقة الجنوبية الغربية (جيزان وأبها في عسير ) عن المعركة ، ونقل القدرة الجوية إلى العمق او إلى أي مكان داخل المملكة ومتابعة العدوان الجوي والغارات داخل اليمن ، لأن يد القوة الصاروخية والطيران المسير اليمني قادرة على الوصول إلى أي مكان داخل المملكة والتعامل معه تماما كما تم التعامل مع مطارات المنطقة الجنوبية الغربية .
ولتأتي رسالة المتحدث العسكري (العميد يحيى سريع ) الأخيرة ، من اشارته إلى أن امتلاك الجيش واللجان الشعبية القدرة على الإنتاج المستمر للصواريخ والطائرات المسيرة ، تجعل اليمن قادرا على الصمود ليس لأشهر قادمة بل لسنوات ، لتؤكد وتثبت مسار الصمود الذي تجاوز حتى الآن الخمس سنوات ، وهو مستمر ومتصاعد في القدرات وفي الاستهدافات الاستراتيجية والفعالة داخل كل من السعودية او الإمارات العربية المتحدة ، وليقول للعدوان بأن رهانه على أن يأتي وقت تنضب فيه هذه الصورايخ والطائرات المسيرة هو رهان خاطئ وفاشل ، وأن عناصر القوة التي خلقت القدرة على إنتاج هذه الاسلحة النوعية هي باقية ومصانة وتكبر وتتطور ، والتي هي الالتزام بالصمود والقرار بالدفاع حتى النهاية ، والخبرة الواسعة المتراكمة ، والمستوى العلمي المؤهِل لتطوير وتحديث وتصنيع هذه الأسلحة .
من هنا ، ومع وضع المتحدث العسكري اليمني العميد يحيى سريع النقاط على الحروف في تصريحه الأخير اللافت ، والذي يحمل نسبة كبيرة من المصداقية التي تم إثباتها فعليا ، على الأرض وفي الميدان السعودي او اليمني ، يمكن القول ان ما بعد هذا التصريح ليس كما قبله ، و أن مسار المواجهة في الحرب التي يشنها تحالف العدوان على اليمن ، لا بدَّ أن يشهد تغييرا جوهريا نحو إعادة الأمور إلى نصابها والاعتراف بعبثية الحرب وعدم جدواها ، والذهاب نحو البحث عن تسوية منصفة وعادلة للجميع .